أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2016
1069
التاريخ: 29-8-2016
1306
التاريخ: 2023-07-12
1227
التاريخ: 2023-08-29
1666
|
اعلم أنّ علماء الرجال ذكروا لإثبات العدالة أو الصدق فقط أمورا كثيرة، وهي بمجموعها لا تخلو عندي من ثلاثة أقسام، فإنّها ما بين ضعيف، وصحيح قليل الفائدة أو عدمها، وصحيح كثير الفائدة، فنحن نذكر معظم تلك الأمور في طيّ فصول ثلاثة:
الفصل الأوّل: في الأمارات الضعيفة
1 ـ ترحّم المعصوم (عليه السلام) على أحد، ورضاه عنه، فإنّه لا يعقل صدور ذلك عنه إلّا بالنسبة إلى ثقة عدل.
ويردّه إنّ التّرحّم بمنزلة الاستغفار، فيكفيه الإيمان، فلا يدلّ بمجرّده على الحسن، فضلا عن الوثاقة، نعم، في تكراره كلام يأتي.
2 ـ تسلّيم المعصوم في الحرب الراية بيد شخص، فإنّه يكشف عن وثاقته وأمانته، ضرورة أنّ الراية قطب الحرب، وعليها تدور رحاها، وتسهل الخيانة ممّن حملها، فلا بدّ أن يكون الحامل عدلا ذا ملكة قويمة لا يقدر الخصم الغدار على خديعته.
ويردّه إنّ مجرّد الإيمان مع الشّجاعة والمهارة في الحرب يكفي لتسلّيم الراية، ولا يحتاج إلى العدالة قطعا، بل وإلى الحسن أيضا، فإنّ الكذب في المقال لا ينافي إقامة الجهاد...
3 ـ إرسال المعصوم أحدا إلى خصمه أو غير خصمه، فإنّه يقضي بعدالته؛ لأنّ فقدها يوجب تجويز ارتشائه من المرسل إليه وتغييره الرسالة، أو الجواب، نعم، ربّما يقتضي الحكمة خلاف هذا الأصل، وهو غير ضائر في أصالة العدالة في الرسول.
وجوابه: إنّ الإرسال المذكور إنّما يقتضي الاطمئنان بصدق المرسل في أداء رسالته، وإن لم يكن ثقة فيما يرجع إلى سائر أعماله ومعاملاته، بل وفي أقواله في غير مورد الرسالة.
4 ـ تولية المعصوم أحداً على الوقف، أو الحقوق الماليّة، فإنّها لا تعقل إلّا للعدل الثقة.
ويردّه أنّ التولية دليل على وثاقة المتولي في الأموال دون الأقوال ومطلق الأفعال فلا تكفي لحجيّة الأخبار؛ إذ من المحسوس اختلاف وثاقة الأشخاص في الجهات والأحوال.
5 ـ اتّخاذ الإمام أحدا وكيلا أو خادما أو ملازما أو كاتبا، فإنّه منه (عليه السلام) تعديل له ضرورة استلزام إرجاع شيء من ذلك إلى غير العدل مفاسد عظيمة.
أقول: إنّه إفراط في القول، والانصاف إنّ الاتّخاذ المذكور بمجرّده لا يدلّ على الحسن، فضلا عن العدالة، إلّا إذا كان متعلّق الوكالة، أو غيرها مشروطا بالعدالة أو الصدق ولو عرفا.
6 ـ شيخوخة الإجازة فإنّ جمعا من علماء الفن جعلوا مشائخ الإجازة أغنياء من التوثيق. وفيه: إنّه مع اشتهاره لا يرجع إلى أساس صحيح؛ إذ كم من ثقة روى عن ضعيف، أو ضعفاء، فكيف يكون شيخ الإجازة لازم الوثاقة؟ ولا فرق في ذلك كلّه بين مشائخ الصدوق (رحمه الله) وغيرهم.
والحاصل: أنّ الرّاوي قد يروي الرّواية لوجودها في كتاب قد أجازه شيخه أن يروي ذلك الكتاب عنه من غير سماع ولا قراءة، فلا امتياز لشيخ الإجازة على الشّيخ القارئ، أو الشيخ المستمع، وإنّما فائدة الإجازة هي صحّة الحكاية عن الشيخ فحسب، وسنرجع إليه في البحث الرابع عشر.
وهنا أمر آخر وهو إنّ جهالة شيخ الإجازة ربّما لا تضرّ بصحّة السند والمتن، إن كان الكتاب المجاز مشهورا مأمونا في عصر المجاز له.
7 ـ شهادة أحد مع الإمام (عليه السلام) في كربلاء، فإنّها من أقوى البراهين وأعدل الشّهود على وثاقته، ضرورة أنّ العدالة هي الملكة الباعثة على الإتيان بالواجبات وترك المحرّمات، وأيّ ملكة أقوى من الملكة الداعية إلى الجود بالنفس إلى آخر ما ذكره الفاضل المامقاني (رحمه الله) (1).
وفيه أوّلا: إنّ ما ذكره جار في مطلق الشّهادة في سبيل الله، إذا كان الشّهيد متمكّنا من الفرار ولم يفرّ حتّى استشهد، ولا اختصاص له بشهادة شهداء كربلاء، وإن كانت مراتب الشّهادة من حيث الفضل مختلفة (2).
وثانيا: إنّ الشهادة دليل على غفران الذنوب وحسن الخاتمة ودخول الجنّة ـ رزقناها الله مع الإمام الغائب، أو في سبيل الدّفاع عن الدّين، أو ترويجه ـ وأين لها من الدلالة على الحسن في أوائل عمره إلى ما قبل الشّهادة، فضلا عن الدلالة على العدالة؟
8 ـ مصاحبة المعصوم، فيقال: إنّ توصيف أحد بمصاحبته لأحد المعصومين (عليهم السلام) من أمارات الوثاقة.
وفيه: إنّه غير بيّن ولا مبيّن، لا في صحابة النّبي (صلى الله عليه وآله) ولا في صحابة الإمام (عليه السلام).
9 ـ تأليف كتاب أو أصل، فقد قيل: إنّ كون شخص ذا كتاب أو أصل، أمارة على حسنه. وفيه: إنّه أيضا غير مبيّن ولا ربط بين التأليف والصدق.
10 ـ كثرة الرّواية عن المعصوم. لما روي عن الصّادق (عليه السلام): اعرفوا منازل الرجال منّا على قدر روايتهم عنا. ولغيره.
وفيه: إنّ قبل إحراز صدق الرّاوي أو وثاقته، كيف يفهم أنّه كثير الرّواية؛ إذ يحتمل أنّه كثير الكذب، فالاستدلال يشبه الدور، وعلى أنّ الرويات المدّعاة عليه ضعيفة سندا، فلاحظ أوّل رجال الكشي.
11 ـ مَن إليه طريق للشيخ الصدوق (رحمه الله)، فقيل إنّه من الممدوحين. وعن الفوائد النّجفيّة ... أنّ علماء الحديث والرجال على اختلاف طبقاتهم يقبلون توثيق الصدوق للرجال ومدحه للرواة، بل يجعلون مجرّد روايته عن شخص دليلا على حسن حاله ...
أقول: أمّا الدعوى الأخيرة فلم تثبت عندي، ولا دليل له أيضا سوى قول الصدوق في أوّل المقنع: وحذفت الأسناد منه لئلا يثقل حمله ولا ... ولا ... إذ كان (إذا كان خ) ما أبينه فيه، في الكتب الأصوليّة موجودا بينّا عن المشائخ ـ ضبطه بعضهم هكذا: موجودا مبينا على المشايخ ... ـ العلماء الفقهاء الثقات (رحمه الله).
لكن هذا الكلام مختصّ برواة روايات كتابه المقنع لا مطلقا.
وقد استفاد منه بعض المحدّثين المتتبّعين وثاقة جميع رواة الكتاب المذكور، وتبعه بعض تلامذة سيّدنا الأستاذ الخوئي (قدّس سرّه) فصرّح بأنّ روايات المقنع كلّها صحيحة كروايات الفقيه ما عدا روايات السنن؛ لاحتمال اعتماد الصدوق فيها على قاعدة التسامح، لكنّه مخالف لإطلاق كلام الصدوق، فلا عبرة به.
على أنّ أصل كلامه باطل جزما، فإنّه مبني على أنّ الصدوق يرى رواة روايات كتاب المقنع كلّهم من المشائخ الفقهاء العلماء الثقات. والمتدبّر في أحوال الرجال يقطع ببطلانه وفساده، وأنّه لا كتاب صغير يشتمل على عشرين رواية يكون رواتها كلّهم بهذه الصفات، بل نطمئن بأنّ الصدوق غير معتقد بذلك أيضا، وهذا من الإفراط في التّصحيح. وكان هذا القائل يريد أن ينوب عن المحدّث النوري (رحمه الله) في التّوثيق والتّصحيح خارجا عن حدّ الاعتدال، فالحقّ عدم دلالة عبارة المقنع على توثيق الرّواة، فإنّ معناها أنّ أرباب الكتب الأصوليّة الّتي ينقل الصدوق روايات مقنعه عنها، علماء فقهاء ثقات لا جميع رواة الرّوايات.
ومن هنا تثبت الدعوى الأولى، لكن في خصوص أرباب الكتب الأصوليّة الّتي نقل منها الصدوق روايات مقنعه.
وهنا احتمال آخر، وهو إنّ المراد بالمشايخ العلماء الثقات هم مشائخ الصدوق، الّذين أخبروه بما في تلك الكتب الأصوليّة لا نفس أرباب الكتب المذكورة، ولا يدلّ الكلام ـ على هذا التقدير ـ على وثاقة جميع شيوخه، فإنّ الأصل في القيود هو الاحتراز، فوصف الثقات احترازي لا توضيحي، فتأمّل!
وقيل: الأظهر الاحتمال الأوّل دون الأخير، لاسترحام الصدوق (رحمه الله): فإنّ المشائخ لم يكونوا كلّهم أمواتا، حتّى استرحم عليهم، وأمّا أرباب الكتب فيمكن أن يكونوا كلّهم أمواتا حين تأليف المقنع.
وللصّدوق كلام آخر في أوّل الفقيه، قال: وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل، وإليها المرجع مثل كتاب...
قيل: فأرباب هذه الكتب ممدوحون لا محالة، فكلّ من للصدوق إليه في مشيخة الفقيه طريق، فهو ممدوح وصادق، إلّا من قام على ضعفه دليل خاصّ، بل قيل إنّ طريق الصدوق إلى بعض تلك الكتب إذا كان ضعيفا لا يضر بصحّة الحديث؛ لأنّ تلك الكتب مشهورة معوّل عليها.
أقول: أمّا القول الأوّل فإنّ أريد به مدح كلّ من للصّدوق إليه طريق في المشيخة، فهو غير ظاهر؛ لعدم دلالة كلام الصدوق على أنّ الكتب المشهورة المعوّل عليها هي لمن بدأ بهم الرّوايات في الفقيه، بل مؤداه أنّ روايات كتابه مستخرجة من تلك الكتب، وإن أريد مدح أرباب الكتب، فله وجه، واحتمال أنّ التعويل لوجود قرائن اجتهادية سوى الوثاقة ضعيف جدّا، ولاحظ أسماء جماعة من هؤلاء في البحث التّاسع عشر الآتي. وأمّا القول الثّاني ففيه: إنّ شهرة كتاب وكونه معتمدا عليه، وان تثبتنا اعتباره لكن لا بدّ من تمييز الكتب المشهورة عن غيرها، فلاحظ كلامه في البحث التاسع عشر، ولاحظ آخر البحث الخامس والأربعين من هذا الكتاب (3).
12 ـ تصحيح رواية، توثيق لرواتها، فإنّ الحكم بصحّة رواية لا يصحّ إلّا مع إحراز وثاقة رواتها، فإذا صحّح أحد الأعلام رواية، فهو توثيق منه لرواتها. وقيل: بعدم استلزامه التّوثيق إذا كان المصحّح لم يكثر تصحيحاته لاحتمال الغفلة، وأمّا إذا كثرت فيكون تصحيحه توثيقا. وقد قيل غير ذلك.
واعلم أنّ تصحيح رواية ربّما يكون من جهة القرائن الخارجيّة، كما يعلم من ديدن القدماء، فلا يرتبط بوثاقة الرّواة، بل إذا كان التّصحيح بملاحظة نفس السند، وكان المصحّح ممّن يقبل قوله في التّوثيق والتحسين، يمكن المنع أيضا لاحتمال أنّ الحاكم بالصّحة يعتقد أصالة العدالة، وإنّ كلّ مؤمن لم يظهر فسقه فهو عادل، كما عن الشّيخ (قدّس سرّه) (4) وهذا المبنى لا نذهب إليه.
أقول: وينتقض هذا المنع الّذي ذكره سيّدنا الأستاذ الخوئي (قدّس سرّه) (5) وغيره بالتوثيق على تفسير المتأخّرين، فلا يجوز قبول التّوثيقات الصادرة عن الرجاليّين؛ لاحتمال اعتقادهم بأصالة العدالة فينحصر القبول في التحسينات.
وأجاب عنه بعضهم: بأنّ عدالة مثل الشّيخ والتفاته إلى الخلاف في معنى العدالة، تقتضيان إرادته بالعدالة فيمن أثبت عدالته من الرّواة، العدالة المتفق عليها ...
لكنّه تخرّص وحدس من دون دليل، مع جريانه في التّصحيح أيضا.
والحقّ أنّ التّصحيح (6) كالتعديل في الإشكال؛ وأمّا التّوثيق، فهو عندنا سالم عن النقض والإيراد، كما ستعرف في البحث التّاسع والعشرين.
13 ـ رواية ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى والبزنطي عن أحد فيكون ثقة، كما صرّح به الشّيخ (رحمه الله) في كتاب العدّة (7)، ودليله عليه أنّه علم من حالهم أنّهم لا يرسلون ولا يروون إلّا عمّن يثقون بهم.
أقول: يأتي مناقشة هذا القول المدّعى عليه الإجماع ونقده في البحث 11، والبحث 38 ان شاء الله.
14 ـ وقوع شخص في سند رواية رواها أصحاب الإجماع المذكورين في رجال الكشي (8) فقيل بصحّة كلّ حديث رواه أحد هؤلاء إذا صحّ السند إليه، ولو كانت روايته عن ضعيف، فضلا عمّا إذا كانت عن مجهول أو مهمل.
وظاهر هذا القول لزوم قبول روايته في خصوص المورد، فلو وقع هذا الضعيف ـ أو المجهول في رواية ليس في سندها أحد أصحاب الإجماع لا يقبل روايته.
وقيل بوثاقة كلّ من روى عنه أحد أصحاب الإجماع وهذا هو المقصود بالمقام.
أقول: وهذا كسابقه في الضعف ويأتي تفصيله في البحث الحادي عشر.
15 ـ توصيف أحد بأنّه عالم أو فاضل، أو فقيه أو محدّث أو نحو ذلك، فإنّه مدح مدرج له في الحسان.
أقول: النسبة بين هذه الأمور والصدق عموم من وجه، وليس بينهما علاقة لزومية، كما يظهر من تراجم بعض الرّواة أيضا.
نعم، إذا أريد الاجتهاد من الفقه، فهو كاشف عن الصدق، فإنّ مَن بلغ رتبة الاجتهاد في الفقه يبعد عنه الكذب عمدا كلّ البعد.
وبالجملة: ليس المطلوب في المقام مطلق المدح، بل المدح المستلزم للصّدق في المقال؛ وإلّا نمنع حجيّة الحسان من رأس.
16 ـ ورود رواية دالّة على توثيقه أو تحسينه، وإن كان الرّاوي هو نفس الرّجل فإنّ الشّيعي لا يباهت إمامه ولا يفتري عليه، بل وإن كان في سندها ضعيف آخر، فإنّها لا تقل عن توثيق الرجاليّين في إفادة الظّن.
أقول: هذا التلفيق عجيب، فإنّه لو صحّ لألغيَ علم الرجال في توثيقاته، وتحسيناته إذ كان الواجب على هذا، إحراز إيمان الرّاوي فقط، فتكون رواياته معتبرة إذ الشّيعي لا يباهت إمامه.
إلّا أنّ يقال: إنّ عدم البهتان ظنّي، وهذا الظّن إنّما يكون حجّة في خصوص علم الرجال دون الفقه وغيره، لكنّه مع بطلانه قد ادّعى المامقاني (رحمه الله) في بعض التراجم القطع بأنّ الشّيعي لا يباهت إمامه، وعليه يصبح جميع الرّوايات قطعيّة إذا كان رجالها من الشّيعة!
ولعمرك، إنّه لا يجوز استنباط الأحكام الشّرعيّة بهذه الخيالات الواهية، والشّيعي كغيره قد يباهت ربّه ونبيّه، فكيف لا يباهت إمامه؟
والإنصاف إنّ جملة من الأمارات المذكورة ممّا لم تكن متوقعا صدورها عن الفضلاء.
17 ـ الظّن بالوثاقة أو الحسن من أيّ جهة كان، للإجماع على حجيّة الظّنون الرّجاليّة.
أقول: حجيّة الظّنون الرّجاليّة بالإجماع المنقول الظنّي من قبيل: إثبات مجهول بمجهول، والقرآن يقضي على الدعوى والدليل معا، بأنّ: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}.
18 ـ توثيق الأعلام المتأخّرين كالعلّامة والشّهيد والمجلسي وأمثالهم.
أقول: إنّما تقبل توثيقاتهم إذا تطرّق إليها احتمال كونها عن حسّ، وأمّا إذا لم يحتمل ذلك، بل حصل الاطمئنان بكونها من حدس بعيد، كما هو الغالب لقطع السلسلة المستقلّة بعد الشّيخ الطوسي (رضوان الله عليه) واتّكاء من بعده عليه، وعلى أمثاله، كما يظهر من جملة من الإجازات، فلا تقبل؛ لعدم دليل على اعتبار الإخبار الناشئ عن الحدس، إلّا فيما دلّ الدّليل عليه بخصوصه.
فلا يُقال: الدليل في المقام موجود وهو جريان السّيرة على اعتبار نظر أهل الخبرة فيما يخصّهم من الصنعة والفن.
فإنّه يُقال: إنّ هذا يختصّ بالأمور النّظرية الّتي تحتاج إلى مزاولة وتجربة وإعمال نظر، وليس المقام منها فإنّ العدالة، وإن لم تكن محسوسة إلّا أنّ آثارها قريبة من الحسّ حتّى تعرفها زوجة العادل وخادمه؛ وأمّا صدق القول، فهو أوضح حالا.
وبالجملة: كلّ صادق إذا أخبر عن صدق أحد أو كذبه، فإنّما يقبل قوله عند العقلاء إذا كان زمان المقول فيه قريبا من زمان المخبر أو كان زمانه بعيدا عنه، لكن سلسلة الأسناد هناك متحقّقة بحيث يعلم أو يحتمل احتمالا عقلائيّة، استناد خبره إلى الحسّ وإلّا فلا دليل على القبول، وهذا أصل يرتّب عليه ثمرات كثيرة، كما لا يخفى.
فإذا وثّق العلّامة (رحمه الله) مثلا أحدا من أصحاب الصّادق (عليه السلام)، فلا نعتبر توثيقه هذا، لعدم احتمال كونه ناشئاً من الحسّ ومن طريق منقول إليه من غير طرق الشّيخ وأمثاله احتمالا عقلائيّا.
19 ـ وقوع أحد في أسناد روايات تفسير القمّي لتوثيقه، رواة أحاديث كتابه ـ كما عن سيّدنا الأستاذ ـ تبعا لصاحب الوسائل، وكذا وقوع أحد في أسناد كامل الزيارات لابن قولويه، فإنّه وثّق رواة كتابه.
أقول: يأتي نقدهما في بحثين منفردين.
20 ـ كون شخص من مشائخ النجّاشي (رحمه الله).
أقول: الكلام فيه كما في سابقه.
21 ـ مَن روى عن الصّادق (عليه السلام) لتوثيق الشّيخ المفيد (رحمه الله) أربعة آلاف من أصحابه (عليه السلام) وتبعه صاحب: روضة الواعظين والأنوار المضيئة، وأعلام الورى والمناقب.
وفيه أوّلا: انّا نقطع بعدم صحّته؛ إذ لا تحتمل عادة وثاقة أربعة آلاف صحابي على اختلاف مذاهبهم ومسالكهم (9).
وثانيا: لا نحتمل وصول وثاقتهم للشيخ المفيد فقط بطريق معتبر، فالتوثيق ناشئ من تسامحه في التعبير (رحمه الله) (10) ونسبة هذا التّوثيق في كلام المفيد (رحمه الله) إلى أصحاب الحديث ضعيفة؛ إذ لم نره ولم نسمعه في كلام أحد ممّن تقدّمه.
22 ـ مَن روى الأخبار الدّالة على زيادة شهر رمضان ونقيصته، فإنّ الشّيخ المفيد وثّقهم. أقول: وسنوضّح الحال فيه فيما بعد.
23 ـ صحبة النّبي (صلى الله عليه وآله) ذكرها العامّة وقالوا بعدالة كلّ صحابي، والجمع فيه تفاصيل، وأقاويل ذكرناها مختصرة في البحث العاشر.
وقد ألّفنا فيها رسالة مستقلّة باسم عدالة الصّحابة على ضوء القرآن والسّنة والتّأريخ. ولم نرَ لأصحابنا فيها بحثا مستوعبا وكتابا مستأنفا...
24 ـ كون الرّاوي ممّن يروي عنه، أو كتابه جماعة من الأصحاب.
25 ـ روايته عن جماعة.
26 ـ اعتماد القمّيّين وابن الغضائري على شخص؛ لأنّهم كانوا يخدشون في الرّواة بأدنى شيء.
أقول: الرّواية عن الضعفاء شائعة، فلا تدلّ رواية جمع عن أحد على حسنه وأضعف منه ما بعده، كما لا يخفى واعتماد القمّييّن على أحد اجتهاد منهم، فلا يكفي لغيرهم فإنّه تقليد.
27 ـ قول الشّيخ الطّوسي (رضوان الله عليه) في حقّ أحد: أسند عنه (11) وجعله بعضهم من ألفاظ الذّم.
28 ـ توصيف شخص بكونه حافظا أو قارئا.
29 ـ توصيفه بكونه بصيرا في الحديث.
أقول جملة: أسند عنه، في حدّ نفسها مجملة (12)، لا يستفاد منها المدح، والقراءة والحفظ والبصيرة لا تدلّ على صدق صاحبها؛ إذ بينه وبينها عموم من وجه.
30 ـ إكثار الكافي والفقيه الرّواية عن أحد.
31 ـ ذكر الكشّي أحدا مع عدم الطّعن عليه.
32 ـ كون شخص مقبول الرّواية.
33 ـ وقوع أحد في سند حديث صدر الطعن فيه من غير جهته، فإنّ السّكوت عنه والتّعرّض لغيره ربّما يكشف عن وثاقته.
34 ـ رواية الجليل والأجلّاء عنه.
أقول: أمّا إكثار الكليني والفقيه عن أحد، فهو لا يكفي لنا في قبول خبره، وهذا سهل بن زياد قد أكثر عنه الكليني (رحمه الله) وغيره والشّيخ يضعّفه (13)، وقيل في حقّه إنّه أحمق (14) والنجّاشي ذكر في ترجمة الكشّي أنّه يروي عن الضعفاء، فكيف عدم طعنه يكون دليلاً على المدح أو الوثوق؟
وأمّا كون الشّخص مقبول الرّواية فلا يدلّ على حسنه، فإنّ قبول رواية له في مورد ولقرينة لا يدلّ على صدقه غالبا. نعم، لو ثبت إنّ رواياته كلّها مقبولة كالسّكوني وأمثاله (15)، فهو يدلّ على صدقه فلا يكون مثل عمر بن حنظلة ومسعدة بن صدقة، مقبولي القول مطلقا، وإن قبل جمع من الأصحاب بعض رواياتهما.
وللبحث تتمّة ستأتي في آخر هذا البحث. وأمّا الأخيران فوجه عدم دلالتهما على المدح واضح، فلاحظ، والله العالم.
فهذه الأقوال والأفعال والأوصاف لا تدلّ على الحسن والوثاقة، كما علمت.
الفصل الثّاني: في الأمارات القليل نفعها
1 ـ اختيار النّبي (صلى الله عليه وآله) أو الإمام (عليه السلام) رجلا لتحمل الشّهادة أو ادائها في وصيّة أو وقف أو طلاق أو محاكمة ونحوها، فإنّه إذا انضّم إليه ما دلّ على اعتبار العدالة في الشّاهد ثبتت عدالة الرجل.
2 ـ حبّ النّبيّ (صلى الله عليه وآله) أو الإمام شخصا، فقيل إنّه دليل الوثاقة ضرورة أنّ الحبّ لا يكون إلّا عن رضى بالمحبوب وأفعاله. ولا يعقل من المعصوم التّابع رضاه لرضى الله وسخطه لسخط الله أن يرضى عمّن يرتكب الكبيرة أو يصرّ على الصغيرة.
أقول: هذا إنّما يتمّ إذا لم يكن الحبّ لأجل إيمان المحبوب فقط أو لأجل صفة خاصّة كقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ..} حيث لا يستفاد منه عدالة المبايعين لاختصاص الرضا بفعل خاصّ، فتأمّل، أو لجهة بشريّة أخرى.
ولعلّه لا يوجد مورد ثبت فيه بطريق معتبر حبّ المعصوم (عليهم السلام) بنحو مطلق يكشف عن عدالة المحبوب أو صلاحه.
3 ـ تشرّف أحد برؤية الحجّة المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في غيبته فإنّه يستشهد به على كونه في مرتبة أعلى من رتبة العدالة، ضرورة أنّه لا يحصل تلك القابليّة، إلّا بتصفية النفس، وتخليّة القلب من كلّ رذيلة، وتعرية الفكر عن كلّ قبيح، وقد سمّى جمع كثير فازوا بلقائه عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
أقول: مراتب التّشرّف مختلفة، بعضها يدلّ على العدالة، وبعضها على الحسن، وبعضها على مجرّد المدح، وبعضها على مجرّد الإيمان وبعضها على الذمّ.
ثمّ الكلام في إثبات التّشرّف المذكور، فإنّه لا بدّ من إثباته بإخبار صادق آخر، وإلّا فهو لا يثبت بادّعاء نفس المدّعي، إلّا بعد صدقه، ومعه لا نحتاج إلى هذه الأمارة إلّا للتأكّد على فضله.
4 ـ توليّة الإمام رجلا على صقع أو بلد، فإنّه لا يعقل أن يولّي غير العدل المرضي على رقاب المسلمين وأموالهم وأحكامهم.
5 ـ السفارة من الإمام الغائب في الأمور الشّرعية والدّينيّة.
6 ـ كون أحد من أهل أسرار الإمام وتعليمه له إيّاها.
7 ـ إذن الإمام لرجل في الفتوى، والحكم. فإنّه أعدل شاهد على عدالته، ضرورة عدم شرعيّة مباشرة غير العدل الثّقة شيئا منهما بالإجماع والنّصوص بل الضّرورة، كما قيل هذه الأربعة تدلّ على وثاقة الرجل وحجيّة قوله إن ثبتت بدليل معتبر، نعم، الإذن في الفتوى دليل على الحسن، إذ لم يثبت اشتراط العدالة في المفتي بدليل قطعي، وإنّما الدّليل عليه هو الإجماع المنقول ودعوى الضرورة جزافيّة.
8 ـ مَن روى الطّاطري عن كتبهم، فإنّ الشّيخ الطّوسي وثّقهم.
أقول: سوف نرجع إليه في مستأنف القول، إن شاء الله.
9 ـ كثرة التّرحّم على أحد من الإمام أو من العلماء الأخيار تكشف عادة عن جلالة المرحوم وعظمه في عين المكثر، فيثبت بها وثاقته أو صدقه، خلافا للسيّد الأستاذ الخوئي (قدّس سرّه). وسنعود إلى هذا المورد مرّة أخرى، إن شاء الله.
10 ـ تصحيح الأسناد على وجه مرّ في الفصل الأوّل.
الفصل الثالث: في الأمارات المفيدة
الاولى: نصّ الإمام (عليه السلام) على وثاقة أحد أو صدقه إذا ثبت بدليل معتبر، وإلّا فهو غير قابل للتصديق؛ لأنّه غير مفيد للظنّ، وعلى تقديره فهو محرّم العمل بالأدلّة الأربعة؛ إذ لا يوجد دليل على إخراج الظنون الرجاليّة منها، ولم يدعه فيما أعلم سوى بعضهم، ولا يمكنه إثباته بدليل.
وهناك أحاديث كثيرة تدلّ على وثاقة بعض الرّواة وصلاحهم، ولا بأس بأسانيدها فنأخذ بها، ونحكم باعتبار أحاديث تلك الرّواة، مثل: ليث البختري، ومعلّي بن خنيس وغيرهما (16).
لكن وثاقة رواة هذه الرّوايات المادحة أو حسنهم لم تثبت بطريق متواتر أو مشاهدة أو بقرينة قطعيّة أو بنصّ معصوم، بل ثبتت بتوثيق الرجاليّين وتحسينهم، فهذه الأمارة تتوقّف فائدتها على الأمارة التاليّة، وهي:
الثانية: توثيق الكشّي والنجّاشي والشّيخ الطّوسي وأمثالهم من أرباب الجرح والتّوثيق، فإنّهم ثقات عارفون بحال الرّواة، فأخبارهم بها ليس مستندا إلى مقدّمات حدسيّة بعيدة، بل منقول عمّن سبقهم متّصلا، ومتسلسلا إلى معاصري الرّواة المقول فيهم الوثاقة أو الضعف، كما يشهد له الشّواهد، ولا أقلّ من احتمال ذلك ودوران أمر أقوالهم بين الحسّ والحدس البعيد، فتحمل على الأوّل كما هو المعمول عند العقلاء، فافهم جيّدا.
والعمدة من بين هؤلاء الأعلام هو النجّاشي والشّيخ الطّوسي، وهما قطبا هذا العلم وعليهما يدور رحى الجرح والتّعديل، وامتياز الكشّي عنهما نقله التّوثيقات مسندة.
هذا، ولكن في حجيّة أقوالهما وأقوال أمثالهما كلام طويل الذيل صعب مستصعب، سنذكره في البحث الرابع.
وفي الحقيقة إنّ هذا البحث هو بحث رئيسي تتوقّف عليه صحّة علم الرجال وبطلانه، ولا أقلّ من كونه هو الأساس لكون علم الرّجال كثير الفائدة أو قليلها.
تنبيه تكميلي:
أمّا الألفاظ الدّالة على التّوثيق والتّحسين فلا حصر لها، بل هي موكوله إلى دلالة اللغة وفهم العرف وقد مرّ أنّ عدّة من الألفاظ والأوصاف والأفعال الّتي ادّعوا دلالتها على التّوثيق والتّحسين لم تكن دالّة عليهما.
نعم، يدلّ عليهما، مثل: ثقة عادل لم يعصِ ربّه، لم يخلّ بواجبه، ولم يرتكب حراما، ورع عابد، من المتّقين، من الأولياء، من الزّهاد، صالح، لا بأس به (17)، صادق غير كاذب، وجه الطائفة، شيخ الطّائفة، فقيه مجتهد، من أكابر العلماء، وجيه عند الإمام، مقبول القول عند الإمام، أو عند العلماء، مرجع للمؤمنين في وقته، ونحو ذلك.
ولا يدلّ عليهما شهيد هو في الجنّة، وفيه نظر. غفر ذنبه، ونحو ذلك؛ لأنّ الشّهادة ودخول الجنة ومغفرة الذّنب لا تثبت العدالة أو الصدق في الحياة الدّنيا من أوّل البلوغ، وكذا صحيح الحديث، فإنّ صحّة الحديث قد يكون للقرينة المقوية للمضمون. وقد أفرط المحدّث النوري في تفسير هذه الكلمة، كما يأتي إن شاء الله في البحث الحادي عشر.
وفي دلالة لفظ الاستقامة والمستقيم على الصدق، تردّد لاحتمال كونه إشارة إلى مذهب الراوي، لا إلى صدقه.
ويقول السّيد الأستاذ في معجمه: إنّ توصيف شخص بأنّه كان وجها لا يدلّ على حسنه، نعم، إذا وصف بأنّه كان وجها في أصحابنا، كانت فيه دلالة على حسنه لا محالة والفرق بين الأمرين ظاهر (18).
أقول: وإذا قيل إنّه وجه بين المتكلّمين من الشّيعة، أو بين النّحويّين منهم مثلا، ففي دلالته على صدقه تردّد، والأظهر أنّ للوجاهة أسباب فيشكل استنباط الصدق، نعم، إذا قيل: إنّه وجه بين رواتنا يعتمد عليه.
تتمّة مفيدة:
أثر الوثاقة والصدق في القول، هو قبول أخبار من يتّصف بهما والاعتماد
عليها، وهذا واضح. وهل يمكن العكس بأن نجعل قبول الأصحاب أخبار أحد دليلا على وثاقته أو صدقه؟
والصحيح هو: التفصيل بين قبول بعض رواياته وقبول جميع رواياته، فعلى الأوّل لا يثبت صدق الرّاوي، ضرورة أن قبول رواية أحد في مورد لدليل خاصّ، فلا يدلّ على صدقه مطلقا كما أشرنا إليه فيما سبق؛ إذ كلّ كاذب قد يصدق، ولا يوجد كاذب لم يصدق في قول قطّ.
وعلى الثّاني يثبت صدقه بلا إشكال، فإنّ الاعتماد على جميع روايات أحد وقبولها لا يحتمل أنّه لأجل قرينة خاصّة في كلّ مورد، فلا محالة يستند إلى عدالته أو صدقه وحدها.
نعم، إذا فرضنا إنّ رواياته المقبولة عند الأصحاب أو المشهور منهم معدودة جدّا، بحيث يمكن استناد قبولها والاعتماد عليها إلى غير صدق الرّاوي، فهو داخل في الشقّ الأوّل.
والسّؤال الأخير: إنّ الإعتماد على كتاب مؤلّف قلّت أخباره أو كثرت، هل هو دليل على صدقه في القول أم لا؟
يقول الشّيخ الطّوسي في أوّل فهرسته: إنّ كثيراً من المصنّفين وأصحاب الاصول كانوا ينتحلون المذاهب الفاسدة، وإن كانت كتبهم معتمدة.
فمن هؤلاء: إبراهيم بن إسحاق الأحمري، فقد ضعّفوه، لكن قال الشّيخ في حقّه: كان ضعيفا في حديثه متّهما في دينه، وصنّف كتبا جامعة قريبة من السّداد (19).
ومنهم: حفص بن غياث القاضي وطلحة بن زيد، حيث وصف الشّيخ كلّ واحد بأنّه عامّي المذهب إلّا أنّ كتابه معتمد.
أقول: إن كانت مطالب الكتاب أو معظمها مشتملة على الآراء والأنظار (20)، فالاعتماد عليها لا يكشف عن الوثاقة أو الصدق، بل إنّما يحكي عن جودة الاستنباط والعلم والدّقة، وإن كانت مشتملة على الرّوايات والأحاديث، فلعلّ الاعتماد عليها لمطابقتها مع سائر الكتب الأخباريّة، أو مع الأحكام العقليّة، كما في المطالب الأخلاقيّة ونحوها. وبالجملة لأجل القرائن المضمونية دون الصّدوريّة.
فإنّ قلت: لا أثر للبحث حول عدالة مؤلّف الكتاب وصدقه بعد اعتبار الكتاب.
قلت: هذا مسلّم إذا لم يقع الرّاوي في إسناد روايات غير كتابه، أو لم يكن له مدح وجرح، ولا تعديل وتفسيق في حقّ سائر الرّواة، وإلّا فأثر البحث جليّ.
والحقّ أنّ اعتماد الشّيخ الطّوسي وأمثاله على كتاب لا يوجب كون رواياته معتبرة وحجّة بالنّسبة لنا؛ لأنّ الاعتماد ينشأ من الأمور الاجتهاديّة، كيف ولو كان المؤلّف ثقة لصرّح الشّيخ مثلا بوثاقته على القاعدة ولم يكتف ببيان معتمديّة كتابه؟ بل قال في حقّ الأحمري: إنّه ضعيف في حديثه. فاتّباع الشّيخ في بيان هذا الاعتماد كما عن سماحة السّيد الأستاذ (قدّس سرّه) نوع تقليد له في الحقيقة، وهو غير جائز.
ولبّ جواب استدلال السّابق: إنّه إذا كان الاعتماد على روايات الكتاب بحسب صدورها وعدم احتمال استناد الاعتماد على قرينة خاصة، لكثرة الرّوايات المتفرقّة غير المجموعة في كتاب، فهذا الاعتماد يدلّ على وثاقة مؤلّفه، فافهمه جيّدا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: تنقيح المقال، 1 / 211.
(2) ثمّ إنّ الملكة الداعية الى الجود بالنفس يشمل مطلق من دخل المعركة من طيب نفسه، وإن لم يقتل فيها، فكان الأحسن له ذكر الجهاد مكان الشهادة.
(3) ولا ثمرة لهذا القول الثّاني، إذ كلّ كتاب صرّح الصدوق بشهرته والاعتماد عليه، كما يأتي في البحث التاسع عشر فطريقه اليه معتبر في مشيخة الفقيه.
(4) قيل: إنّ مختار الشّيخ في العدالة إنّها ظهور الإسلام، بل ظاهره كونه مشهورا بينهم، انظر: مقدّمة تنقيح المقال: 1 / 176، وقد تقدّم ما بيّنا في هذه الدعوى من كلام الشيخ الأنصاري، في التعليقة، الصفحة: 12.
(5) معجم رجال الحديث: 1 / 68.
(6) يقول الشّهيد الثاني (قدّس سرّه): وكذا قوله: (هو صحيح الحديث) فإنّه يقتضي كونه ثقة ضابطا معه زيادة تزكية.
انظر: الدراية: 76.
أقول: سيأتي في البحث الحادي عشر أنّ المحدّث النوري (رحمه الله) استفاد منه ما هو أعظم من ذلك بمراتب، والانصاف إنّه لا يدلّ على الحسن أيضا؛ لأن صحّة الحديث كما تتحقّق بوثاقة الرّاوي تتحقّق بمطابقة مضمونه مع القواعد أو ساير الرّوايات أو بقرينة خارجيّة.
نعم، إذا علم ـ ولو بقرينة المقام أو ظهور الكلام، كما في كلام العلّامة (رحمه الله) وأمثاله ـ إنّ المراد بتصحيح الخبر هو توثيق رواته، فلا إشكال فيه من هذه الجهة، ونسلّمه وإنّ التصحيح أمارة على التوثيق.
(7) انظر: العدّة: 1 / 379 و380.
(8) رجال الكشي: 206، 332، 466.
(9) في صحيح ابن رئاب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول، وهو ساجد: «اللهم، اغفر لي ولأصحاب أبي، فإنّي أعلم أنّ فيهم من ينقصني». بحار الأنوار: 47 / 17، الطبعة الحديثة. ويلاحظ أنّ مصدر الخبر وهو قرب الإسناد غير واصل إلى المجلسي بسند معتبر، كما يأتي في البحث الثّاني والخمسين.
(10) اشتبه الأمر على المحدّث النوري رحمه الله في المقام، فحسب التّوثيق من ابن عقدة، وأطال كلامه في المقام، ولكن لا طائل تحته. انظر: المستدرك: 770.
والحقّ أنّ عدد أصحاب الصّادق إلى أربعة آلاف غير ثابت، وإلّا لذكرها الشّيخ في رجاله واعتذار النوري رحمه الله عنه ضعيف جدّا. والتوثيق من الشّيخ المفيد في إرشاده، حيث قال في أوّل أبواب ذكر الإمام الصّادق (عليه السلام): فإنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرّواة عنه من الثقاة على اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل انتهى.
فإن أريد أنّ جميع أصحابه ثقات فيرد عليه ما في المتن. وإن أريد أنّ أصحابه أكثر، وإنّما الثقاة فيهم أربعة آلاف، فلا بدّ من التمييز بين الثقاة وغيرهم. ولاحظ ما يأتي في البحث (35) ذيل عنوان: نقل وتأييد.
وإن فرض التّوثيق من ابن عقدة فيزيد الإشكال عليه بأنّ كتابه وكلامه لم يثبتا بطريق معتبر، كما يأتي في البحث السابع.
(11) انظر: اتقان المقال، القسم الثّاني منه لذكر الحسان؛ من معجم رجال الحديث: 1 / 97، لسيّدنا الأستاذ (قدّس سرّه)؛ مقباس الهداية، للمامقاني (رحمه الله).
(12) يأتي الإشارة إليها في البحث الرابع والثلاثين.
(13) الفهرست: 106، ولكن في باب أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) من رجاله، الصفحة: 416، وثّقه. وعن باب أنّه لا يصحّ الظهار بيمين، من الجزء الثالث من استبصاره: ضعيف جدّا عند نقّاد الإخبار، وقد استثناه أبو جعفر بن بابويه في رجال نوادر الحكمة وضعفه النجّاشي أيضا في رجاله، وسلب الاعتماد عنه، ونقل شهادة أحمد بن محمّد بن عيسى بغلوه واخراجه إيّاه من قم.
(14) القائل هو الفضل بن شاذان، كما عن التّحرير الطّاووسي، لكن النسبة غير ثابتة بالطريق المعتبر.
(15) البحث الصغرويّ يأتي في محلّه، ونحن تركنا الاعتماد على رواية السكوني، كما نذكر وجهه فيما بعد، في البحث الثامن والثلاثين.
(16) وإذا تعارض نصّ رجاليّ مع حديث في حقّ أحد الرّواة، ففيه بحث يأتي بيانه في البحث (17).
(17) لكن فسّر الشّهيد الثّاني نفي البأس: لا بأس به، بمعنى أنّه ليس بظاهر الضعف، ومع ذلك قال بدلالته على الحسن إذا كان المقول فيه من أصحابنا، انظر الدراية: 76 ـ 79.
أقول: نفي البأس يدلّ على نفي الكذب، وليس معناه ما أفاد. ولو كان، لم يدلّ على الحسن، وعلى كلّ لا فرق في الدلالة بين كون المقول فيه من الإماميّة وغيرها.
(18) معجم رجال الحديث: 7 / 280.
(19) الفهرست: 8.
(20) وهذا الاحتمال هو الأرجح في كتب الأحمري؛ إذ ضعفه في حديثه واتهامه في دينه لا يناسب سداد أحاديثه المودعة في كتبه.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|