أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2022
1976
التاريخ: 2023-03-05
934
التاريخ: 2023-03-08
925
التاريخ: 14-8-2020
1362
|
لازمت مشكلة اللانهائيات خاصة تلك التي تنشأ عن تطبيق ميكانيكا الكم على مجال الجاذبية، موضوع فيزياء الجسيمات لعقود، لكن في ثمانينيات القرن العشرين وجد علماء الفيزياء طريقة لتفاديها. الفكرة الأساسية هي التخلي عن فكرة الجسيمات بصورة كلية واستبدالها بأوتار مرنة، تتحرك وفق قواعد ميكانيكا الكم في أبسط صور النظرية الجديدة، تشكل الأوتار حلقات مغلقة، لكنها صغيرة للغاية حتى إننا سنحتاج لسلسلة من مائة مليار مليار حلقة كي تلتف حول نواة الذرة الواحدة. وبهذا يصير ما كنا ننظر إليه فيما سبق على أنه جسيم، كالإلكترون في حقيقته (وفق هذه النظرية) حلقة من الأوتار، فقط نحن لا نستطيع رؤيته بهذه الصورة لأن الحلقة صغيرة للغاية.
الجانب الجذاب في نظرية الأوتار هو أنك تحتاج لنوع واحد فقط من الأوتار لتكوين «جميع» الجسيمات الفرميونات والبوزونات وجسيمات المادة وجسيمات التبادل كل شيء. يمكن أن يهتز الوتر بأنماط متعددة، وكل نمط منها يتوافق مع جسيم مختلف؛ فإذا اهتز الوتر بطريقة ما فالجسيم إلكترون، وإذا اهتز بصورة مغايرة يصير كواركا وهكذا. تقدم نظرية الأوتار وصفًا طبيعيًّا لكل الجسيمات المعروفة. وهي: تضمن مفهوم التناظر الفائق، وبهذا فهي تصف أيضًا الجسيمات الشريكة فائقة التناظر. (ولهذا السبب أحيانًا يشار إليها بنظرية الأوتار الفائقة.) لا تسأل ممّا تتكون الأوتار نفسها؛ فالفكرة كلها تعتمد على أنها كيانات أولية غير قابلة للتفكك يُبنى منها كل شيء آخر. وفي هذا الجانب تكون الأوتار شبيهة للغاية بروح النظرية الذرية الأصلية للمادة، لكن مع ميزة إضافية؛ فهي تفسر أيضًا كيفية تفاعل الجسيمات بعضها مع بعض دون إدخال مفهوم جديد؛ إذ إن القوى أيضًا تخرج من عباءة نظرية الأوتار بفضل حركات الأوتار التي تصف جسيمات التبادل المختلفة كالفوتون والجلوونات أهم ما في الأمر هو أن نظرية الأوتار أفضت إلى نتائج محددة في جميع الحسابات التي أجريت إلى الآن، بما فيها تلك التي تضمنت الجاذبية، وبهذا هي تعد بتجنب تلك المعضلة الرياضية الخاصة بالكميات اللانهائية.
إن الأوتار صغيرة للغاية حتى إنه من العسير تخيل الكيفية التي يمكن بها ملاحظتها بشكل مباشر، وهذا يضعنا في موقف مشابه لموقف الفلاسفة الإغريق الذين افترضوا وجود الذرات دون أن يكون لديهم أمل في رؤيتها. يحتاج الكشف عن تفاصيل الأوتار معجلات جزيئية أقوى بتريليونات المرات من أقوى ما تم بناؤه إلى الآن. وحتى الأشعة الكونية ذات الطاقة الأعلى لا تزال أقل من المستوى المطلوب بمليارات المرات. لن يكون افتقاد البرهان المباشر على وجود الأوتار بالمشكلة الكبيرة لو قدمت النظرية تنبؤات واضحة عن العالم ذي الطاقة المنخفضة نسبيًّا الذي يمكننا التحقق منه بالتكنولوجيا التي نملكها بالفعل، لكن هذا لم يحدث (على الأقل ليس بعد). وبهذا تتعامل نظرية الأوتار مع ذلك المجال المتقلقل للطاقات العالية والمسافات فائقة الصغر، وإلى الآن ليس لديها ما تقوله بشأن الفيزياء الحقيقية التي تحدث في المختبرات.6
قضية أخرى تتعلق بالمكان الذي تتحرك فيه الأوتار، المكافئ الوتري لفراغ ديموقريطس. هناك أمل بأن يظهر المكان والزمان في نظرية الأوتار كجزء من وصفها للواقع، لكن هذا لم يتحقق بعد؛ إذ عليك أن تفترض أن المكان والزمان موجودان بالفعل كي يوفر ساحة تتحرك فيها الأوتار. لكن الأمر أسوأ من ذلك، ففي أبسط صياغات نظرية الأوتار من الضروري افتراض وجود المزيد من الأبعاد في الفضاء، بمعنى أنه لا بد من إضافة المزيد من الأبعاد إلى أبعاد الفضاء الثلاثة المعتادة. ولأننا لا نعي أبعاد الفضاء الإضافية علينا ابتكار آلية لإخفائها. لا يعد دمج أبعاد إضافية للفضاء في حد ذاته مشكلة أمام النظرية، رغم صعوبة تخيله. لكن القضية الشائكة بحق هي حقيقة أن طوبولوجيا الأبعاد المدمجة وشكلها ليسا متفردين. وليس هذا إلا وصفًا هينًا للأمر؛ فحتى العدد القليل من الأبعاد يمكن دمجه في عدد هائل من الأشكال، وكل ترتيب يؤدي إلى جسيمات وقوى مختلفة في الثلاثة أبعاد المتبقية (غير المدمجة) للعالم.7 وفق نظرية الأوتار فإن عالمنا يتوافق مع واحد فقط من هذه الأشكال المدمجة، لكن أيها؟ وماذا عن البقية؟ ما أنواع العوالم التي تصفها؟ على حد علمنا ستكون هذه عوالم مختلفة للغاية عن العالم الذي نرصده؛ إذ قد يكون في بعضها عشرة أنواع من النيوترينوات وليس ثلاثة فقط، أو خمسة أنواع من الفوتونات. وقد تحوي عوالم أخرى أربعة أنواع من الكواركات فقط، أو حتى أربعين قد تكون هناك عوالم القوى الكهرومغناطيسية فيها أقوى من القوى النووية الشديدة، أو تكون فيها ثماني قوى أساسية وليس أربعًا، وهكذا. من الواضح أن عالمنا ليس إلا احتمالية وحيدة ضمن عدد مربك من البدائل. ونظرًا لأن هدف نظرية الأوتار في الأساس هو توحيد الطبيعة فسيبدو تنبؤها بعدد مهول من العوالم البديلة خطوة للوراء لا إلى الأمام.
يختلف أنصار نظرية الأوتار حول الكيفية التي ستُحل بها مشكلة التعدد تلك؛ فالبعض يعلق آماله على فهم أفضل للبنية الرياضية للنظرية التي يؤمنون بقدرتها على انتقاء حالة فريدة بعينها، على نحو أشبه بالحالة الأرضية لذرة الهيدروجين مثلا وهي أكثر الحالات ثباتًا ومن ثم أكثرها ترجيحًا. إذا كانوا محقين فحري إذن بفيزياء الطاقة المنخفضة التي تصفها هذه الحالة أن تنطبق على العالم الذي نرصده، وإلا ستكذَّب النظرية على الفور. لكن آخرين من أنصار نظرية الأوتار تخلوا عن أمل الوصول لحل وحيد للمعادلات التي ستظهر وواجهوا بجرأة تبعات تلك الزيادة الهائلة للعوالم المختلفة الممكنة. وفي الواقع نجح هؤلاء في تحويل الخطيئة إلى فضيلة.
هوامش
(6) It does have something to say about the ultrahot, very early universe, though, and it is not impossible that some stringy relic may be found by cosmologists. But so far there is no sign of any
. (7) The problem of multiplicity is greatly exacerbated by the existence in the theory of so-called fluxes, analogous to lines of electric or magnetic force, which can thread through the compactified spaces in a colossal number of different ways.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|