أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2017
1709
التاريخ: 11-9-2016
1626
التاريخ: 23-9-2020
1244
التاريخ: 9-6-2017
1538
|
عمّار الدهنيّ (1):
ذكر النجاشي (2) في ترجمة معاوية بن عمار أنّ والده كان (ثقةً في العامة وجهاً). وظاهر هذا التعبير هو أنّ والد معاوية كان من العامة.
ولكن ربّما يقال: إنه لا دلالة في العبارة المذكورة في رجال النجاشي على كون عمار الدُهني عامياً، فإنه لا يبعد أن يكون المقصود بها أنه كان ثقةً ووجهاً حتى عند العامة كما ذكر العلامة المجلسي الأول (رحمه الله) حسب ما حكي (3) عنه.
وكون الرجل من الثقات والوجوه عند القوم ظاهر بمراجعة كتبهم، قال الذهبي (4): (الإمام المحدث، أبو معاوية، عمار بن معاوية بن أسلم البجلي.. وثقه أحمد بن حنبل وجماعة). ونقل المزي (5) توثيقه عن أحمد بن حنبل وابن معين وأبي حاتم والنسائي ثم قال: (وذكره ابن حبان في الثقات. قال محمد بن عبد الله الحضرمي: مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة. روى له الجماعة سوى البخاري). ووثقه الذهبي في الكاشف (6) وقال ابن حجر (7): (صدوق). وأما رواياته في كتب القوم فكثيرة جداً.
وبالجملة فالرجل كان ثقة ووجهاً عند العامة، وهذا هو معنى عبارة النجاشي ولا تعني أنه كان من العامة، بل هناك دلائل على تشيّعه وهي..
أولاً: اعتراف رجاليّ الجمهور بتشيّعه، ففي تهذيب الكمال (8) قال: (علي بن المديني عن سفيان: قطع بشر بن مروان عرقوبيه. فقلت: في أي شيء؟ قال: في التشيع)، وحكاه الذهبي في الميزان (9) وقال في الكاشف (10): (شيعي)، وقال ابن حجر في التقريب (11): (يتشيّع).
وثانياً: أنّ ابن النديم ذكره في فهرسته (12) في عداد مشايخ الشيعة الذين رووا الفقه عن الأئمة (عليهم السلام).
وثالثاً: أنّ الشيخ أورده في كتابيه الرجال والفهرست وهما ــ ولا سيما الثاني ــ يختصان بذكر رواة الشيعة ومصنفيهم.
وهذا الوجه ذكره السيد بحر العلوم (قدس سره) في رجاله (13).
ورابعاً: أنّه ورد في التفسير (14) المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام) أنه قيل للصادق (عليه السلام): (إنّ عماراً الدهني شهد اليوم عند ابن أبي ليلى قاضي الكوفة بشهادة، فقال له القاضي: قم يا عمار فقد عرفناك. لا تقبل شهادتك، لأنّك رافضي. فقام عمّار وقد ارتعدت فرائصه، واستفرغه البكاء. فقال له ابن أبي ليلى: أنت رجل من أهل العلم والحديث، إن كان يسوؤك أن يقال لك رافضي فتبرّأ من الرفض، فأنت من إخواننا. فقال له عمّار: يا هذا ما ذهبت والله حيث ذهبت، ولكنّي بكيت عليك وعليَّ..).
وخامساً: معتبرة معاوية بن عمار (15) قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) نحواً من ثلاثين رجلاً إذ دخل عليه أبي فرحّب به أبو عبد الله (عليه السلام) وأجلسه إلى جنبه، فأقبل عليه طويلاً، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): ((إن لأبي معاوية حاجة فلو خففتم)) فقمنا جميعاً، فقال لي أبي: ارجع يا معاوية فرجعت...
فإنّه يمكن أن يقال: إن اهتمام الإمام الصادق (عليه السلام) بشأن عمار وشدة اعتنائه به حتى أخلى له المجلس يكشف عن تشيّعه بل عن كونه من أجلة أصحاب الإمام (عليه السلام).
هذا ما قيل في الاستدلال على كون عمار والد معاوية إمامياً.
ولكن ذكر المحقق التستري (16): (أنّ كلام النجاشي في غاية الظهور في كونه عاميّاً)، ونحوه ما أفاده السيد الأستاذ (قدس سره) (17).
والظاهر تماميّة ما أفاداه.
ويشهد له ملاحظة ما ذكره النجاشي من تعابير مشابهة للتعبير المذكور بشأنه، فقد ذكر في ترجمة محمد بن سماعة (18): (كان ثقة في أصحابنا وجهاً)، وقال في ترجمة جعفر بن محمد بن جعفر (19): (كان وجهاً في الطالبييّن متقدماً، وكان ثقةً في أصحابنا)، وكما أن مفاد هذين التعبيرين هو كون ابن سماعة وابن جعفر من ثقات أصحابنا كذلك معنى ما ذكره بشأن عمّار الدهنيّ هو كونه من ثقات المخالفين، فتدبّر.
وأمّا ما استُدل به على إماميته فلا يتم شيء منه.
أ ــ أمّا الأول وهو وصف الجمهور له بأنّه شيعي ونحو ذلك فلمّا أفاده المحقق التستري (20) من (أنّ قول العامة فلان شيعي أو يتشيع أعم من الإمامية وإنّما المرادف له الرافضي أو الشيعي الغالي.
قال الذهبي في ابن البيع الحاكم النيسابوري: أمّا انحرافه عن خصوم على فظاهر، وأمّا أمر الشيخين فمعظّم لهما بكل حال فهو شيعي لا رافضي.
وعنوّن ابن قتيبة ــ في معارفه ــ الشيعة وعدَّ فيهم طاووساً والحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي والحسن بن صالح وسفيان الثوري وجمعاً آخر مع وضوح عدم كونهم إماميّين، وعنوّن الغالية من الرافضة وعدَّ فيهم زرارة بن أعين وجابر الجُعفي.
وقال الحموي ــ في أُدبائه ــ في عنوان محمد بن إسحاق: قال يحيى بن سعيد القطان: كان محمد بن إسحاق والحسن بن ضمرة وإبراهيم بن محمد كل هؤلاء يتشيعون ويقدمون علياً على عثمان).
ويمكن أن يضاف إلى ما ذكره (قدس سره) بأنهم إذا وصفوا شخصاً بأنه شيعي ووثقوه في الوقت نفسه فمن المستبعد أن يكون شيعياً إمامياً إلا إذا كان يخفي ذلك عنهم، لأنهم يتنصلون عن توثيق الإمامي عادة ويعتبرون الرافضي ــ حسب تعبيرهم ــ مستحلاً للكذب.
ب ــ وأما الثاني فجوابه أن فهرست ابن النديم ليس بذلك الاعتبار ــ كما نبّه على ذلك المحقق التستري (21) ــ فإن الرجل كان ورّاقاً ينقل ما في الكتب، وفي فهرسته أخطاء فاحشة. والمظنون قوياً أن ما ذكره من كون عمار الدهني من مؤلفي الشيعة مجرد وهم منه ــ كعدّه عمرو بن خالد وعلي بن غراب منهم ــ ويشهد له أنه لم يوجد في سائر فهارس الأصحاب التي كانت في متناول يد الشيخ (قدس سره) ولذلك لم ينقله عنها، وكذلك النجاشي ــ الذي كان مطلعاً على فهرست الشيخ وناظراً إلى ما فيه ــ لم يذكر أن لعمار كتاباً، مما يكشف عن عدم قناعته بما ذكره ابن النديم.
ج ــ وأما الثالث الذي ذكره السيد بحر العلوم (قدس سره) فهو غريب منه، فإن رجال الشيخ مشتمل على كثير من رواة العامة، والشيخ (قدس سره) لم يتعهد فيه بذكر خصوص رجال الشيعة الإمامية بل كل من روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام)، وأما فهرسته فهو وإن كان ربما يبدو من مقدمته أنه مخصص لذكر مصنفات أصحابنا لكن يظهر بالمراجعة والتتبع أنه أعم من ذلك، فهو يشتمل على ذكر ما يتعلق بتراث الإمامية وفي مقدمته ما اشتمل على أحاديث الأئمة (عليهم السلام) وإن كان مؤلفه من غير الإمامية، ولذلك ذكر فيه تآليف جمع من العامة كحفص بن
غياث وطلحة بن زيد وعلي بن محمد المدائني وعبد الله بن محمد ابن أبي الدنيا وعباد بن يعقوب وعبد الواحد بن عمر بن محمد ومحمد بن جرير الطبري ووهب بن وهب ويعقوب بن شيبة، فكيف يقال: إن ذكر شخص في كتاب الفهرست دليل على أنه كان من الإمامية؟!
د ــ وأما الرابع فهو خبر غير معتبر سنداً، لما نبّه عليه المحقق التستري والسيد الأستاذ (قدس سره) (22) وغيرهما من المحققين من عدم إمكان الاعتماد على التفسير المنسوب للإمام العسكري (عليه السلام).
هذا مضافاً إلى ما أشار إليه العلمان من أن الصدوق (قدس سره) قد ذكر (23) جمعاً ممن رُدّت شهاداتهم لكونهم من الرافضة ولم يذكر في عدادهم عمار الدُهني، فربما يؤيد ذلك عدم صحة القصة المنسوبة إليه، فتأمل.
هـ ــ وأما الخامس وهو صحيح معاوية فقد قال المحقق التستري (24): (إنه بالدلالة على العامية أولى فإن إخلاءه (عليه السلام) المجلس له وتكنيته وقوله (عليه السلام) له: ((هذا ابنك؟)) ظاهرة في عدم كونه من أصحابه (عليه السلام) ).
أقول: ويضاف إلى ذلك ما ورد في تكملة الرواية وهو هكذا: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ((هذا ابنك؟)) قال: نعم، وهو يزعم أنّ أهل المدينة يصنعون شيئاً لا يحل لهم. قال: ((وما هو؟)) قلت: إنّ المرأة القرشية والهاشمية تركب وتضع يدها على رأس الأسود وذراعيها على عنقه. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ((يا بني أما تقرأ القرآن؟)) قلت: بلى. قال: ((اقرأ هذه الآية: {لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنّ ــ حتى بلغ ــ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنّ})) ثم قال: ((يا بني لا بأس أن يرى المملوك الشعر والساق)).
فإنّ جواز أن يرى المملوك من سيدته ما يراه ذو المحارم منها إنّما هو مذهب جمع من فقهاء الجمهور وهو على خلاف مذهب الإماميّة، والاستدلال له بالآية الكريمة في غير محله ــ كما حقّق في كتاب النكاح ــ مع أنّها إن دلّت على شيء فإنّما تدل على جواز النظر لا المماسة التي كانت مورد استنكار معاوية بن عمّار، ولذلك لا محيص من البناء على أن الإمام (عليه السلام) كان في مقام التقية من عمار والد معاوية ممّا يقتضي كونه من العامة.
والنتيجة: أنّ ما ذُكر في الاستدلال على إماميّة عمار الدُهني ليس بتامٍ، والصحيح ما ذكره أعلام المحققين من أنّ الرجل كان من العامة، بل كان من أكابر محدّثيهم كما ذكر ذلك السيد البروجردي (قدس سره) (25).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|