أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-07-2015
4059
التاريخ: 2023-04-29
1238
التاريخ: 2023-04-24
1447
التاريخ: 18-10-2015
3103
|
من أكثر القضايا الفكرية والعقائدية جدلاً وإثارة في عصر الإمام الهادي هي قضية خلق القرآن وعدمه التي دارت حولها مناقشات ونزاعات كبيرة .
فالمعتزلة الذين اعتمدوا على العقل إلى درجة كبيرة وتناولوا القضايا الاعتقادية في ضوء معطياته، اعتقدوا بحدوث وخلق القرآن وربطوا ذلك بالصفات الإلهية وخالفوا قدمه كما يدعيه الأشاعرة وأهل الحديث، فنشب النزاع بين النظريتين على أشدّ ما يمكن وقد بدأ البحث حول خلق القرآن كما يقول المحقّقون منذ نهايات الحكم الأموي بدايات القرن الثاني ، وأوّل من عرض هذا البحث في الأوساط الإسلامية هو جَعْد بن درهم أُستاذ مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، وقد أخذ هذه الفكرة من أبان بن سمعان، وأخذها الأخير من طالوت بن أعصم اليهودي أيضاً أصبح جعد بعد ذلك مطارداً وفر إلى الكوفة وهناك نقل فكرته هذه إلى جهم بن صفوان الترمذي ويعتقد البعض بأنّ فكرة قدم القرآن قد تسربت إلى المجتمع الإسلامي من المسيحية، لأنّهم كانوا يؤمنون بأنّ المسيح كلمة اللّه وبالتالي يرون كلام اللّه و هو من اللّه قديماً أيضاً ؛ وممّا يؤيد هذا الرأي انّ المأمون وفي بيان أصدره إلى إسحاق بن إبراهيم حاكم بغداد في هذا الموضوع يتهم الأشاعرة بأنّهم قالوا في القرآن بمثل ما قاله النصارى وعلى أي حال تابع بشر المريسي الذي يقال انّه يهودي الأصل هذا البحث في عهد هارون، وأخذ يشيع هذه الفكرة فكرة خلق القرآن مدة أربعين عاماً، ولمّا سمع انّ هارون قد سمع ما قاله وهدّده بالموت غياباً ابتعد عن الأنظار، وقد استمر هذا البحث بين الطرفين حتى جاء المأمون وأقحم نفسه فيه، فأصبحت نار الاختلاف أكثر اشتعالاً، وهو الذي كان عالماً خبيراً وعلى معرفة بالفلسفة والفقه والأدب وباحثاً ثاقب الرأي قد أبدى رغبة وميلاً منذ شبابه إلى الاعتزال، ودافع عن فكرة خلق القرآن، وكان الفقهاء يخشون من أن يصبح هو الخليفة ويشيع هذه العقيدة ،لدرجة انّ الفضيل بن عياض كان يقول علانية: ادعوا اللّه أن يطيل في عمر هارون ليريحني من شر خلافة المأمون .
وقد كان توقعهم في محله، فقد تبنّى المأمون المذهب المعتزلي ونظرية خلق القرآن رسمياً بعد وصوله إلى الخلافة واستخدم سلطته وسطوته في قمع المعارضين لهذا الرأي، ولأنّ المخالفين الذين كانوا يعرفون في تلك الفترة بأهل السنّة يبدون صموداً ومقاومة، وصلت الأزمة إلى أوجها، وخرجت المسألة عن كونها بحثاً علمياً دينياً، وتحولت إلى قضية سياسية عقائدية مثيرة للقلاقل، وأصبحت حديث الساعة حتى صار عوام الناس تتناولها بحرارة وفي سنة 218 أصدر المأمون أمراً إلى إسحاق بن إبراهيم عامله على بغداد بأن يمتحن ويختبر جميع القضاة والشهود والمحدثين ورجال الدولة، فمن أقرّ بخلق القرآن أُبقي على ما كان عليه وإلاّ فيعزل وعرف هذا الأمر الذي كان نوعاً من تفتيش العقائد وفحصها بمِحنة خلق القرآن في التاريخ والذي كان يحثّ المأمون وبعده المعتصم والواثق العباسيين على الخوض في ذلك هو ابن أبي داوود القاضي الشهير لبلاط بني العباس الذي أصبح قاضي القضاة بعد يحيى بن أكثم، وقد كان يتمتع بصيت وشهرة علمية ويقارنونه بالبرامكة في الجود والكرم والسلطة والنفوذ في بلاط العباسيين، ولعب دوراً كبيراً في محنة القرآن، ولأجل ذلك تصوروا انّه هو الذي أسّس هذه النظرية، وقد لاحظنا انّه ليس كذلك وعلى أي حال بلغ تشدّد العباسيين درجة حتى نكل بالمخالفين واضطهدوا وملئت بهم السجون، وجلد أحمد بن حنبل الذي كان يدافع عن رأيه بصلابة وقتل أحمد بن نصر الخزاعي في عهد الواثق، وعُذّب يوسف بن يحيى البُرَيطي تلميذ الشافعي ومات بسجن مصر، وينقل اليعقوبي قصة غريبة حول هذا، فقد كتب يقول: وكتب طاغية الروم يذكر كثرة من بيده من أسرى المسلمين ويدعو إلى الفداء، فأجابه الواثق إلى ذلك، ووجه بمن ينوب عنه في ذلك، وكان من بعثهم كلّما مرّ رجل من الأسرى امتحنوه في القرآن ،فمن قال إنّه مخلوق، فودي به ودفع إليه ديناران وثوبان .
كلّ هذه الإجراءات التعسفية جعلت الناس تكره المعتزلة، ولذلك عندما تقلّد المتوكل العباسي الخلافة دافع عن أهل الحديث وحسم محنة القرآن، غير انّ هذه المناقشات لم تنتهي مباشرة، بل استمرت في المجتمع الإسلامي لمدة طويلة ولم يجز الأئمة المعصومون الذين حملوا لواء الفكر الإسلامي الأصيل وقيادته السكوت لأنفهسم أزاء هذا الجدل الفكري القائم، فراحوا (عليهم السَّلام) ينتقدون الفكر المنحرف ويبطلونه، ويقدّمون الفكر الإسلامي الصحيح، وحذروا المسلمين من الولوج في هذا الجدل الذي لا طائل من ورائه من خلال مواقفهم الواضحة والإرشادية.
قال الإمام الصادق (عليه السلام) للأعمش حين سرده لشرائع الدين: والقرآن كلام اللّه ليس بخالق ولا مخلوق ؛ وقد سأل الريان بن الصلت الإمام الرضا وقال: يابن رسول اللّه ما تقول في القرآن؟ فقال (عليه السلام) : كلام اللّه ولا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا .
ويروى عن الإمام الهادي (عليه السلام) حديث حول هذا الموضوع، وهو أكثر تفصيلاً ووضوحاً نسبياً، فقد كتب الإمام جواباً على سؤال أحد شيعته ببغداد: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم عصمنا اللّه وإيّاك من الفتنة، فإن يفعل فقد تعظم بها نعمة، وإن لا يفعل فهي الهلكة، نحن نرى أنّ الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب، فتعاطى السائل ما ليس له، وتكلّف المجيب ما ليس عليه، وليس الخالق إلاّ اللّه عزّوجلّ وما سواه مخلوق، والقرآن كلام لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالّين، جعلنا اللّه وإيّاك من {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } [الأنبياء: 49] أوجب هذا الموقف الذي اتخذه الأئمّة أن يبتعد الشيعة عن هذا النزاع، وأن لا يخوضوا في هذه البدع المضلّة .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|