أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-09
1451
التاريخ: 2023-06-18
1592
التاريخ: 2023-05-20
2109
التاريخ: 2023-07-15
1147
|
اخذ العراق يعاني من تدهور أوضاعه الاقتصادية أبان العهد العثماني، حيث تعاقب على احتلاله مرات عديدة الإيرانيون والعثمانيون وأستمر ساحة للصراع بينهما ما يقرب من أربعة قرون. ولقد امتدت السيطرة العثمانية الأولى طوال سنوات (1534-1623) وكانت الثانية منذ عام 1638م وحتى الاحتلال البريطاني. لما كان نظام الارض والزراعة بالنسبة للدولة العثمانية يهدف الى تزويد القوة العسكرية، وموظفيها المدنيين بموارد العيش فأنها قامت بعد احتلالها للعراق بعملية مسح شامل للأراضي الزراعية، غير أنها لم تغير من طريقة توزيع الأرض ولم يكن هناك جديد في نظام الضرائب الزراعية أو في العلاقات بين المسيطرين على الأرض والعاملين فيها. تعد الدولة في العصر العثماني صاحبة. جميع الأراضي الأميرية تتصرف بها تصرفاً مطلقاً وكانت تقوم بأقطاع قسم منها إلى عدد من الموظفين والجنود مقابل خدماتهم للدولة، وإن لم يكن هذا الأقطاع يعني تملكهم للأرض وإنما تفويضهم حق جباية الضرائب الزراعية. وإلى جانب ذلك منحت السلطة العثمانية كبار الموظفين وبعض الحكام والجنود والأقطاعين أراضي زراعية بصورة إقطاعيات تباين إيرادها باختلاف درجة صاحبها. ويتمثل حق السلطة على صاحب الأقطاع بأن يكون دوماً مستعداً للمشاركة في الحرب وتهيئة ما عليه من مستلزمات بشأنها وهي أ أعداد وتجهيز عدد من الخيالة المحاربين يتناسب وإيراد اقطاعه بنسبة فارس واحد لكل خمسة آلاف آقجة. وبذلك نجد أنهم كانوا يشكلون عنصراً عسكرياً مهماً في الدولة. وتجدر الإشارة إلى أن الإقطاعيات الصغيرة كانت تمنح لعامة الجند، وأحياناً يضاف إليهم رؤساء العشائر الصغيرة وصغار الموظفين كبديل عن رواتبهم في حين خصصت الإقطاعيات المتوسطة لكبار ضباط الجيش وبعض كبار الموظفين. وكان هناك نوع آخر من الأراضي، هي الأراضي المملوكة أو بعبارة أخرى الملكيات الفردية وقد تركت لأصحابها كأملاك خاصة غير أنه كان عليهم دفع الضرائب عنها، وهي تعتبر قليلة في العراق قياساً إلى أراضي الأقطاع والوقف وبخاصة وأن أراضي الأوقاف كانت في زيادة مستمرة بسبب استمرار عملية الوقف من قبل مختلف الأطراف ولذلك كانت واسعة الامتداد ومتراكمة. والصنف الآخر من الأراضي الأرض المشاعة التي لم يكن يملكها فرد وإنما يتصرف بها سكان القرية بمجموعها، ويشمل ذلك المراعي بشكل خاص. وكثيراً ما عمدت السلطة العثمانية إلى انتزاعها من الفلاحين وإدخالها في ملكيتها. إن تقسيم الأرض بالشكل الذي أشرنا أليه يقترن به الوضع الذي كان عليه الفلاح آنذاك، فيوضح عمل الفلاحين الرئيس من جهة ونسبة ملكيتهم للأرض من جهة أخرى فهم بين ملاكين ونسبتهم ضئيلة جداً وبين فلاحين مزارعين وهم الأكثرية الذين كان عليهم تزويد جامعي الضرائب بما فرض على الأرض التي يعملون عليها. وهدف الدولة إبقاء الفلاح في والعمل على زراعتها لضمان الإنتاج الزراعي من جهة، وحصولها أو من يمثلها على الضرائب المفروضة على الأرض وإنتاجها من جهة أخرى، ولهذا عمدت إلى جعل مهنة الفلاحة وراثية في الأسرة. ومن أنماط التعامل الزراعي التي شهدها العراق لاسيما في عهد المماليك، هي المغارسة: ويقصد بها منح شخص ارضه الزراعية الى أحد الفلاحين لغرسها بالأشجار، ويكون الاثنان شريكان بالأرض والاشجار بنسبة معلومة بينهما. وكان شيوعها بشكل واسع أبان العقود الأخيرة من حكم المماليك (1750 - 1831م)، ويمكن تحديدها بتولي سليمان باشا الكبير السلطة عام 1780م وهو أحد أبرز ولاتهم. وتوضح عقود المغارسة بين المماليك والفلاحين، ان مساحة الأراضي الزراعية التي أستحوذ عليها المماليك كانت واسعة، إلى جانب الإيراد الذي تحقق عنها وتوظيفه ثانية في المجالات التجارية والعقارية مما شكل ثروة كبيرة للأسر المملوكية. ومن عقود المغارسة التي وصلتنا ثلاثة عقود مغارسة بين سعيد بيك بن سليمان باشا الكبير والي، بغداد اثناء حكم ابيه وبوكالة محمد سعيد بيك، وبعض الفلاحين، على غرس مقاطعات من ارض الهندية قرب الحلة مؤرخة في عام 1798. ومن انماط التعامل الزراعي ايضا الضمان أو الالتزام، ووصلنا عقد بالضمان لاحد الملتزمين لقرى في الحلة مؤرخ في عام 1798 ايضا. وهناك عقود المزارعة وتتم بين الوالي في بغداد وإحدى العشائر، كما يتضح من عقد مزارعة مع عشيرة البو هيكل على زراعة منطقة محددة من ارض مقاطعة الهندية يعود للعام نفسه. لقد انعكست الأوضاع السيئة على مجمل عملية الإنتاج الزراعي، اذ لم تستغل الأرض استغلالا جيداً ليس فقط بسبب انعدام الحافز لدى الفلاح باعتباره في واقع الأمر أجيراً لها، وإنما كان لاضطراب الأوضاع السياسية وفقدان الأمن تأثيره في تقليص مساحات الأرض المزروعة، فكثيراً ما أدت الحملات العسكرية التي يوجهها الولاة لإخضاع العشائر إلى أحراق المحاصيل وإتلافها وترك الأرض بوراً دونما زراعة، إلى جانب ما كانت تحدثه الكوارث الطبيعية كالفيضانات والأوبئة والآفات، حيث تهلك الحرث والنسل. ولعل من أبرز الامثلة على تلك الفيضانات الذي تعرضت له بغداد، ذلك الذي حدث عام 1831 الذي ادى الى تحطم جزء كبير من سور المدينة الكائن في الجانب الغربي، وقد تسرب الماء الى اسسه فاوهنه، وتدفق الماء الى حي اليهود وجرف 200 من بيوته. وقد عاصر الرحالة ولتسيد الطاعون والطوفان الذين ضربا بغداد عام 1831 وما احدثه الطاعون من موت ودمار وخراب، ومحاولة القنصلية البريطانية من الحد من انتشاره، ووفاة الالاف يوميا، ثم تلا الطاعون فيضان نهر دجلة الذي ادى الى غرق اجزاء كثيرة من المدينة وتهدم أكثر منازلها. ووصف الرحالة الامريكي فوك عام 1874 الفيضان الذي اصاب بغداد، فقد طغى نهر دجلة وظل في فيضانه مدة شهرين، وأصبحت بغداد مهددة بالغرق، وانكسر احد السدود يبعد 10 اميال شمالي بغداد فتدفقت منه المياه، واكتسحت امامها بقوة لا تقاوم، فأضرت بالحبوب المزروعة اعظم ضرر، وفي يوم واحد صيرت السهل الفسيح المحيط بالبلدة بحيرة هائلة، واصبحت بغداد جزيرة، ليس فيها من وسائل النقل والمواصلات سوى الزوارق، وقد حال دون دخول الماء الى بغداد سد عريض محيط بسور المدينة، وقد سبب الفيضان جزعا عظيما مماثلا للفيضان الذي وقع عام 1831، اذ دمر الطوفان سبعة الاف بيت سقطت جميعها في يوم واحد ويستمر فوك بالقول ان من المؤكد ان كثيرا من الامراض سوف تعقب هذا الفيضان. لم تكن الفيضانات هي الوحيدة التي تهدد الحياة الزراعية فهناك ايضا الاوبئة والكوارث الطبيعية، ففي الموصل ضرب الطاعون المدينة عام 1643، ثم في عام 1650، ثم أطبق بصورة خطيرة عام 1673، وحل ايضا عام 1702. وقد ادت هذه العوامل إلى ترك الكثير من الفلاحين لقراهم، وهو ما يفسر لنا ظاهرة انتشار القرى الخربة والمناطق القاحلة في أجزاء عديدة من البلاد. كما تعرضت مدن اخرى للعوامل الطبيعة نفسها، ومنها مدينة اربيل التي تعرضت الى موجات من القحط والغلاء وانتشار الأوبئة والامراض من حين لأخر. لقد تنوعت المحاصيل الزراعية تبعاً للتوزيع الجغرافي، ويأتي في مقدمتها تلك التي تشكل المواد الأساسية في الغذاء اليومي: كالرز والشعير والقمح إلى جانب، العدس والحمص والسمسم والماش ولباقلاء والبصل. كما انتشرت زراعة القطن الذي أمتاز بطول تيلته، واشتهرت منطقة الأهوار بزراعة قصب السكر، في حين انتشرت زراعة الحبوب في ناحية القرنة، فيما سادت زراعة الفواكه في المنطقة المعتدلة، لاسيما منطقة الزبير، وكذلك عرفت المنطقة الشمالية بزراعة التبغ، بالإضافة إلى تلك المزروعات الرئيسة، قامت زراعة الأشجار المثمرة، وبخاصة منها شجر التوت والعنب والتمور والحمضيات والفواكه المختلفة الأخرى. وكانت الخضروات هي الأخرى تتوزع زراعتها في مناطق مختلفة. وكانت الزراعة في العهد العثماني على صنفين هما: المزروعات الشتوية وتشكل 70% من مساحة الأرض الزراعية والمزروعات الصيفية وتشكل %30 من مساحة الارض. لقد بقيت المحاصيل الزراعية أسيرة بناء اقتصادي واجتماعي متخلف يقترن بالأدوات الزراعية ووسائل الري من جهة، وانعدام الاتصال والتبادل بين ا المدن من جهة أخرى. فلم تكن طرق المواصلات متوافرة ليس بين القرى والمدن حسب، وإنما بين القرى وبعضها وأن كثيراً منها عسيرة وصعبة أيام الشتاء مما جعل قرى عديدة في شبه عزلة كاملة في ذلك الموسم. أما أداة الفلاح ووسائل ريه لأرضه، فأن المحراث الخشبي الذي لا يشق الأرض إلا سطحياً كان هو الوسيلة الوحيدة المستخدمة آنذاك، ويقوم الري هو الآخر على وسائل بدائية في مجملها عبارة عن قنوات وترع متفرعة من النهر على طول مجاري الأنهر والجداول بعضها كانت مملوكة من قبل الدولة وفي مواسم انخفاض مناسيب المياه كانت تستخدم الدواليب والنواعير، وكذلك في المناطق التي تكون فيها القنوات أعلى من مستوى النهر. وقد بذلت بعض الجهود من قبل عدد من الولاة لتطهير أنهر رئيسة مثل الدجيل أيام ولاية مرتضى باشا لبغداد سنة 1661م، وكذلك نهر شريف أو نهر عطا الجويني القديم الذي يأخذ مياهه من الفرات إلى النجف حيث أعيد تطهيره في عهد والي بغداد أبراهيم باشا (1681-1683م) فازدهرت ضفافه ثانية بالزراعة. كما تم في عهد الوالي سليمان باشا الكبير (1780-1802م) حفر نهر الهندية من جنوب المسيب، وجرى أحياء بعض الأنهار المندرسة في عهد داوود باشا (1816-1831م)، كنهر عيسى الواقع غرب بغداد بظاهر الكرخ، ونهر النيل الذي كان قد حفره الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد أستخدم داوود باشا في كريه خمسة آلاف عامل أتموا حفر مصدره من الفرات عام 1826م. كما أهتم باستخدام آلات الري وتم أنجاز مشروع لرفع المياه من نهر دجلة. إن السوق الخارجية وبخاصة الأوربية في القرن التاسع عشر صارت تحدد نوع وكمية الإنتاج الزراعي في العراق، وتبعاً لذلك فأن منتجات زراعية وحيوانية كثيرة وجدت لها طريقاً للتصدير إلى الخارج. إلا أن التطور الزراعي في العراق ظل كسيحاً ولم يتناسب مع قدراته الزراعية، ومع بعض المحاولات الإصلاحية، وخاصة تلك التي بادر بها الوالي المصلح مدحت باشا (1869-1872م) لتحديث الزراعة وتوسيع الأراضي المزروعة عن طريق إعفاء الآلات الزراعية الحديثة من الرسوم الجمركية، وتوزيع البذور المحسنة على الفلاحين، ولكن الذي حدث هو أن زيادة في أنتاج غلة معينة على حساب نقص في غلة أخرى وذلك استجابة للسوق الخارجية، إضافة إلى ذلك استمرار تردي الأوضاع الزراعية في القطر بسبب مشاكل الأرض وكثرة المحن والمنازعات والحروب والكوارث الطبيعية والآفات الزراعية والأوبئة الفتاكة وإهمال معظم الولاة لمشاريع الري.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|