المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

الدُّعَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ – بحث روائي
17-10-2016
Stevioside
25-3-2020
 التفكك بواسطة بيتا β-Decay
26-1-2016
هل تنزعجون من النصائح التي يقدمها الآباء والأمهات؟
28-2-2022
الذباب - وصفه واضراره والوقاية منه ومكافحته -
2024-01-29
Werner Karl Heisenberg
11-10-2017


ما هي الطرق التي سلكها متكلمو الشيعة في فترة الغيبة الصغرى لاثبات وجود الامام المهدي (عليه السلام ) ؟  
  
1206   08:27 صباحاً   التاريخ: 1/12/2022
المؤلف : السيد سامي البدري
الكتاب أو المصدر : شبهات وردود
الجزء والصفحة : ج4 , ص 113
القسم : العقائد الاسلامية / أسئلة وأجوبة عقائدية / الأئمة الإثنا عشر / الإمام المهدي عليه السلام /

الجواب : سلك متكلمو الشيعة في فترة الغيبة الصغرى طريقين لاثبات وجود الامام المهدي (عليه السلام):

الطريق الاول: طريق الاستدلال بحديث الثقلين‏ :

وحديث الائمة من بعدي اثنا عشر وغيرهما من الاحاديث والاصول الثابتة عن النبي ( صلى الله عليه و آله) والائمة (عليهم السلام) حيث يفرض الايمان بها الايمان ان لا يموت الامام الحسن العسكري (عليه السلام) دون ان يخلف ولدا يكون هو الامام من بعده وهو المهدي الموعود و يكون صاحب عمر طويل جدا. وهذا الدليل يسمى تسامحا بالدليل العقلي وسماه الكاتب بالدليل الفلسفي!.

الطريق الثاني: اعتماد إخبار جمهور أصحاب الامام الحسن العسكري ( عليه السلام) بوجود ولد للامام الحسن العسكري (عليه السلام‏ ) وانه ( عليه السلام) نص على ولده بالامامة واخبر أنه المهدي الموعود. وهذا الدليل هو الدليل التاريخي وهو الدليل المعتمد عادة لاثبات أي قضية تاريخية.

وفيما يلي نموذج لثلاثة منهم ننقلها من كتاب إكمال الدين للشيخ الصدوق:

استدلال أبي سهل النوبختي (1) :

قال ابو سهل اسماعيل بن علي النوبختي في آخر كتاب التنبيه:

وقد سألونا فقالوا: ابن الحسن لم يظهر ظهوراً تامّاً للخاصة والعامة فمن اين علمتم وجوده في العالم؟ وهل رأيتموه او اخبرتكم جماعة قد تواترت اخبارها انها شاهدته وعاينته؟

فيقال لهم :

ان امر الدين كله بالاستدلال يعلم، فنحن عرفنا الله عز وجل بالأدلة ولم نشاهده، وعرفنا نبوته وصدقه بالاستدلال، وعرفنا انه استخلف علي بن ابي طالب ( عليه السلام) بالاستدلال وعرفنا أن النبي ( عليه السلام) وسائر الائمة (عليهم السلام) بعده عالمون بالكتاب والسنة ولا يجوز عليهم في شي‏ء من ذلك الغلط و لا النسيان ولا تعمد الكذب بالاستدلال، وكذلك عرفنا ان الحسن بن علي ( عليه السلام) امام مفترض الطاعة.

وعلمنا بالأخبار المتواترة عن الائمة الصادقين ( عليه السلام) ان الامامة لا تكون بعد كونها في الحسن والحسين ( عليه السلام) الا في ولد الامام و لا يكون في اخ ولا قرابة، فوجب من ذلك ان الامام لا يمضي الا ان يخلف من ولده اماما.

فلما صحت امامة الحسن ( عليه السلام) و صحت وفاته ثبت انه قد خلف من ولده اماماً، هذا وجه الدلالة عليه.

ووجه آخر وهو:

ان الحسن ( عليه السلام) خلف جماعة من ثقاته ممن يروي عنه الحلال و الحرام و يؤدي كتب شيعته واموالهم ويخرجون الجوابات و كانوا بموضع من الستر و العدالة بتعديله اياهم في حياته، فلما مضى اجمعوا جميعاً على انه قد خلّف ولداً هو الامام و امروا الناس ان لا يسألوا عن اسمه وان يستروا ذلك من اعدائه، وطلبه السلطان اشد طلب ووكل بالدور والحبالى من جواري الحسن ( عليه السلام) .

ثمّ كانت كتب ابنه الخلف بعده تخرج الى الشيعة بالامر والنهي على ايدي رجال ابيه الثقات اكثر من عشرين سنة.

ثمّ انقطعت المكاتبة و مضى اكثر رجال الحسن ( عليه السلام) الذين كانوا شهدوا بأمر الامام بعده و بقي منهم رجل واحد قد اجمعوا على عدالته و ثقته فأمر الناس بالكتمان وان لا يذيعوا شيئا من امر الامام، و انقطعت المكاتبة.

فصح لنا ثبات عين الامام بما ذكرت من الدليل، وبما وصفتُ عن اصحاب الحسن (عليه السلام) ورجاله ونقلهم خبره ، وصحة غيبته بالأخبار المشهورة في غيبة الامام (عليه السلام) وان له غيبتين احداهما اشد من الاخرى.

ومذهبنا في غيبة الامام في هذا الوقت لا يشبه مذهب الممطورة في موسى‏ (2) بن جعفر لان موسى مات ظاهراً و رآه الناس ميتاً و دفن دفناً مكشوفا و مضى لموته اكثر من مائة سنة و خمسين سنة لا يدعي احد انه يراه ولا يكاتبه ولا يراسله، ودعواهم انه حي فيه اكذاب الحواس التي شاهدته ميتاً و قد قام بعده عدة ائمة فأتوا من العلوم بمثل ما اتى به موسى و ليس في دعوانا هذه غيبة الامام اكذاب للحس و لا محال ولا دعوى تنكرها العقول و لا تخرج من العادات و له الى هذا الوقت من يدَّعي من شيعته الثقات المستورين انه باب اليه وسبب يؤدي عنه الى شيعته امره ونهيه و لم تطل المدة في الغيبة طولًا يخرج من عادات من غاب،

فالتصديق بالأخبار يوجب :

اعتقاد امامة ابن الحسن ( عليه السلام) على ما شرحت.

وانه قد غاب كما جاءت الاخبار في الغيبة فانها جاءت مشهورة متواترة وكانت الشيعة تتوقعها وتترجاها كما ترجو بعد هذا من قيام القائم ( عليه السلام) بالحق و اظهار العدل.

ونسأل الله عز و جل توفيقا و صبرا جميلًا برحمته‏ (3) .

رد ابن قبة (ت قبل سنة 319) على ابن بشار :

قال الشيخ الصدوق (رحمه الله) : وقد تكلم علينا أبو الحسن علي بن أحمد بن بشار في الغيبة و أجابه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي‏ (4) وكان من كلام على بن أحمد بن بشار علينا في ذلك أن قال في كتابه:

كلام ابن بشار:

أقول: إن كل المبطلين أغنياء عن تثبيت إنية من يدعون له، وبه يتمسكون، وعليه يعكفون، ويعطفون لوجود أعيانهم و ثبات إنياتهم وهؤلاء (يعني أصحابنا) فقراء إلى ما قد غني عنه كل مبطل سلف من تثبيت إنية من يدعون له وجوب الطاعة ، فقد افتقروا إلى ما قد غني عنه سائر المبطلين واختلفوا بخاصة ازدادوا بها بطلانا و انحطوا بها عن سائر المبطلين ، لان الزيادة من الباطل تحط و الزيادة من الخير تعلو، و الحمد لله رب العالمين.

وأقول قولا تعلم فيه الزيادة على الانصاف منا وإن كان ذلك غير واجب علينا.

أقول: إنه معلوم أنه ليس كل مدع و مدعى له بمحق، و إن كل سائل لمدع تصحيح دعواه بمنصف وهؤلاء القوم ادعوا أن لهم من قد صح عندهم أمره و وجب له على الناس الانقياد والتسليم و قد قدمنا أنه ليس كل مدع و مدعى له بواجب له التسليم، و نحن نسلم لهؤلاء القوم الدعوى و نقر على أنفسنا بالإبطال و إن كان ذلك في غاية المحال بعد أن يوجدونا إنية المدعى له و لا نسألهم تثبيت الدعوى، فان كان معلوما أن في هذا أكثر من الانصاف فقد وفينا بما قلنا (5) ، فان قدروا عليه فقد أبطلوا، و إن عجزوا عنه فقد وضح ما قلناه من زيادة عجزهم عن تثبيت ما يدعون على عجز كل مبطل عن تثبيت دعواه.

وأنهم مختصون من كل نوع من الباطل بخاصة يزدادون بها انحطاطا عن المبطلين أجمعين لقدرة كل مبطل سلف على تثبيت دعواه إنية من يدعون له و عجز هؤلاء عما قدر عليه كل مبطل إلا ما يرجعون إليه من قولهم إنه لا بد ممن تجب به حجة الله عز و جل و أجل لا بد من وجوده فضلا عن كونه، فأوجدونا الانية من دون إيجاد الدعوى.

و لقد خبرت عن أبي جعفر بن أبى غانم أنه قال لبعض من سأله فقال: بم تحاج الذين كنت تقول و يقولون: إنه لا بد من شخص قائم من أهل هذا البيت؟ قال له: أقول لهم: هذا جعفر.

فيا عجبا يخصم الناس بمن ليس هو بمخصوم‏ (6) .

وقد كان شيخ في هذه الناحية (رحمه الله ) يقول: قد وسمت هؤلاء باللابدية أي أنه لا مرجع لهم ولا معتمد إلا إلى أنه لا بد من أن يكون هذا الذي (ليس) في الكائنات، فوسمهم من أجل ذلك، و نحن نسميهم بها أي أنهم دون كل من له بد يعكف عليه إذ كان أهل الاصنام التى أحدها البد قد عكفوا على موجود و إن كان باطلا، و هم قد تعلقوا بعدم ليس و باطل محض و هم اللابدية حقا، أي لا بد لهم يعكفون عليه إذ كان كل مطاع معبود، و قد وضح ما قلنا من اختصاصهم من كل نوع الباطل بخاصة يزدادون بها انحطاطا و الحمد لله.

ثمّ قال: نختم الآن هذا الكتاب بأن نقول: إنما نناظر و نخاطب من قد سبق منه الاجماع على أنه لا بد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله و يسد به فقر الخلق وفاقتهم و من لم يجتمع معنا على ذلك فقد خرج من النظر في كتابنا فضلا عن مطالبتنا به و نقول لكل من اجتمع معنا على هذا الاصل من الذي قدمنا في هذا الموضع: كنا و إياكم قد أجمعنا على أنه لا يخلو أحد من بيوت هذه الدار من سراج زاهر، فدخلنا الدار فلم نجد فيها إلا بيتا واحدا فقد وجب و صح أن في ذلك البيت سراجا. و الحمد لله رب العالمين.

رد ابن قبة:

فأجابه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي بأن قال:

إنا نقول: و بالله التوفيق: ليس الاسراف في الادعاء و التقول‏ على الخصوم مما يثبت بهما حجة، و لو كان ذلك كذلك لارتفع الحجاج بين المختلفين و اعتمد كل واحد على إضافة ما يخطر بباله من سوء القول إلى مخالفه و على ضد هذا بني الحجاج و وضع النظر و الانصاف أولى ما يعامل به أهل الدين و ليس قول أبي الحسن ليس لنا ملجأ نرجع إليه و لا قيما نعطف عليه و لا سندا نتمسك بقوله حجة لان دعواه هذا مجرد من البرهان و الدعوى إذا انفردت عن البرهان كانت غير مقبول عند ذوي العقول و الالباب.

ولسنا نعجز عن أن نقول :

بلى، لنا و الحمد لله من نرجع إليه و نقف عند أمره و من كان ثبتت حجته و ظهرت أدلته،

فان قلت: فأين ذلك؟ دلونا عليه.

قلنا: كيف تحبون أن ندلكم عليه؟ أ تسألوننا أن نأمره أن يركب و يصير إليكم و يعرض نفسه عليكم؟ أو تسألونا أن نبني له دارا و نحوله إليها و نعلم بذلك أهل الشرق و الغرب؟ فان رمتم ذلك فلسنا نقدر عليه و لا ذلك بواجب عليه.

فان قلتم: من أي وجه تلزمنا حجته و تجب علينا طاعته؟

قلنا: إنا نقر أنه لا بد من رجل من ولد أبي الحسن علي بن محمد العسكري (عليهما السلام) تجب به حجة الله دللناكم على ذلك حتى نضطركم إليه إن أنصفتم من أنفسكم، وأول ما يجب علينا و عليكم أن لا نتجاوز ما قد رضي به أهل النظر و استعملوه و رأوا أن من حاد عن ذلك فقد ترك سبيل العلماء، و هو أنا لا نتكلم في فرع لم يثبت أصله و هذا الرجل الذي تجحدون وجوده فانما يثبت له الحق بعد أبيه و أنتم قوم لا تخالفونا في وجود أبيه فلا معنى لترك النظر في حق أبيه و الاشتغال بالنظر معكم في وجوده فانه إذا ثبت الحق لأبيه، فهذا ثابت ضرورة عند ذلك بإقراركم ، وإن بطل أن يكون الحق لأبيه فقد آل الامر إلى ما تقولون و قد أبطلنا، و هيهات لن يزداد الحق إلا قوة و لا الباطل إلا وهنا، و إن زخرفه المبطلون.

الدليل على صحة امر الامام الحسن العسكري ( عليه السلام) :

و الدليل على صحة أمر أبيه أنا و إياكم مجمعون على أنه لا بد من رجل من ولد أبي الحسن (علي الهادي ع) تثبت به حجة الله و ينقطع به عذر الخلق و إن ذلك الرجل تلزم حجته من نأى عنه من أهل الاسلام كما تلزم من شاهده و عاينه و نحن و أكثر الخلق ممن قد لزمتنا الحجة من غير مشاهدة فننظر في الوجه الذي لزمتنا منه الحجة ما هي؟

ثمّ ننظر من أولى من الرجلين اللذين لا عَقِب لابي الحسن غيرهما فأيهما كان أولى فهو الحجة و الامام و لا حاجة بنا إلى التطويل،

ثمّ نظرنا من أي وجه تلزم الحجة من نأى عن الرسل و الائمة (عليهم السلام) فاذا ذلك بالأخبار التي توجب الحجة و تزول عن ناقليها تهمة التواطؤ عليها و الاجماع على تخرصها و وضعها.

ثمّ فحصنا عن الحال فوجدنا فريقين ناقلين:

يزعم أحدهما أن الماضي ( عليه السلام) نص على الحسن ( عليه السلام) و أشار إليه و يروون مع الوصية و ما له من خاصة الكبر أدلة يذكرونها و علما يثبتونه.

و وجدنا الفريق الآخر يروون مثل ذلك لجعفر لا يقول غير هذا ثمّ نظرنا:

فاذا الناقل لاخبار جعفر جماعة يسيرة و الجماعة اليسيرة يجوز عليها التواطؤ و التلاقي و التراسل فوقع نقلهم موقع شبهة لا موقع حجة و حجج الله لا تثبت بالشبهات.

و نظرنا في نقل الفريق الآخر فوجدناهم جماعات متباعدي الديار و الاقطار، مختلفي الهمم و الآراء متغايرين، فالكذب لا يجوز عليهم لنأي بعضهم عن بعض و لا التواطؤ و لا التراسل و الاجتماع على تخرص خبر و وضعه، فعلمنا أن النقل الصحيح هو نقلهم و أن المحق هؤلاء، و لانه إن بطل ما قد نقله هؤلاء على ما وصفنا من شأنهم لم يصح خبر في الارض و بطلت الاخبار كلها.

فتأمل وفقك الله في الفريقين فانك تجدهم كما وصفت، و في بطلان الاخبار هدم الاسلام و في تصحيحها تصحيح خبرنا، و في ذلك دليل على صحة أمرنا، و الحمد لله رب العالمين.

ثمّ رأيت الجعفرية (أي الذي يقولون بإمامة جعفر الكذاب) تختلف في إمامة جعفر من أي وجه تجب؟ فقال قوم: بعد أخيه محمد، و قال قوم: بعد أخيه الحسن، و قال قوم: بعد أبيه.

لا بد من رجل من ولد الامام الحسن العسكري ( عليه السلام) :

ورأيناهم لا يتجاوزون ذلك و رأينا أسلافهم و أسلافنا قد رووا قبل الحادث ما يدل على إمامة الحسن و هو ما روي عن أبي عبد الله ( عليه السلام) قال:" إذا توالت ثلاثة أسماء: محمد وعلي والحسن فالرابع القائم و غير ذلك من الروايات وهذه وحدها توجب الامامة للحسن، وليس إلا الحسن و جعفر. فاذا لم تثبت لجعفر حجة على من شاهده في أيام الحسن والامام ثابت الحجة على من رآه ومن لم يره فهو الحسن اضطرارا، و إذا ثبت الحسن (عليه السلام) وجعفر عندكم مبرئ تبرأ منه و الامام لا يتبرأ من الامام و الحسن قد مضى و لا بد عندنا و عندكم من رجل من ولد الحسن (عليه السلام) تثبت به حجة الله، فقد وجب بالاضطرار للحسن ولد قائم (عليه السلام) .

و قل يا أبا جعفر أسعدك الله لابي الحسن أعزه الله (أي ابن بشار): يقول محمد بن عبد الرحمن قد أوجدناك إنية المدعى له فأين المهرب؟ هل تقر على نفسك بالأبطال كما ضمنت أو يمنعك الهوى من ذلك فتكون كما قال الله تعالى:" و إن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم.

فأما ما وسم به أهل الحق من اللابدية لقولهم:" لا بد ممن تجب به حجة الله:

فيا عجبا فلا يقول أبو الحسن لا بد ممن تجب به حجة الله؟ و كيف لا يقول و قد قال عند حكايته عنا و تعييره إيانا:" أجل لا بد من وجوده فضلا عن كونه فان كان يقول ذلك فهو و أصحابه من اللابدية و إنما وسم نفسه و عاب، و إن كان لا يقول ذلك فقد كفينا مئونة تنظيره و مثله بالبيت و السراج و كذا يكون حال من عاند أولياء الله يعيب نفسه من حيث يرى أنه يعيب خصمه، و الحمد لله المؤيد للحق بأدلته.

و نحن نسمي هؤلاء بالبُدِّية إذ كانوا عبدة البُدّ قد عكفوا على ما لا يسمع و لا يبصر و لا يغني عنهم شيئا. و هكذا هؤلاء.

كلامه في الغيبة :

ونقول: يا أبا الحسن هداك الله هذا حجة الله على الجن و الانس و من لا تثبت حجته على الخلق إلا بعد الدعاء و البيان محمد ( صلى الله عليه و آله) و آله قد أخفى شخصه في الغار حتى لم يعلم بمكانه ممن احتج الله عليهم به إلا خمسة نفر (7) .

فان قلت: إن تلك غيبة بعد ظهوره و بعد أن قام على فراشه من يقوم مقامه.

قلت لك: لسنا نحتج عليك في حال ظهوره و لا استخلافه لمن يقوم مقامه من هذا في قبيل و لا دبير (8) وإنما نقول لك: ليس تثبت‏ حجته في نفسه في حال غيبته على من لم يعلم بمكانه لعلة من العلل فلا بد من أن تقول: نعم، قلنا: و نثبت حجة الامام و إن كان غائبا لعلة اخرى و إلا فما الفرق؟

ثمّ نقول: و هذا أيضا لم يغب حتى ملأ آباؤه (عليهم السلام) آذان شيعتهم بأن غيبته تكون، و عرَّفوهم كيف يعملون عند غيبته.

فان قلت في ولادته، فهذا موسى (عليه السلام) مع شدة طلب فرعون إياه و ما فعل بالنساء و الاولاد لمكانه حتى أذن الله في ظهوره، و قد قال الرضا (عليه السلام) في وصفه:" بأبى و امي شبيهي وسمي جدي و شبيه موسى بن عمران.

و حجة اخرى نقول لك: يا أبا الحسن أتقر أن الشيعة قد روت في الغيبة أخبارا؟ فان قال: لا، أوجدناه الاخبار، و إن قال: نعم، قلنا له فكيف تكون حالة الناس إذا غاب إمامهم فكيف تلزمهم الحجة في وقت غيبته، فان قال: يقيم من يقوم مقامه، فليس يقوم عندنا و عندكم مقام الامام إلا الامام، و إذا كان إماما قائما فلا غيبة و إن احتج بشي‏ء آخر في تلك الغيبة فهو بعينه حجتنا في وقتنا لا فرق فيه و لا فصل.

كلام في فساد امر جعفر:

ومن الدليل على فساد أمر جعفر: موالاته و تزكيته فارس بن حاتم لعنه الله‏ (9) وقد برئ منه أبوه، و شاع ذلك في الامصار حتى وقف‏ عليه الاعداء فضلا عن الاولياء.

ومن الدليل على فساد أمره استعانته بمن استعان في طلب الميراث من أم الحسن ( عليه السلام) و قد أجمعت الشيعة أن آباءه (عليهم السلام) أجمعوا أن الاخ لا يرث مع الام.

ومن الدليل على فساد أمره قوله: إنّى إمام بعد أخي محمد، فليت شعري متى تثبت إمامة أخيه وقد مات قبل أبيه حتى تثبت إمامة خليفته، و يا عجبا إذا كان محمد يستخلف و يقيم إماما بعده وأبوه حي قائم و هو الحجة و الامام فما يصنع أبوه، و متى جرت هذه السنة في الائمة و أولادهم حتى نقبلها منكم، فدلونا على ما يوجب إمامة محمد حتى إذا ثبتت قبلنا إمامة خليفته. والحمد لله الذي جعل الحق مؤيدا و الباطل مهتوكا ضعيفا زاهقا.

فأما ما حكى عن ابن أبى غانم (رحمه الله) فلم يرد الرجل بقوله عندنا يثبت إمامة جعفر، و إنما أراد أن يعلم السائل أن أهل هذه البيت لم يفنوا حتى لا يوجد منهم أحدا.

رد على كلماته الاخرى:

قوله:" و كل مطاع معبود فهو خطأ عظيم لانا لا نعرف معبوداً إلا الله و نحن نطيع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لا نعبده.

رد على خاتمة كتابه :

و أما قوله: نختم الآن هذا الكتاب بأن نقول: إنما نناظر و نخاطب من قد سبق منه الاجماع بأنه لا بد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله إلى قوله و صح أن في ذلك البيت سراجا، و لا حاجة بنا إلى دخوله.

فنحن وفقك الله لا نخالفه و أنه لا بد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله و إنما نخالفه في كيفية قيامه و ظهوره و غيبته.

وأما ما مثَّل به من البيت و السراج فهو مُنى، و قد قيل: إن المنى رأس أموال المفاليس.

ولكنا نضرب مثلا على الحقيقة لا نميل فيه على خصم و لا نحيف فيه على ضد، بل نقصد فيه الصواب.

فنقول: كنا و من خالفنا قد أجمعنا على أن فلانا مضى وله ولدان وله دار وأن الدار يستحقها منهما من قدر على أن يحمل بإحدى يديه ألف رطل وأن الدار لا تزال في يدي عقب الحامل‏ (10) إلى يوم القيامة، و نعلم أن أحدهما يحمل و الآخر يعجز، ثمّ احتجنا أن نعلم من الحامل منهما فقصدنا مكانهما لمعرفة ذلك فعاق عنهما عائق منع عن مشاهدتهما، غير أنا رأينا جماعات كثيرة في بلدان نائية متباعدة بعضها عن بعض يشهدون أنهم رأوا أن الاكبر منهما قد حمل ذلك،

و وجدنا جماعة يسيرة في موضع واحد يشهدون أن الاصغر منهما فعل ذلك، و لم نجد لهذه الجماعة خاصة يأتوا بها،

فلم يجز في حكم النظر و حفيظة الانصاف و ما جرت به العادة و صحت به التجربة رد شهادة تلك الجماعات و قبول شهادة هذه الجماعة و التهمة تلحق هؤلاء و تبعد عن أولئك.

فان قال خصومنا: فما تقولون في شهادة سلمان و أبى ذر و عمار و المقداد لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، وشهادة تلك الجماعات وأولئك الخلق لغيره أيهما كان أصوب؟

قلنا لهم: لأمير المؤمنين ( عليه السلام) وأصحابه امور خص بها و خصوا بها دون من بإزائهم، فان أوجدتمونا مثل ذلك أو ما يقاربه لكم فأنتم المحقون: أولها أن أعداءه كانوا يقرون بفضله و طهارته و علمه، و قد روينا و رووا له معنا أنه ( صلى الله عليه وآله) خبر أن الله يوالي من يواليه و يعادي من يعاديه فوجب لهذا أن يتبع دون غيره، و الثاني أن أعداءه لم يقولوا له: نحن نشهد أن النبي ( صلى الله عليه و آله) أشار إلى فلان بالامامة و نصبه حجة للخلق و إنما نصبوه لهم على جهة الاختيار كما قد بلغك، و الثالث أن أعداءه كانوا يشهدون على أحد أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه لا يكذب لقوله ( صلى الله عليه و آله) :" ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر فكانت شهادته وحده أفضل من شهادتهم، و الرابع أن أعداءه قد نقلوا ما نقله أولياؤه مما تجب به الحجة و ذهبوا عنه بفساد التأويل، و الخامس أن أعداءه رووا في الحسن و الحسين أنهما سيدا شباب أهل الجنة، و رووا أيضا أنه ( صلى الله عليه و آله) قال:" من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فلما شهدا لأبيهما بذلك و صح أنهما من أهل الجنة بشهادة الرسول وجب تصديقهما لانهما لو كذبا في هذا لم يكونا من أهل الجنة و كانا من أهل النار و حاشا لهما الزكيين الطيبين الصادقين، فليوجدنا أصحاب جعفر خاصة هي لهم دون خصومهم حتى يقبل ذلك، و إلا فلا معنى لترك خبر متواتر لا تهمة في نقله و لا على ناقليه و قبول خبر لا يؤمن على ناقليه تهمة التواطؤ عليه، و لا خاصة معهم يثبتون بها و لن يفعل ذلك إلا تائه حيران.

دعاؤه للخصم بالهداية:

فتأمل أسعدك الله في النظر فيما كتبت به إليك مما ينظر به الناظر لدينه، المفكر في معاده المتأمل بعين الخيفة و الحذار إلى عواقب الكفر و الجحود موفقا إن شاء الله تعالى أطال الله بقاءك و أعزك و أيدك و ثبتك و جعلك من أهل الحق و هداك له وأعاذك من أن تكون من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. و من الذين يستزلهم الشيطان بخدعه و غروره و إملائه وتسويله وأجرى لك أجمل ما عودك.

استدلال آخر:

قال الشيخ الصدوق: و قال غيره (أي غير ابن قبة) من مشايخ الامامية :

إن عامة مخالفينا قد سألونا في هذا الباب عن مسائل و يجب عليهم أن يعلموا أن القول بغيبة صاحب الزمان (عليه السلام) مبني على القول بإمامة آبائه (عليهم السلام) ، والقول بأمامة آبائه (عليهم السلام) مبني على القول بتصديق محمد (صلى الله عليه و آله) وإمامته، و ذلك أن هذا باب شرعي و ليس بعقلي محض و الكلام في الشرعيات مبني على الكتاب و السنة كما قال الله عز و جل:" فإن تنازعتم في شي‏ء (يعني في الشرعيات) فردوه إلى الله و إلى الرسول فمتى شهد لنا الكتاب و السنة و حجة العقل فقولنا هو المجتبى.

ونقول: إن جميع طبقات الزيدية و الامامية قد اتفقوا على أن رسول الله ( صلى الله عليه و آله) قال:" إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي و هما الخليفتان من بعدي و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض و تلقوا هذا الحديث بالقبول.

فوجب: أن الكتاب لا يزال معه من العترة من يعرف التنزيل و التأويل علما يقينيا يخبر عن مراد الله عز و جل كما كان رسول الله ( صلى الله عليه و آله) يخبر عن المراد و لا يكون معرفته بتأويل الكتاب استنباطا و لا استخراجا كما لم تكن معرفة الرسول ( صلى الله عليه و آله) بذلك استخراجا و لا استنباطا و لا استدلالا و لا على ما تجوز عليه اللغة و تجري عليه المخاطبة، بل يخبر عن مراد الله و يبين عن الله بيانا تقوم بقوله الحجة على الناس كذلك يجب أن يكون معرفة عترة الرسول ( صلى الله عليه و آله) بالكتاب على يقين و معرفة و بصيرة.

قال الله عز وجل في صفة رسول الله ( صلى الله عليه و آله) : " قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا و من اتبعني فأتباعه من أهله و ذريته و عترته هم الذين يخبرون عن الله عز و جل مراده من كتابه على يقين و معرفة و بصيرة، و متى لم يكن المخبر عن الله عز و جل مراده ظاهرا مكشوفا فانه يجب علينا أن نعتقد أن الكتاب لا يخلو من مقرون به من عترة الرسول ( صلى الله عليه و آله) يعرف التأويل و التنزيل إذ الحديث يوجب ذلك‏ (11).

كلمتنا حول منهج اثبات وجود الامام المهدي ( عليه السلام) :

أقول: إن الايمان بوجود ولد للحسن العسكري هو المهدي الذي بشر به النبي ( صلى الله عليه و آله) و أنه غاب غيبة صغرى باشر فيها توجيه شيعته من خلال النواب الاربعة دامت سبعين سنة تقريبا ثمّ غيبة كبرى استمرت الى اليوم و فيها أرجع شيعته الى الفقهاء العدول رواة حديث آبائه (عليهم السلام) يتوقف على التصديق بقضيتين :

القضية الاولى: أصل معتقد الامامة الالهية عند الشيعة :

و يتمثل بالوصية و العصمة و أن المهدي الذي بشَّر به النبي هو من أهل البيت و من ولد فاطمة) عليها السلام (و أن الائمة بعد النبي ( صلى الله عليه و آله) اثنا عشر يُعرَفون بالنص و الوصية من النبي ثمّ نص السابق على اللاحق، و أن الامامة بعد الحسن هي للحسين ثمّ في تسعة من ذريته و انها لا تعود بعد الحسن و الحسين في أخوين بل هي في ولد الامام السابق بوصية و تعريف منه.

القضية الثانية: الايمان بأن الشيعة الاثني عشرية هم الذين حملوا عن الائمة الاحد عشر فقههم :‏

و أحاديثهم و تاريخهم الخاص و من ثمّ قبول تشخيص علماء الشيعة الاثني عشرية لحواريي أئمتهم و حملة علومهم و ثقاة الرواة عنهم.

و سر الاحتياج للقضية الاولى هو: أن الايمان بكون محمد بن‏ الحسن العسكري الغائب هو الامام الثاني عشر بنص من ابيه انما هو فرع لها و ليس قضية مستقلة عنها أو في عرضها.

و سر الاحتياج للقضية الثانية هو: أن الشيعة رووا عن الائمة كثيرا من الامور التي انفردوا بها عن غيرهم و منها ما رووه عنهم (عليهم السلام) : بأن الثاني عشر منهم سيغيب غيبة كبرى و تطول أيامه و منها ما أخبر به الحسن العسكري خواصه و حوارييه بوجود ولد له هو الامام من بعده و هو المهدي الموعود و غير ذلك، ثمّ إن الشيعة اجتمعت كلمة جمهورهم و غالبيتهم في عصر الغيبة الصغرى على الايمان بمحمد بن الحسن العسكري و بغيبته و انتظار ظهوره و الوقوف عند امامته.

و في ضوء هاتين القضيتين يصبح البحث حول وجود ولد للحسن العسكري و كونه الامام الثاني عشر و هو الغائب المنتظر موضوعيا و منتجا، أما إذا ألغينا التصديق بالقضيتين الآنفتي الذكر فإن الطريق لاثبات الغائب المنتظر محمد بن الحسن العسكري سيكون مسدودا تماما.

و الذي صنعه الاستاذ الكاتب اللاري في كتابه هو ردُّه لكلا القضيتين:

أما القضية الاولى: (وهي أصل المعتقد الشيعي بالوصية و العصمة و الاثني عشرية) فانتهى فيها بزعمه الى:

أن الوصية التي يقول بها الشيعة فكرة ادخلها الى التشيع عبد الله بن سبأ في النصف الاول من القرن الاول الهجري.

و أن العصمة فكرة مستحدثة في الفكر الشيعي ظهرت في القرن‏ الثاني الهجري تأثرا بالفكر الاموي.

و انتهى بزعمه أيضا الى ضعف الاحاديث التي تحدد الائمة بعد النبي باثني عشر، فضلا عن تضعيف روايات النص على الامام اللاحق من الامام السابق.

و أما القضية الثانية : (وهي وثاقة الشيعة فيما يروون عن أئمتهم) فانتهى فيها الى:

اتهام الشيعة الاوائل القائلين بالوصية المشابهة لوصية موسى لهارون أو وصية موسى ليوشع بانهم تلقوا الفكرة من عبد الله بن سبأ اليهودي الذي أسلم على عهد عثمان.

واتهام متكلمي الشيعة الاوائل أمثال أبي بصير ليث بن البختري المرادي الكوفي‏ (12) وحمران بن أعين الشيباني الكوفي‏ (13) وهشام بن الحكم‏ (14) وعلي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار (15) ومحمد بن الخليل السكاك صاحب هشام و مؤمن الطاق و هشام بن سالم و غيرهم بأنهم أدخلوا فكرة العصمة و النص إلى التشيع.

ثمّ اتهم مراجعهم الاوائل النواب الاربعة في عصر الغيبة الصغرى بانتحال ولد للحسن العسكري كذبا و القول بغيبته و انتظاره.

ثمّ اتهم الذين جاءوا بعدهم أمثال ابن شاذان و الشيخ الكليني‏ والشيخ الصدوق وابو سهل النوبختي و ابن قبة و الشيخ المفيد و الشريف المرتضى و الطوسي و غيرهم من أعلام الشيعة الاثني عشرية الى اليوم كرَّسوا النهج التحريفي للتشيع المتمثل بالوصية و العصمة و القول بوجود ولد للحسن العسكري و حصر الائمة باثني عشر و القول بالغيبة.

أقول:

والمنهج العلمي يقتضي البحث في القضية الاولى و الاستدلال على مفرداتها الاساسية) الوصية والنص والعصمة والاثني عشرية)، فإذا تم الدليل عليها من الكتاب و السنة يرتفع الاتهام عن قدماء الشيعة بكونهم استوردوا فكرة الوصية من عبد الله بن سبأ او أدخلوا فكرة العصمة و غيرها، و تعود لروايتهم عن أخبار أئمتهم و خصوصيات تاريخهم الحجية و الاعتبار كما هو الحال في اعتبار رواية قدماء مذهب المالكي أو الحنبلي و الشافعي أو الحنفي عن خصوصيات ائمتهم و أخبارهم‏ (16) .

و من الجدير ذكره ان اتهام الشيخ الكاتب اللاري لقدماء الشيعة شبيه باتهام عامر الشعبي و خلفائه لخواص أصحاب علي (عليه السلام) وصفوتهم كالأصبغ بن نباتة (17) والحارث الاعور الهمداني‏ (18) ورشيد الهجري‏ وحبة العرني و نظراءهم حين قالوا عنهم انهم ليسوا يساوون شيئا فيما ينفردون به من رواية و من ثمّ اهملوا جل تراثهم الذي رووه عن علي ( عليه السلام) و دونوه في صحف.

______________

( 1) قال ابن النديم في الفهرست: أبو سهل إسماعيل بن علي بن نوبخت من كبار الشيعة و قال ابن حجر في لسان الميزان كان من وجوه المتكلمين ثمّ ذكر كتبه، و قال: أخذ عنه أبو عبد الله بن النعمان المعروف بالمفيد شيخ الشيعة في زمانه و غيره. أقول و هو خال النوبختي صاحب فرق الشيعة و قد مر شي‏ء من ترجمته سابقاً.

( 2) هم الواقفية و هو لقب غلب عليها.

( 3) كمال الدين للصدوق ص 92.

( 4) محمد بن عبد الرحمن بن قبة أبو جعفر الرازي بالقاف المكسورة و فتح الباء الموحدة من متكلمي الامامية و حذاقهم و كان أولا معتزليا ثمّ انتقل الى القول بالامامة و حسنت بصيرته و له كتب في الامامة، قال ابو الحسين السوسنجردي مضيت الى ابي القاسم البلخي ببلخ بعد زيارة الرضا (عليه السلام)  بطوس فسلمت عليه و كان عارفا بي و معي كتاب ابي جعفر بن قبة في الامامة المعروف بالانصاف فوقف عليه و نقضه بـ ( المسترشد في الامامة) فعدت الى الري فدفعت الكتاب الى ابن قبة فنقضه بـ ( المستثبت في الامامة) فحملته الى ابي القاسم فنقضه بنقض المستثبت فعدت الى الري فوجدت ابا جعفر قد مات (رحمه الله) . قاموس الرجال للعلامة التستري (رحمه الله) . أقول توفي ابو القاسم البلخي سنة 319 هجرية. و في فهرست النجاشي بترجمة الحسن بن موسى النوبختي ذكر للنوبختي هذا كتابين باسم (جواباته لابي جعفر بن قبة) والظاهر ذلك منه على ابن قبة قبل ان يستبصر.

( 5) هو غير علي بن أبى غانم الذى عنونه منتجب الدين بل هو رجل آخر لم أعثر على عنوانه في كتب الرجال.

( 6) لما كان جواب أبي جعفر ابن أبي غانم للمعترض:" أقول انه جعفر. تعجب منه ابن بشار لان جعفر ليس بقابل أن يخاصم فيه أو لم يكن موردا لها.

( 7) المراد بالخمسة: على بن أبي طالب، و أبو بكر، و عبد الله بن اريقط الليثى، و اسماء بنت أبي بكر، و عامر بن فهيرة.

والقصة كما في اعلام الورى هكذا : بقي رسول (صلى الله عليه و آله)  في الغار ثلاثة أيام، ثمّ اذن الله له في الهجرة وقال: يا محمد اخرج عن مكة فليس لك بها ناصر بعد أبى طالب. فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)  و أقبل راع لبعض قريش يقال له ابن اريقط فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله)  وقال: يا ابن اريقط آتمنك على دمى؟ قال إذاً احرسك وأحفظك ولا أدل عليك ، فأين تريد يا محمد ؟ قال: يثرب، قال و الله لأسلكن بك مسلكا لا يهتدى اليه أحد، قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ائت عليا و بشره بان الله قد أذن لي في الهجرة فيهيئ لي زادا وراحلة .

وقال أبو بكر: ائت اسماء بنتي و قل لها: تهيئ لي زادا و راحلتين، و أعلم عامر بن فهيرة أمرنا و كان من موالى أبى بكر و قد كان أسلم قل له: ائتنا بالزاد و الراحلتين، فجاء ابن اريقط إلى على و أخبره بذلك فبعث على بن أبي طالب (عليه السلام)  إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)  بزاد و راحلة ، وبعث ابن فهيرة بزاد و راحلتين. وخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)  من الغار و أخذ به ابن اريقط على طريق نخلة بين الجبال فلم يرجعوا إلى الطريق الا بقديد.

( 8) القبيل ما اقبلت به إلى صدرك. و الدبير ما أدبرت به عن صدرك، و يقال: فلان ما يعرف قبيلا ولا دبيرا. و المراد ما أقبلت به المرأة من غزلها و ما أدبرت. و هذا الكلام تعريض لابن بشار يعنى أنه لا يدرى ما يقول و لسنا نحتج عليه في هذا الامر.

( 9) هو فارس بن حاتم بن ماهويه القزوينى نزيل العسكر من اصحاب الرضا (عليه السلام)  غال ملعون أهدر أبو الحسن العسكري (عليه السلام)  دمه و ضمن لمن يقتله الجنة فقتله جنيد. راجع منهج المقال ص 257.

( 10) يعنى اولاده و أحفاده.

( 11) كمال الدين و تمام النعمة ص 63.

(12) من خواص الامام الباقر و الصادق) عليهما السلام(.

(13) من خواص الامام الباقر و الامام الصادق) عليهما السلام(.

(14) تلميذ الامام الصادق و أحد خواص الامام الكاظم.

(15) قال النجاشي: كوفي سكن البصرة من أصحاب الكاظم و الرضا من وجوه المتكلمين من أصحابنا كلم أبا الهذيل و النظام.

( 1) و قد مر علينا في البحوث السابقة ان جمهور شيعة الحسن العسكري قد اثبتوا له الولد و الوصية لهذا الولد من ابيه بالامامة و كونه المهدي الموعود.

(17) قال ابن سعد: روى عن علي و كان من أصحابه و كان صاحب شرط علي. و قال نصر بن مزاحم: كان الاصبغ بن نباتة شيخا عابدا و كان من ذخائر علي ممن بايعه على الموت و كان علي يضن به عن الحرب و القتال ( وقعة صفين/ 503). قال البزار أكثر أحاديثه عن علي لا يروي عن غيره. قال بن عدي : والاصبغ بن نباتة لم أخرِّج له هاهنا شيئا لان عامة ما يروي عن علي لا يتابعه عليه أحد.

(18) قال ابن عبد البر: وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني (حدثني الحارث وكان أحد الكذابين) ولم يبن من الحارث كذب وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي و تفضيله على غيره و من هاهنا و الله أعلم كذبه الشعبي لان الشعبي يذهب الى تفضيل ابي بكر و إلى انه اول من اسلم ( جامع بيان العلم ص 445) .

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.