المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

الدوار الصلد The Rigid Rotator
7-1-2021
سعد بن عمير الطائي السنبسي
12-10-2017
divide or not to divide?
15-1-2022
sequence (n.)
2023-11-15
أنواع الفيدرالية وتطبيقاتها
18-10-2017
تعريف تصويت ناخبي الخارج
2023-05-02


رغبة الشباب في فهم الدين  
  
1133   02:58 صباحاً   التاريخ: 2023-05-06
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج1 ص301 ــ 305
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

إن طلب الدين يعتبر من الرغبات الفطرية للإنسان ، وهو رغبة تصحو في أعماق الإنسان عند البلوغ، شأنها شأن الكثير من الرغبات الفطرية التي تكمن في أعماقه . وللشاب رغبة ماسة وطبيعية في فهم شؤون الدين ، فتراه يصغي بكل أحاسيسه وبملء إرادته إلى الخطب والمواعظ الدينية .

رغبة الشباب في الاسلام :

عندما خرج الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) شاهراً دعوته بين الناس في مكة ، دبت فورة عظيمة بين جيل الشباب ، فتجمعوا بدافع من ميولهم الفطرية حول الرسول (صلى الله عليه وآله) ينهلون من معين أحاديثه الشريفة ، وقد أثار هذا الأمر خلافات شديدة بين الشباب وأسرهم، ودفع بالمشركين إلى الاحتجاج على ذلك عند الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله).

... فاجتمعت قريش على أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب : إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وأفسد شبانا وفرق جماعتنا(1). 

غذاء الروح:

لقد بلغت دعوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) أسماع كل الناس من رجال ونساء ، وشيوخ وشباب ، إلا ان الشباب كانوا أكثر تأثراً بهذه الدعوة واندفاعاً لها ، لأن وثوب الحس الديني لديهم خلال مرحلة البلوغ ، جعلهم متعطشين لتعلم فضائل الإيمان والأخلاق، ولهذا كانت كلمات الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) تنزل في نفوسهم كالماء السلسبيل ، كما أنها كانت بالنسبة لهم بمثابة غذاء للروح ، دون غيرهم من الشيوخ والطاعنين في السن.

فلما أوفد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مصعب بن عمير إلى المدينة ، ليعلم أهلها قراءة القرآن ، وينشر بينهم التعاليم والمعارف الإسلامية ، كان الشباب أول من لبى دعوته، حيث أبدوا رغبة شديدة في تعلم قراءة القرآن واكتساب التعاليم الإسلامية.

وكان مصعب نازلاً على أسعد بن زرارة، وكان يخرج في كل يوم ويطوف على مجالس الخزرج يدعوهم إلى الإسلام فيجيبه الأحداث(2).

إن الرغبة الطبيعية في الإيمان والأخلاق التي وجدت في أعماق الإنسان بمشيئة الله وقدرته الحكيمة ، والتي تبرز في أوج أزمة البلوغ على شكل وثوب في الحس الديني ، هي أفضل القواعد لتربية جيل الشباب وأكثرها قوة .

وينبغي على المربين الأكفاء، استغلال هذه الرغبة الفطرية والدافع الروحي ، وترتيب برامجهم التربوية على أساسها، بما يكفل بقاءها حية في ضمير الشاب.

الإنقياد لقانون الخلقة:

إن عمل الشباب وسعيهم لإرضاء رغباتهم الإيمانية والأخلاقية ، يدخل في إطار انقيادهم لقانون الخلقة واتباعهم لنظام التكوين. والتربية التي تكون منسجمة مع نداء الفطرة ، وقائمة على أركان الرغبات والميول الطبيعية ، تكون تربية قوية وثابتة ، تحقق للإنسان هناءه وسعادته.

وهذه الرغبات التي تصحو في ضمير كل إنسان عند البلوغ ، تعتبر ثروة من ثروات الشباب التي لا تقدر ثمن، وتؤدي كل منها دورا كبيراً في تربية جيل الشباب. والمربون الأكفاء هم الذين يستفيدون من جميع هذه الرغبات خير استفادة، ويعملون على هداية وتوجيه كل منها في مسارها السليم. ولكن توجه علماء النفس والتربية ينصب بشكل دقيق على مسألة مهمة، وهي، من أين ينطلقون في تربية الشباب؟ وأي رغبة من الرغبات يضعونها ضمن أولويات برامجهم التربوية ؟

فترة الفرصة :

«يقول موريس دبس أستاذ جامعة ستراسبورغ : ثمة فرصة تتوسط المرحلة التي يعي فيها الشاب اليافع قيمته الذاتية، والمرحلة التي يدرك فيها القيم الاجتماعية ، ينبغي الاستفادة منها لتربية الشباب وتعليمهم، واختيار ما من شأنه أن يشمخ بشخصية الشاب ويرفع من معنوياته، من القيم الأخلاقية والإنسانية المتنوعة والكثيرة. ومما لا شك فيه أن نفسية الشاب ستتكيف حسب القيم التي أحاطت به.

وهنا سؤال يطرح نفسه قسراً، أي القيم يجب اختيارها؟، وأيها ينبغي تقديمها على الاخريات؟ ، سؤال أتجنب الإجابة عليه - والكلام مازال للأستاذ موريس دبس - ، لأن الموضوع له صلة مباشرة وعميقة بالمربين»(3) .

بداية التربية:

أما الدين الإسلامي فقد أجاب بكل صراحة على هذا السؤال ، حيث أكد على ضرورة الاهتمام بالرغبة الدينية وتقديمها على غيرها من الرغبات في البرنامج التربوي الخاص بالشباب . فبالرغم من اهتمام الإسلام بسائر الرغبات الطبيعية لدى الشباب ، والتأكيد على إرضاء كل منها في موقعها الصحيح وبالمقدار السليم ، إلا أنه يقدم الرغبة الدينية على سائر الرغبات الاخرى ، ويبدأ منهاجه التربوي انطلاقاً من إرضاء رغبة المعرفة الفطرية والضمير الأخلاقي.

إن الإسلام بمنهجه الرامي إلى تعزيز روح الإيمان والأخلاق في أعماق الشاب اليافع ، إنما يدفعه نحو الفضيلة وعبادة الله الواحد الأحد ، ويجعله إنساناً بكل ما في الكلمة من معنى ، ويعده إعداداً سليماً ليحيا حياة شريفة كريمة مقرونة بالإيمان الإلهي والسجايا الأخلاقية.

وتبرز هذه الأهمية جلية في خطاب حكيم مسهب وجّهه أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لأبنه الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) ، وكان شاباً يافعاً ، حدد فيه أسلوبه في التربية ، مبتدئاً منهجه التربوي بإحياء الرغبات الدينية .

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : .. .. وان ابتدئك بتعليم كتاب الله وتأويله وشرائع الإسلام وأحكامه وحلاله وحرامو(4).

كبح الغرائز:

إن لتعليم الشاب أحكام الدين وشرائعه ، وكذلك تعزيز روح الإيمان والأخلاق في نفسه، أثرين كبيرين، الأول : إرضاء الحس الديني الفطري لدى الشاب، والثاني: جعل هذا الحس قادراً على كبح سائر الرغبات الطبيعية والغريزية في أعماق الشاب، والحؤول دون تمردها وطغيانها ، وذلك لإنقاذه من الضلالة والانحراف.

قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: 4 - 6].

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن صورة ، وبث في أعماقه رغبة المعرفة وقدرة التمييز بين الخير والشر . ولكن ما يبعث على الأسف أن معظم الناس ينجرفون نحو الرذيلة والانحطاط الخلقي والأخلاقي، بسبب عدم اهتمامهم بنداء الفطرة وإفراطهم في الإذعان لغرائزهم وأهوائهم النفسية، أما الذين يستجيبون لنداء الفطرة ،ويسعون إلى إرضاء رغبتهم الإيمانية والأخلاقية إلى جانب رغباتهم الاخرى، منهم السعداء دون غيرهم.

الرغبة الجامحة:

مع حلول فترة البلوغ ، تصحو رغبة المعرفة والحس الديني في أعماق الشباب ، وتجعلهم يندفعون إلى تعلم المسائل الدينية. وهذه الرغبة الفطرية تكون في سني البلوغ جامحة وقوية، لكنها سرعان ما تخف وتصبح مجرد رغبة عادية بانتهاء هذه المرحلة .

__________________________________

(1) بحار الأنوار ج6، ص343.

(2) أعلام الورى، ص68.

(3) ماذا أعرف؟، البلوع ص121.

(4) نهج البلاغة ، الفيض ، ص905. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.