أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-3-2020
![]()
التاريخ: 17-10-2016
![]()
التاريخ: 2024-09-04
![]()
التاريخ: 2023-07-28
![]() |
هذا كقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]، وقوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } [الرحمن: 26، 27] قد جاء «الوجه» لمعانٍ كثيرة، ولا شيء منها يناسب هذا المقام إلّا الوجود المطلق الذي هو وجه الله القديم، وفيضه الغير المنقطع العميم، والمحيط بجميع الأشياء، المشار إليه بقوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 115] إذ قد عرفت أنَّ ذلك الوجود المطلق الذي هو وجه الله الباقي وفيضه الدائم داخل في صقع الربوبيّة، وكالمعنى الحرفي، لا حكم له علىٰ حياله، فبقاؤه ببقائه لا باستقلاله.
ومن جملة معاني الوجه: ذات الشيء، قد جاءت بهذا المعنى في الدعاء المخصوص بتعقيب صلاة الصبح أو المشترك بين الصباح والمساء، وهو هذا: (اللهُمَّ إنّي أصبحت ـ أو أمسَيتُ ـ اُشهدك ـ وكفى بك شهيداً ـ واُشهد ملائكتك، وحَمَلة عرشك، وسكّان سماواتك وأراضيك وأنبياءك ورسُلكَ، والصالحين من عبادك وجميع خلقك، فاشهد لي ـ وكفى بك شهيداً، إنّي أشهد أنّك أنت الله، لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، وأنَّ محمّداً عبدك ورسولك، صلواتك عليه وآله، وأنّ كلّ معبود ممّا دون عرشك إلىٰ قرار أرضك السابعة السفلى باطلٌ مضمحل، ما خلا وجهك الكريم فإنّه أعزّ وأكرم من أن يصف الواصفون كُنه جلاله، أو تهتدي القلوب إلىٰ كنه عظمته.
يا مَن فاق مدح المادحين فخر مدحه، وعدا وصف الواصفين مآثر حمده، وجلّ عن مقالة الناطقين تعظيم شأنه، صلّ علىٰ محمّد وآل محمّد، وافعل بنا ما أنت أهله، يا أهل التقوى وأهل المغفرة (1).
فاعلم أنّه إذا تجلى تعالى باسمه القهّار المفني في الطّامة الكبرى التي قال تعالى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 6، 7]، {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الزمر: 68]، وقال تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر: 16] وحيث لم يبق أحد من المالكين المجازي، إذ الكل يفنى عند تجلّيه الأعظم، ما من مجيب تعالى، فأجاب نفسه بقوله: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16].
وحينئذٍ يظهر أنّه تعالى مالك ملك الوجود بالعيان والشهود، وأنَّ ما سوى الحق المعبود المحمود ـ ممّا استظل بظله الممدود، وادّعى مالكية سهم من الوجود ـ كان مثله {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ} [النور: 39] فكان السائل والمجيب في الآخر هو السائل والمجيب في الأوّل ـ يعني: في عالم الذرّ ـ إذ هنالك أيضاً حين قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172] أجاب تعالى نفسه بقوله: (بلى)؛ لأنّ العباد ما كانوا موجودين بوجوداتهم الخاصّة المتفرّقة حتىٰ أجابوا الله تعالى.
بل كانوا موجودين بالوجود العلي لله تعالى...
هذا وإن كانت الماهيّات عند أرباب الشهود والبيّنات مستهلكةً ومندكّةً في نور الوجود أزلاً أبداً، كما قالوا: الأعيان الثّابتة ما شمّت رائحة الوجود أزلاً أبداً. والملك والبقاء لوجهه الكريم وفيضه القديم، ولا حول ولا قوّه إلّا بالله العلي العظيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) « المصباح » للكفعمي، ص 105، باختلاف يسير.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|