أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2022
3180
التاريخ: 16-12-2020
1313
التاريخ: 22-5-2022
1145
التاريخ: 23-5-2022
1574
|
الصحافة والرأي العام
"الصحافة حارس الأمة الآمين"
"فمن الذي يعلم الوطني حقوقه.؟ من الذي يرشده إلى واجباته؟ من الذي يكون له عوناً في المعترك الذي يلقي بنفسه فيه، ومن الذي يدرأ عنه عادية كل من أراد به سوءا؟" "هي الصحافة وهي وحدها دون غيرها على الدوام".
"وإذا لم يكن هناك صحافة أصبحت الشجاعة الادبية أمراً من الامور الشاذة، بل أصبحت في حكم المستحيل؛ وكذلك شأن الشجاعة الحربية، فإن الجندي لا يرمي نفسه فوق الخطر، ولا يقدم على المهالك، إلا عند ما ترمقه أعين زملائه، ويشجعه صوت الطبول ورائحة البارود!"
ولأجل أن يتكون الرأي العام، وتتوطد دعائمه، يجب أن يوجد ذلك الصوت القوي العظيم صوت الامة الذي يعطي كل ذي حق حقه، فيثني في كل يوم على العاملين، ويؤنب المقصرين، ويذكر الناس بالمنافع العامة المشتركة، وبالمبادئ الاجتماعية، ويؤازر بقوته كل حق من حقوق الافراد (1).
ويقول الاستاذ هارولد لاسكي في كتابه "محنة الديموقراطية (2):
إن القدرة على توجيه الاخبار وجهة معينة هي نفسها القدرة على حرمان القراء من أن تصل إليهم المادة التي يستطيعون بها أن يكونوا لنفسهم رأياً في كل مشكلة، وإن من يوازن بين الطريقة التي عالجت بها الصحافة البريطانية موضوع نزع السلاح في وقت انعقاد مؤتمر جنيف عام 1932 والطريقة التي عالجت بها تلك الصحافة أخبار السلوك الجنسي عند رجال الدين الإنجليز في الفترة نفسها ليشهد أن الصحافة البريطانية أولت كل اهتمامها للموضوع الاخير بقصد إهمال الموضوع الاول على الرغم من أنه خطير.
وهنا لا يجد القارئ صعوبة ما في اكتشاف الطريقة التي يتكون بها الرأي العام في بلد من بلاد الديمقراطيات الرأسمالية كانجلترة.
الحق أن الصحافة مرآة الامة، ولسانها الناطق بأفكارها وآرائها ورغباتها وحاجاتها، وآلامها وآمالها، ومن هنا جاءت قوتها، وقد أطلق الناس عليها اسم "السلطة الرابعة " أي أنها رابعة السلطات الثلاث المعروفة، التي هي السلطة التشريعية، والسلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، وطريق الصحافة إلى كل ذلك هو التحرير أعني تحرير الخبر أو المقال، وهما مادتا الصحف على اختلاف ألوانها ونزعاتها.
ولتكوين الرأي العام في ذاته وسيلتان هامتان هما:
الكلمة المطبوعة، والكلمة المسموعة. ولكل من هاتين الوسيلتين مجالات تظهر فيها: فالكلمة المطبوعة تظهر في الصحيفة وفي المجلة، وهما مدرستا الشعب وصاحبتا الفضل الاول فيما يصيبه من تطورات سياسية واجتماعية واقتصادية.
كما تظهر الكلمة المطبوعة في الكتاب، وفي اللافتات، وفي شتى ضروب الإعلان. وتظهر الكلمة المطبوعة أيضاً في أجهزة استقبال الاخبار Tickers ، وهي الأجهزة التي تقوم عليها وكالات الانباء، وعلى هذه الاخيرة تعتمد الصحف في حصولها على الاخبار الهامة وغير الهامة هنا وهناك.
أما الكلمة المسموعة فتظهر في الراديو والتليفزيون، وهما آلة الدهماء في أغلب الاحيان، لان الخاصة ليس لديها من الوقت ما تنفقه في الجلوس إليهما واستيعاب الجزء الاكبر من منهج كل منهما اليومي.
وكما تظهر الكلمة المسموعة في السينما، والمسرح، والمدرسة، والجامعة، تظهر أيضاً في المحادثات الخاصة بين الاصدقاء، سواء أكانت هذه المحادثات في المنزل، أم في الطريق، أم في النادي، أم في المركبات العامة. وسواء أكانت همساً، أم تجوى، أم كانت على شكل شائعة، أم اغتيابا، ونحو ذلك.
على أن الوسيلة الاولى منهما هي التي تعنينا في هذا البحث. وهذه الوسيلة هي الكلمة المطبوعة، والعجيب حقاً أن يكون للكلمة المطبوعة كل هذا التأثير القوي في النفوس، أو هذا السلطان الكبير على القول، ومن هنا أصبح الرأي العام عن طريق الكلمة المطبوعة قوة عظيمة لا يمكن أن تقاوم؛ فقد تتعرض الجيوش نفسها للهزائم، أما الصحف وما تحمله للناس من قوة الرأي العام فقلما تتعرض لذلك، وقلما تستطيع الحكومات نفسها أن تؤثر في الصحافة إلا بطريق الإلغاء أو التعطيل.
والتاريخ حافل بالامثلة العديدة التي تدل على قوة الرأي العام الآتي من طريق الكلمة المطبوعة في الصحيفة.
فلقد قبضت السلطات الإنجليزية على )عرابي(، وعزمت على التنكيل به،
وبأصحابه، ثم ظهرت جريدة التيمس معلنة أن عرابي سيحاكم محاكمة نزيهة، وسيعامل معاملة إنسانية مستقيمة، فاضطرت الحكومة الإنجليزية أمام هذا التصريح أن تعدل من خطتها، وترجع عما عزمت عليه(3).
وأمامنا الآن ونحن نكتب هذا الكتاب مثل حي من التاريخ المصري الذي – – نعيش فيه، وهذا المثل هو تأميم قناة السويس، فمنذ أعلنت الحكومة المصرية هذا التأميم في 26 يوليو سنة 1956 هاج )المستر إيدن( رئيس الوزارة البريطانية، وأراد أن يعلن الحرب على مصر، ولكن الرأي العام في العالم كله وفي انجلترا نفسها كان لا يريد – – الحرب في ذلك الظرف. غير أن )إيدن( ومعه )موليه( رئيس الوزارة الفرنسية، و)بن جوريون( ورئيس الوزارة الإسرائيلية، دبروا أمرهم بليل، واتفقوا في مؤامرة تجاهلوا فيها الرأي العام، وتغفلوا هذا الرأي، واعتدوا جميعاً على مصر.
واستنكر الرأي العالمي هذا الاعتداء، ولولا هذا الاستنكار الصارخ، ولولا مقاومة الشعب المصري الباسل، ولولا الإنذار الروسي للحكومات الثلاث التي اعتدت على مصر، لنشبت الحرب العالمية الثالثة، ولا اصبح مركز هذه الحرب منطقة الشرق الاوسط، ولا يدري إلا الله نتيجة ذلك على الحضارة الإنسانية والشعوب الشرقية والغربية.
_________________
(1) الاخبار عدد 2950 بتاريخ 9 فبراير سنة 1921 .
(2) الاستاذ هارولد لاسكي في كتابه "محنة الديموقراطية" ص 74 .
(3) التاريخ السري لاحتلال الإنجليز لمصر، لمؤلفه المستر بلانت، انظر الترجمة العربية للكتاب ص 311 - 321 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|