المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24



الإستقصاء  
  
3142   08:39 صباحاً   التاريخ: 24-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص118-119
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-03-2015 1979
التاريخ: 25-09-2015 2190
التاريخ: 24-09-2015 2402
التاريخ: 23-09-2015 1373

وهو أن يتناول الشاعر معنى فيستقصيه إلى أن لا يترك فيه شيئاً، كقول ابن الرومي في صفة الحديث [كامل]:
وحديثها السحر الحلال لو أنه ... لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ... ود المحدث أنها لم توجز
شرك العقول ونزهة ما مثلها ... للمطمئن وعقله المستوفز
فانظر إلى كون هذا الشاعر وصف حديث هذه المحبوبة بنهاية الوصف الحسن اللائق بمثله، حيث قال: وحديثها السحر الحلال، لفعله في العقول فعل السحر، وجعله حلالاً لصدق الوصف، وليضمن كلامه في صفته معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحراً، فإن سحر البيان سحر حلال، ثم رجع فاستدرك فيه فقال:
... ... ... ... ... لو أنه ... لم يجن قتل المسلم المتحرز
لكون قتل المسلم بغير حق حرام، فحصل في البيت طباق معنوي، فكأنه قال سحر حلال لو لم يجن حرام، فطابق بين الحلال والحرام وأحدث براءة المسلم المقتول بالحديث من الإيغال الذي في قافية البيت، وهو قوله: المتحرز لأن المتحرز لا يقع في شيء من موجبات القتل، وفي ذلك مبالغة في وصف الحديث بإفراط الالتذاذ الذي يزهق حبه النفس، ثم فكر فيما يعرض من الملل بسبب، طول الحديث فاحترس عن تلك بقوله: إن طال لم يملل ثم رأى أنه متى اقتصر على وصفه بالحسن حالة الإطالة دون الإيجاز كان مقصراً، فقال: وإن هي أوجزت إلى آخر البيت، ثم أراد وصفه بميل النفوس إليه إما اضطراراً أو اختياراً فقال، في الميل الاضطراري: شرك العقول، فأخبر أنه يصيد العقول قنصاً، ثم قال في الميل الاختياري مقسماً له قسمين حاصرين في حالتي الريث والعَجل [كامل]:
.. ... ... ونزهة ما مثلها ... للمطمئن وعقلة المستوفز
وليس للمختار حالة زائدة على هاتين الحالتين إما أن يكون مطمئناً، أو مستوفزاً، فإن كان مطمئنا كان هذا الحديث نزهته، وإن كان مستوفزاً كان عقلته، فلم يبق في هذا المعنى مقالاً لمن بعده، ولقد أحسن ابن مناذر في استقصائه معنى من معاني الغزل حيث قال [طويل]:
فوالله ما أدري أيغلبني الهوى ... إذا جحد جد البين أم أنا غلبه
فإن أستطع أغلب وإن يغلب الهوى ... فمثل الذي لاقيت يغلب صاحبه
فإنه لما علم أنه متى اقتصر على البيت الأول لا يكون مستقصياً للمعنى أتى بتفصيل ما أجمله في البيت الأول بما جاء به في البيت الثاني، ليكون قد أتى على جميع ما يجب ذكره من المعنى الذي قصده: وإذا وصلت في هذا الباب إلى قول البحتري في صفة إنضاء الإبل [خفيف]:
كالقسي المعطفات بل الأسـ ... ـهم مبرية بل الأوتار
وصلت إلى الغاية في الشعر، لأنه جمع مع الاستقصاء المبالغة والرمي على الترتيب، على مقتضى البلاغة، والتتميم في موضعين، في قوله: المعطفات، وقوله: مبرية والإيغال في القافية، وقد جاء في الكتاب العزيز من ذلك ما لا يلحق سبقاً، وهو قوله تعالى: (  أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ) فانظر إلى استقصاء هذا المعنى حين لم يبق فيه بقية لأحد، وذلك أنه بعد قوله: ( جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ) قال: ( وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) وكمل الوصف بقوله: ( لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) فأتى بكل ما في الجنان ليشتد الأسف على إفسادها ثم قال: ( وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ ) ثم استقصى المعنى الذي يوجب تعظيم المصاب بقوله بعد وصفه بالكبر: ( وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ) ولم يقتصر على كونه له ذرية حتى قال: ( ضُعَفَاءُ ) ثم ذكر استئصالها بالهلاك في أسرع وقت حيث قال: ( فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ ) فلو اقتصر على ذكر الإعصار لكان كافياً، لكن لما علم الله سبحانه: (فِيهِ نَارٌ) ثم أخبر باحتراقها لاحتمال أن تكون النار ضعيفة لا يقوم إحراقها بإطفاء أنهارها وتجفيف كل أوراقها وثمارها، فأخبر بإحراقها احتراساً من ذلك، وهذا أحسن استقصاء وأتمه، بحيث لم يبق في المعنى المقصود موضع استدراك، والفرق بين الاستقصاء والتتميم، والتكميل كون التتميم يرد على معنى ناقص فيتمم بعضه، والتكميل يرد على التام فيكمل وصفه، والاستقصاء له مرتبة ثالثة، فإنه يرد على الكامل فيستوعب كل ما تقع عليه الخواطر من لوازمه، بحيث لا يترك لآخذه مجالاً لاستحقاقه من هذه الجملة، والله أعلم.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.