المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



استشهاد الإمام الجواد ( عليه السّلام )  
  
3278   03:42 مساءً   التاريخ: 2023-04-02
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 11، ص135-141
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الجواد / شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام) /

تحدثنا عن دوافع المعتصم في اغتيال الإمام الجواد ( عليه السّلام ) وعن اختياره أم الفضل لتنفيذ الجريمة .

ومما يشير إلى أسباب استغلال المعتصم لامّ الفضل وكيفية تحريضها على الاقدام على قتل الإمام ( عليه السّلام ) ما روي من شدة غيرتها أيام أبيها وتوريطها لأبيها على ارتكاب جريمة قتل الإمام من قبل المأمون نفسه .[1]

قال أبو نصر الهمداني : « حدثتني حكيمة بنت محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر عمّة أبي محمد الحسن بن علي ( عليهما السّلام ) .

قالت : لمّا مات محمّد بن عليّ الرّضا ( عليه السّلام ) أتيت زوجته أم عيسى[2] بنت المأمون فعزّيتها فوجدتها شديدة الحزن والجزع عليه تقتل نفسها بالبكاء والعويل ، فخفت عليها ان تتصدّع مرارتها فبينما نحن في حديثه وكرمه ووصف خلقه وما أعطاه اللّه تعالى من الشّرف والاخلاص ومنحه من العزّ والكرامة ، إذ قالت امّ عيسى : الا أخبرك عنه بشيء عجيب وأمر جليل فوق الوصف والمقدار ؟

قلت : وما ذاك ؟

قالت : كنت أغار عليه كثيرا وأراقبه ابدا وربما يسمعني الكلام فاشكو ذلك إلى أبي فيقول يا بنيّة احتمليه فانّه بضعة من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، فبينما انا جالسة ذات يوم إذ دخلت عليّ جارية فسلّمت ، فقلت : من أنت ؟ فقالت : انا جارية من ولد عمّار بن ياسر وانا زوجة أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا ( عليه السّلام ) زوجك .

فدخلني من الغيرة ما لا أقدر على احتمال ذلك هممت ان اخرج واسيح في البلاد وكاد الشيطان ان يحملني على الإساءة إليها ، فكظمت غيظي وأحسنت رفدها وكسوتها ، فلمّا خرجت من عندي المرأة نهضت ودخلت على أبي وأخبرته بالخبر وكان سكرانا لا يعقل . فقال : يا غلام عليّ بالسّيف ، فاتى به ، فركب وقال :

واللّه لاقتلنّه فلمّا رايت ذلك قلت : انّا للّه وانّا اليه راجعون ، ما صنعت بنفسي وبزوجي وجعلت ألطم حرّ وجهي ، فدخل عليه والدي وما زال يضربه بالسيف حتى قطعه .

ثم خرج من عنده وخرجت هاربة من خلفه فلم ارقد ليلتي فلمّا ارتفع النّهار اتيت أبي فقلت : ا تدري ما صنعت البارحة ؟ قال : وما صنعت ؟ قلت : قتلت ابن الرّضا ( عليه السّلام ) ، فبرق عينه وغشي عليه ثم افاق بعد حين وقال : ويلك ما تقولين ؟

قلت : نعم واللّه يا ابه دخلت عليه ولم تزل تضربه بالسّيف حتى قتلته ، فاضطرب من ذلك اضطرابا شديدا وقال : عليّ بياسر الخادم فجاء ياسر .

فنظر اليه المأمون وقال : ويلك ما هذا الّذي تقول هذه ابنتي قال : صدقت يا أمير المؤمنين فضرب بيده على صدره وخدّه ، وقال : انّا للّه وانّا اليه راجعون هلكنا باللّه وعطبنا وافتضحنا إلى آخر الأبد ويلك يا ياسر فانظر ما الخبر والقصة عنه ( عليه السّلام ) ؟ وعجّل عليّ بالخبر فان نفسي تكاد ان تخرج السّاعة فخرج ياسر وانا ألطم حرّ وجهي ، فما كان ياسر من أن رجع ، فقال : البشرى يا أمير المؤمنين . قال :

لك البشرى فما عندك ؟

قال ياسر : دخلت عليه فإذا هو جالس وعليه قميص ودواج وهو يستاك فسلّمت عليه وقلت : يا ابن رسول اللّه أحب أن تهب لي قميصك هذا اصلّي فيه واتبرك به ، وانما أردت ان انظر اليه وإلى جسده هل به اثر السّيف فو اللّه كأنّه العاج الّذي مسّه صفرة ما به اثر . فبكى المأمون طويلا وقال : ما بقي مع هذا شيء إنّ هذا لعبرة للأوّلين والآخرين .

وقال : يا ياسر امّا ركوبي اليه واخذي السّيف ودخولي عليه فاني ذاكر له وخروجي عنه فلست اذكر شيئا غيره ولا اذكر أيضا انصرافي إلى مجلسي فكيف كان أمري وذهابي اليه ، لعن اللّه هذه الابنة لعنا وبيلا ، تقدّم إليها وقل لها يقول لك أبوك واللّه لئن جئتني بعد هذا اليوم شكوت أو خرجت بغير اذنه لانتقمنّ له منك .

ثم سر إلى ابن الرّضا وابلغه عني السّلام واحمل اليه عشرين ألف دينار وقدّم اليه الشهري الّذي ركبته البارحة ، ثم أمر بعد ذلك الهاشميّين ان يدخلوا عليه بالسّلام ويسلّموا عليه . قال ياسر : فأمرت لهم بذلك ودخلت انا أيضا معهم وسلّمت عليه وأبلغت التّسليم ووضعت المال بين يديه وعرضت الشّهري عليه فنظر اليه ساعة ثم تبسّم .

فقال ( عليه السّلام ) : يا ياسر هكذا كان العهد بيننا وبينه حتّى يهجم علي ، اما علم أن لي ناصرا وحاجزا يحجز بيني وبينه . فقلت : يا سيّدي يا ابن رسول اللّه دع عنك هذا العتاب واصفح ، واللّه وحق جدّك رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ما كان يعقل شيئا من امره وما علم اين هو من ارض اللّه وقد نذر للّه نذرا صادقا وحلف ان لا يسكر بعد ذلك ابدا ، فان ذلك من حبائل الشّيطان ، فإذا أنت يا ابن رسول اللّه اتيته فلا تذكر له شيئا ولا تعاتبه على ما كان منه .

فقال ( عليه السّلام ) : هكذا كان عزمي ورأيي واللّه ، ثم دعا بثيابه ولبس ونهض وقام معه الناس أجمعون حتى دخل على المأمون فلمّا رآه قام اليه وضمّه إلى صدره ورحّب به ولم يأذن لأحد في الدخول عليه ولم يزل يحدّثه ويستأمره ، فلمّا انقضى ذلك قال أبو جعفر محمّد بن علي الرّضا ( عليه السّلام ) : « يا أمير المؤمنين » ، قال : لبيّك وسعديك . قال : « لك عندي نصيحة فاقبلها » .

قال المأمون : بالحمد والشكر فما ذاك يا ابن رسول اللّه ؟

قال ( عليه السّلام ) : احبّ لك ان لا تخرج باللّيل فإني لا آمن عليك من هذا الخلق المنكوس وعندي عقد تحصّن به نفسك وتحرّز به من الشرور والبلايا والمكاره والآفات والعاهات ، كما انقذني اللّه منك البارحة ولو لقيت به جيوش الرّوم والتّرك واجتمع عليك وعلى غلبتك أهل الأرض جميعا ما تهيّأ لهم منك شيء بإذن اللّه الجبّار . وان أحببت بعثت به إليك لتحترز به من جميع ما ذكرت لك . قال : نعم ، فاكتب ذلك بخطّك وابعثه اليّ ، قال : نعم .

قال ياسر : فلمّا أصبح أبو جعفر ( عليه السّلام ) بعث اليّ فدعاني فلمّا صرت اليه وجلست بين يديه دعا برقّ ظبي من ارض تهامة ثم كتب بخطّه هذا العقد .

ثم قال ( عليه السّلام ) : يا ياسر احمل هذا إلى أمير المؤمنين وقل له : حتى يصاغ له قصبة من فضّة منقوش عليها ما اذكره بعده فإذا أراد شدّه على عضده فليشدّه على عضده الأيمن وليتوضّأ وضوءا حسنا سابغا وليصل أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة : فاتحة الكتاب مرّة وسبع مرّات : آية الكرسي وسبع مرات : شهد اللّه وسبع مرّات والشمس وضحاها وسبع مرّات : واللّيل إذا يغشى وسبع مرّات : قل هو اللّه أحد .

فإذا فرغ منها فليشدّه على عضده الأيمن عند الشّدائد والنوائب يسلم بحول اللّه وقوته من كلّ شيء يخافه ويحذره وينبغي ان لا يكون طلوع القمر في برج العقرب ولو أنه غزى أهل الرّوم وملكهم لغلبهم باذن اللّه وبركة هذا الحرز .

وروي أنه لمّا سمع المأمون من أبي جعفر في أمر هذا الحرز هذه الصفات كلّها غزا أهل الرّوم فنصره اللّه تعالى عليهم ومنح منهم من المغنم ما شاء اللّه ولم يفارق هذا الحرز عند كلّ غزاة ومحاربة وكان ينصره اللّه عز وجلّ بفضله ويرزقه الفتح بمشيّته انّه وليّ ذلك بحوله وقوته » .[3]

ويقول المؤرخون إن أم الفضل ارتكبت جريمتها بحقّ الإمام الجواد ( عليه السّلام ) عندما سقته السمّ .

فقد روي : « أنّ المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر ( عليه السّلام ) وأشار على ابنة المأمون زوجته بأن تسمّه لأنّه وقف على انحرافها عن أبي جعفر ( عليه السّلام ) وشدّة غيرتها عليه . . . فأجابته إلى ذلك وجعلت سمّا في عنب رازقي ووضعته بين يديه ، فلمّا أكل منه ندمت وجعلت تبكي فقال : ما بكاؤك ؟ واللّه ليضربنّك اللّه بفقر لا ينجبر ، وبلاء لا ينستر ، فماتت بعلّة في اغمض المواضع من جوارحها ، صارت ناصورا فأنفقت مالها وجميع ما ملكته على تلك العلّة ، حتى احتاجت إلى الاسترفاد »[4].

وأثّر السمّ في الإمام تأثيرا شديدا حتى لفظ أنفاسه الأخيرة ولسانه يلهج بذكر اللّه تعالى ، وقد انطفأت باستشهاده شعلة مشرقة من الإمامة والقيادة المعصومة في الاسلام .

لقد استشهد الإمام الجواد ( عليه السّلام ) على يد طاغية زمانه المعتصم العباسي وقد انطوت بموته صفحة من صفحات الرسالة الاسلامية التي أضاءت الفكر ورفعت منار العلم والفضيلة في الأرض .

تجهيزه ودفنه :

وجهّز بدن الإمام ( عليه السّلام ) فغسّل وادرج في أكفانه ، وبادر الواثق والمعتصم فصليا عليه[5] ، وحمل الجثمان العظيم إلى مقابر قريش ، وقد احتفت به الجماهير الحاشدة ، فكان يوما لم تشهد بغداد مثله فقد ازدحمت عشرات الآلاف في مواكب حزينة وهي تردد فضل الإمام وتندبه ، وتذكر الخسارة العظمى التي مني بها المسلمون في فقدهم للإمام الجواد ( عليه السّلام ) وحفر للجثمان الطاهر قبر ملاصق لقبر جده العظيم الإمام موسى بن جعفر ( عليه السّلام ) فواروه فيه وقد واروا معه القيم الانسانية ، وكل ما يعتز به الانسان من المثل الكريمة[6].

عن أبي جعفر المشهدي باسناده عن محمد بن رضيّة عن مؤدّب لأبي الحسن [ الهادي ( عليه السّلام ) ] ، قال : « انه كان بين يدي يوما يقرأ في اللوح إذ رمى اللوح من يده وقام فزعا وهو يقول : انا للّه وانا اليه راجعون مضى واللّه أبي ( عليه السّلام ) فقلت : من اين علمت هذا ؟ فقال ( عليه السّلام ) : من اجلال اللّه وعظمته شيء لا أعهده .

فقلت : وقد مضى ، قال : دع عنك هذا ائذن لي ان ادخل البيت واخرج إليك واستعرضني بآي القرآن ان شئت أقل لك بحفظ ، فدخل البيت فقمت ودخلت في طلبه اشفاقا مني عليه وسألت عنه فقيل دخل هذا البيت وردّ الباب دونه وقال لي : لا تؤذن عليّ أحدا حتى أخرج عليكم .

فخرج ( عليه السّلام ) إلي متغيّرا وهو يقول : انا للّه وانا اليه راجعون مضى واللّه أبي ، فقلت : جعلت فداك ، قد مضى فقال : نعم وتولّيت غسله وتكفينه وما كان ذلك ليلي منه غيري ثم قال لي : دع عنك واستعرضني آي القرآن ان شئت أفسر لك تحفظه » فقلت : الأعراف . فاستعاذ باللّه من الشيطان الرجيم ثم قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ[7].

عمره وتاريخ استشهاده

اما عمر الإمام الجواد ( عليه السّلام ) حين قضى نحبه مسموما فكان خمسا وعشرين سنة[8] على ما هو المعروف ، وهو أصغر الأئمة الطاهرين الاثني عشر ( عليهم السّلام ) سنّا ، وقد أمضى حياته في سبيل عزة الاسلام والمسلمين ودعوة الناس إلى رحاب التوحيد والايمان والتقوى .

واستشهد الإمام الجواد ( عليه السّلام ) سنة ( 220 ه ) يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي القعدة ، وقيل : لخمس ليال بقين من ذي الحجة وقيل : لست ليال خلون من ذي الحجة ، وقيل : في آخر ذي القعدة[9].

فسلام عليه يوم ولد ويوم تقلّد الإمامة وجاهد في سبيل ربّه صابرا محتسبا ويوم استشهد ويوم يبعث حيّا .

 


[1] حياة الإمام محمد الجواد ( عليه السّلام ) : 264 .

[2] أم عيسى هي كنية أخرى لام الفضل ، واسمها زينب ، كما في بعض النصوص .

[3] بحار الأنوار : 50 / 62 - 63 .

[4] بحار الأنوار : 50 / 17 .

[5] ان الصلاة من قبل المعتصم والواثق على الإمام ( عليه السّلام ) إنما هو للتعتيم الإعلامي على قتل الإمام ( عليه السّلام ) والمعروف ان المعصوم ( عليه السّلام ) يقوم بتجهيز المعصوم والصلاة عليه . فلا مانع من حضور الإمام الهادي ( عليه السّلام ) عند تجهيز أبيه الجواد ( عليه السّلام ) . راجع النص من الإمام الهادي على حضوره تغسيل وصلاة ودفن أبيه في مسند الإمام محمد الجواد ( عليه السّلام ) : 125 - 126 .

[6] حياة الإمام محمد الجواد ( عليه السّلام ) : 263 .

[7] الثاقب : 204 .

[8] حياة الإمام محمد الجواد ( عليه السّلام ) : 264 .

[9] الكافي : 1 / 497 / 12 ، إعلام الورى عن ابن عياش ، التهذيب : 6 / 90 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.