أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-7-2017
4520
التاريخ: 2023-08-10
1104
التاريخ: 30-1-2017
2321
التاريخ: 28-4-2017
3480
|
من الميول والرغبات الاخرى التي يحملها الشاب في نفسه ، ميله نحو السجايا والصفات الإنسانية والأخلاقية. فالشاب يميل بفطرته لأن يكون انساناً بكل معنى الكلمة، ويرغب في أن يعيش على الطهر والنزاهة والشرف، وأن ينال سعادة حقيقية في حياته. ومما لا شك فيه أن هذه الرغبة الإنسانية السامية لن تتحقق ما لم يجتنب الإنسان ارتكاب الآثام والرذائل ويمسخ في نفسه كل الرغبات الاإنسانية.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : من احب المكارم اجتنب المحارم(1) .
لقد جاء الدين الإسلامي الحنيف ليهدي المجتمعات البشرية إلى طريق الفلاح والسعادة ، ويصنع من الإنسان إنساناً حقيقياً . كما أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد عمل في ظل التعاليم الإلهية وما زالت أحاديثه الشريفة تعمل على تعديل الميول النفسية والرغبات الباطنية للإنسان، وجعل الإنسان يرضي كل رغباته بالمقدار السليم وفي حدود المصلحة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا عباد الله أنتم كالمرضى ورب العالمين كالطبيب، فصلاح المرضى فيما يعلم الطبيب وتذبيره به لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه ، الا فسلموا لله امره تكونوا من الفائزين(2) .
كما هو الحال بالنسبة للمريض الذي يطيع أوامر الطبيب ويلتزم بوصفته الغذائية ابتغاء الشفاء والسلامة ، والمواطن الذي يطيع القانون ويحد من حريته ابتغاء الأمن والاستقرار ، والإنسان الذي يحكم عقله ويجتنب الملذات الضارة والهدامة، كذلك ينبغي على كافة أبناء البشر الاقتداء بالتعاليم الإلهية، وتخليص نفوسهم من شرك الرغبات التي هي أساس كل الآثام والرذائل، وذلك من أجل تحقيق الكمال المعنوي واكتساب أسمى الصفات الإنسانية ولا بد للإنسان أن يسعى إلى تعديل كل الميول والرغبات والغرائز التي يحملها في نفسه ، كغريزة حب الذات والغريزة الجنسية والرغبة في الانتقام والرغبة في اكتناز المال والميل لبلوغ منصب أو مقام والرغبة في الحرية والتحرر والرغبة في إبراز الشخصية والاستقلال ، وغيرها من الميول والرغبات ، وعليه أيضاً أن يسعى إلى إرضاء كل منها وفق مقاييس دقيقة دون تفريط أو تقصير ، وأن يتجنب الإفراط في إرضاء إحداها على حساب الاخريات ، لأن ذلك يتنافى وسعادة المرء وصلاحه .
اشباع كل الرغبات:
ولكي يطّلع الشاب على طبيعة نفسيته والتضاد القائم بين ميوله ورغباته النفسية ، ويقتنع بضرورة تعديلها ، لا بد لنا هنا من أن نتطرق في بحثنا ولو بشكل مختصر إلى الغريزة الجنسية ، ونلفت انتباه الشباب إلى بعض الأخطار التي قد تسببها لهم هذه الغريزة في حياتهم ، وفي ضوء هذا البحث سيتحدد وضع سائر الغرائز الاخرى .
اشباع الغريزة ضمن حدود المصلحة :
إن غريزة الشهوة الجنسية هي من أقوى الغرائز والميول التي منحت للإنسان بحكمة إلهية، فإذا ما تم تعديل هذه الغريزة الجامحة بشكل صحيح ، وتم إشباعها في مكانها المناسب ، فإنها توفر للإنسان لذة ما بعدها لذة، وتساهم في الحفاظ على نسل البشر. أما إذ أفلت لجامها وسمح لها بالتمرد والطغيان متجاوزة حدود المصلحة ، فإنها ستتسبب في مفاسد عظيمة لا يمكن تحاشيها تؤدي بالإنسان إلى الشقاء والسقوط .
وإذا ما حجم الانسان غريزته الجنسية ، واستعملها في مكانها وضمن إطارها ، فلن يكون ثمة تضاد بينها وبين بقية غرائز الإنسان ورغباته، ويصبح بمقدور الشاب استعمال غريزته الجنسية وإشباع سائر ميوله الفطرية.
ولكن إذا لم يعمل الإنسان على تعديل غريزته الجنسية وأراد أن يستعملها بحرية وبالطريقة التي تحلو له، عندها سيبدأ صراع الرغبات والغرائز، وبما أن الغريزة الجنسية هي أقوى الغرائز لدى الإنسان ، فلا شك أن هذا الصراع سينتهي لصالح هذه الغريزة وضد غيرها من الغرائز الفطرية للإنسان .
رغبة مكارم الأخلاق :
إن الشاب يميل بفطرته الإنسانية إلى الصدق والحقيقة والاستقامة والعدل والإنصاف وأداء الأمانة والوفاء بالعهد وغير ذلك من مكارم الأخلاق. وتنشأ هذه الرغبات الإنسانية الفاضلة من الضمير الأخلاقي والإلهام الإلهي. وقد خلق الله سبحانه وتعالى هذه الرغبات النبيلة في ذات الإنسان ليعمل بها ويبني حياته على أساس متين من الصفات الحميدة ، ليكون إنساناً حقيقياً يسير نحو الكمال والسعادة.
ولكن هذه الشهوة أو الغريزة إذا لم يتم تعديلها ، وأخذت تعصف متمردة في ذات الشاب ، وبدأت الدوافع الجنسية تدفعه للعمل على إشباعها، فإن ذلك سيساهم في كبت سائر الرغبات والميول الإنسانية والأخلاقية في ضميره، مما قد يدفعه إلى الكذب والافتراء وخيانة الأمانة والنكث بالعهد والجريمة وغير ذلك من الرذائل والآثام ، إرضاء لنزواته وغرائزه العابرة ، محطماً ركنين مهمين في الحياة ، الفضيلة والسعادة .
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): كم من لذة دنية منعت سَنِيّ دَرّجاتٍ(3).
إن الشاب يميل بطبيعته إلى عزة النفس والنبل، ولا يرضى بأدنى إهانة أو تحقير. وهذا الدافع الطبيعي هو الذي يدفع به للعمل من أجل إحراز شخصيته وعزة نفسه في المجتمع، وهو الذي يحول دون خضوع الشاب للذل والهوان.
ومن هنا ، فإن الشاب الذي يعجز عن تعديل غريزته الجنسية والسيطرة على شهواته ، يبدو من المستبعد أنه يقدر على إرضاء رغبة عزة النفس والنبل لديه ، لأن الشهوة العاصفة والمتمردة والمتحررة من كل قيد ، لن تأتي إلا بالفضيحة وهدر الكرامة ، وهذا ما لا يتفق مع العزة والشرف والكرامة .
ما أكثر الفتيان والفتيات الذين هم أسرى شهواتهم وأهوائهم ، يفعلون كل شيء إرضاء لها، حتى وإن عاد عليهم هذا الشيء بالذل والعار، وتراهم يغرقون في النهاية في مستنقع من الفسق والفجور والعهر، مضحين بشرفهم وكرامتهم وصفاتهم الإنسانية والاخلاقية وسمعة أسرهم .
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : من غلب شهوته صان قدره(4).
أذل من عبيد الرق :
وقال (عليه السلام) أيضاً : عبد الشهوة أذل من عبي الرق(5).
وعنه (عليه السلام) أنه قال : من ملك نفسه علا أمره ، ومن ملكته نفسه ذل قدره(6).
إن العقل هو أغلى هبة مَنّ بها الله تبارك وتعالى على الإنسان. فالعقل هو السراج الذي يستنير به الإنسان طريقه في الحياة ، وهو دليل الإنسان نحو السعادة والهناء. والإنسان العاقل المتدبر هو الذي يحكم عقله في كل صغيرة أو كبيرة يود القيام بها ، ويعمل دائماً حسبما يمليه عليه عقله من توجيهات.
طغيان الشهوة وكدورة العقل:
من المؤسف أن الغريزة الجنسية من القوة بمكان بحيث انها إن لم يجر تعديلها ، وبدأت بطغيانها وتمردها ، فإنها ستؤدي إلى كدورة العقل وتدفع بالشباب إلى القيام بأعمال جنونية وخطيرة .
قبل بزوغ فجر الإسلام، نشبت ذات يوم معركة طاحنة بين قبيلتي بني عامر وبني كنانة في سوق عكاظ ، سميت في التاريخ ب «حرب الفجار» ، وسبب تلك المعركة هو أن امرأة من بني عامر كانت جالسة بسوق عكاظ فطاف بها شاب من قريش من بني كنانة فسألها أن تكشف وجهها فأبت ، فجلس خلفها وهي لا تشعر وعقد ذيلها بشوكة ، فلما قامت انكشف دبرها فضحك الناس منها ، فنادت المرأة يا آل عامر ، فثاروا بالسلاح ، ونادى الشاب يا بني كنانة، فاقتتلوا(7).
إذن ، فالشاب الذي فشل في تحقيق مبتغاه فكر بالانتقام من المرأة ، فأقدم على تصرف أرعن نابع من شهوته الجنسية ، مما أدى إلى نشوب حرب في سوق عكاظ راح ضحيتها الكثيرون . والتاريخ يحدثنا عن قضايا مماثلة كثيرة.
إن الغريزة الجنسية إن لم تكبح فإنها ستؤدي إلى زوال نور العقل وضعف البصيرة ، وتدفع بالشباب إلى القيام بما يتعارض ومنطق العقل والمصلحة ، وتجلب لهم شر المصائب والويلات .
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : زوال العقل بين دواعي الشهوة والغضب(8) .
وعنه (عليه السلام) أنه قال : من لم يملك شهوته لم يملك عقله (9).
تغلب الشهوة على الجسم والروح:
تشكل الغريزة الجنسية خلال مرحلة الشباب أكبر قوة تسيطر على جسم الشاب ولبه وأقوى
دافع يسلب منه القدرة على التفكير والعمل. وتفكير الشاب في هذه المرحلة ينحصر في كيفية إرضاء شهوته وإشباع رغبته ، وقلما يفكر ما يقتضيه عقله ومصلحته. ومن هنا فإنه سيقع في خطأ كبير إذا ما أقدم على اختيار شريكة حياته بنفسه دون استشارة من هم أكبر منه سناً وأدرى منه مصلحة ، وسيجلب لنفسه التعاسة والشقاء مدى العمر لمجرد أنه حصر تفكيره في لذة جنسية زائلة .
«يمكن تشبيه الزواج الذي يتم باتحاد شخصين ، باتصال قطبين موجب وسالب ، يمكنه أن يبعث على الدفء والحرارة أو أن يولد حريقاً كبيراً. وليس صحيحاً ما يقوله البعض عن الزواج بأنه اختبار للحظ ، لأن من يبتاع نظارة لا تتناسب وبعد نظره أو قصره مثلاً ، يكون الحق عليه لا على حظه ونصيبه.
ينبغي على المرء أن لا يفكر بالزواج على أنه مجرد استلذاذ وتمتع. فالطفل وبسبب جهله ينجرف وراء كل ما هو لذيذ دون أن يفكر بما يحمله له من أضرار . والشاب أمام مسألة الزواج غالباً ما يكون كالطفل حريصاً لا يفكر في عواقب الأمور ، ويتصور أن الزواج ليس سوى إصابة لذة أو متعة تستمر مدى الحياة ، أي أنه لا يتوقع من شريكة حياته غير اللذة ، بينما نرى الإنسان الناضج الواعي ينظر إلى الزواج من منظار آخر، ويتطلع إلى شريكة حياته على أنها شريكة حقيقية تقاسمه أفراحه وأتراحه ، وتعينه في مسيرة الحياة الطويلة الشاقة» .
_____________________________
(1) إرشاد المفيد ، ص 141.
(2) مجموعة ورام ج2، ص117.
(3) غرر الحكم، ص550 .
(4 و 5) مستدرك الوسائل ج2 ، ص287 .
(6) غرر الحكم، ص 498 .
(7) السيرة الحلبية ج1 ، ص 151 .
(8 و 9) مستدرك الرسائل ج 2 ، ص287 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
جمعية العميد تناقش التحضيرات النهائية لمؤتمر العميد الدولي السابع
|
|
|