المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6253 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

عدم جواز التيمم بما هو خارج عن اسم الأرض.
23-1-2016
مخاطبات ابن زمرك للسان الدين
2024-08-03
منطق إبليس
9-10-2014
greed (n.)
2023-09-15
اتفاقيات جنيف لعام 1958 المتعلقة بقانون البحار
23-3-2017
السرو Cupressus sempervirens
14-2-2016


أضواء على زكاة المال والنفس.  
  
1256   04:37 مساءً   التاريخ: 2023-03-18
المؤلف : الشيخ علي حيدر المؤيّد.
الكتاب أو المصدر : الموعظة الحسنة
الجزء والصفحة : ص 563 ـ 578.
القسم : الاخلاق و الادعية / أخلاقيات عامة /

 

 

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): "يا علي تارك الزكاة يسأل الله الرجعة إلى الدنيا وذلك قول الله عزّ وجلّ: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}" (1).

 

الغفلة طريق الانهيار:

الغفلة من أشد الأمراض النفسية التي تسود مصير الإنسان في الدنيا والآخرة لأنّ خاتمة الإنسان وآخرته مرتبطة بعمله في الدنيا ومقدار ونوعيّة هذا العمل إذ هو المحدّد لنوع العذاب أو النعيم ومدته كذلك {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8] ومن المعلوم أنّ الإنسان في هذه الحياة في حركة دائبة وكما يعبّر القرآن (كدح) فهو في كدح مستمر حتى يصل في نهاية المطاف إلى ربه وهذا الكدح إن كان لله عزّ وجلّ فهو ملاق الله مسروراً ، وإن كان كدحاً للدنيا فقط فهو يلاقي الله وقد غضب الله عليه: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} [الانشقاق: 6] والسبب في أن يتوجّه الإنسان نحو الدنيا ويترك مقدّمات الآخرة هو غفلته عن المستقبل. فيستغرق بما هو فيه من لهو أو عمل دنيوي ويغفل عن أنّه معرض للموت ومن ورائه حساب ومن ورائه عذاب، ويحسب أنّه لو تعلّق بالدنيا فسوف يحصل بذلك على سلطان الأسباب الكونية يستخدمها ويستذل بها كل ما يتمناه من لذائذ الحياة ويظن أنّها باقية له وهو باقٍ لها حتّى إذا تعلّق بها وغفل عن مقام الرب تبارك وتعالى وأعرض عن الآخرة بالجملة ظهرت له الحقيقة وبان له بأنّه كيان ضعيف لا يقدر على دفع أبسط المخاطر عن نفسه فكيف بالموت؟ قال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1] وعادة الإنسان الغافل أنّه يغفل بسبب تمكّن الدنيا من قلبه وسيطرة هذا التعلق الدنيوي على كيانه فلا يبقى هناك مجال لكي يشغل بذكر الآخرة والتأمّل في الأعمال، بل على العكس يكون هناك إعراض تام عن الآخرة لأنّ الإنسان إذا تذكر شيئاً أو خطر على باله أمر فإنّ تصوّر ذلك الأمر يكون موجوداً في ذهنه أيضاً للملازمة أمّا إذا غفل عن شيء وأعرض عنه فإنّه لا يخطر تصوّر ذلك الشيء المغفول عنه في ذهنه أبداً ولذلك تراه يعرض عنه بل حتّى لو ذكر به ونبّه عليه فإنّه يعرض لعدم وجود منطقة فراغ في روحه لكي يتّصل من خلالها بالآخرة ولذلك يقول تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء: 1، 2]. فهم يسمعون القول ومع ذلك يعرضون عنه لتعلّقهم القلبي والروحي والجسدي بالدنيا وانجذابهم إليها ولهذا كانت الغفلة أحد الأسباب الداعية إلى عدم قيام الإنسان بواجباته الشرعية وانشغاله في اللهو والغرور.

يُحكى أنّ هارون العباسيّ عندما بنى أحد القصور في بغداد جاء الشعراء والمدّاحون لتقديم التهنئة له وكان ممّن جاء إليه الشاعر أبو العتاهية فطلب هارون منه أن ينشده شعراً فقال أبو العتاهية:

عش ما بدا لك سالماً *** في ظلّ شاهقة القصور

فقال هارون: أحسنت.

ثم قال أبو العتاهية:

يُهدى إليك بما اشتهيت *** من الرواح إلى البكور

فإذا النفوس ترقرقت *** في ظلّ حشرجة الصدور

فهناك تعلم موقناً *** ما كنت إلّا في غرور

فلمّا سمع هارون ذلك بكى على غفلته وفرحه بالقصور وإعراضه عن آخرته.

وكلّما تعلق الإنسان بالدنيا وانشغل بالملذات زاده ذلك إعراضاً عن هدفه الحقيقي ومصيره النهائي، وذلك لأنّ الغفلة وتعلّق القلب بالمادّيات يجعلانه يعرض عن واجباته الشرعية لأنه يشعر أن الصلاة تأخذ وقتاً من أوقات ملذاته وأن الزكاة تسلب من أمواله جزءاً فيعتقد بأنه قد خسر من فرص تمتعه أو أن الخمس فقدان لأتعابه وجهوده التي يجمع بها الأموال ثم يعطيها للغير فيشعر أن ذلك مصادرة لأمواله وأتعابه لذلك نرى أن بعض الناس يعرض عن الخمس والزكاة لأن الإنسان يحب المال أكثر من أي شيء ولذلك جعل الله الخمس مثلاً امتحانا للناس واختباراً لإيمانهم.

تكليف صعب:

لماذا ذكر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في حديثه الزكاة؟ ولماذا كانت الزكاة والخمس من أثقل التكاليف على الإنسان؟ لأن الإنسان في هذه الدنيا أكثر ما يتعلق قلبه بالمال حتى إن علقته بالمال تفوق شهوة الملك عند البعض ويقول البعض إن المال مأخوذ من الميل لكونه مما يميل إليه القلب قال تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20]. وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8] ولذلك قدم القرآن المال على الأولاد والأهل لعلمه تعالى بأن الإنسان أشد ما يرغب إلى المال {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ} [آل عمران: 10]. وقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 28]. وقوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: 46] ولأنّ المال أوضح مصاديق الربح والمنفعة ولذلك نرى المولى سبحانه وتعالى عندما يخاطب الإنسان أحياناً يخاطبه بهذه اللغة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: 10]. أو بالوصف كما في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207] فيظهر من ذلك أنّ الإنسان شديد الحب والتعلّق بالأموال والتجارة فيرغب في جمعها بل يعرض نفسه للمخاطر من أجل الحصول عليها ولعلّه أحيانا يسلك بعض الوسائل اللاشرعيّة من أجل الحصول على المال فهو يشعر أنّ المال يمنحه القوة والمنعة والسيطرة واقتناء كلّ ما يرغب فيه، وبالجملة فالإنسان يرى في المال السبب القوي لصناعة السعادة له فى الحياة فيحرص عليه كثيراً ولذلك كانت الزكاة أو الخمس أو مطلق الإنفاق للغير من أثقل الأمور على الإنسان وأشدها صعوبة عليه لأنه يشعر أن جزءاً من سعادته سوف يذهب إلى الغير لذلك يعرض البعض عن دفع الزكاة أو الخمس ولو كان على حساب مصيره الأخروي، لأنه يجهل مدى السعادة الأخروية لكنه من شدة تعلقه بالمال والدنيا ينقطع عن كل شيء إلاً المال ولذا يمتنع البعض عن إعطاء الحقوق الشرعية التي في ذمته من خمس وزكاة ولكن ينبغي أن نعلم أن عدم إعطاء الحقوق الشرعية لأهلها ملازم لحب الدنيا الذي يعد المال من أظهر مصاديقه.

من المالك الحقيقي؟

روي أنّ بهلول شوهد ذات مرة في المقابر وهو يخاطب الأموات قائلاً: أي كذبة أي كذبة! فقيل له: هل تجدّد جنونك يا بهلول؟ قال: كلا إنّهم كانوا يفتخرون ويقولون لنا قصور ولنا بساتين ومراكب وأموال وأولاد وقوة وسلطة، وأراهم اليوم وليس عندهم شيء، إنّهم كانوا كاذبين حيث كانوا يدعون ما لم يكن لهم. فأموال الإنسان في حقيقتها ليست له وإنّما هي لله عزّ وجلّ فلا يتعلّق الإنسان بالأموال بدرجة الحب والعشق لأنّها مثلما جاءته سوف تذهب عنه ولن تخلد له ولا هو خالد لها بقول مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): "فإنّ الذي في يدك من الدنيا قد كان له أهل قبلك وهو صائر إلى أهل بعدك"(2) وقال الشاعر:

وما المال والأهلون إلا ودائع *** ولا بدّ يوماً أن ترد الودائع

 

الزكاة في البعد اللغوي والفقهي:

جاء في اللغة أنّ معنى الزكاة مأخوذ من زكا أي النمو الحاصل عن بركة الله تعالى ويعتبر ذلك بالأمور الدنيوية والأخروية يقال زكا الزرع ويزكو إذا حصل منه نمو وبركة وقوله تعالى: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} [الكهف: 19] إشارة إلى ما يكون حلالاً لا يستوخم عقباه، ومنه الزكاة لما يخرج الإنسان من حقّ الله تعالى إلى الفقراء وتسميته بذلك لما يكون فيها من رجاء البركة أو لتزكية النفس أي تنميتها بالخيرات والبركات أو لهما جميعاً فإنّ الخيرين موجودان فيها (3) وكذا الحال في الخمس لأنّ لفظة الزكاة تشمل الخمس أيضاً فيكون الخمس هو الآخر سبباً من أسباب تنمية الروح وتهذيب القلب وطهارة النفس وأيضاً سبباً للبركة الحاصلة في الأموال.

لأن الزكاة والخمس كأمانة بيد العبد وكأنها أموال للغير في أموال العبد فيجب عليه أن يردها إلى أصحابها وهم المستحقين فالخمس مثلاً يجب أن يدفع إلى آل محمد ص وهم ذوو القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وعندما يكون الإنسان ممتثلاً لأمر الله بأن يدفع الخمس الذي عليه يكون بذلك أقرب إلى التقوى لأنه استطاع أن يتجاوز رغباته وتعلقه بالمال فعن أحد الصادقين (عليهما السلام): قد فرض الله في الخمس نصيباً لآل محمد (صلى الله عليه وآله) فأبى (فلان) أن يعطيهم نصيبهم حسداً وعداوة وقد قال الله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] (4) وعلى هذا فيكون المعنى اللغويّ للزكاة هو النمو والبركة والاصطلاحي هو إخراج مقدار محدود من الأموال ودفعها إلى مستحقيها وفق شرائط خاصة ذكرها الفقهاء في الكتب الفقهية.

 

الزكاة تعاون على البر والتقوى:

لعلّ الحكمة من وجوب الزكاة والخمس هي مصلحة اجتماعية عامة تخدم المجتمع الإسلامي ككل فعندما يدفع الإنسان قسما من أمواله إلى الحاكم الشرعي والأخير بدوره سوف يصرفها إما في بناء المؤسسات الاجتماعية والدينية أو توزيعها على الفقراء من المؤمنين فإن هذا العمل بحد ذاته عبارة عن تحول المال إلى فائدة يستفيد منها الكثير من أفراد الأمة بعد أن كانت أوراقاً نقديّة مثلاً في جيب أحد الأشخاص ولذا قال الإمام أبو الحسن (عليه السلام): "إنّما وضعت الزكاة قوتاً للفقراء وتوفيراً لأموالهم" (5)

ومن جهة أخرى فإن خروج هذه الأموال بالفائدة على المجتمع سوف يوفر بمرور الزمن الاكتفاء الذاتي للأمة ككل كما للأفراد، فعندما يصرف الحاكم الشرعي بعض الأموال في بناء مؤسسة تجارية أو ثقافية أو ما شابه فإن عمله هذا خير وبر ينعكس بالفائدة على الأفراد فيكون ذلك المجتمع مصداقاً للآية الكريمة: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ومن جهة ثالثة فإنّ الحقوق الشرعيّة هي أحد أسباب قوة الحوزات الدينية واستقلالها وبالتالي استمرار المذهب الحق، فبواسطة المال تكون الديمومة للمؤسسات الإسلامية وللحوزات العلمية التي تدرس علوم أهل البيت ع وتقوم بإرسال المبلغين وبنشر الكتب وغيرها، لا سيما في عصرنا الحاضر لأن سلاح الأعداء هو المال وهناك فوائد عظيمة تعود بالنفع على المجتمع من الحقوق الشرعية لا مجال لذكرها هنا ولكن بعبارة نقول إن المجتمع الذي يهتم بدفع حقوقه الشرعية من الأموال كما يهتم حاكمه بصرفها في مصارفها الشرعية الخاصة أيضاً يعد مجتمعاً قوياً وغنياً.

الزكاة ضد الطغيان والاستكبار:

ومن الحكمة أنّ الله عز وجل جعل الزكاة لأن كثرة المال تورث الطغيان والاستكبار في الإنسان وذلك قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} [الشورى: 27] والبغي هو الظلم ومعنى الآية: إنّه لو وسع الله الرزق على عباده فأشبع الجميع لظلموا في الأرض - وذلك أنّ من طبع سعة المال الأشر والبطر والاستكبار والطغيان كما هو واضح وملحوظ - ولكنّه سبحانه ينزل ما يشاء من الرزق بقدر الحكمة والمصلحة إنّه بعباده خبير بصير فيعلم ما يستحقه كلّ عبد وما يصلحه من غنى أو فقر فيؤتيه ذلك (6).

 ومعلوم أنّ الظلم مخالف لاختيار الإنسان فإذا استشرى في المجتمع بسبب الأموال مثلاً تحول ذاك المجتمع إلى نصفين طبقة مستأثرة وطبقة محرومة وعندها تبدأ النزاعات وأحياناً المعارك الدامية فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى نبي من أنبيائه في مملكة جبّار من الجبارين أن ائتِ هذا الجبّار فقل له: إنّني لم أستعملك على سفك الدماء واتخاذ الأموال وإنّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين فإنّي لم أدع ظلامتهم وإن كانوا كفاراً (7).

 لا يخفى أن الإسلام لا يرفض الغنى والثروة بل يشجع عليهما وإنما يدعو لأن تكون الأموال المجموعة قد جاءت عن طريق شرعي مطابق لأحكام الإسلام أي من الحلال. ويرفض حالة الغنى التي تتكون من أموال الحرام والمجموعة بطرق غير شرعية كالغصب والسرقة والمكر وعلاوة على ذلك فإن الإسلام يرفض حالة الفقر ويعتبرها منقصة ولكن بنفس الوقت يطلب من الفقير أن يحافظ على دينه وشرفه واتزانه ولا يذل نفسه من أجل المال وبنفس الوقت يدعو الغني لأن ينتظم في صرف أمواله وألّا يسرف وأن يراعي الفقراء ولا يتكبر على الناس فالإسلام يريد التوازن والاعتدال فيكل شيء وبالجملة فالإسلام يرى في المال الحلال القوة والخير والكمال. وعكس ذلك في الفقر يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة» (8) ويقول عن الفقر: "الفقر الموت الأكبر" (9). و"الفقر منقصة للدين مدهشة للعقل داعية للمقت"(10) ومن أجل تنظيم الأمر: "إنّ الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما متّع به غني والله تعالى سائلهم عن ذلك" (11).

 

الزكاة بين الدنيا والآخرة:

وقد يرد سؤال يقول: ما هو الربط بين الزكاة أو الخمس أو مطلق الحقوق وبين رجعة الإنسان بعد الموت بحيث يطلب من الله أن يرجعه إلى الدنيا كما ذكر ذلك الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)؟

أولاً: الشيء الرئيسي في الآخرة هو عمل الإنسان ومن جملته التكليف الذي كان في عنقه فإذا كان الخمس مثلاً واجباً شرعياً وقد امتنع الإنسان عن أدائه مع قدرته عليه أي أنّه توانى وفرّط في واجبه سوف يشعر بالندم والحسرة يوم القيامة على ما فرّط فيه من الواجبات ولشدة العذاب وطول مدته يطلب من الله أن يرجعه لكي يكمل ويؤدي واجباته أي أنّه يريد بذلك أن يكون عمله متكاملاً لكي يحصل على رضا الله عزّ وجلّ ولكن هيهات إنّه مجرد طلب وتمنٍ لا تحقّق لهما أبداً لأنّه كانت لديه الفرص الكافية والوقت الكثير لكي يؤدي ما عليه من الواجبات.

ثانياً: إنّ مانع الخمس والزكاة يتمنّى الرجعة ويطلب ذلك من الله وذلك لأنّه يمكن أن يتجاوز الله سبحانه عن التقصير في الصلاة أو الصوم أو الحج لأنّها عبارة عن علاقة بين العبد وربّه وما دامت مختصّة بالله فقط فيمكن أن يرحمه الله ولو كان مقصّراً لأنّ رحمة الله سبقت غضبه وفي الدعاء (يا من سبقت رحمته غضبه) وقد قال علماء الكلام: إنّ الله سبحانه يجب أن يفي بوعده في الثواب والرحمة ولا يجب أن يفي بوعيده في العقاب والغضب.

أمّا الزكاة فلأنّها متعلّقة بالغير وكذا الخمس فهو متعلّق بالغير وهم آل الرسول فيجب أن يرضى المقابل ثم يرضى الله لرضاه والزكاة التي مصرفها لثمانية أصناف يجب أن يرضوا كلّهم لكي يرضى الله.

 فإذا لم يرض أولئك لم يرضَ الله عن مانع الزكاة أو الخمس ولذلك نراه يطلب الرجعة إلى الدنيا لكي يؤدّي الحقوق إلى أهلها ولكن إنّها كلمة هو قائلها لأنّه كان في الدنيا وهي دار امتحان وبلاء وإذا انتهت فلا مجال لكي يمتحن العبد مرة أخرى بل الآخرة دار حساب بلا عمل وامتحان فإذا خرج من الدنيا فاشلاً فلا يبقى مجال لتعديل هذا الفشل.

ثالثاً: إنّ الإنسان بعد الموت ينظر بعين البصيرة لا البصر فيتوصّل إلى معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه ويدرك جواهر الأمور إذ بصره حينئذٍ حديد قال تعالى: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22] وإذا بدأ ينظر إلى الأمور بنظرة أعمق مجرّدة عن المادة وزبارجها عندئذ يدرك أنّ المال الذي كان يحرص عليه في الدنيا ويتهالك عليه ويصرف جل وقته ويفني عمره من أجله بل ويرهق نفسه من أجل جمعه وتكثيره.

هذا المال الذي كان يتصوّره في الدنيا قوة لا تفنى وقدرة لا تزول وبه تتقوّم شخصيته وينال تفوّقه ويحقّق رفعته وسموّه فكان يمنعه من الآخرين ولا يصرفه لخدمة الناس وترويج الدين ويمنع حقوقه ولا يعطي خمسه ولا زكاته، هذا المال يتوصّل إلى أنّه هباء منثور لا قيمة له أبداً ذهبت لذته وبقيت تبعته ومسؤوليته. فإذا كان قانون الدنيا المال والثروة والغنى عند البعض فإن قانون الآخرة هو الإيمان والعلم والتقوى والقلب السليم ولهذا يحترق ذلك الإنسان أسفاً ويندم على ما قدم وأخر، فيتمنّى الرجوع إلى دار الدنيا لكي يعطي المال قيمته الحقيقية ويتعامل معه معاملة العارفين وأهل البصائر، الذين يتخذون المال طريقاً للآخرة فيصرفونه في مساعدة الفقراء والمحتاجين وينفقونه في سبيل الله لتأسيس المشاريع ونشر الفكر الديني وخدمة أهل البيت (عليهم السلام)، ويعطي حقوقه الشرعية، فيسأل الله سبحانه الرجعة ولكن هيهات، فإنّ الدنيا كانت دار العمل وقد ذهبت مرحلتها والآخرة دار الحساب وقد حلّ وقتها فيحاسب على ما قدم وأخر في حياته.

 

الزكاة الظاهرة والباطنة:

لقد اهتم الشارع المقدس بالزكاة كثيراً ومن دلائل اهتمامه بها أنه تعالى قرنها مع الصلاة في كثير من الآيات {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 1 - 4]. و{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 277] وكذلك جاء عن إمامنا الباقر (عليه السلام): قال: "بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية"(12)، وللزكاة معنيان:

الأول: الزكاة بالمعنى الأخص أي المتعلقة بالأنعام الثلاثة الإبل والبقر والغنم والغلّات الأربع الحنطة والشعير والتمر والزبيب والنقدين الذهب والفضة أي إذا بلغ عدد الإبل حداً تكون الزكاة واجبة في هذا العدد، ويسمى ذلك الحد (نصاباً).

 فمثلاً إذا بلغت الإبل خمساً فزكاتها شاة واحدة وإذا بلغت عشراً ففيها شاتان وبالجملة فإنّ في الإبل اثني عشر نصاباً ولا يخفى أنّ البقر والغنم والجاموس والمعز كلّ ذلك مشمول بالزكاة (13).

 وأمّا الغلّات فقد ذكرت مقدار الزكاة فيها بأوزان معيّنة في كتب الفقه وأمّا النقدان فيشترط أن يصلا إلى حدّ النصاب ونصاب الذهب أن يصل عشرين ديناراً ذهبيّاً فزكاة هذا النصاب الأول هو ربع عشره وكلّما زاد أربع دنانير فوق العشرين فتجب الزكاة في هذه الأربعة الأخيرة إذا كانت زكاة العشرين قد خرجت وهكذا، أمّا نصاب الفضة فبأن تبلغ مائتي درهم وفيها خمسة دراهم ثم كلّما زادت أربعين درهماً ففيها درهم واحد على خلاف وتفصيل بين الفقهاء فيها. ولا يخفى أن لكل واحد من هذه الثلاث (الإبل والنقدين والغلات) شروطاً خاصة إذا توفرت كانت الزكاة واجبة وإلاً فلا وليس هنا مجال ذكرها.

ثانياً: الزكاة بالمعنى الأعم وهي تشمل الزكاة والخمس أيضاً بل كافة الحقوق الواجبة ولعل المراد من إطلاق لفظة الزكاة في القرآن والسنة أو في كتب الفقه هو المعنى الأعم كما هو اطلاقها في الزيارة (وأشهد أنّك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف...) (14) فالمراد بالزكاة هنا المعنى الأعم لكلّ الحقوق الواجبة.

كما أنّ هناك روايات عن أئمة الهدى سلام الله عليهم أنّ الزكاة في كل شيء فعن المفضل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسأله رجل في كم تجب الزكاة في المال؟ فقال له: الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ قال أريدهما جميعاً فقال: أمّا الظاهرة ففي كلّ ألف خمسة وعشرون درهماً وأما الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك (15).

 وفي قوله (عليه السلام) هذا دلالة على أنّ الزكاة بمعناها الأعمّ لا تختصّ بالأموال بل تشمل كلّ شيء لأنّ الزكاة بمعنى النمو ونمو كل شيء بحسبه فزكاة المال بدفع حقوقه وزكاة العلم نشره وزكاة الجاه بذله في سبيل خدمة الناس وزكاة الإيمان والأخوة هو الإيثار والوفاء وبذل الخدمة لهم وهكذا.

 

الزكاة حصن للمال والنفس:

عن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال: "حصّنوا أموالكم بالزكاة" (16) وكذلك بنفس العبارة عن الإمام الصادق (عليه السلام) فكما أنّ العلم يزكو بالإنفاق أي يزداد ويكثر كذلك الأموال تكثر بركتها ويزداد خيرها وعددها بالإنفاق لاسيّما أداء الحقوق كالخمس والزكاة لذلك كانت الزكاة حصناً يضمن الأموال من التلف والنقص يقول أمير المؤمنين ع (بركة المال في أداء الزكاة) (17) فالزكاة سبب لجلب البركة والرزق وأيضا الزكاة من أبرز الواجبات الإسلامية وممّا امتاز به الإسلام بل هي علامة شاخصة للمؤمن الحقيقي ولذلك يصفها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بقوله (الزكاة قنطرة الإسلام) (18) فكأنّ من لا يخرجها لا قنطرة له للإسلام ولذلك جاءت الروايات بهذا المعنى فعن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (من منع قيراطاً من الزكاة فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً) (19) فبان من ذلك أنّ الزكاة حصن يتحصّن بها الإنسان هو وأمواله ولهذا يقول الإمام الباقر (عليه السلام): (الزكاة تذهب الذنوب) (20) وإذا ذهبت الذنوب عن الإنسان فإنّه من الآمنين هذه بعض فوائد الزكاة.

الزكاة.. لمن؟

قد يتصور أنّ الزكاة أمر فرضي يفرضه الإسلام على الأشخاص فالمال مال الشخص فلماذا يفرض الإسلام حق (الزكاة) عليه وتحت أي عنوان يكون ذلك؟

أولاً: نقول إنّ الشريعة عندما وضعت الزكاة أولا من باب أنّ الأموال والأملاك كلّها لله عزّ وجلّ في حقيقتها وملكيّة الإنسان اعتباريّة أمام ملكيّة الله عزّ وجلّ الحقيقيّة ثم إنّ الشريعة تقرّر أن ما في الطبيعة كلّها للمجتمع ككلّ {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] فعندما تفرد شخص في ملكية أرض واسعة النطاق يأتي الإسلام ليأخذ منه سهماً واحداً وهو الزكاة باعتباره سهماً يعود إلى أصله ثم إنّ الإسلام لا يفرضها على جميع الماليّات بل على أمور من شأنها أن يشترك الجميع فيها وهي الأرض والحيوانات وبعض المعادن.

ثانياً: إنّ الإسلام عندما أوجب الزكاة إنّما أوجبها لأنهّا مدعاة إلى حفظ المجتمع وتوازنه العام وإلغاء الحرمان وذلك بتقريب الأفراد بعضهم من بعض من الناحية الماليّة.

ثالثا: الإسلام لم يؤثر الزكاة لطبقة خاصة كالأنبياء أو الأوصياء بل جعلها في ثمانية أقسام: (الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب أي العبيد والغارمين أي الذين علتهم الديون وابن السبيل وفي سبيل الله) أي سهم واحد لله عز وجل ونفعه ليس لله وإنّما يعود بالنفع على المجتمع أيضاً. ومن خلال ذلك تبيّن أنّ الإسلام إنّما أوجب الزكاة ليعود النفع للناس أنفسهم وبالمقابل فقد حذّر الإسلام مانع الزكاة وأنذره بالعذاب الأليم لأنّه بمثابة الظالم أو الغاصب لحقوق المجتمع والحارم لأناس كثيرين من أن ينتفعوا بهذه الأموال.

 

مانع الزكاة في الميزان:

وفي مفتتح الحديث أشار الرسول الأكرم في إلى ذلك (تارك الزكاة يسأل الله الرجعة إلى الدنيا وذلك قول الله عزّ وجلّ: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99] وهناك روايات كثيرة توعد مانع الزكاة بالعذاب الأخروي والأضرار الجسيمة نذكر منها:

1 -عدم قبول الأعمال من مانع الزكاة أي أنّ أعماله معلقة على الزكاة فعن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا يقبل الله الصلاة ممن منع الزكاة) (21).

2 - المال غير المزكّى ملعون أي بعيد عن بركة الله فيه يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): "ملعون ملعون مال لا يزكّى" (22).

3 - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "مانع الزكاة في النار" (23) وعن الباقر (عليه السلام) قال: "ما من عبد منع من زكاة ماله شيئاً إلا جعل الله ذلك ثعباناً من نار مطوّقاً في عنقه ينهش من لحمه حتّى يفرغ من الحساب وهو قول الله عزّ وجلّ: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 180] يعني ما بخلوا به من الزكاة (24).

4 - وبطبيعة الحال فإنّ كل مال إن لم يذهب إلى الحق فهو إلى الباطل أسرع فمانع الزكاة تكون أغلب أمواله ذاهبة إلى مواضع الباطل والحرام يقول الإمام (عليه السلام): "من منع حقاً لله عزّ وجلّ أنفق في باطل مثليه" (25).

 

تقييم المصير:

ينبغي للإنسان الصالح أن ينظر إلى مصيره الأخروي أكثر من نظره إلى الدنيا ويومه الذي يعيشه بل عليه أن يجعل ذكر النار والعذاب على باله ولا يغيب عنه لأنّ كل إنسان عندما تغيب عن باله الآخرة ينغمس في زخارف الدنيا، لذلك كان بعض الصالحين يضع أعمالا تذكّره بالآخرة بل تربطه بعالم الآخرة ينقل عن المرجع الكبير الورع السيد الميرزا مهدي الشيرازي (قدّس سره) أنّه عندما كان في سامراء يدرس كان يخرج إلى المقابر وكان قد حفر قبراً له فينام فيه ثم يقرأ قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [المؤمنون: 99، 100].

 فكان يقوم ويقول لنفسه يا مهدي قم واعمل فيما تركت وكذلك الكثير من أمثال هؤلاء الصالحين وكذلك فإنّ القرآن يذكّر الإنسان دائماً بعالم الآخرة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18] لكي يثير داخل الإنسان الاستفهام الدائم في حياته فيجعله بالنتيجة يقدم المقدمات والأسباب التي تنجيه من العذاب الأليم من قبيل القيام بالواجبات كالصلاة والصيام والزكاة وترك المنكرات والقبائح، أمّا إنزال الأمر عن عاتقيه والالتصاق بالأرض والانغماس في الطين فسوف يضطره غداً أن ينادي:{..رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ..}.  

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كلمة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): ص 162.

(2) نهج البلاغة: ح416، من كلام له لابنه الإمام الحسن (عليه السلام).

(3) مفردات الراغب: مادة زكا ص 218.

 (4) البحار: ج 93، كتاب الخمس ص 188، ح 16، ط ـ بيروت.

(5) الحكم الزاهرة عن النبي وعترته الطاهرة: ص 157، ح 815.

(6) الميزان: ج18، ص 56، ط ـ بيروت.

(7) الكافي: ج2، كتاب الإيمان والكفر باب الظلم ح 14ط ـ قم.

(8) نهج البلاغة: حكمة 56، ص 155 نسخة المعجم.

(9) المصدر نفسه: حكمة 163، ص 166.

(10) المصدر نفسه: حكمة 319، ص 179.

(11) المصدر نفسه: حكمة 328، ص 179.

(12) الكافي: ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام، ح1.

(13) راجع كتب الفقه أمثال شرائع الإسلام واللمعة والجواهر وغيرها.

(14) زيارة وارث.

(15) معاني الأخبار: ص 150 باب معنى الزكاة الظاهرة والباطنة.

(16) الحكم الزاهرة عن النبي وعترته الطاهرة: ص 157، ح 816.

(17) المصدر نفسه: ص 158، ح 818.

(18) الحكم الزاهرة: ص 158، ح819.

(19) المصدر نفسه: ح 823.

(20) الكافي: ج 2، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام، ح5.

(21) الحكم الزاهرة: ص 159، ح 828.

(22) المصدر نفسه: ح 829.

(23) المصدر نفسه: ح 830.

(24) المصدر نفسه: ح 820.

(25) المصدر نفسه: ح 811.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.