المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

الكيل والشمولية
2023-07-12
الكابح المساعد Corepressor
12-12-2017
​فيروس موزايك الخس
26-6-2018
العدد الاكثر احتمالا Most Probable Number
1-4-2019
انزيمات الطوي Foldases
8-5-2018
قاعدة : المنطوق والمفهوم‏
5-05-2015


التأويل في مصطلح الآخرين  
  
1966   04:22 مساءاً   التاريخ: 10-10-2014
المؤلف : محمد هادي معرفة
الكتاب أو المصدر : التأويل في مختلف المذاهب والآراء
الجزء والصفحة : ص79-85 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / التفسير والمفسرون / التأويل /

سبق أن نبّهنا أنّ لبعضهم في تبيين التأويل مصطلحاً قد يبدو غريباً عن المتفاهم العامّ لدى السلف والخلف.

جاء فيما ذكره ابن تيميّة : أنّ تأويل الشيء هو مصداقه العيني الخارجي ، إذ كان للشيء مفهوم كان موطنه الذهن ، ومصداق ينطبق عليه المفهوم خارجاً ، وهو تأويله ، أي ما يؤول إليه مفاد التعبير اللفظي والمتصوّر الذهني ، لأنّهما حكاية عنه.

قال فيما كتبه بهذا الشأن : «إنّ معرفة تفسير اللفظ ومعناه ، وتصوّر ذلك القلب ، غير معرفة الحقيقة الموجودة في الخارج ، المرادة بذلك الكلام.

فإنّ الشيء له وجود في الأعيان ووجود في الأذهان ، ووجود في اللسان ، ووجود في البيان ، فالكلام لفظ له معنىً في القلب ، ويكتب ذلك اللفظ بالخطّ ، فإذا عرف الكلام ، وتصوّر معناه في القلب ، وعبّر عنه باللسان ، فهذا غير الحقيقة الموجودة في الخارج ، وليس كلّ من عرف الأوّل عرف عين الثاني.

مثال ذلك : أنّ أهل الكتاب يعلمون ما في كتبهم من صفة محمد (صلى الله عليه وآله) وخبره ونعته ، وهذا معرفة الكلام ومعناه وتفسيره ، وتأويل ذلك هو نفس محمد (صلى الله عليه وآله) المبعوث! فالمعرفة بعينه معرفة تأويل ذلك الكلام!

وكذلك الإنسان قد يعرف الحجّ والمشاعر; كالبيت والمساجد ومنى وعرفات والمزدلفة ، ويفهم معنى ذلك ، ولايعرف الأمكنة حتّى يشاهدها ، فيعرف أنّ الكعبة المشاهدة هي المذكورة في قوله : {وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} ، وكذلك أرض عرفات هي المذكورة في قوله : {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَات فَاذْكُرُوا الله} ، وكذلك المشعر الحرام ـ المزدلفة ـ هي المذكورة في قوله : {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة : 198] (1).

قال : «فللتأويل معنيان : أحدهما : تفسير الكلام ، وبيان معناه كما تعارف عند السلف ، واعتاده محمد بن جرير الطبري ، فيعبّر بالتأويل يريد به التفسير. والمعنى الثاني للتأويل : هو نفس المراد بالكلام ، فإنّ الكلام إن كان طلباً كان تأويله نفس الفعل المطلوب ، وإن كان خبراً كان تأويل نفس الشيء المخبر به. وبين هذا المعنى والذي قبله بون ، فإنّ الذي قبله يكون التأويل فيه من باب العلم والكلام ، كالتفسير والشرح والإيضاح ، ويكون وجود التأويل في القلب واللسان ، له الوجود الذهني واللفظي والرسمي. وأمّا المعنى الثاني فالتأويل فيه نفس الأمور الموجودة في الخارج ، سواء كانت ماضية أو مستقبلة. فإذا قيل : طلعت الشمس ، فتأويل هذا نفس طلوعها» (2).

وخلاصة الكلام : أنّ العلم بمفاهيم الكلام الذهنيّة علم بتفسيرها; لتكون مشاهدة مصاديق تلك المفاهيم بأعيانها الخارجية علماً بتأويلها.

هذا ما فرضه أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيميّة الحرّاني (المتوفّى سنة 728هـ ) بشأن التأويل حسب مصطلحه الخاصّ.

ومن ثمّ فقد أغرب في مصطلحه ، حيث جعل المصداق تأويلاً للكلام ; إذ لم يعهد أن تكون الرمّانة على شجرتها أو في الأطباق تأويلاً لمن تلّفظ بالرمّانة أو كتبها على الأوراق ، وإنّما هي مصاديق لتلك المفاهيم. وكذلك النار والنور ، والظلّ والحرور ، لها مفاهيم ذهنيّة ، ولها مصاديق عينيّة. نعم كانت المفاهيم ذات مصاديق هي مردّها في عرصة الوجود ، أي تؤول إليها ، وهذا يعني : الإشارة إليها ، إذ كلّ اسم هو رمز عن المسمّى وإشارة إليه ، وهو معنىً لغويّ بحت للتأويل ، بمعنى إرجاع الشيء إلى أصله وذاته.

على أنّ التأويل ـ بهذا المعنى اللغوي أيضاً ـ عمليّة ذهنيّة ، وفعل للنفس ، وليس ذات العين الخارجيّة المحضة ، حسبما وهمه ابن تيميّة.

وهل كان قوله تعالى : {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران : 7] هل كان أهل الزيغ يتطلّبون أعيان المصاديق أم كانوا يحاولون التحريف في تفسير المتشابهات؟!

وهل كان الراسخون في العلم (3) يعرفون أشخاص أعيان المصاديق أم كانوا على استعداد تامّ لمعرفة الصحيح من تفسير الآيات؟!

فالمسألة مسألة تفسير وتبيين ، وتعميق نظر ، ومحاولة لدفع الشبهات العارضة لوجه الآيات. وأين ذا من التكلّف للعثور على ذوات الأعيان في عرصات الوجود؟!

وقد أشاد السيد محمد رشيد رضا (منشئ مجلّة المنار المصريّة) من هذه النظرة التيميّة بشأن التأويل ، وأعجبته غاية الإعجاب! إنّه ـ بعد أن نقل عن شيخه الأستاذ محمّد عبده أنّ التأويل هو بمعنى ما يؤول إليه الشيء وينطبق عليه ، لا بمعنى ما يفسّر به (4) ـ قال : «ليس في كتب التفسير المتداولة ما يُروي الغليل في هذه المسألة ، وكان كلام الأستاذ الإمام خير ما ذكروه ، ولكنّي راجعت كلاماً لابن تيميّة في المتشابه والتأويل ، فرأيته في منتهى التحقيق والعرفان والبيان الذي ليس وراءه بيان ، قال : وإنّنا نبيّن ذلك بالإطناب الذي يحتمله المقام ، مستمدّين من كلام هذا الحبر العظيم» (5).

ولعلّه إطراء مبالغ فيه ; نظراً لأنّ غاية ما جاء به شيخ حرّان أن خلط بين أمر التأويل الذي هو نوع تفسير ، وأمر المصداق الذي هو تبيين للمنطبق عليه الكلام ، أخذاً بمفهوم التأويل اللغوي (ما يؤول إليه الشيء وينطبق عليه) ، وهذا غير التأويل الذي يبتغيه أهل الزيغ للتحريف بالكلام ، أنّهم يتتبّعون المتشابه من الآيات بُغية تحريفها وتفسيرها حيث تسوق بهم الأهواء ، وليسوا وراء العثور على المصاديق التي هي أعيان الموجودات!!

وسوف نناقش مواضع هذا الخلط ، ونبيّن كيف حصل الاشتباه ، ومن أين أتتهم الغفوة عن صحوة نداء القرآن؟!

أمّا سيّدنا العلاّمة الطباطبائي فإنّ له كلاماً حول مسألة التأويل قد يقرب من اختيار ابن تيميّة من جهة ، لكنّه يفارقه من جهة أخرى.

إنّه (رحمه الله) تعرّض لكلامه ، فوافقه من جهة وخالفه من جهة أخرى ، وافقه من جهة قوله بشمول التأويل لجميع آي القرآن ، محكمه ومتشابهه ، وقوله بأنّه خارج إطار الأذهان والألفاظ ، لكن خالفه في حصره للتأويل في الأعيان ذوات التشخّص الخارجي ، حيث إنّها مصاديق وليست تأويل .

إنّما التأويل حقائق راهنة هي مصالح وأهداف وغايات مقصودة من وراء التكاليف والأحكام ، وهكذا الحِكَم والمواعظ والآداب ، وكذا القصص والأخبار والآثار التي جاء ذكرها في القرآن ، فإنّ وراءها غايات وأهدافاً هي تأويلاتها بالذات ، حيث الأوامر والزواجر ، إنّما تستهدف الاتّزان في الحياة وسعادة البقاء ، وإلى ذلك يؤول أمرها في نهاية المطاف.

قال مناقشاً لرأي ابن تيميّة : «إنّه وإن أصاب في بعض كلامه ، لكنّه أخطأ في بعضه الآخر. إنّه أصاب في القول بأنّ التأويل لا يختصّ بالمتشابه بل يعمّ جميع آي القرآن ، وكذا القول بأنّ التأويل ليس من سنخ المدلول اللفظي ، بل هو أمر خارجي يبتني عليه الكلام ، لكنّه أخطأ في عدّ كلّ أمر خارجي مرتبط بمضمون الكلام ـ حتّى مصاديق الأخبار الحاكية عن حوادث ماضية ومستقبلة ـ تأويلاً للكلام» (6).

ثم قال : «الحقّ في تفسير التأويل أنّه الحقيقة الواقعيّة التي تستند إليها البيانات القرآنيّة من حُكم أو موعظة أو حِكمة ، وأنّه موجود لجميع الآيات القرآنية ، محكمها ومتشابهها ، وأنّه ليس من قبيل المفاهيم المدلول عليها بالألفاظ ، بل هي من الأمور العينيّة المتعالية عن أن يحيط بها شبكات الألفاظ ، وإنّما قيّدها الله سبحانه بقيد الألفاظ للتقريب إلى الأذهان ، فهي كالأمثال تُضرب ليقرّب بها المقاصد ، وتوضّح بحسب ما يناسب فهم السامع ، كما قال تعالى : {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(7).

قال : «فالحقيقة الخارجيّة التي توجب تشريع حكم من الأحكام ، أو بيان معرفة من المعارف الإلهية أو وقوع حادثة هي مضمون قصّة من القصص القرآنيّة وإن لم تكن أمراً يدلّ عليه اللفظ بالمطابقة ، من أمر أو نهي ، أو بيان أو نبأ ، إلاّ أنّ الحكم أو البيان أو النبأ ، لمّا كان كلٌّ منها ينشأ منها ويبدو منها ، فهو أثرها الحاكي لها بنحو من الحكاية والإشارة...»(8).

وأخيراً لخّص كلامه في بيان التأويل بما يلي : «فالتأويل في عرف القرآن هو الحقيقة التي يتضمّنها الشيء ، ويؤول إليها ، ويبتني عليها ، كتأويل الرؤيا وهو تعبيرها ، وتأويل الحكم وهو ملاكُه ، وتأويل الفعل وهو مصلحته وغايته ، وتأويل الواقعة وهو علّتها الموجبة لها ، وهكذا...» (9).

والذي نناقش عليه سيّدنا الطباطبائي هو تفسيره للتأويل ـ سواء في المتشابه والمحكم ـ بالحقيقة الباعثة على إنشاء ما تضمّنه القرآن من تكليف وعظة وتذكار ، والتي عبارة أخرى عن مصالح الأحكام ، فكلّ أمر أو زجر ، أو منع أو إرشاد ، فمآله إلى تحقيق ذلك الهدف الذي تبتغيه بيانات القرآن الحكيمة ، ألا وهو هداية الناس إلى سعادة الحياة إن دنيا أو آخرة {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتّقين}.

هذا صحيح لا مراء فيه ، غير أنّ تسمية ذلك تأويلا ، إنّما هو أخذ بمفهوم التأويل اللغوي البحت ، وقد تكرّر في القرآن خمس مرّات بمعنى : ما يؤول إليه أمر الشيء (10).

وهذا غير التأويل بمعنى التفسير والشرح والتبيين الوجيه ، حيث أُريد به ذلك في آية سورة آل عمران {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } [آل عمران : 7].

فالمحكم من البيان ما لا غبار عليه ، أمّا المتشابه فقد علاه غبار من الإبهام ، وربّما أثار ريباً في الأوهام ، الأمر الذي يبتغيه أهل الزيغ والآثام ، ليثيروا غوغاء الفتنة ، وليضلّوا العباد ، وذلك بتأويلها أي تحريفها ـ تحريف تفسير ـ إلى حيث تسوق بهم الأهواء.

غير أنّ النابهين من العلماء ، يعرفون وجه تفسيرها الصحيح ، وإرجاع ظاهرها المريب ـ أحياناً ـ إلى واقعها الحقّ المبين.

فالتأويل في هذه الآية يراد به التفسير ، إمّا إلى الوجه السقيم أو إلى الوجه السليم ، وهكذا التأويل بمعنى تعبير الرؤيا هو تفسيرها ، وقد تكرّر في سورة يوسف ثماني مرّات (11) ، وجاء التأويل بمعنى توجيه المتشابه وتفسيره تفسيراً صحيحاً مرّتين في سورة الكهف (12) ، وكما في سورة آل عمران ، ذكرناه آنفاً.

والتأويل في كلّ هذه المواضع ، ملحوظ فيه المعنى اللغوي نوعاً مّا ، حيث كان فيه نوع تأويل وتحوير بالمفهوم الظاهري لإرجاعه إلى حقيقة المراد ، غير أنّ هذا التأويل والتحوير عملية ذهنية ، وكذا المقصد أمر ذهنيّ في نهاية المطاف ، كما هو مقتضى مفهوم التأويل. وهو مصدر يحمل معنىً حَدَثيّاً ، وتفسيره باسم عين ، تأويل من غير دليل.

على أنّ مسألة الظهر والبطن للآيات ، المفسَّرين بالتنزيل والتأويل ـ حسبما مرّ في كلام الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) إنّما تعني مفهومين : أحدهما ظاهر بيّن حسب التنزيل ، والآخر باطنيّ خفيّ هو بحاجة إلى تدبّر وتعميق نظر. فكلاهما مفهوم ذهنيّ ، أحدهما لائح والآخر عميق.

وأين هذا من مسألة المصاديق العينيّة كما حسبه ابن تيميّة ، أو مسألة المصالح المقتضية للأحكام والتكاليف كما فرضه سيّدنا الطباطبائي ، إن هذا إلاّ فرض بعيد ، وحسبان غريب.

وأمّا ما استدلّ به ابن تيميّة ، وأشاد به صاحب المنار من شواهد آيات ، فأبعد وأغرب! مثلا تمسّكه بآية حجّ البيت ، وكذا عرفات والمشعر الحرام ، لتكون الكعبة ، وكذا أرض عرفات والمزدلفة تأويلا لهذه الآيات عجيب للغاية ، إذ الكلام في تأويل المتشابه ، ولا تشابه في هذه الآيات ، وكذا الكلام في تبيين الظهر والبطن ، ولا تصلح هذه المواضع بطوناً خفيّة ، وبحاجة إلى كشف وتعميق.

وعلى أيّة حال ، فالأمر بيّن ، ولا حاجة إلى تعقيب.

وهكذا نتساءل الأستاذ عبده : كيف حسب الإنذار بالساعة وأهوال القيامة من المتشابه الذي يحاول أهل الزيغ استغلاله لغرض الإفساد ، فلا يعلم تأويله الصحيح سوى الراسخين في العلم ، ولكن علماً في حياة أخرى بعد الممات؟!

أفهل كان الإنذار بالساعة مثاراً للفتنة؟!

وهل تختصّ معرفة أحوال الآخرة في وقتها بذوي العلم الاختصاصيّين؟!

إن هذا إلاّ خروج عن موضوع البحث ، ونتحاشاه لمثل هذا الأستاذ الكبير!
 ___________________

1 . تفسير سورة الاخلاص : 103.

2 . رسالة الإكليل : 18 المطبوعة ضمن المجموعة الثانية من رسائله.

3 . كان من مذهب ابن تيمية ـ كالمجاهد ـ : أنّ الوقف على «الراسخين في العلم» لأنّهم يعلمون التأويل. الإكليل : 15. وراجع : رسالته في تفسير سورة الإخلاص : 93 ، و تفسير المنار 3 : 172.

4 . بناءً على فرض المتشابه في القرآن ما استأثر الله بعلمه من أحوال الآخرة ، فكان ورود مثل هذا المتشابه في القرآن ضرورياً ، لأنّ من أركان الدين ومقاصد الوحي الإخبار بأحوال الآخرة ، فيجب الإيمان بما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله) من ذلك على أنّه من الغيب ، كما نؤمن بالملائكة والجنّ ، ونقول : إنّه لا يعلم من تأويل ذلك ، أي حقيقة ما تؤول إليه هذه الألفاظ ، إلاّ الله. والراسخون في العلم وغيرهم في هذا سواء ، وإنّما يعرف الراسخون ما يقع تحت حكم الحسّ والعقل ، فيقفون عند حدّهم ، ولا يتطاولون إلى معرفة حقيقة ما يخبر به الرسل عن عالم الغيب ، لأنّهم يعلمون أنّه لا مجال لحسّهم ولا لعقلهم فيه ، وإنّما سبيله التسليم ، فيقولون : {آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا}. ومن الشواهد على أنّ التأويل هنا بمعنى ما يؤول إليه الشيء وينطبق عليه ، لا بمعنى ما يفسّر به ، قوله تعالى : {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} الأعراف 7 : 52 راجع : تفسير المنار 3 : 167.

5 . تفسير المنار 3 : 172 ـ 196.

5 . تفسير الميزان 3 : 48.

6 . تفسير الميزان 3 : 49 ، والآية من سورة الزخرف ( 43 ) : 4.

8 . تفسير الميزان 3 : 53.

9 . المصدر السابق 13 : 376.

10 . أحدها قوله تعالى :  {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [الإسراء : 35] أي : أحسن عاقبة. الثاني والثالث في قوله تعالى : {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [الأعراف : 53] . أي : ينتظرون عاقبة أمر الدين والشريعة ، فقد حسبوها موجة تفور ثمّ تغور ، ولكن هيهات {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد : 17] . وسيظهر الإسلام على الدين كلّه ولو كره الكافرون المتشاكسون . فلينتظروا اليوم الذي يرون فيه عاقبة أمرهم في منابذة الدين الحنيف ، ولات ساعة مندم . الرابع قوله تعالى : {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [يونس : 39] ، إنّهم كذّبوا بأمر جهلوا حقيقته ، والناس أعداء ما جهلوا ، وسوف يتجلّى لهم واقع الأمر الشديد عليهم بالذات ، من لم يؤدّبه الأبوان يؤدّبه الزمان. الخامس قوله تعالى : {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء : 59] أي مآلا وعاقبة.

11 . الآيات : 6 ، 21 ، 36 ، 37 ، 44 ، 45 ، 100 ، 101.

12 . الآيتان : 78 و82.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .