شهد العراق في العهد العثماني صلات كبيرة ربطت ما بينه وبين اقطار الخليج العربي الأخرى، وكانت هذه الصلات تتفاوت مدا وجزرا وتختلف من وقت الآخر. وكان لظهور الخطر البرتغالي إثر كبير في توجه العثمانيون نحو البصرة ثم الخليج العربي. بدأ الاهتمام البرتغالي بالبصرة منذ نهاية العقد الثاني من القرن السادس عشر، وقد جاءت اول حملة برتغالية في عام 1529 عندما استعان راشد بن مغامس امير البصرة بالبرتغاليين ضد خصمه امير الحويزة فبعث نائب الملك البرتغالي في الهند حملة بقيادة تا فرز دي سوزا، غير ان خلافا دب بين القائد البرتغالي وامير البصرة فقام بتدمير بعض القرى التابعة للبصرة ثم عاد ادراجه الى هرمز. وقد كان سبب الخلاف هو رفض راشد بن مغامس مساومة البرتغاليين له حول بعض شروط التجارة. لقد اتخذ العثمانيون من البصرة نقطة انطلاق لهم نحو التقدم في مياه الخليج العربي لضم اقطاره الواحدة تلو الاخرى الى إمبراطورتيهم الشاسعة، وكانوا بهذا يصارعون الزحف الأوروبي من جهة والامبراطورية الفارسية من جهة اخرى. لقد كانت تلك المحاولات في البداية بطيئة وضعيفة ذلك لان العثمانيين عجزوا عن تثبيت نفوذهم في البصرة نفسها وما حولها، فبقي ال عليان حكام المدينة في حالة تمرد مستمر وقد فشل الاسطول العثماني عام 1553 من احتلال حصونهم، ولاقى العثمانيون فشلا مماثلا في الحويزة، وبقيت عشائر المنتفك مصدر ازعاج مستمر للولاة. اما الحالة في البصرة نفسها فهي لا تختلف عما كان يجري من حولها، فمرة كانت تتعرض لغزو ايراني، ومرة تنفصل عن بغداد وهكذا. وكان من العسير على ولاة بغداد ان ينقذوها من متاعبها، وان الاسطول الذي انشاءه العثمانيون فيها كان ضعيفا مهلهلا ومفككا، لذا فانه لم يوفق في احراز أي نصر يذكر. وفشلت جميع المحاولات التي بذلت للسيطرة على بعض اجزاء الخليج العربي، ذلك انها جوبهت بمقاومة اوربية شديدة: برتغالية - هولندية - انكليزية من جهة، ومقاومة فارسية على ضفة شط العرب اليسرى من جهة ثانية، وبمجابهة العصبيات المحلية من جهة ثالثة وكانت القوات البحرية العثمانية في كل هذا بعيدة عن مراكز تموينها في البحر المتوسط، قبل فتح قناة السويس. ومع هذا فأن العثمانيين بذلوا مساعي كبيرة من اجل جعل البصرة قاعدة لعملياتهم البحرية في الخليج العربي ضد البرتغاليين. واولى تلك المحاولات كانت عام 1552 اذ جعلها بيري نقطة بك ريس تجمع لأسطوله، بعد فشله في الاستيلاء على هرمز. وقد بقي قسما من اسطوله في البصرة وعاد الى السويس بالقسم الباقي. وتكررت المحاولة عام 1554 اذ قاد حاكم القطيف وهو مراد بك ريس اسطول البصرة متوغلا في الخليج العربي، ولكنه عاد من حيث انطلق بعد فترة قصيرة على ان ما اصاب الاسطول العثماني بعدئذ على يد سيدي علي ريس عام 1554 كان ضربة قوية وجهت الى الاسطول العثماني في البصرة جعلته لا يستطيع ان يفيق منها فترة طويلة. فقد بدأ قائد الاسطول مغامرته قاصدا القطيف، وليتتبع خطوات الاسطول البرتغالي الذي فاجأه عندما اتجه جنوبا مجتازا، هرمز، وكانت خسارة كبيرة لا تعوض للعثمانيين عندما اضطر سيدي علي الى بيع قطعات اسطوله التي نجا بها بعد ان قذفته الامواج الى الساحل الهندي. وقد فشل العثمانيون في اخراج البرتغاليين من الخليج العربي، وحتى عندما ضعف الاخيريين عند انضمام بلادهم عام 1580 الى اسبانيا، كان العثمانيون بدورهم قد وهنوا وبرزت قوتان جديدتان هما هولندا وبريطانيا. ولم يلاحظ على العثمانيين انهم قاموا بأي نشاط يذكر في الخليج العربي باستثناء محاولتهم في احتلال البحرين عام 1559. وكانت حصيلة العثمانيين هو احتلالهم بمساعدة قبائل المنتفك مقاطعة الاحساء، الا ان هذا الاحتلال لم يتم عن طريق البحر، وانما حققه جيش من المشاة طريق البر عام 1592 بقيادة فتحي باشا.