أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-12-2015
4694
التاريخ: 3-12-2015
5395
التاريخ: 26-09-2014
4825
التاريخ: 2023-08-01
1057
|
براهين حصر العبادة والاستعانة
إن الآية الكريمة {إياك نعبد وإياك نستعين}تدل بوضوح على حصر العبادة والاستعانة بالله سبحانه، والأسماء الحسني: الله ورب العالمين والرحمن والرحيم ومالك يوم الدين التي ذكرت في الآيات السابقة إضافة إلى أن كلا منها حد وسط في البرهان على إثبات الحمد وحصره بالله سبحانه، فهي أيضا حد وسط في البرهان على (حصر العبادة) و(حصر الاستعانة به تعالي. مثلا بالاستفادة من اسم (الله) يقرر البرهان على النحو الآتي: (إن الذات المقدسة لله جامعة و متضمنة لجميع أنواع الكمال الوجودي"(1) ومثل هذا الموجود الكامل هو المعبود الوحيد والمستعان و الوحيد لجميع عوالم الوجود، وعليه فإن العبادة والاستعانة مختصة به).
والاختلاف الموجود بين البراهين المذكورة هو أن بعضها كالبراهين التي حدها الوسط هو (الجامع للكمال) و(الربوبية المطلقة) و(الرحمة و الواسعة) و(الرحمة الخاصة) ناظرة إلى النظام الفاعلي لعالم الخلق وصدور الموجودات من مبدأ الوجود، والبعض الآخر كالبرهان الذي حده الوسط هو (ملكية يوم الدين) ناظرة إلى النظام الغائي ورجوع الموجودات إلى الله سبحانه، ومن الواضح أن للرجوع مراتب ومراحل، والمرحلة النهائية فيه هي القيامة الكبرى، وبعض مراحل النظام الغائي تقع أيضا قبل القيامة الكبرى.
ويستفاد من بعض آيات القرآن الكريم أيضأ برهان ناظر إلى كلا النظامين الفاعلية والغائي، مثل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [هود: 123] أي ليس ظاهر السموات والأرض وحده لله، بل أن غيبها وباطنها أيضا لله، وإليه يرجع الأمر كله. إذن فكل شيء جاء منه وإليه يعود، وعليه يجب لا على الإنسان وحده بل على كل موجود أن يقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156]. ويحتمل أن يكون معني رجوع الأمر إلى الله هو عودة تدبير وإدارة أفعال النظام الكوني. وعلى كل حال فإن الله الذي هو مالك لظاهر و باطن السماوات والأرض في قوس النزول، وفي قوس الصعود أيضا ترجع إليه جميع الأمور هو وحده المستحق للعبادة. ولهذا ترى في هذه الآية التي بين في قسمها الأول النظام و الفاعلي وفي قسمها الأخير النظام الغائي انه جاء ب (فاء التفريع) وقال: {فاعبده وتوكل عليه}.
فالإنسان، موحدا كان أم ملحدا، فإنه ضعيف ومحتاج: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28] ، لكن الموحد يرى أن الله يقوي ضعفه ويقضي حوائجه، بينما الملحد يرى أن الطبيعة تدبر أمره. ومفاد هذه الآية الكريمة هو حيث أن زمام الأمور في الصعود والنزول هو بيد الله سبحانه لذلك وجب أن يكون هو الملجأ الوحيد في العبادة والتوكل.
وفي نظام الوجود ليس هناك شيء يمكنه أن يبقى في محله راكدا واقفا لا يتحرك نحو الله، ولا يمكنه أن يختار له في سيره الوجودي سبيلا آخر لا ينتهي به إلى الرحمة أو الغضب الإلهي، فإذا كان الموجود متحركا، شاء أم أبى، فالجدير به أن يعود إلى موطنه الأصلي، ويرتمي به في أحضان الرحمة الإلهية.
وجملة: {وما ربك بغافل عما تعملون} في ذيل الآية المذكورة برهان أيضا على ان عبادة العابدين وتوكل المتوكلين، جميعها محفوظ و مثبت عند الله. وعدم غفلة الله سبحانه عن عبادة وتوكل العباد ترغيب وتشجيع لهم على العبادة والتوكل، ودليل أيضا على حفظ عبادتهم وتوكلهم.
وفي بعض آيات القرآن الكريم مضافة إلى ذكر (الاسم الجامع ا للكمال) و(الربوبية)، فقد ذكرت صفة (الخالق) كحد وسط في البرهان على ضرورة العبادة والتوكل وحصرهما في الله سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الأنعام: 102].
فالإنسان يجب أن يعبد ربه وخالقه ويتوكل عليه، والله وحده رب وخالق الإنسان، إذن فهو وحده المعبود وهو وحده الملجأ للإنسان.
تنويه: في الآية الكريمة: {إياك نعبد وإياك نستعين} ملاحظات ولطائف أدبية وعلمية كثيرة؛ مثل: "الالتفات من الغيبة إلى الخطاب"، و"إفراد الضمير في إياك"، و"إفادة الحصر بتقديم المفعول" و"الإتيان بصيغة الجمع في نعبد ونستعين"، و"تكرار إياك" و"بيان حصر الاستعانة بعد حصر العبادة" و... بعض هذه الملاحظات ذكرت في البحث التفسيري وبعضها سيبحث في قسم لطائف وإشارات من هذه الآية ونشير هنا على نحو الإجمال إلى جزء منها:
1. السر في إفراد الضمير في "إياك" هو أن الله سبحانه لا شريك له، وعلى أساس الأدب التوحيدي وخلافا للآداب والرسوم العرفية فقد جاء بضمير المفرد "إياك" ولم يأت بضمير الجمع "إياكم" كي لا يكون : موهما الشرك.
2. لأجل إثبات حصر العبادة وحصر الاستعانة بالله، يجب أن تكرر كلمة (إياك)، والحصران لا يثبتان بذكر (إياك) مرة واحدة، لأنه لو قال إياك نعبد ونستعين لكان معناها أن مجموع العبادة والاستعانة بصفة المجموع منحصرة بالله، في حين أننا بصدد إثبات حصر (الجميع) لا ي (المجموع) وحده.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. مضى في البحث التفسيري لآية: والحمد لله رب العالمين ان الله ليس اسما للهوية الغيبية المحضة لان تلك الهوية المطلقة لا إسم لها أصلا. (الله) اسم للذات المقدسة الجامعة والمستجمعة لجميع الصفات الكمالية، (ص365 تحت عنوان اختصاص الحمد بالله سبحانه من هذا الكتاب).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|