أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-21
2389
التاريخ: 1-4-2016
17180
التاريخ: 2024-04-14
935
التاريخ: 15-4-2017
2152
|
أولا: الجريمة التأديبية.
يوجد كثير من الأسماء التي أطلقت على الخطأ الذي يرتكبه الموظف، ويعرضه للمسؤولية التأديبية، فبعضهم يطلق عليه لفظ الخطأ الإداري، أو الجريمة الانضباطية، أو مخالفة مسلكية، أو ذنب إداري أو جريمة تأديبية إن هذا التباين بين المصطلحات يدل كله على معنى واحد هو مخالفة الموظف لواجباته، وسيعتمد الباحث لفظ الجريمة كون لفظ المخالفة لا يوحي بجسامة الفعل الذي قد يرتكبه الموظف وتؤدي الى الاضرار بالمصلحة العامة.
وهنالك جانب من الفقه ينكر استعمال مصطلح الجريمة على الفعل غير المشروع الذي يرتكبه الموظف العام، ويعرضه للمسؤولية التأديبية(1)، ويرى قصور هذا اللفظ على الخروج على أحكام قانون العقوبات، وحجتهم في ذلك بأنه من غير المستساغ إطلاق لفظ المجرم على مرتكب الجريمة التأديبية.
وبالرجوع إلى المشرع اللبناني نجده أنه لم يضع تعريف للجريمة التأديبية في نظام الموظفين العمومي، ولم يقم بتحديد الجرائم التأديبية وحصرها، والسبب في ذلك أن حصر الجرائم يؤدي إلى خروج الكثير من الجرائم التي لم يتم ذكرها من طائلة العقاب، فالمشرع اللبناني بعد أن بين في المادة (14) الواجبات الوظيفية وفي المادة (15) المحظورات الوظيفية نص في المادة (54) من نظام الموظفين العموميين الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 112 لسنة 1959 على: " يعتبر الموظف مسؤولا من الوجهة المسلكية، ويعرض للعقوبات التأديبية إذا ما أخل عن قصد، أو إهمال بالواجبات المنصوص عليها في المادتين (14، 15) من هذه المرسوم، ولا تحول الملاحقة التأديبية دون ملاحقة هذا الموظف عند الاقتضاء، أما المحاكم المدنية أو الجزائية المختصة (2).
أما المشرع العراقي لم يقم بوضع تعريف للجريمة التأديبية أيضا في قوانين انضباط موظفي الدولة المتعاقبة، فبعد أن بين قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة 1991 المعدل واجبات الموظف في المادة (4) منه، والمحظورات في المادة (5)، نص على: "إذا خالف الموظف واجبات الوظيفة، أو قام بعمل من الإعمال المحظورة عليه، يعاقب بإحدى العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون، ولا يمس ذلك بما قد يتخذ ضده من إجراءات أخرى وفق القوانين (3)
ويتضح لنا من خلال ما تقدم أن المشرع اللبناني والعراقي لم يعرف الجريمة التأديبية، تاركا أمر تعريف للقضاء والفقه، لأن حصر الجريمة التأديبية في تعريف معين قد يؤدي إلى خروج بعض الجرائم من طائلة العقاب، لأن الجريمة ناتجة عن مخالفة الواجبات الوظيفية والتي تتميز بكونها متعددة ومتباينة لا يمكن حصرها.
ولم نعثر في القضاء الإداري في لبنان على تعريف للجريمة التأديبية، بل اكتفى القضاء بتوضيح مجموعة من الأمثلة للجرائم التأديبية التي يرتكبها الموظف ويخالف به الواجبات والمحظورات التي نصت عليها الأنظمة الوظيفية والقوانين، فجاء في احد قرارات مجلس شورى الدولة ما يأتي: " تشكل مخالفة مسلكيه تبرر العقوبات التأديبية، دفع معتمد مبلغا من المال قبل صدور الحوالة، واحتفاظه بالأموال في منزله (4).
أما القضاء الإداري العراقي فقد انتهج نهج نظيره اللبناني، واكتفى بذكر أمثلة عن الجرائم التأديبية، فقد جاء في احد قرارات محكمة قضاء الموظفين ما يلي: " أن عدم قيام الموظف بواجبات وظيفته واهماله لها يعتبر جريمة يحاسب عليها (5)
أما على نطاق الفقه فقد عرف بعض الفقهاء اللبنانيون الجريمة التأديبية، فقد عرفها بعضهم على أنها: "كل إخلال من قبل الموظف بواجبات الوظيفة، وقد يكون هذا الإخلال بالقيام بإعمال تخالف الأصول، والقوانين، والأنظمة، كالاحتفاظ بالأموال العمومية بالمنزل ، أو مغادرة الأراضي اللبنانية دون موافقة الرئيس المباشر (6)
وقد عرفها بعضهم الآخر على أنها: " كل عمل يخل بواجبات الوظيفة أو مخالفة النظام العام حتى لو لم يكن العمل مقصودا، وإنما كان ناجمة عن عدم دقة أو قلة الاحتراز، كما يمكن أن يشمل تصرفات الموظف الشخصية اذا كانت تسيئ إلى كرامته، وتنتقص من خدمته الوطنية"(7). وعرفها بعضهم الآخر على أنها: " القيام بعمل محظور أو عدم القيام بواجب أو الانحراف المسلكي عن مفهوم النظام العام في الوظيفة العامة (8) .
أما في العراق فقد ذهب بعض الفقهاء الى تعريف الجريمة التأديبية على أنها: "كل فعل أو امتناع يرتكبه الموظف يمثل إخلالا بواجبات الوظيفة، أو أنها كل فعل أو امتناع ينطوي على ضرر يلحق بالمرفق العام الذي ينتمي إليه الموظف (9) .
على حين ذهب بعضهم الآخر على أنها: " الأفعال التي يأتيها الموظف، ويكون من شانها الإخلال بواجبات الوظيفة ومقتضياتها (10)
وذهب أخرون بأنها: "عدم قيام الموظف بالواجبات التي نص عليه القانون، يكون خطأ تأديبية" (11) .
و عرفها أخر بأنها: كل خرق للقواعد الإدارية المنظمة للوظيفة أو مهنة معينة وذلك بالخروج على مقتضيات واجباتها أو أعرافها"(12) .
ثانيا: الجريمة الجزائية.
جاء قانون العقوبات اللبناني خاليا من وضع تعريف للجريمة الجزائية، شأنه شأن قانون العقوبات العراقي، الذي جاء خاليا من ذكر تعريف للجريمة، واكتفت التشريعات الجزائية في لبنان والعراق بوضع نص تشريعي لكل جريمة، يحدد فيه أركان الجريمة وخصائصها والعقوبة المقررة لها. وان السبب في عدم وضع تعريف للجريمة الجزائية، يرجع إلى أن التعريف قد يكون ضيقا وغير شامل للجريمة، أو قد يؤدي إلى توسيع نطاق الجريمة إذا جاء التعريف أوسع للجريمة مما هي عليه.
أن محاولة وضع تعريف عام للجريمة لا يخلو من الضرر، لأن التعريف العام لن يكون جامعا لكل المعاني المطلوبة، ولا مانع من دخول معان لم يقصدها الشارع(13) ، فضلا عن مفهوم الجريمة يتغير بتغير الزمان والمكان لذلك فان القانون أغنى نفسه عن وضع تعريف للجريمة(14)
وهنالك رأي يخالف ما قد تم ذكره بقوله: "أن وضع تعريف للجريمة لا يؤدي إلى حدوث أي ضرر فهو لا يؤدي إلى إضافة أو إلغاء جرائم كون المشرع قد ذكرها في القانون على سبيل الحصر"(15)
ومع ذلك فان التشريعات اللبنانية والعراقية عرفت بعض الجرائم، كجريمة السرقة التي عرفها قانون العقوبات العراقي في المادة 439 منه بأنها: " اختلاس مال منقول مملوك لغير الجاني عمدا"، وكذلك فعل قانون العقوبات اللبناني في المادة 635 منه.
على حين ذهب الفقهاء الى وضع تعريف للجريمة الجزائية في لبنان والعراق، ففي لبنان عرفها بعضهم على أنها: " فعل غير مشروع صادر عن إرادة جرمية يقرر له القانون عقوبة أو تدبيرا احترازيا(16) ، أما في العراق فقد عرفها احد الفقهاء بانها: كل نشاط خارجي إيجابيا كان أم سلبيا جرمه القانون وقرر له، عقابا اذا صدر عن إنسان مسؤول(17) .
______________
1- د. عثمان محمد مختار، الجريمة التأديبية بين القانون الإداري وعلم الإدارة العامة، رسالة دكتوراه، جامعة عين الشمس، القاهرة، 2002، ص 61
2- المادة (54) من نظام الموظفين العموميين اللبناني، الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم (112) لسنة 1959 المعدل.
3- المادة (7) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل.
4- م. ش . ل، قرار رقم 146، تاريخ 1993/12/4 ، يوسف الخوري الدولة، م. ق .ا العد8، 1993 ص 139 نقلا عن: محمد كاظم محمود العتبي، التأديب في الوظيفة العامة رسالة مقدمة إلى كلية الحقوق في الجامعة الإسلامية في خلده، بيروت، 2015، ص 33
5- قرار محكمة فضاء الموظفين، رقم 82، تاريخ 32/7/1963 ، مجلة التدوين القانوني، العدد3، السنة 2، 1993، ص 129
6- فوزت فرحات، القانون الإداري العام، الجزء الأول، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2012، ص 354.
7- شفيق حاتم، محاضرات في القانون الإداري، كلية الحقوق الجامعة اللبنانية، بيروت، ص 170.
8- موريس نخلة، الوسيط في شرح قانون الموظفين، الجزء الأول، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت- لبنان، 2004، ص919.
9- د. عثمان سلمان غيلان العبودي، النظام التأديبي لموظفي الدولة، ط2، الناشر صباح الأنباري، بغداد، 2007، ص. 4.
10- عبد الرحمن نورجان الأيوبي، القضاء الإداري في العراق حاضره ومستقبله، دار مطابع الشعب، بغداد، 1990، ص 331.
11- د. شاب توما منصور، النظام القانوني لعمال الدولة في العراق، مجلة العلوم الإدارية، العدد (2)، السنة 12، القاهرة، 1970، ص347 .
12- د.قاسم تركي عواد بنابي، الصفة الوظيفية في القانون الجنائي دراسة مقارنة، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2017، ص78
13- د. سمير عالية والمحامي هيثم عالية، الوسيط في شرح قانون العقوبات، ط1، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2010، ص203 .
14- د. طاري خليل محمود، شرح قانون العقوبات القسم العام، دار القادسية للطباعة، بغداد، 1982، ص 61 .
15 - د. مصطفى كامل، شرح قانون العقوبات العراقي القسم العام، ط1، مطبعة المعارف، بغداد، 1949، ص35, أشار إليه د. قاسم تركي عواد جنابي، الصفة الوظيفية في القانون الجنائي دراسة مقارنة، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2017، ص 75 .
16- د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات اللبناني القسم العام، بدون ذكر مكان النشر، 1998، ص 61
17- د. علي حسين الخلف، الوسيط في شرح قانون العقوبات، ط1، مطبعة الزهراء، بغداد، 1995، ص 252
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|