أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015
3690
التاريخ: 23-03-2015
3676
التاريخ: 23-03-2015
5301
التاريخ: 22-03-2015
2918
|
الخصائص
اللفظية للشعر الجاهلي:
(أ) غرابة
الألفاظ وجزالتها: إذا قرأنا نحن اليوم بعض الشعر الجاهلي وقعنا في أكثره على
«كلمات غريبة»، أي كلمات غير مألوفة في مخاطباتنا وكتاباتنا في عصرنا هذا. ويجب أن
نشير إلى ان هذه الكلمات كانت يومذاك «فصيحة» أي مأنوسة مألوفة، ذلك لأنّ ممارسة
الجاهلي للحياة بين الخيام وعلى الإبل جعلت كل كلمة تتعلق بالخيام والإبل مألوفة
عنده. ولكن لما انقطع ما بيننا وبين هذا النوع من الحياة انقطعت الصلة بيننا وبين
الكلمات الدالّة عليها وعلى أوجهها وأدواتها وآلاتها-على ما ترى في وصف طرفة
للناقة في معلقته مثلا. على ان الكلمة الغريبة قد تكون جميلة في اللفظ نحو رئال
(نعام) وقد تكون وحشية أو حوشية مستكرهة في اللفظ، نحو بعاق (مطر). والكلمة الجزلة
هي الكلمة الفخمة التي تقع موقعها من الاستعمال.
(ب) متانة
التركيب وبلاغة الأداء: والتركيب في الشعر الجاهلي متين، أي صحيح يجري على قواعد
اللغة العربية، لا ضعف فيه من تقديم لفظ في غير محله أو تأخير لفظة إلى غير مكانها
الذي تقتضيه أساليب العرب، أو زيادة حشو لا فائدة فيه أو حذف لغير سبب نحوي.
وكذلك
كانت تراكيبه بليغة، أي تؤدّي المعاني المقصودة منها في الأحوال المناسبة إما
حقيقة وإما مجازا بتشابيه واستعارات وكنايات تفصح عن المعاني وتكسو الافكار قوة وبروزا،
من غير تأثر بعجمة أو لحن عامي. وقد نجد في الشعر الجاهلي بضعة ألفاظ من الجناس والطباق
ولكنها كلها غير مقصودة وإنما وقعت هنالك اتفاقا، ولعل شاعرها لم يفطن اليها.
(ج)
العناية والتنقيح: وبما ان الجاهلي كان يجري في شعره على سجيته وطبعه فانه لم
يتكلف عادة في ما كان ينظمه بل كان يلقيه إلى الناس كما يخطر له ويدور في خياله. ولكن
كان هنالك نفر يأخذون شعرهم بالعناية والتنقيح، وقد سماهم رواة الأدب «عبيد الشعر»
لأنهم يتكلفون اصلاحه (بعد نظمه) ويشغلون به حواسّهم وخواطرهم. وقد عدوا من هؤلاء
النابغة وزهيرا والحطيئة وطفيلا الغنوي. واشتهر من بينهم زهير بقصائده «الحوليات»،
أي التي كان يقضي حولا (عاما) كاملا في نظم كل واحدة منها وتنقيحها وعرضها على النَقَدة
(العمدة 1:108،112).
وأراد الجاحظ تعليل ذلك فقال (1): «ومن شعراء العرب من كان
يدع القصيدة تمكث عنده حولا كريتا (كاملا) وزمنا طويلا، يردّد فيها نظره ويجيل
فيها عقله ويقلّب فيها رأيه، اتّهاما لعقله وتتبّعا على عقله فيجعل عقله زماما على
رأيه، ورأيه عيارا على شعره إشفاقا على أدبه وإحرازا (صيانة) لما خوّله اللّه
تعالى من نعمته. وكانوا يسمون تلك القصائد الحوليّات والمقلّدات والمنقّحات ليصير
قائلها فحلا خنذيذا وشاعرا مفلقا.
__________________
1) البيان
والتبيين 2:9.