أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2022
1290
التاريخ: 2023-05-03
1033
التاريخ: 8-6-2022
1947
التاريخ: 2024-05-18
867
|
إن الدين الإسلامي الحنيف قد اهتم وعلى مدى أربعة عشر قرناً من الزمان بجيل الشباب، وراعى جميع جوانبهم المادية والمعنوية، النفسية والتربوية، الأخلاقية والاجتماعية الدنيوية والأخروية وغيرها من الجوانب.
لقد وصف أنبياء الله وأولياؤه (عليهم السلام) الشباب بأنه من جزيل نعم الله سبحانه وتعالى، وأنه ثروة عظيمة في حياة الإنسان وسعادته ، وقد أوضح الإسلام للمسلمين أهمية الشباب في الكثير من الأحاديث والروايات: (قال علي (عليه السلام) : (شيئان لا يعرف فضلهما إلا من فقدهما: الشباب والعافية)(1) .
في هذا الحديث يصف الإمام علي (عليه السلام) الشباب بأنه من أكبر النعم الإلهية، وعبر عن هذه النعمة بالصحة والعافية، واعتبرها نعمة مجهولة حيث يقول: لا يعرف فضلهما إلا من فقدهما. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن العبد لا تزول فدماه يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما فأناه وعن شبابه فيما أبلاه)(2).
ويستشف من هذا الحديث الشريف مدى اهتمام الإسلام بالشباب وقيمة هذه المرحلة بالنسبة للإنسان، فالباري سبحانه وتعالى يولي لهذه الثروة أهمية بالغة حيث يسأل صاحبها يوم القيامة كيف أفناها وفيما أبلاها. ومع أن عهد الشباب يعتبر جزءاً من مجموع عمر الإنسان إلا أنه الأكثر أهمية والأعظم قيمة، لذلك ترى كل إنسان مسؤولا عن شبابه.
قال أبو عبد الله (عليه السلام): كان فيما وعظ به لقمان ابنه: يا بني واعلم أنك ستسأل غداً إذا وقعت بين يدي الله عز وجل عن أربع: شبابك فيما أبليته وعمرك فيما أفنيته ومالك مما اكتسبته وفيا انفقته(3).
الشاب والعصر الحالي:
إن مسألة الشباب باتت في عصرنا الحالي حديث الساعة لدى كافة شعوب العالم لما لها من أهمية بالغة، وأخذ الحديث عن جيل الشباب يطغى على كل حديث، حيث أجرى كبار العلماء والمفكرين دراسات وبحوثاً مسهبة حول هذه المسألة المهمة من جميع جوانبها العلمية، كما أن كبار المؤلفين والخطباء خطوا كتباً وألقوا كلمات بهذا الخصوص، وخلاصة القول: إن هذه المسألة المهمة باتت تحظى باهتمام العالم، وهذا الاهتمام آخذ الازدياد يوماً بعد يوم.
وفي هذه الأثناء هناك من يفرط في تقييمه للشباب ويعطيهم حجماً أكبر من الحجم الطبيعي الذي يستحقونه، وهناك في المقال من يحط من قيمتهم ومكانتهم لعدم نضجهم وقلة تجاربهم العلمية والعملية، وهناك أيضاً من يتوسط هذين الجانبين، أي أنه معتدل في تقييمه للشباب.
محاسن ومساوئ الشباب:
(يقول موريس دبس: قبل الحرب العالمية الثانية كنت ادافع عن المبدأ القائل بأن الشباب ثروة عظيمة للإنسان، ونحن علينا أن نستغل هذه المرحلة لكسب ما هو مفيد وهادف، وجاءت الأحداث فيما بعد لتزيدني إيماناً بهذا المبدأ وتمسكاً به ، ولكن يجب الالتفات إلى أن الشباب ليس في تقييمه على أنه ثروة عظيمة فحسب، فهناك اليوم من يذهب في ثنائه على حماس الشباب واندفاعهم إلى حد المغالاة، وهو يتصور أن الشباب قد بلغوا بهذا الحماس والاندفاع الكمال، بينما الكمال المطلوب هو في أننا نستطيع أن ندير هذه القوة ونستفيد منها استفادة كاملة).
(إن هذا المبدأ هو بحد ذاته انحراف طبيعي وخطير، طبيعي لأن كل من يطالع شؤون الشباب يتوصل إلى نتيجة واحدة وهي أن مرحلة الشباب وما تتسم به من عنفوان هي من أفضل مراحل الحياة وأن الخصال التي يمتاز بها الشاب في هذه المرحلة هي قريبة من الكمال أو هي الكمال بعينه، وخطير إذا ما نظرنا إلى محاسن هذه المرحلة وتغافلنا عن مساوئها، لأن رغبة الشاب واتجاهه نحو الشؤون المطلقة ليسا بالشأن المطلق بحد ذاتهما، وناهيك عن ذلك إذا أردنا أن نفرط في تقييمنا لأعمال الشباب ونصفها بالمعجزة نكون قد ساهمنا في خلق روح التكبر والغرور والوقاحة في نفوسهم، لذا ينبغي علينا أن لا نخلط بين القدرة على العمل وبين العمل نفسه).
(ولا ننسى أن الشباب هو قيمة من قيم الحياة، ويجب أن تكون هذه القيمة كغيرها من القيم يراعى فيها سلم المراتب وتكون مطيعة وتابعة لغيرها من القيم الأعلى منها شأناً. إن الشجاعة لا تعتبر تقوى إلا في حالة الدفاع عن قيمة اعلى منها شأناً كالدفاع ضد خطر يهدد الحياة، وإلا فإن الشجاعة تفقد معناها الحقيقي. لذا فإن البلوغ ليس سوى بلوغ علم الحياة وبلوغ علم النفس، وهذا يشكل حلقة صغيرة في سلسلة حلقات الحياة ليس إلاً ، فالقيمة لا تحصل إلاً بتخطي هذه المرحلة).
(صحيح أن الشباب يمضي بسرعة والعيون التي كانت تحرص على النظر إلى ما هو جميل يزعجها ويؤلمها النظر إلى الورود وهي تذبل، والسبب هو أنهم يتجاهلون الحكمة من خلق الورود).
(إن نسيان أو إنكار قيمة البلوغ يؤدي إلى الزوال، كما أن التأسف والتحسر على هذه المرحلة دليل ضعف، وعبادتها وتعظيمها خطأ كبير. فما يجب عمله هو الاستفادة من هذه المرحلة كقوة دافعة ومثال حي وبرنامج عملي على أحسن وجه).
معرفة القيمة الحقيقية :
إن القيمة الحقيقية للشباب والاهتمام بمحاسنه ومساوئه، هما شرطان أساسيان لسعادة الشبان، والطريق السليم لاستغلال قدرتهم الفاعلة. إن على المربين في المجتمعات أن يعملوا بحكمة على الاهتمام بكمال الشباب واستغلال طاقاتهم على أحسن وجه بما فيه منفعة للشعوب والبلدان، هذا من جهة، ومن جهة ثانية عليهم أن يصبوا اهتمامهم على رفع النقص الطبيعي الذي يواكب عهد الشباب وأن يأخذوا بيد الشباب نحو الرقي والكمال عبر إرشاداتهم السليمة وطرح برامج حكيمة ترمي إلى كبح عواطفهم وميولهم والقضاء على روح التمرد والطغيان في نفوسهم .
إن موضوع احترام جيل الشباب واستغلال طاقاتهم العظيمة يحظى باهتمام كبير في البلدان المتقدمة، وذلك بهدف تسريع عجلات البلاد في شتى المجالات تحقيقاً لرقيها وتقدمها، فالجزء الأعظم من المسؤوليات والمناصب الحساسة والمهمة توكل إلى الشباب الأكفاء استغلالاً لطاقاتهم الجبارة في خدمة شعوبهم وأوطانهم. ولكي لا نقع في خطأ ونحن نشخص المكانة الحقيقية للشباب، ولكي نكون بعيدين كل البعد عن الإفراط والتفريط في إصدار أي حكم بشأن الشباب، وحتى نحكم بتدبر وتعقل على القيمة الحقيقية للشباب ولا ننحرف عن الطريق السوي ، ولكي لا نكون عاملاً في تضليل الشباب بأنفسهم من جهة وتضليل الناس حول مسألة الشباب من جهة اخرى، من أجل كل ذلك علينا أن نتخذ من التعاليم والأوامر الإلهية معياراً لأحكامنا وأن نستلهم من الإرشادات الحكيمة لكبار قادة الإسلام.
إن موضوع الاستفادة من قوة الشباب الأكفاء يندرج ضمن أهم الأعمال التي يحتاجها كل بلد ، والذي أخذ اليوم يستأثر باهتمام البلدان المتقدمة هو موضوع أكدت التعاليم الإلهية السامية أهميته.
________________________
(1) غرر الحكم، صفحة 449 .
(2) تاريخ اليعقوبي، صفحة 59 .
(3) الكافي ج 2 ، الصفحة 135 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|