أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-10-2016
1749
التاريخ: 2024-08-19
417
التاريخ: 2024-05-07
700
التاريخ: 2024-05-21
710
|
جرت العادة عند علماء الآثار والمؤرخين أنهم عندما يكتبون عن الملك «خفرع» أن ينسبوا إليه تمثال أبي الهول قائلين بأن هذا التمثال العجيب هو للملك «خفرع» بعينه، ولذلك يعتقد الكثيرون أن المعبد المجاور له هو معبد أبي الهول، والواقع أن تمثال أبي الهول ليس له علاقة قط بالمعبد المجاور له، وأنه كان إلها يعبده الملك خفرع وله معبد خاص قائم أمامه، كما سنفصل ذلك فيما يلي. لم تصل إلينا معلومات عن هذا التمثال من مؤرخي اليونان الذين زاروا مصر قبل الميلاد، بل كان كل همهم موجهًا إلى الأهرام، ووصفها، ولا ندري لذلك من سبب، فهل كان أبو الهول مغمورًا بالرمال أم أنه لم يلفت نظرهم؟
يقع هذا التمثال في الجهة الشمالية من نهاية الطريق الممتد بين المعبد الجنائزي ومعبد الوادي للملك خفرع، وهو محفور في قطعة واحدة نحتت من صخرة محلية، ولكن الناظر إليه الآن لا يصدق ذلك، والسبب في هذا أنه رمم في عصور مختلفة، ويبلغ طوله 46 مترًا وارتفاعه من الأرض إلى قمته 21 مترا، والظاهر يدلنا على أنه تمثال، أسد. رأسه رأس إنسان وجسمه جسم أما تاريخ نحته فقد اختلف فيه المصريون أنفسهم، فهناك نقوش متأخرة تدل على أنه نحت في عهد «خوفو»، ولكن برهن البحث العلمي على أنها نقوش دخيلة من عصر الدولة الحديثة وما بعدها، وقد غالى بعض المؤرخين فقال: إن هذا التمثال قد نحت في عهد ما قبل الأسرات، وقد بقيت الآراء متشعبة في تاريخ نحته وفي كنهه وما يرمز إليه. ومما يؤسف له أننا إلى الآن لم نعثر على تاريخ أو نقش معاصر له يدلنا على زمن نحته بالضبط، ولذلك يعده الأثريون لغزًا من الألغاز في تاريخ مصر، ولكن إذا تأملنا فيما كان يحوطه به ملوك مصر من الاحترام والتقديس وخاصة من أوائل الأسرة الثامنة عشرة إلى آخر عهد الرومان، اتضح لنا أن هذا التمثال لا بد أن يكون معبودا من المعبودات المصرية القديمة، وإذا كانت الأشياء يُحكم عليها بأشباهها، فلدينا في التاريخ المصري ما يُثبت ذلك؛ إذ منذ الأسرة الخامسة نجد أن الملك كان يشبه بعد وفاته دائما بالإله «أتوم» الذي كان يعد أعظم الآلهة المصرية قوة وسلطانًا، ولذلك مثل هذا الإله برأس إنسان أي القوة المفكرة، وجسم أسد أي القوة الجسمانية، هذا إلى أن الملك نفسه كان يمثل نفسه بهذه الكيفية، وقد بقي هذا التمثيل إلى أواخر العهد الروماني، ومن هنا جاء الالتباس بأن «خفرع» هو الذي صنع تمثال أبي الهول ليمثله نفسه وبخاصة لأنه بجوار معبده، وقد أثبت الكشف الحديث أنه صنع في عهد الملك «خفرع» وعلى صورته، ولكنه يمثل إله الشمس عند الغروب، وقد كان يطلق عليه للمصريون اسم «أتوم». ولكن المصريين أنفسهم قد أخبرونا كتابة أن تمثال أبي الهول هو الإله «حور إم آخت» أي (حور في الأفق ) «الملك المتوفى»، وقد ذكره المؤرخون الإغريق باسم «حرماخيس»، وليس أدل على ذلك من اللوحة التي كتبها «تحتمس الرابع» تعبدا لهذا الإله وسرد ما فعله لربه من الخدمات إجابة لطلبه عندما أظهر «حور إم آخت» رغبته في إزالة الرمال التي كانت متراكمة حوله، ولا يزال أثر هذا العمل الجليل الذي قام به «تحتمس الرابع» باقيًا إلى الآن؛ إذ نجد أنه بعد أن أزال الرمال التي كانت متراكمة حوله، بنى من جهاته الأربع سورًا من اللبن لا يزال جزء منه باقيًا إلى الآن، وعلى مسافة نحو أربعين مترًا غرب السور أقام سورًا آخر لحماية السور الأول من إغارة الرمال، وقد جاء بعده ملوك من الأسرات الثامنة عشرة والتاسعة عشرة والعشرين بنوا مساكن للكهنة الذين كانوا يقومون بتأدية الفرائض الدينية لهذا الإله، وبخاصة عندما نعلم أن ملوك هذه الأسر كانوا قد اتخذوا البقعة التي حول أبي الهول مكانًا للصيد والقنص لشهرتها بحيوانات الصيد، ولذلك كانوا يطلقون على هذه الجهة اسم «وادي الغزلان»، وقد عثر أخيرًا على بيت وحمام لـ «توت عنخ آمون» في هذه الجهة، ربما كان لراحة الملك عند خروجه للصيد، ولما جاء رعمسيس الثاني» نقش اسمه على هذا البيت بعد أن طمس بطبقة من الجص نقوش «توت عنخ آمون»، ونجد كذلك أن جسم الحيوان قد رمم في أزمان مختلفة وبخاصة في عهد الأسرة الثامنة عشرة والأسرة العشرين، وفي عهد الإغريق والرومان، ومباني هذه العصور نراها واضحة في الترميمات التي أدخلت عليه وخاصة في جانبيه وذيله. ومع كل هذا بقي الاعتقاد عند علماء الآثار سائدًا بأن أبا الهول يمثل الملك «خـ «خفرع» إلى أن كشف حديثًا عن معبد منفصل تمام الانفصال عن المعبد المجاور له، أي معبد «خفرع»، وموقعه في الجهة الشرقية من وجه أبي الهول، وهذا المعبد قد أقيم لعبادة هذا الإله، وقد نصبت فيه تماثيل للملك الذي أقامه، غير أنه لم يبق منها إلا قواعدها تدل عليها. لكن الواقع أن هذا التمثال يمثل الشمس عند الغروب، وهي تعد أكبر المعبودات عند المصريين، وأن هذا المعبد الذي أنشئ أمامه أقيم خاصة لعبادته، ولا يمكن أن يكون قد أقيم لعبادة «خفرع»؛ إذ إنه قد أقام لنفسه أحدهما. معبدين جنوب هذا المعبد وهو معبد الوادي، والآخر هو المعبد الجنائزي الواقع شرق هرمه مباشرة، ولا غرابة في إقامة تمثال أبي الهول في هذه الجهة؛ إذ كان على مقربة منه بلدة عين شمس التي كانت تعد أكبر مركز لعبادة الإله «أتوم» إله هذه الجهة المحلي، وكان يمثل فيها بشكل أسد رأسه رأس إنسان، وكان أمام معبده طريق تحفه تماثيل أبي الهول الذي يمثل الإله المحلي لهذه الجهة. ومما يعزز إلاهية أبي الهول أن الأهلين في عصور مختلفة كانوا يصنعون تماثيل لهذا الإله ويعدونها تذكارًا في الحفلات الدينية التي كانت تقام له، وقد عثر منذ بضع سنوات على أكثر من عشرين تمثالاً له صغيرة الحجم في الرمال التي كانت تغطي معبده، وعلى تماثيل متوسطة الحجم أمام معبد «أمنحتب الثاني» الذي أقام فيه لوحته المشهورة. والحقيقة إذن أن تمثال أبي الهول ليس بلغز وما هو إلا الإله «أتوم»، وإنما أخذ العالم على عاتقه أن يجعله لغزًا إلى الأبد، وسيبقى كذلك ولو ظهرت كتابات تدل على أصله وكنهه. أما العهد الذي نحت فيه أبو الهول فقد عرف على وجه التقريب؛ إذ دلت الكشوف الأخيرة على أنه نحت بعد إقامة الطريق الموصل بين المعبد الجنائزي ومعبد الوادي للملك «خفرع»؛ أي إن أبا الهول لا بدَّ أن يكون قد نحت في عهد «خفرع» باني الهرم الثاني أو بعده، وهذا أول تاريخ ثابت في عمر أبي الهول. وفي عام 1937 قامت مصلحة الآثار بحفائر لتنظيف المنطقة التي تقع حول أبي الهول والحفرة التي هو فيها، وقد أدت هذه الحفائر إلى كشف النقاب عن نيف ومائة وخمسين لوحة تذكارية وآثار أخرى وبعض مقابر في الجهة البحرية يرجع عهدها إلى الدولة القديمة، وأهم هذه اللوحات لوحة الملك «أمنحتب الثاني»، وقد نصبها داخل معبد خاص له تذكارًا لزيارته لمنطقة الهرم وأبي الهول، وفيها ذكر أبا الهول بأنه هو الإله «حور أم أخت وأنه الإله «أتوم» وتكلم عن الأهرام بأنها أهرام أبي الهول؛ أي إنه نسبها إلى هذا التمثال العظيم بصفته إلها . أما اللوحات الكثيرة التي كشف عنها هذا العام فقد استخلصنا منها معلومات جديدة تلقي بعض الضوء على هذا التمثال فيما يلي: دلت البحوث التي حول هذا التمثال على أن ملوك الفراعنة منذ بداية الأسرة الثامنة عشرة حتى نهاية العهد الروماني كانوا يزورون هذا المكان المقدس، وكذلك كان يتقرب الأهلون إلى أبي الهول بتقديم القرابين، واللوحات التذكارية، كما كانوا يتقربون إلى الإله أوزير في «العرابة المدفونة، فكانت هذه المنطقة تعد في نظر القوم والملوك أنها بقعة مقدسة، وقد كانوا يطلقون على معبد أبي الهول اسم «المكان المختار». ولا شك في أن فراعنة مصر فضلا عن تقديسهم لأبي الهول، فإنهم كانوا يأتون إلى هذه المنطقة لصيد الغزلان والأسود، ولا غرابة في ذلك، فإن هذه المنطقة كان يطلق عليها اسم «وادي الغزلان، وتدل اللوحات التي كشفت في هذا المكان على ما يثبت ذلك، فنجد أن من زار هذه البقعة حسب ما وصلت إليه معلوماتنا هو ابن «تحتمس الأول» ثم «تحتمس الثالث»، «وأمنحتب الثاني» صاحب اللوحة المشهورة التي كشف عنها حديثًا، وهي التي يقول فيها إنه أتي بعربته من منف إلى مكان أبي الهول الذي بنيت من أجله الأهرام، ثم تحتمس الرابع الذي ذكر في لوحته أنه جاء في هذا المكان وهو أمير لم يتول الملك بعد، وأخذته سنة من النوم في ظل أبي الهول، وطلب إليه «حور إم آخت» (أبو الهول) أن يزيل عنه الرمال عندما يتولى عرش الملك، رغم أن تحتمس الرابع» لم يكن الوارث الحقيقي للعرش، وقد بر بوعده. ثم جاء بعده (أمنحتب الثالث)، وقد رسم في لوحة فتيا، للصيد والقنص، وكذلك حضر «توت عنخ آمون» إلى هذا المكان المقدس، وأقام في الجهة القبلية منه مكانًا للراحة باللبن، وشيد فيه حمامًا ليستحم فيه بعد الصيد والقنص. وقد كشف عن هذا المكان حديثا غير أن رعمسيس الثاني» كعادته وضع طبقة من الجص فوق النقوش التي نقشها «توت عنخ آمون على واجهة الاستراحة التي بناها في هذه الجهة، وكتب اسمه وألقابه، وقد وجدنا النقشين أحدهما فوق الآخر ورغم ذلك فإن رعمسيس الثاني أصلح ما أفسده الدهر من الأجزاء التي تآكلت من تمثال أبي الهول، وكذلك أتى إلى هذا المكان الملك «آي»، ثم الملك «حورن أم حب»، ثم «سيتي الأول»، وترك الأخير لنا لوحة عثر عليها في معبد أمنحتب الثاني» المقامة في الجهة البحرية من أبي الهول، وفيها يذكر صيده للغزال والأسود، ثم أتى الفرعون «منفتاح»، وترك لنا نقوشًا تدل على مقدار اهتمامه بأبي الهول، وهكذا تواترت زيارة الفراعنة والأباطرة لهذا المكان حتى عهد الإمبراطور «سبتميس سفرس» 193 ــ 211 بعد الميلاد.
وأدهش ما كشف في هذا المكان أن قومًا من الكنعانيين وفدوا على مصر، وسكنوا في منطقة أبي الهول في عهد الدولة الحديثة، ومن المحتمل جدًّا أن ذلك كان في أواخر الأسرة الثامنة عشرة كما تدل على ذلك لوحة الفرعون «آي» من أواخر فراعنة الأسرة الثامنة عشرة؛ إذ جاء فيها أنه اقتطع ضيعة للحيثيين في هذه الجهة، وقد دلت اللوحات المكشوفة على أن هؤلاء الكنعانيين أو السوريين كانوا يسكنون في هذه المنطقة في بلدة سميت باسم إلههم الذي كانوا يعبدونه في بلادهم، وأعني بذلك الإله «حورون»، وهذا الإله كان
يمثل عندهم بشكل صقر، ولما كان أبو الهول عند المصريين، وبخاصة في عهد الأسرة الثامنة عشرة يسمى «حور إم آخت» أي «حور الأفق»، وكان يمثل بصقر، فقد راعى فيه هؤلاء الآسيويون أنه يمثل إلههم الذي تركوه في بلادهم، ولذلك أطلقوا على أبي الهول اسم «حورنا» أو «حورون» أو «حول» هو «حور إم آخت»، ومن ذلك يتضح جليا أن الاسم الجديد الذي أصبح يطلق على هذا التمثال هو اسم سامي الأصل، ولا غرابة في أن المصريين عبدوا الإله «حورنا» أو «حورون» في مصر، ووحدوه مع أبي الهول، فإن ذلك له ما يمثله في هذا العصر؛ إذ عبد الإله «ستخ»، وهو آسيوي الأصل في مصر، وأصبح موحدًا مع الإله «ست» إله الحرب ، وكذلك الإلهة «عشترت » ، فهي إلهة سورية نقلت عبادتها إلى مصر، ووحدت مع الإلهة حتحور»، وهكذا كان بعض الملوك في فترة فتوحهم العظيمة يقربون بين البلاد السورية ومصر بكل الوسائل. ثم أطلق هؤلاء القوم على الحفرة التي فيها أبو الهول اسم «بر-حول» (بيت حول)، ومن ثم جاء اسم أبي الهول، ومن ذلك أنه ليس هناك أي علاقة بالمعنى الذي نعطيه لأبي الهول في عصرنا هذا بأنه صاحب الفزع والحقيقة - كما ذكرنا - أنه اسم مصري سامي يرجع عهده إلى أواخر الأسرة الثامنة عشرة عندما جاء هؤلاء القوم الآسيويون ووحدوه في إلهم «حورون» أو «حول»، ومن الطريف أننا وجدنا لوحة أقامها «تحتمس الرابع»، نجد فيها أنه حبس على هذا الإله بعض الضّياع في فينيقيا ليقدم منها قربانًا له يوميًّا؛ أي إن الملوك أنفسهم كانوا يعبدون هذا الإله، ويقال إن اسم الملك حورن أم حب» يحمل في تركيبه اسم هذا الإله. هذا وقد تعبد إليه «رعمسيس الثاني صراحة ، وكشفت لهذا الإله مجموعة تماثيل في جهة «تانيس» مثل فيها هذا الإله على شكل الإله حور» ومعه «رعمسيس الثاني»، ولكن اسم الإله لم يكتب «حور» بل كتب «حورنا»، ولا أدل على وجود مستعمرة من هؤلاء الكنعانيين في هذه الجهة من اسم القرية التي كانوا يقطنونها في ذلك الوقت، وقد بقي لنا محفوظا بنصه في اسم قرية صغيرة بالقرب من أبي الهول في جنوبه الشرقي وبينهما كيلومتران ونصف، وهي تسمى الآن «الحارونية» نسبة إلى الإله «حورنا»؛ أي أبو الهول كما ذكرنا وهي تنقسم قسمين؛ الحارونية القبلية والبحرية، وقد جاءت النقوش مؤكدة لذلك؛ إذ وجد على لوحة من اللوحات «حارونية» بالمخصص الذي يدل على لفظة بلد في اللغة المصرية القديمة، وهي نسبة إلى الإله «حورون»، وقد بقيت شخصية هذا الإله «حورنا» مجهولة عند علماء الآثار حتى جاء العالم «فيرولو» سنة 1837، ونشر قطعة من قصيدة شعر رأس شمر» وقد ظهر فيها اسم الإله حورون» بصفة قاطعة، وظهر أنه كان يعبد في «صيدا». ومن ذلك يتضح أن أبا الهول ذلك اللغز العظيم قد اشترك في عبادته، وتقديسه بصفته إله الموتى، وحارس الجبانة السوريون والمصريون على السواء. ولا نزاع في أن أبا الهول كان يمثل الإله «رع» عند الغروب أي «آتوم»، وأنه كان يعتبر في نظر القوم بأنه حارس الجبانة؛ إذ ورد على تمثال له ما يأتي، مخاطبا المتوفى: إني أحمي مقصورة مدفنك وإني أحرس حجرة دفنك، وإني أقصى كل أجنبي يريد اقتحامها، وإني أقضي على الأعداء بسلاحهم، وإني أقصي المؤذي عن قبرك، وإني أصرع أعداءك فلا يعودون إليه قط. وتدل كل الآثار التي كشفت في هذه المنطقة حتى الآن، على أن أبا الهول هو الإله الذي يحرس الموتى في الغرب، وأنه مظهر الشمس عند غيابها في الأفق، وسنكتفي هنا بهذا القدر عن أبي الهول.....
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|