أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-11-2016
904
التاريخ: 11-11-2016
604
التاريخ: 11-11-2016
1125
التاريخ: 19-6-2019
2592
|
هي، أقدم دول العرب في الجنوب، وقد ازدهرت حضارتها في زمن سحيق جدا قبل الميلاد، واختلف العلماء المحققون في تحديد زمان نشوئها، فذهب البروفسور إدوارد كلاسر Glasser إلى أنها كانت في الألف الثالث قبل الميلاد (1)، وذهب المستشرقون جوزيف هاليفي Halevy ومولر Miller وشبرنجر Sprenger (2) إلى أنها كانت في أواخر الألف الثاني وأوائل الألف الأول قبل الميلاد. وقالفلبي Philby إنها حكمت من سنة 112 إلى سنة 63ق.م، (3) وحجة معارضي رأي كلاسر أن الكتابة المعينية كانت ذات ألفباء وهي المعروفة بألفباء المسند، وقد اتفق العلماء على أن الألف باء الفينيقية أو ألفباء رأس الشمرة لا يتجاوز تاريخها القرن الثاني عشر قبل الميلاد، فكيف يمكن جعل ألفباء المسند أقدم من الألفباء الفينيقية؟ فلا بد إذن من القول إنها قد ظهرت في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، أما قبل ذلك التاريخ فلا يُعقل، وهو قول مقبول في رأينا. وإن أقدم منطقة قامت فيها هذه الحضارة المعينية هي منطقة الجوف التي تقع فيها معظم خرائب المعينيين، وأطلال مدنهم، مثل: «معين» و «براقش» و«قرن» و«نشق» وغيرها (4). وقد ظلت أخبار هذه الحضارة مجهولة أو كالمجهولة حتى زار ديارها العلماء الآثاريون والنقابون الأوروبيون في القرن الماضي، وفي طليعتهم المستشرق الفرنسي آرنود Arnaud الذي زار اليمن، وجمع عدة نقوش من منطقة سبأ في عام 1843م، ثم جاء من بعده المستشرق الفرنسي جوزيف هاليفي الذي استطاع أن يدخل اليمن في سنة 1869م ويقوم برحلته المشهورة الهامة، فدخل مناطق الجوف ونجران وسبأ بتكليف من الأكاديمية الفرنسية، واستطاع أن يجمع في زيارته هذه ستمائة وخمسة وثمانين نقشًا أثريا من النقوش العربية الجنوبية المكتوبة بالقلم المسند، وكانت رحلته تلك من أعظم الرحلات العلمية؛ لأنه اكتشف في تلك النصوص كثيرًا من آثار المدن وأسماء الملوك، وعادات البلاد، وعبادات السكان ... وغير ذلك. وفي سنة 1882 ذهب إلى اليمن العلامة النمسوي كلاسر، فزار سبأ وظفار، وتوغل في اليمن بمساعدة الحكومة العثمانية، وظل إلى سنة ،1892، وجمع نقوشًا عديدة صححت بعض أخطاء هاليفي. ولم تجر بحوث صحيحة، ولا رحلات اكتشاف علمية، بعد هذا التاريخ إلا في سنة 1942، ثم في سنة 1945 حينما زار اليمن العالم المصري محمد توفيق؛ فإنه زارها موفدًا من جامعة فؤاد الأول بمصر - جامعة القاهرة اليوم - ودخل بلاد الجوف، فكان أول عالم وصفها وصفًا علميًّا دقيقًا، وأعطانا معلومات عن أطلالها وآثارها. والمصادر العربية القديمة تكاد تجهل هذه الدولة وأخبارها، أما المؤرخون والجغرافيون اليونان فقد ذكروا بعض المعلومات الهامة مثل سترابون وبلينوس وسربيلوس وبطليموس وديودوروس (6)، أما المعلومات الحقيقية فهي التي اكتشفها المستشرقون المحدثون الذين أسلفنا الحديث عنهم قبلًا. وقد توصل هؤلاء المستشرقون إلى بعض الحقائق التاريخية عن الدولة، وإليك مجمل ذلك استطاع المؤرخون المستشرقون أن يثبتوا بعض أسماء الملوك المعينيين والسبئيين وأحوالهم السياسية والاجتماعية، ولكنهم لم يستطيعوا أن يؤرّخوا أزمنتهم واحدًا بعد واحد، كما أنهم لم يستطيعوا ترتيبهم ترتيبًا منتظما متسلسلًا. وقد حاول بعض العلماء أن يصنفهم إلى أسر وطبقات فلم يُوفّق، وأرى أن الوقت لم يحن بعد لتقرير ذلك ولا بد من إتمام الحفريات حتى يُستطاع عمل تصنيف عملي صحيح. وقد كانت لهذه الدولة آثار جليلة في العمران والحضارة على الرغم من أن آثارها لم يتح لها أن تدرس بعد درسًا علميًّا؛ فإن ما اكتُشف وكُتِب عنه إلى اليوم ليدلنا على تقدمهم في مضمار العمران والحضارة تقدُّمًا ظاهرًا؛ فقد كانت لهم قدم راسخة في هندسة المباني وزخرفتها، وبناء القصور والجسور والحصون والقلاع والأسوار، وتنظيم الخنادق والأقنية، وغير ذلك من الأبنية العامة، كما كان لهم شرائع عادلة في فرض الضرائب وتوزيعها، وفي تنظيم العقود والبيوع، والإيجار والميراث والتجارة والاقتصاد. وكانت للعينيين صلات تجارية قوية مع المصريين، فقد اكتشفت بعض الكتابات التي تدل على أن بعض الجوالي المعينية قصدت إلى مصر للتجارة، كما لهم صلات تجارية وسياسية مع سيناء والحجاز ومشارف الشام ولبنان وسوريا. وكان نظام الحكم عندهم ملكيًّا، ويجوز أن يتولى الملك أكثر من ملك واحد، وكان النظام في الولايات لا مركزيا تتولى الحكم في ولاية أو مدينة حكومة مستقلة لها آلهتها وكهونتها الذين كان يُقال لهم «عم»، ولها نائب ملك يُسمى «كبر»، ولها مجلس نيابي يُقال له «مسود» يدير شئونها، ويجتمع فيه الأشراف للحكم بين الناس وإعلان الحروب، وتقرير القوانين والضرائب، وكانت الضرائب عندهم على ثلاثة أنواع:
1- ضرائب لمنفعة خزانة الملك.
2- ضرائب لمنفعة الكهنة والمعابد ومن يلحق بها.
3- ضرائب لمنفعة الشيوخ والحُكّام، وكان هؤلاء مع الإقطاعيين هم الذين يتولون جمع هذه الضرائب؛ لتقديمها إلى الملك أو الكهنة أو للقيام بالإنفاق على المؤسسات العامة، وقد كانت للإقطاع أنظمة، فلا تُسلَّم لصاحبها إلا بعد أن تُحدد حدودها، وتذكر شروطها، وما يجب على مستغلها من الضرائب.
كما كان لسكان البادية الملحقين بالدولة أنظمة خاصة، وكان شيوخهم يبنون لأنفسهم دورًا في الصحراء يتخذونها مجالس، ويجتمع فيها الوجوه والنبلاء للبحث في شئون القبيلة.
....................................
1- راجع كتاب E. Glasser, Skizze 110–330.
2- راجع كتاب، Müller, Beilag Zur Munch. Allgen Halevy, Journal Asiatique 1872, 74. Sprenger, .Bcmerkungen s. 502.
3- راجع كتاب. Philby. Background 141
4- راجع كتاب تاريخ العرب قبل الإسلام لزيدان، 1 :112.
5- راجع كتابه «آثار معني في جوف اليمن»، وهو من منشورات المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية ُ بالقاهرة، طِبع سنة 1951.
6- راجع كتاب زيدان، تاريخ العرب قبل الإسلام، ص107 ،111؛ وتاريخ العرب لجواد علي، 1 :381.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|