الإمام الهادي ( عليه السّلام ) والتحصين العقائدي للجماعة الصالحة |
1950
02:11 صباحاً
التاريخ: 2023-04-18
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2015
5458
التاريخ: 31-07-2015
3517
التاريخ: 31-07-2015
4098
التاريخ: 31-07-2015
3118
|
تمثّل التحصين العقائدي الذي مارسه الإمام ( عليه السّلام ) في تبيان وشرح وتعميق المفاهيم العقائدية بشكل خاص والدينية بشكل عام . كما تمثّل في دفع الشبهات والإثارات الفكرية كانت تتداولها المدارس الفكرية آنذاك .
والنصوص التي اثرت عن الإمام ( عليه السّلام ) حول الرؤية والجبر والاختيار والتفويض والرد على الشبهات المثارة حول آيات القرآن الكريم تفيد تصدّي الإمام ( عليه السّلام ) لهذا التحصين العقائدي في الساحة الإسلامية العامة والخاصة معا .
ولم يكتف الإمام ( عليه السّلام ) بالرد على الشبهات العامة بل تصدّى للردّ الخاص على ما كان يثار من تساؤلات خاصة تعرض لافراد من أتباعه أو ممن كان يتوسّم فيهم الإمام ( عليه السّلام ) الانقياد للحق كبعض الواقفة الذين اهتدوا بفضل توجيهات الإمام ( عليه السّلام ) .
قال علي بن مهزيار : وردت العسكر وأنا شاكّ في الإمامة فرأيت السلطان قد خرج إلى الصيد في يوم الربيع إلّا انّه صائف والناس عليهم ثبات الصيف وعلى أبي الحسن لباد وعلى فرسه تجفاف لبود وقد عقد ذنب الفرس ، والناس يتعجبون منه ويقولون ألا ترون هذا المدني ما قد فعل بنفسه ، فقلت في نفسي : لو كان هذا إماما ، ما فعل هذا .
فلما خرج الناس إلى الصحراء لم يلبثوا ان ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد إلّا ابتلّ حتى غرق بالمطر وعاد ( عليه السّلام ) وهو سالم من جميعه ، فقلت في نفسي : يوشك أن يكون هو الإمام ، ثم قلت : أريد أن اسأله عن الجنب إذا غرق في الثوب فقلت في نفسي : ان كشف وجهه فهو الإمام .
فلمّا قرب مني كشف وجهه ثم قال : إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام لا يجوز الصلاة فيه وان كان جنابته من حلال فلا بأس . فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة[1].
وروى هبة اللّه بن أبي منصور الموصلي أنه كان بديار ربيعة كاتب نصراني وكان من أهل كفر توثا يسمى يوسف بن يعقوب وكان بينه وبين والدي صداقة ، قال : فوافى فنزل عند والدي فقال له : ما شأنك قدمت في هذا الوقت ؟ قال : دعيت إلى حضرة المتوكل ولا أدري ما يراد مني إلّا أني اشتريت نفسي من اللّه بمائة دينار ، وقد حملتها لعلي بن محمد بن الرضا ( عليهم السّلام ) معي فقال له والدي : قد وفّقت في هذا .
قال : وخرج إلى حضرة المتوكل وانصرف إلينا بعد أيام قلائل فرحا مستبشرا فقال له والدي : حدثني حديثك ، قال : صرت إلى سرّ من رأى وما دخلتها قطّ فنزلت في دار وقلت احبّ أن أوصل المائة إلى ابن الرضا ( عليه السّلام ) قبل مصيري إلى باب المتوكل وقبل أن يعرف أحد قدومي ، قال : فعرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب وأنه ملازم لداره ، فقلت : كيف أصنع ؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا ؟ لا آمن أن يبدربي فيكون ذلك زيادة فيما أحاذره .
قال : ففكّرت ساعة في ذلك فوقع في قلبي أن أركب حماري وأخرج في البلد ولا أمنعه من حيث يذهب لعلّي أقف على معرفة داره من غير أن اسأل أحدا ، قال : فجعلت الدنانير في كاغذة وجعلتها في كمّي وركبت فكان الحمار يتخرق الشوارع والأسواق يمرّ حيث يشاء إلى أن صرت إلى باب دار ، فوقف الحمار فجهدت أن يزول فلم يزل ، فقلت للغلام : سل لمن هذه الدار ، فقيل : هذه دار ابن الرضا ! فقلت : اللّه أكبر دلالة واللّه مقنعة .
قال : وإذا خادم أسود قد خرج ، فقال : أنت يوسف بن يعقوب ؟ قلت :
نعم . قال : إنزل ، فنزلت فأقعدني في الدّهليز فدخل ، فقلت في نفسي : هذه دلالة أخرى من أين عرف هذا الغلام اسمي وليس في هذا البلد من يعرفني ولا دخلته قط .
قال : فخرج الخادم فقال : مائة دينار التي في كمّك في الكاغذ هاتها ! فناولته إيّاها ، قلت : وهذه ثالثة . ثم رجع إليّ وقال : ادخل فدخلت إليه وهو في مجلسه وحده فقال : يا يوسف ما آن لك ؟ فقلت : يا مولاي قد بان لي من البرهان ما فيه كفاية لمن اكتفى .
فقال : هيهات إنّك لا تسلم ولكن سيسلم ولدك فلان ، وهو من شيعتنا ، يا يوسف إن أقواما يزعمون أنّ ولايتنا لا تنفع أمثالكم ، كذبوا واللّه إنها لتنفع أمثالك امض فيما وافيت له فانّك سترى ما تحبّ . قال : فمضيت إلى باب المتوكل فقلت كلّ ما أردت فانصرفت .
قال هبة اللّه : فلقيت ابنه بعد هذا - يعني بعد موت والده - واللّه وهو مسلم حسن التشيع فأخبرني أن أباه مات على النصرانية ، وأنّه أسلم بعد موت أبيه ، وكان يقول : أنا بشارة مولاي ( عليه السّلام )[2].
وروى أبو القاسم البغدادي عن زرارة قال : أراد المتوكّل : أن يمشي علي ابن محمد بن الرضا ( عليهم السّلام ) يوم السّلام فقال له وزيره : إنّ في هذا شناعة عليك وسوء قالة فلا تفعل ، قال : لا بد من هذا . قال : فإن لم يكن بد من هذا فتقدم بأن يمشي القوّاد والأشراف كلهم ، حتى لا يظن الناس أنك قصدته بهذا دون غيره ، ففعل ومشى ( عليه السّلام ) وكان الصيف فوافى الدهليز وقد عرق . قال : فلقيته فأجلسته في الدهليز ومسحت وجهه بمنديل وقلت : ابن عمّك لم يقصدك بهذا دون غيرك ، فلا تجد عليك في قلبك .
فقال : إيها عنك تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ، ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ .
قال زرارة : وكان عندي معلم يتشيّع وكنت كثيرا أمازحه بالرافضيّ فانصرفت إلى منزلي وقت العشاء وقلت : تعال يا رافضي حتى أحدثك بشيء سمعته اليوم من إمامكم ، قال لي : وما سمعت ؟ فأخبرته بما قال ، فقال : أقول لك فاقبل نصيحتي . قلت : هاتها ، قال : إن كان عليّ بن محمد قال بما قلت فاحترز واخزن كلّ ما تملكه فانّ المتوكل يموت أو يقتل بعد ثلاثة أيام . فغضبت عليه وشتمته وطردته من بين يديّ فخرج .
فلما خلوت بنفسي ، تفكّرت وقلت : ما يضرّني أن آخذ بالحزم ، فإن كان من هذا شيء كنت قد اخذت بالحزم ، وإن لم يكن لم يضرّني ذلك ، قال :
فركبت إلى دار المتوكلّ فأخرجت كل ما كان لي فيها وفرّقت كلّ ما كان في داري إلى عند أقوام أثق بهم ، ولم أترك في داري إلّا حصيرا أقعد عليه .
فلمّا كانت الليلة الرابعة قتل المتوكل وسلمت أنا ومالي وتشيّعت عند ذلك ، فصرت إليه ، ولزمت خدمته ، وسألته أن يدعو لي وتواليته حق الولاية[3].
وباسناده عنه قال : اجتمعنا أيضا في وليمة لبعض أهل سرّ من رأى وأبو الحسن معنا فجعل رجل يعبث ويمزح ولا نرى له اجلالا ، فاقبل على جعفر وقال : انه لا يأكل من هذا الطعام وسوف يرد عليه من خبر أهله ما ينقص عليه عيشه ، فقدمت المائدة فقال : ليس بعد هذا خبر ، وقد بطل قوله فو اللّه لقد غسل الرجل يده وأهوى إلى الطعام فإذا غلامه قد دخل من باب البيت يبكي وقال : الحق امّك فقد وقعت من فوق البيت وهي بالموت فقال جعفر : قلت : واللّه لا وقفت بعد هذا وقطعت عليه[4].
الموقف من الغلاة والفرق المنحرفة
ويعتبر موقف الإمام الهادي ( عليه السّلام ) الصارم مع الغلاة خطوة من خطوات التحصين العقائدي للجماعة الصالحة وإبعادها من عوامل الانحراف والزيغ العقائدي الذي ينتهي إلى الكفر باللّه تعالى أو الشرك به .
ويكمن نشاطه ( عليه السّلام ) في فضح حقيقة هذا الخط المنحرف كما تجلى في فضح عناصره .
والنصوص التي بأيدينا أشارت إلى أن الذين عرفوا بالغلو في عصره هم : أحمد بن هلال العبر طائي البغدادي والحسين بن عبيد اللّه القمي الذي أخرج من قم لاتّهامه بالغلو ، ومحمد بن أرومة ، وعلي بن حسكة القمي ، والقاسم اليقطيني ، والفهري ، والحسن بن محمد بن بابا القمي وفارس بن حاتم القزويني .
وأما كيفية تعامل الجماعة الصالحة ، مع هؤلاء فقد بيّنه ( عليه السّلام ) فيما يلي :
فعن أحمد بن محمد بن عيسى قال : كتبت إلى الإمام الهادي ( عليه السّلام ) في قوم يتكلمون ويقرأون أحاديث ينسبونها إليك والى آبائك فيها ما تشمئز منها القلوب . . . وأشياء من الفرائض والسنن والمعاصي تأولوها . . فإن رأيت أن تبين لنا وأن تمن على مواليك بما فيه سلامتهم ونجاتهم من هذه الأقاويل التي تصيّرهم إلى العطب والهلاك ؟ والذين ادّعوا هذه الأشياء ، ادعّوا انهم أولياء ، ودعوا إلى طاعتهم منهم علي بن حسكة والقاسم اليقطيني فما تقول في القبول منهم جميعا ؟
فكتب الإمام الهادي ( عليه السّلام ) : « ليس هذا ديننا فاعتزله »[5]
ظاهرة الزيارة ودورها في التحصين العقائدي
إنّ ظاهرة الاهتمام بالزيارة لأهل البيت ( عليهم السّلام ) جميعا أو لآحاد من الأئمة ( عليهم السّلام ) كالزيارة المعروفة بالجامعة الكبيرة أو زيارة أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) هي خطوة مهمة في مجال تعميق الوعي وترسيخ الولاء والانشداد لأهل بيت الرسالة ( عليهم السّلام ) وفي هذا التعميق الواعي والانشداد العاطفي تحصين عقائدي واضح تميّز به الإمام الهادي ( عليه السّلام ) .
وحين نقف على جملة المفاهيم التي وردت في هذه الزيارات نلمس بوضوح هذا الخط من التحصين العقائدي فيها .
ولنقف بعض الوقت متأملين عند هاتين الزيارتين المأثورتين عن الإمام الهادي ( عليه السّلام ) :
أولا : الزيارة الجامعة الكبيرة
عن موسى بن عمران النخعي قال : قلت لعلي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السّلام ) : علمني يا ابن رسول اللّه قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم فقال ( عليه السّلام ) :
قل : السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط الوحي ، ومعدن الرسالة ، وخزان العلم ، ومنتهى الحلم ، وأصول الكرم ، وقادة الأمم ، وأولياء النعم ، وعناصر الأبرار ، ودعائم الأخيار ، وساسة العباد ، وأركان البلاد ، وأبواب الايمان ، وامناء الرحمن ، وسلالة النبيين ، وصفوة المرسلين ، وعترة خيرة رب العالمين ، ورحمة اللّه وبركاته .
وتعتبر هذه الزيارة من المصادر الفكرية المهمة ومن الوثائق التي نستل منها ملامح التصور السليم .
ولذا نشير إلى بعض ما جاء فيها من مفاهيم :
1 - اصطفاء أهل البيت ( عليهم السّلام )
في المقطع الأوّل الذي بدأت به الزيارة حدّد الإمام ( عليه السّلام ) المعاني التالية :
أ - ان اللّه اختص أهل البيت ( عليهم السّلام ) بكرامته فجعلهم موضع الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي .
ب - ان هذا الجعل الإلهي نابع من الصفات الكمالية التي يبلغون القمة فيها كالعلم والحلم والكرم والرحمة .
ج - إنّ أهل البيت ( عليهم السّلام ) هم موضع الرسالة لأنّ اللّه قد اختارهم لمنصب القيادة العليا للبشرية فضلا عن قيادة المسلمين .
2 - حركة أهل البيت ( عليهم السّلام )
وقال الإمام الهادي ( عليه السّلام ) : « السلام على أئمة الهدى ؛ ومصابيح الدجى ، وأعلام التقى ، وذوي النهى ، وأولي الحجى ، وكهف الورى ، وورثة الأنبياء ، والمثل الاعلى ، والدعوة الحسنى ، وحجج اللّه على أهل الدنيا والآخرة والأولى ورحمة اللّه وبركاته ، السلام على محال معرفة اللّه ، ومساكن بركة اللّه ، ومعادن حكمة اللّه ، وحفظة سر اللّه ، وحملة كتاب اللّه ، وأوصياء نبي اللّه ، وذرية رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ورحمة اللّه وبركاته .
السلام على الدعاة إلى اللّه ، والأدلّاء على مرضات اللّه ، والمستقرين في أمر اللّه ، والتامين في محبة اللّه والمخلصين في توحيد اللّه ، والمظهرين لأمر اللّه ونهيه وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ورحمة اللّه وبركاته » .
وقد دل هذا النصّ على ما يلي :
أ - في المسيرة البشرية ينفرز دائما خطان هما خط الهدى وخط الضلالة ولكل من الخطّين قيادته ، وأئمة أهل البيت هم أئمة الهدى اما غيرهم ممن يتصدى للإمامة مخالفا لخطّ الهدى فهو من أئمة الضلال فلذلك لا يكون التلقي إلّا منهم ولا يكون نهج التحرك إلّا نهجهم .
ب - اما واقع الأئمة فهم ذوو العقول التامّة وكهف الورى وورثة الأنبياء والمثل الاعلى والدعوة الحسنى التي يحتذى بها .
ج - ان حركة أهل البيت حركة اسلامية أصيلة ذات جذور ضاربة في الأعماق وهي استمرار المسيرة النبوية الراشدة وكل حركة تدّعي المنهج الديني أو الاصلاح الدنيوي ولا تسير على خطاهم فهي منحرفة .
فأهل البيت ( عليهم السّلام ) محل معرفة اللّه ، ومساكن بركته ، ومعادن حكمته ، وحفظة سره ، وحملة كتابه ، وأوصياء نبيه .
د - إنّ الدعاة مظاهر اصالة أهل البيت في المسيرة الإلهية كما يلي :
1 - أنّهم الدعاة إلى اللّه والأدلاء على مرضاته .
2 - ويتميّزون بالثبات على أمر اللّه .
3 - كما يتميّزون بالحب التام للّه .
4 - والاخلاص في التوحيد .
5 - والاظهار لشعائر اللّه من امره ونهيه .
6 - وعدم سبق اللّه بقول ، والعمل بأمره .
3 - الأسس الفكرية للتشيع
ويمكن ان نحدد نقاطا توضح الأسس الفكرية التي تقوم عليها دعوة أهل البيت والتي يجب ان تسير الحركة الشيعية عليها وتلتزم بحدودها من خلال قوله ( عليه السّلام ) :
« السلام على الأئمة الدعاة ، والقادة الهداة ، والسادة الولاة ، والذادة الحماة ، وأهل الذكر ، وأولي الأمر ، وبقية اللّه وخيرته ، وحزبه وعيبة علمه ، وحجته وصراطه ، ونوره وبرهانه ورحمة اللّه وبركاته .
أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له كما شهد اللّه لنفسه وشهدت له ملائكته وأولوا العلم من خلقه لا إله إلّا هو العزيز الحكيم وأشهد أن محمدا عبده المنتخب ورسوله المرتضى ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .
واشهد انكم الأئمة الراشدون المهديون المعصومون المكرمون المقربون المتقون الصادقون المصطفون المطيعون للّه القوامون بأمره العاملون بإرادته الفائزون بكرامته .
اصطفاكم بعلمه وارتضاكم لغيبه واختاركم لسره واجتباكم بقدرته واعزكم بهداه وخصكم ببرهانه وانتجبكم لنوره وأيّدكم بروحه ورضيكم خلفاء في ارضه وحججا على بريته وأنصارا لدينه وحفظة لسره وخزنة لعلمه ومستودعا لحكمته وتراجمة لوحيه وأركانا لتوحيده وشهداء على خلقه واعلاما لعباده ومنارا في بلاده وأدلاء على صراطه .
عصمكم اللّه من الزلل وآمنكم من الفتن وطهركم من الدنس وأذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيرا .
فعظّمتم جلاله واكبرتم شأنه ومجدتم كرمه وادمتم ذكره ووكدتم ميثاقه وأحكمتم عقد طاعته ونصحتم له في السر والعلانية ودعوتم إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة وبذلتم أنفسكم في مرضاته وصبرتم على الأذى في جنبه وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم في اللّه حق جهاده حتى أعلنتم دعوته وبينتم فرائضه وأقمتم حدوده ونشرتم شرايع احكامه وسننتم سنته وصرتم في ذلك منه إلى الرضا وسلمتم له القضاء وصدقتم من رسله من مضى » .
إنّ العناصر الفكرية الأساسية للتشيع والتي تستفاد من هذا النص هي :
1 - الايمان باللّه وحده لا شريك له .
2 - محمد عبده المنتخب ورسوله المرتضى .
3 - الأئمة هم بشر راشدون مهديون معصومون مكرمون وقيمتهم نابعة من تكريم اللّه لهم .
على أنّ الجانب العملي لحركة الأئمة هو كما يلي :
1 - تعظيم اللّه واكبار شأنه وتمجيد كرمه .
2 - توكيد ميثاقه وإحكام عقد طاعته .
3 - النصح له بالسر والعلن .
4 - الدعوة له بالحكمة والموعظة الحسنة .
5 - التضحية المستمرة في سبيل اللّه ببذل النفس والصبر على المكروه .
6 - إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وممارسة باقي العبادات والحدود الإسلامية .
7 - الحفاظ على سلامة الشريعة من التحريف .
8 - التسليم بالقضاء والقدر .
9 - التأكيد على وحدة المسيرة النبوية وتصديق الرسل .
4 - الموالون لأهل البيت ( عليهم السّلام )
وبيّن الإمام انّ هناك صنفين من الناس قسم يوالي أهل البيت ( عليهم السّلام ) فيسير في طريق الهدى وآخر يوالي أعداءهم فيسير في طريق الضلال ، قال ( عليه السّلام ) :
« فالراغب عنكم مارق واللازم لكم لا حق والمقصر في حقكم زاهق .
والحق معكم وفيكم ومنكم واليكم وأنتم أهله ومعدنه وميراث النبوة عندكم وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم وفصل الخطاب عندكم وآيات اللّه لديكم وعزائمه فيكم ونوره وبرهانه عندكم وأمره إليكم .
من والاكم فقد والى اللّه ومن عاداكم فقد عادى اللّه ومن أحبّكم فقد أحبّ اللّه ومن أبغضكم فقد ابغض اللّه ومن اعتصم بكم . فقد اعتصم باللّه .
وأنتم الصراط الأقوم وشهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء والرحمة الموصولة والآية المخزونة والأمانة المحفوظة والباب المبتلى به الناس .
من أتاكم نجى ومن لم يأتكم هلك .
إلى اللّه تدعون وعليه تدلّون وبه تؤمنون وله تسلّمون وبأمره تعملون وإلى سبيله ترشدون وبقوله تحكمون .
سعد من والاكم وهلك من عاداكم وخاب من جحدكم وضلّ من فارقكم وفاز من تمسك بكم وأمن من لجأ إليكم وسلم من صدقكم وهدى من اعتصم بكم .
من اتبعكم فالجنة مأواه ومن خالفكم فالنار مثواه ومن جحدكم كافر ومن حاربكم مشرك ومن رد عليكم في أسفل درك من الجحيم » .
الحقيقة الثانية : إنّ الموالي لأهل البيت ( عليهم السّلام ) يعلم قيمتهم الحقيقية عند اللّه لذلك نجده يقول ( عليه السّلام ) :
« أشهد أنّ هذا سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقي وان أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة طابت وطهرت بعضها من بعض .
خلقكم اللّه أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى منّ علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن اللّه ان ترفع ويذكر فيها اسمه .
وجعل صلواتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا وطهارة لأنفسنا وتزكية لنا وكفارة لذنوبنا فكنا عنده مسلمين بفضلكم ومعروفين بتصديقنا إياكم » .
الحقيقة الثالثة : الرغبة في انتشار امرهم وتشعشع فضلهم فلا يبقى خير إلّا وأضاءه نورهم الشريف .
« فبلغ اللّه بكم أشرف محل المكرمين وأعلى منازل المقربين وأرفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه لا حق ولا يفوقه فائق ولا يسبقه سابق ولا يطمع في ادراكه طامع حتى لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صدّيق ولا شهيد ولا عالم ولا جاهل ولا دنيّ ولا فاضل ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح ولا جبّار عنيد ولا شيطان مريد ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلّا عرفهم جلالة امركم وعظم خطركم وكبر شأنكم وتمام نوركم وصدق مقاعدكم وثبات مقامكم وشرف محلكم ومنزلتكم عنده وكرامتكم عليه وخاصتكم لديه وقرب منزلتكم منه . »
الحقيقة الرابعة : الاقرار الدائم بمعتقدات أهل البيت ( عليهم السّلام ) والعمل بموجبها :
« بأبي أنتم وأمي وأهلي ومالي وأسرتي أشهد اللّه وأشهدكم اني مؤمن بكم وبما آمنتم به ، كافر بعدوكم وبما كفرتم به ، مستبصر بشأنكم وبضلالة من خالفكم موال لكم ولأوليائكم مبغض لأعدائكم ومعاد لهم سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم محقق لما حققتم مبطل لما أبطلتم مطيع لكم عارف بحقكم مقر بفضلكم محتمل لعلمكم » .
ومن مصاديق الإيمان بقضية أهل البيت قول الإمام ( عليه السّلام ) :
« محتجب بذمتكم ومعترف بكم مؤمن بإيابكم مصدّق برجعتكم منتظر لأمركم مرتقب لدولتكم آخذ بقولكم عامل بأمركم مستجير بكم زائر لكم عائذ بقبوركم مستشفع إلى اللّه عز وجل بكم ومتقرب بكم إليه ومقدمكم امام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كل أحوالي وأموري مؤمن بسركم وعلانيتكم وشاهدكم وغائبكم وأولكم وآخركم ومفوض في ذلك كله إليكم ومسلم فيه معكم وقلبي لكم مسلم ورأيي لكم تبع ونصرتي لكم معدّة حتى يحيي اللّه تعالى دينه بكم ويردّكم في أيامه ويظهركم لعدله ويمكّنكم في ارضه فمعكم معكم لا مع غيركم آمنت بكم وتوليت آخركم بما توليت به أولكم وبرئت إلى اللّه عز وجل من أعدائكم ومن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم الجاحدين لحقّكم والمارقين من ولايتكم الغاصبين لإرثكم الشاكين فيكم المنحرفين عنكم ومن كل وليجة دونكم وكل مطاع سواكم ومن الأئمة الذين يدعون إلى النار .
فثبتني اللّه ابدا ما حييت على موالاتكم ومحبتكم ودينكم ووفقني لطاعتكم ورزقني شفاعتكم وجعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم إليه وجعلني ممن يقتصّ آثاركم ويسلك سبيلكم ويهتدي بهديكم ويحشر في زمرتكم ويكرّ في رجعتكم ويملّك في دولتكم ويشرّف في عافيتكم ويمكّن في أيامكم وتقر عينه غدا برؤيتكم .
بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي من أراد اللّه بدأ بكم ومن وحّده قبل عنكم ومن قصده توجه بكم .
مواليّ لا أحصي ثناءكم ولا أبلغ من المدح كنهكم ومن الوصف قدركم وأنتم نور الأخيار وهداة الأبرار وحجج الجبار .
بكم فتح اللّه وبكم يختم وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء ان تقع على الأرض إلّا باذنه وبكم ينفّس الهم ويكشف الضر .
وعندكم ما نزلت به رسله وهبطت به ملائكته وإلى جدّكم بعث الروح الأمين ، آتاكم اللّه ما لم يؤت أحدا من العالمين .
طأطأ كل شريف لشرفكم وبخع كل متكبر لطاعتكم وخضع كل جبار لفضلكم وذل كل شيء لكم وأشرقت الأرض بنوركم وفاز الفائزون بولايتكم بكم يسلك إلى الرضوان وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن .
بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي ذكركم في الذاكرين واسماؤكم في الأسماء
وأجسادكم في الأجساد وأرواحكم في الأرواح وأنفسكم في النفوس وآثاركم في الآثار وقبوركم في القبور فما أحلى أسماءكم وأكرم أنفسكم وأعظم شأنكم وأجلّ خطركم وأوفى عهدكم وأصدق وعدكم .
كلامكم نور وأمركم رشد ووصيتكم التقوى وفعلكم الخير وعادتكم الإحسان وسجيتكم الكرم وشأنكم الحق والصدق والرفق وقولكم حكم وحتم ورأيكم علم وحلم وحزم ، إن ذكر الخير كنتم أوله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه .
بأبي أنتم وأمي ونفسي كيف أصف حسن ثنائكم واحصي جميل بلائكم وبكم أخرجنا اللّه من الذل وفرّج عنا غمرات الكروب وأنقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار .
بأبي أنتم وأمي ونفسي بموالاتكم علّمنا اللّه معالم ديننا وأصلح ما كان فسد من دنيانا وبموالاتكم تمّت الكلمة وعظمت النعمة وائتلفت الفرقة وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة ولكم المودة الواجبة والدرجات الرفيعة والمقام المحمود والمكان المعلوم عند اللّه عز وجل والجاه العظيم والشأن الكبير والشفاعة المقبولة .
رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا .
يا أولياء اللّه ان بيني وبين اللّه عز وجل ذنوبا لا يأتي عليها إلّا رضاكم فبحق من ائتمنكم على سره واسترعاكم امر خلقه وقرن طاعتكم بطاعته لمّا استوهبتم ذنوبي وكنتم شفعائي فإني لكم مطيع .
من أطاعكم فقد أطاع اللّه ومن عصاكم فقد عصى اللّه ومن أحبّكم فقد أحبّ اللّه ومن أبغضكم فقد أبغض اللّه .
اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك أسألك ان تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم إنّك ارحم الراحمين وصلى اللّه على محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما كثيرا وحسبنا اللّه ونعم الوكيل .
ومن هذه الفقرات نستلهم النقاط التالية :
1 - ضرورة الإيمان بإيابهم وقيام دولتهم .
2 - أهمية زيارة قبورهم .
3 - أهمية الإيمان بالرجعة .
4 - أهمية الايمان بسرهم وعلانيتهم .
5 - ضرورة الاستعداد لنصرة دولتهم لحد التمكين في الأرض .
6 - ضرورة البراءة من عدوهم .
7 - فرح المؤمن بما رزقه اللّه على يد أهل البيت .
8 - إنّ وحدة المسلمين السليمة لا تتم إلّا تحت لوائهم ( عليهم السّلام ) .
9 - إنّ الايمان بهم لا يكون عاطفيا بل يكون عن وعي وادراك وبحث وتمحيص[6].
ثانيا - زيارة الغدير
من أهم زيارات الأئمة الطاهرين - عند الشيعة الإمامية - زيارة الغدير فقد اهتموا بها اهتماما بالغا ، لأنها رمز لذلك اليوم الخالد في دنيا الاسلام ، ذلك اليوم الذي قرّر فيه الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) المصير الحاسم لأمته ، فنصب الإمام أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) خليفة على المسلمين .
وقد زار الإمام أبو الحسن الهادي ( عليه السّلام ) جدّه أمير المؤمنين في السنة التي أشخصه فيها المعتصم من يثرب إلى سر من رأى[7].
نعم زاره بهذه الزيارة التي هي من أروع وأجل الزيارات ، فقد تحدّث فيها عن فضائل الإمام أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) وما عاناه في عصره من المشاكل السياسية والاجتماعية .
وإليك بعض ما حفلت به هذه الزيارة التي هي من ملاحم أهل البيت ( عليهم السّلام ) :
1 - تحدّث الإمام أبو الحسن الهادي ( عليه السّلام ) في زيارته ( الغديرية ) عن أنّ جده الإمام أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) هو أول من أسلم وآمن باللّه واستجاب لدعوة نبيه ، قال ( عليه السّلام ) مخاطبا جدّه :
« وأنت أوّل من آمن باللّه وصلى له ، وجاهد ، وأبدى صفحته في دار الشرك ، والأرض مشحونة ضلالة والشيطان يعبد جهرة . . . » .
لقد تظافرت الأخبار بأن الإمام أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) هو أول من أذعن لرسالة خاتم النبيّين ، واستجاب لنداء اللّه ودعى إلى دين اللّه بعد رسول اللّه ، فقد روى ابن إسحاق ، قال :
كان أول ذكر آمن برسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وصلى معه ، وصدق بما جاءه من عند اللّه علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) وهو يومئذ ابن عشر سنين[8].
وروى الطبراني بسنده عن أبي ذرّ قال : أخذ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) بيد علي ( عليه السّلام ) فقال : « هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة . . . »[9].
وقال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) لعائشة : « هذا علي بن أبي طالب أول الناس ايمانا »[10].
وكثير من أمثال هذه الأخبار قد أعلنت ذلك .
2 - وتحدث الإمام ( عليه السّلام ) في زيارته عن جهاد الإمام أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) وبسالته وشجاعته وصموده في الحروب قائلا :
« ولك المواقف المشهودة ، والمقامات المشهورة ، والأيام المذكورة يوم بدر ، ويوم الأحزاب . . . وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً * وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً [11].
وقال اللّه تعالى : وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً [12].
فقتلت عمرهم وهزمت جمعهم ، وردّ اللّه الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ، وكفى اللّه المؤمنين القتال ، وكان اللّه قويا عزيزا ، ويوم أحد إذ يصعدون ولا يلوون على أحد والرسول يدعوهم في أخراهم وأنت تذود بهم المشركين عن النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) ذات اليمين وذات الشمال حتى ردّهم اللّه تعالى عنها خائفين ونصر بك الخاذلين .
ويوم حنين على ما نطق به التنزيل إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ . والمؤمنون أنت ومن يليك ، وعمك العباس ينادي المنهزمين يا أصحاب سورة البقرة ، يا أهل بيعة الشجرة ، فاستجاب له قوم قد كفيتهم المؤونة وتكلفت دونهم المعونة ، فعادوا آيسين من المثوبة ، راجين وعد اللّه تعالى بالتوبة ، وذلك قول اللّه جل ذكره : ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ . وأنت حائز درجة الصبر ، فائز بعظيم الأجر .
ويوم خيبر إذ اظهر اللّه خور المنافقين ، وقطع دابر الكافرين - والحمد للّه رب العالمين - ولقد كانوا عاهدوا اللّه من قبل لا يولون الادبار ، وكان عهد اللّه مسؤولا .
وأضاف الإمام قائلا : وشهدت مع النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) جميع حروبه ومغازيه ، تحمل الراية امامه ، وتضرب بالسيف قدامه ، ثم لحزمك المشهور وبصيرتك في الأمور أمّرك في المواطن ، ولم يكن عليك أمير . . . » .
3 - وعرض الإمام في زيارته إلى مبيت الإمام على فراش النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) ، ووقايته له بنفسه حينما أجمعت قريش على قتله ، فكان الإمام الفدائي الأول في الاسلام ، يقول ( عليه السّلام ) :
« وأشبهت في البيات على الفراش الذبيح ( عليه السّلام ) إذ أجبت كما أجاب ، وأطعت كما أطاع إسماعيل محتسبا صابرا إذ قال : يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ .
وكذلك أنت لما أباتك النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) وأمرك ان تضطجع في مرقده واقيا له بنفسك أسرعت إلى اجابته مطيعا ، ولنفسك على القتل موطنا فشكر اللّه تعالى طاعتك وأبان من جميل فعلك بقوله جلّ ذكره : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ[13].
[1] المناقب : 2 / 451 .
[2] بحار الأنوار : 50 / 142 .
[3] بحار الأنوار : 50 / 147 .
[4] الثاقب : 214 .
[5] رجال الكشي : 517 ح 994 و 995 .
[6] منهاج التحرّك عند الإمام الهادي : 113 - 120 .
[7] مفاتيح الجنان : 363 .
[8] السيرة النبوية ، ابن اسحاقة : 1 / 262 وعنه في الطبري : 2 / 312 .
[9] فيض القدير : 4 / 358 .
[10] الاستيعاب : 2 / 759 .
[11] الأحزاب ( 33 ) : 10 - 13 .
[12] الأحزاب ( 33 ) : 22.
[13] راجع حياة الإمام علي الهادي ( عليه السّلام ) : 140 - 147 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|