أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-04
383
التاريخ: 25-7-2016
2020
التاريخ: 16-7-2018
2923
التاريخ: 8-2-2022
1694
|
جميع الكبائر التي يرتكبها الإنسان هي معاصي للمولى سبحانه وتمرد عليه فلا يمكن أن يقرب العبد من الله سبحانه قرباً معنوياً مع وجود هذه الحواجز التي هي كالجبال الرواسي التي تكون بين الإنسان وبين مقصده في السفر بل إن الصغائر تعرقل السالك فكيف بالكبائر؟
ولا يخفي أن الفحش وهو القبح البيّن: إنما يوجد بتمايل وعلاقة من القلب، فانّ العمل مظهر ما في الباطن، والإناء يترشح بما فيه. وهذا التمايل ينافي التوجه إلى الله تعالى والتعلق به ـ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه.
وعلى هذا قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]، فان الصلوة هي الثناء الجميل والتحية، في حالة الإقبال والمواجهة والخضوع وبصورة عبادة مخصوصة، وبلازم هذا المعنى ترك التمايل والتعلق بالمنكر والفحشاء: {وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: 21]، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} [النحل: 90]...... {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل: 90].
فظهر أن الفحشاء تمنع عن السلوك إلى الله (عز وجل) وعن تحصيل صفة الإخلاص في سبيله وعن الوصول إلى مقام العبودية: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24]. {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [الأحزاب: 30].
عبر بقوله تعالى - مبينة - أي ما جعل بيناً وواضحاً ما جانب الله بحيث لا يبقى عذر في العلم به، وتبينه، وهذا غير كونه بيناً في نفسه، فان الأمر البين قد يجهل به (1).
حكمه الشرعي
الفحشاء يعتبرها الشارع من الكبائر التي توعد الله قائلها بالنار وقد وردت الآيات والروايات في حرمة الفحش والنهي عنه، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، فقد حَرَّم الفواحش كما حرم الإثم والبغي والشرك بالله، والقول بغير علم وقد جعلها في عدد هذه الكبائر.
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].
وهنا النهي نهي تحريمي فلا يجوز المخالفة والإتيان به ومما يدل على خطر الفحشاء أن الشيطان قد أخذ الفحشاء منهجاً وسلوكاً في صد الإنسان عن الصراط المستقيم وعن الله سبحانه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 168، 169].
تشير الآية الأولى إلى جانب تربوي وهو أن الانحرافات الفردية والاجتماعية إنما تحصل بالتدرج بداية من الأضعف إلى الأقوى ومن الصغير إلى الكبير والقائد لذلك هو الشيطان فـ (منهج الشيطان يتلخص في ثلاثة أبعاد هي السوء، والفحشاء، والتقول على الله).
الفحشاء: من (الفحش)، وهو كل عمل خارج عن حد الاعتدال ويشمل كل المنكرات والقبائح المبطنة والعلنية. واستعمال هذه المفردة حالياً بمعنى الأعمال المنافية للعفة. هو من قبيل استعمال اللفظ الكلي في بعض مصاديقه......
الإسلام يحث دوماً على الانطلاق من العقل والمنطق في اتخاذ المواقف وفي إصدار الأحكام، ولو كان دأب أفراد المجتمع ذلك لزال من المجتمع الشقاء.
كل ما دخل في الأديان الإلهية من تحريف ومسخ إنما كان على يد أفراد بعيدين عن المنطق، والجانب الأكبر من الانحرافات العقائدية يعود إلى عدم رعاية هذا الأصل، لذلك كان محوراً من محاور النشاط الشيطاني بعنوان مستقل - في مقابل السوء والفحشاء - في الآية المذكورة (2).
وفي مورد آخر الشيطان يركز على الفحشاء ويصر عليه ويأمر به لأنه من أنجح الطرق عنده لإضلال بني الإنسان في مقابل نهي الله عنه قال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268] وغيرها من آيات.
أما الروايات التي نهت عن ارتكاب الفحشاء بمفهومه العام وبمختلف أقسامه ومصاديقه فهي كثيرة جداً ومن جميع المدارس الإسلامية فمن تلك الروايات ما جاء:
في الحديث الصحيح عَنْ زُرَارَةً:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) (3): إِنَّ الْفُحْشَ لَوْ كَانَ مِثَالًا (4) لَكَانَ مِثَالَ سَوْءٍ (5).
وعَنْ أَبِي جَمِيلَةَ يَرْفَعُهُ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفحش (6)، (7).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ، فَإِنَّ الله لا يُحِبُّ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحْشَ، وَإِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ الظُّلُمَاتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالشَّحَّ فَإِنَّهُ دَعا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ حَتَّى سَفَكُوا دمَاءَهُمْ، وَدَعَاهُمْ حَتَّى قَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ، وَدَعَاهُمْ حَتَّى انْتَهَكُوا وَاسْتَحَلُوا مَحَارِمَهُمْ (8).
وروى ابن أبي الدنيا بسنده عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: (إياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش (9).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج 9، ص 37.
2ـ الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 1، ص 476.
3ـ في الوافي والوسائل: + (لعائشة: يا عائشة).
4ـ في الكافي، ح 3658: (ممثلا).
5ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 4، ص 11، الحديث 2624 باب 131 - باب البذاء، وفي الطبع القديم ج 2، ص 324، وفي موضع آخر من الكافي، كتاب العشرة، باب التسليم على أهل الملل، ضمن ح 3658. وأورد المصنف هذا الخبر مرة أخرى في هذا الباب، ح 2630، بهذا الإسناد بعينه مع ذكر عائشة وأورده بعين السند، ح 1852 مع اختلاف يسير، الوافي، ج 5، ص 958، ذيل ح 3368 الوسائل، ج 16، ص 32، ح 20896.
6ـ (الفاحش): ذو الفحش في كلامه وفِعاله. والمتفحش: الذي يتكلف ذلك ويتعمده.
النهاية، ج 3، ص 415 (فحش).
7ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 1، ص 9، الحديث 2621 باب 131 - بابُ الْبَذاءِ وفي الطبع القديم ج 2، ص 324 الخصال، ص 176، باب الثلاثة، ضمن ح 235، بسند آخر عن النبي (صلى الله عليه وآله) مع اختلاف يسير. تحف العقول، ص 296 الوافي، ج 5، ص 954، ح 3353 الوسائل، ج 16، ص 32، ح 20893.
8ـ وسائل الشيعة ج 9، ص 42.
9ـ كتاب الصمت لابن أبي الدنيا باب ذم الفحش والبذاء ح 319. والحديث رواه مسلم في صحيحه کتاب السلام ح 2165، صحیح ابن حبان ج 7، ص 481، ح 5665 بتحقيق الحوت طبع دار الكتب العلمية بيروت، رواه بسنده عن عبيد الله بن عبد الله قال: رأيت أسامة بن زيد يصلي عند قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخرج مروان بن الحكم فقال: تصلي إلى قبره، فقال أني أحبه فقال له: قولاً قبيحاً، ثم أدبر فانصرف أسامة فقال: يا مروان إنك آذيتني وإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (إن الله يبغض الفاحش المتفحش وإنك فاحش متفحش)، ورواه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن الكبرى وغيرهما.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|