المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



التعليل  
  
2380   02:07 صباحاً   التاريخ: 24-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص57-59
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2015 2014
التاريخ: 26-09-2015 2803
التاريخ: 25-03-2015 4983
التاريخ: 25-09-2015 9548

وهو أن يريد المتكلم ذكر حكم واقع، أو متوقع فيقدم قبل ذكره علة وقوعه، لكون رتبة العلة أن تقدم على المعلول، كقوله سبحانه: (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فسبق الكتاب من الله علة في النجاة من العذاب. وكقوله تعالى: (وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ)، فوجود رهطه علة في سلامته من قومه، وكقول الرسول صلى الله عليه[وآله] وسلم: لولا أخاف أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة فخوف المشقة على الأمة هو العلة في التخفيف عنهم من الأمر بالسواك عند كل صلاة.
ومن الأمثلة الشعرية في ذلك قول البحتري [متقارب]:
ولو لم تكن ساخطاً لم أكن ... أذم الزمان وأشكو الخطوبا
فوجود سخط الممدوح هو العلة في شكوى الشاعر الزمان، وكقول أبي القاسم بن هانئ الأندلسي [طويل]:
ولو لم تصافح رجلها صفحة الثرى ... لما كنت أدري علة للتيمم
فعلل درايته علة التيمم بمصافحة رجل صاحبته صفحة الثرى وهذا من غلو ابن هانئ المعروف فلحى الله غلوه كيف يقول: إنه لم يدر علة التيمم إلا بما ذكر، وقد وردت علة التيمم من نص الكتاب والسنة: أما نص الكتاب فقوله تعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) وما نص السنة فقوله صلى الله عليه[وآله] وسلم: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً وحديث عمار بن ياسر في التيمم مشهور وأخرجه مسلم.
أراد ابن هانئ الإغراب في هذا المعنى، فوقع فيما عادته أن يقع فيه من الغلو، وأحسن من قوله قول ابن رشيق القيرواني في تعليل قوله عليه السلام: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً حيث قال [وافر]:
سألت الأرض لم جعلت مصلى ... ولم كانت لنا طهراً وطيبا
فقالت غير ناطقة لأني ... حويت لكل إنسان حبيبا
فتخلص مما وقع فيه ابن هانئ لكونه ذكر أنه سأل الأرض عن العلة التي بسببها جعلها الله تعالى لرسوله عليه السلام مسجداً وطهوراً، وتلطف في استخراج علة مناسبة لا حرج عليه في ذكرها بنفسه، فكيف وقد ذكرها على لسانها في جواب سؤاله، وأبو تمام الذي فتح له باب هذا المعنى ونبهه على استخراج هذه العلة بقوله [طويل]:
رباً شفعت ريح الصبا بنسيمها ... إلى الغيث حتى جادها وهو هامع
كأن السحاب الغر غيبن تحتها ... حبيباً فما ترقا لهن مدامع
والبيت الثاني، أردت لأن أبا تمام تلطف لمعناه غاية التلطف، إذ جعل دوام مطر السحاب على هذا الربا إنما كان بمنزلة البكاء من ثاكل دفن محبوباً له، فهو دائم البكاء على قبره، فكأنه جعل العلة في دوام السقيا كون الحبيب تحت تلك الأرض المسقية، ومن هاهنا جعل ابن رشيق العلة في كون الأرض مسجداً وطهوراً لكافة الناس الذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كونها حوت لكل بشر حبيباً، وهذه كلها أمثلة الكلام الذي جاء على وجهه في تقديم علة حكمه على الحكم، وأما ما جاء منه متقدم المعلول على العلة إغراباً وطرفة، فكقول مسلم بن الوليد [بسيط]:
يا واشيا حسنت فينا إساءته ... نجى حذارك إنساني من الغرق
فإن هذا البيت لم يسمع في هذا الباب مثله، لأنه مسلماً أغرب في معناه بتلطفه في تحسين إساءة الوشي، لإنجائه إنسان عينه من الغرق بالدمع، لامتناعه من البكاء لحذره منه، فغاير في ذلك الناس، أعني استحسان الإساءة، وكأنه سئل عن استحسانه إساءة الواشي، ففسر ذلك بنجاة إنسانه من الغرق، وأدمج في هذا المعنى معنى الاعتذار عن عدم البكاء، وتبيين العلة في ذلك من جهة حذره من الواشي بحبه، وفي ذلك فضيحة محبوبه، واحترس من توهم متوهم أن جمود عينه لغلبة جلده على حبه، وصبره على جزعه، إذ ذلك مناف لصحة مذاهب الناس في الغزل، وجاء في ضمن ذلك الإدماج بالمبالغة، إذ مفهوم كلامه وملزومه أنه لولا حذره من الواشي لبكى بدمع يغرق إنسانه بحيث لا ينحسر عنه الماء أبداً، فإنه أطلق عليه لفظ الغرق، وهذا حكم كل غريق، هذا إلى ما وقع في البيت من مساواة معناه للفظه، وائتلافه معه ومع وزنه، وحصول المطابقة اللفظية فيه، وعذوبة ألفاظه، وسهولة سبكه، وقرب متناوله، وصحة دلالته، وتمكين قافيته، فاشتمل هذا البيت على ثلاثة عشر نوعاً من البديع، وهي الإغراب والطرفة، والتعليق، والإدماج، والاحتراس، والمبالغة، والتعليل، والمطابقة، والمساواة، والتغاير، والتفسير، وائتلاف اللفظ مع المعنى، وائتلاف اللفظ مع الوزن، والتمكين، وقد تشبث القاضي السعيد رحمه الله بأذيال مسلم في هذا المعنى، وأحسن ابتاعه باختيار بعض هذه الأنواع حيث قال [خفيف]:
علمتني بهجرها الصبر عنها ... فهي مشكورة على التقبيح
فالجامع بين هذا البيت والبيت الذي قبله وقوع الإحسان من الإساءة، فبيت السعيد وإن شارك بيت مسلم في المساواة، والتعليق، وائتلاف اللفظ مع المعنى، وائتلاف اللفظ مع الوزن، وتمكين القافية، والتفسير والتعليل، فقد أعوزه الإغراب والمغايرة والمطابقة والاحتراس والإدماج والمبالغة، على أن صريح بيت السعيد مأخوذ من قول القائل [منسرح]:
أعتقني سوء ما صنعت الـ ... ـرق فيا بردها على كبدي
فصرت عبداً للسوء فيك وما ... أحسن سوء قبلي إلى أحد
وهذان البيتان في معناهما من أحسن ما سمع، وأكمل وأمتن شعر وأفضل، ولولا الإفراط في الإطالة بينت مانيهما، والله أعلم.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.