أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-11-2020
5796
التاريخ: 10-10-2014
2445
التاريخ: 10-10-2014
2157
التاريخ: 14-11-2014
2097
|
وأما ما في كتابه تعالى في معنى (التنزيل والتأويل) : فمنه ما تأويله في تنزيله ، (ومنه ما تأويله قبل تنزيله) ، ومنه ما تأويله مع تنزيله ، ومنه ما تأويله بعد تنزيله.
[ ما تأويله في تنزيله ]
فأما الذي تأويله في تنزيله، فهو كل آية محكمة نزلت في (تحريم أمر) مــن الأمــور المتعارفة التي كانت في أيام العرب تأويلها في تنزيلها ، فليس يحتاج فيها إلى تفسير أكثر من تأويلها ، وذلك مثل قوله تعالى في التحريم : ( {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ} [النساء: 23].. الآية ، وقوله تعالى : {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ } [البقرة: 173]... الآية ، وقوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [البقرة: 278] ، وقوله : {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] ، وقوله تعالى : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } ...إلى قوله : { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }[الأنعام: 151].
ومثل ذلك في القرآن كثير مما حرم الله ، (وقوله عزّ وجلّ في معنى التحليل): {حِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ } [المائدة: 96] ، وقوله سبحانه ) : { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] ، وقوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4]... الآية ، وقوله تعالى : {حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]. وقوله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ } [البقرة: 187] ، وقوله تبارك وتعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87] ، ومثل هذا كثير في (كتاب الله ) تعالى.
[ ما تأويله قبل تنزيله ]
وأما الذي تأويله قبل تنزيله، فمثل قوله تعالى في الأمور التي حدثت في عصر رسول الله له ما لم يكن الله أنزل فيها حكماً مشروحاً ، ولم يكن عند النبي له فيها شيء ، ولا عُرف ما وجب فيها ، مثل ذلك في اليهود من بني قريظة والنَّضير ؛ وذلك أن رسول الله الله لما هاجر إلى المدينة كان بها ثلاث بطون من اليهود من بني هارون ، منهم: بنو قريظة ، (وبنو النضير ) ، وبنو القينقاع ، فلما دخلت الأوس والخزرج في الإسلام جاءت اليهود إلى رسول الله الله فقالوا : يا محمد ، قد أحببنا أن نهادنك إلى أن نرى ما يصير إليه أمرك من فأجابهم رسول الله الله تكرّماً، وكتب لهم كتاباً أنّه قد هادنهم وأقرهم على دينهم لا يتعرّض لهم وأصحابه بأذية، وضمنوهم عن نفوسهم أنهم لا يكيدونه بوجه من الوجوه، ولا لأحد أصحابه وكانت الأوس حلفاء بني قريظة . .. والخزرج حلفاء بني النضير ، وبنو النضير أكثر عدداً من بني قريظة وأكثر أموالاً، وكانت عدتهم ألف مقاتل ، وكانت عدة بني قريظة مائة مقاتل ، وكان إذا وقع بينهم قتل لم يرضَ بنو النضير أن يكون قتيل بقتيل ، بل يقولون : نحن أشرف وأكثر وأقوى وأعز.
ثم اتفقوا بعد ذلك أن يكتبوا بينهم كتاباً يشرطون فيه : أيما رجل من بني النضير قـتـل رجلاً من بني قريظة دفع نصف الدّية ، وحُمِّم وجهه - ومعنى حمم وجهه : سـخـم وجـهه بالسواد ، ومعناه حُمِّم بالفحم - ويُقعد على حمار ويُحوَّل وجهه إلى ذنب الحمار ، ونــودي عليه في الحي ؛ وأيما رجل من بني قريظة قتل رجلاً من بني النضير كان عليه الدية كاملة ، وقتل القاتل مع دفع الدية .
فلما هاجر رسول الله (صل الله عليه واله وسلم ) إلى المدينة ودخل الأوس والخزرج في دين الإسلام وتب رجل من بني قريظة على رجل من بني النضير فقتله ، فبعث بنو النضير إلى بني قريظة : ابعثوا لنا بقاتل صاحبنا لنقتله ، وابعثوا إلينا بالدّية، فامتنعوا من ذلك وقالوا : ليس هذا حكم الله في التوراة ، وإنما هذا حكم ابتدعتموه ، وليس لكم علينا إلا الدية أو القتل فإن رضيتم بذلك وإلا فبيننا وبينكم محمد عله نتحاكم إليه جميعاً .
فبعث بنو النضير إلى عبد الله بن أبي بن سلول ـ وكان رأس المنافقين ـ فقالوا : قــد علمت ما بيننا من الحلف والموادعة ، وقد كنا لكم (يا معاشر الأنصار من الخزرج أنصاراً على من آذاكم) ، وقد امتنعت علينا بنو قريظة بما شرطناه عليهم ، ودعونا إلى حكم محمد ، وقد رضينا به ، فاسأله أن لا ينقض شرطنا.
فقال لهم عبد الله بن أبي بن سلول : ابعثوا إلي رجلاً منكم ليحضر كلامي وكلام محمّد ، فإن علمتم أنّه يحكم لكم ويقركم على ما كنتم عليه ، فارضوا به ، وإن لم يفعل فلا ترضوا بحكمه ، وجاء عبد الله بن أبي بن سلول إلى رسول الله له و معه رجل من اليهود ، فقال : يا رسول الله ، إن هؤلاء اليهود لهم العدد والعدّة والمَنَعَة ، وقد كانوا كتب بينهم كتاب شرط اتفقوا عليه فيما بينهم ورضوا جميعاً به، وهم صائرون إليك ، فلا تنقض عليهم شرطهم . فاغتم من كلامه ولم يجبه ودخل له منزله ، فأنزل الله عليه : { يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ } [المائدة: 41] ، يعني تعالى عبد الله بن أُبـي بـن سلول .
ثم قال سبحانه : {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَ} [المائدة: 41] ، يعني به الرجل اليهودي الذي وافى مع عبد الله بن أبي بن سلول ليسمع ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجواب لعبد الله .
وقال : { يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [المائدة: 41] إلى قوله تعالى : { فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} [المائدة: 42].
وجعل سبحانه الأمر إلى رسول الله الله إن شاء أن يحكم بينهم إن شاء أعرض عنهم . ثم قال تعالى {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ... وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ... إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ... وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ... وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [المائدة:42- 46] .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|