المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6251 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

‏أمراض المناعة الذاتية
22-3-2017
مريم أخت موسى بن عمران عليها السّلام
2023-03-22
انابيب التصريف
2023-09-14
الآفات التي تصيب البطاطس
16-9-2020
نطاق تطبيق القانون التجاري
18-10-2017
Little bits of a cycle
23-4-2021


المعرفة طريق الإنقطاع إلى الله.  
  
1665   04:46 مساءً   التاريخ: 19/11/2022
المؤلف : مركز نون للتأليف والترجمة
الكتاب أو المصدر : دروس في التربية الأخلاقية
الجزء والصفحة : ص 61 ـ 72.
القسم : الاخلاق و الادعية / أخلاقيات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-2-2021 2112
التاريخ: 13-2-2022 2091
التاريخ: 21-2-2021 2126
التاريخ: 30-8-2021 2626

أهداف الدرس:

على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:

1- يبيّن العلاقة الحاكمة بين المعرفة والإيمان بالله والفناء فيه.

2- يبيّن ماهية الرؤية القلبية ويستدلّ على إمكان حدوثها.

3- يبيّن مراحل السير التكامليّ للإنسان من الذكر إلى الانقطاع.

مراتب المعرفة:

إنّ لمعرفة الله العقلية والقلبية مراتب عديدة، ولكلّ مرتبة شرائط خاصة. فشرائط وموانع أوّل مرتبة للمعرفة العقلية أو القلبية تختلف عن شرائط وموانع المرتبة الأعلى منها، بل هي غير قابلة للقياس بها، بمعنى أنّ موانع وشرائط المرتبة الأعلى للمعرفة هي أكثر وأدق بمراتب من المرتبة الأدون.

إنّ أول مرتبة للمعرفة العقلية تبدأ من المعرفة البديهية وتنتهي بالإحاطة بكل براهين وأدلة معرفة الله وبالإجابة عن كلّ إيرادات المنكرين. وأول مرتبة للمعرفة القلبية تبدأ من المعرفة الفطرية القلبية، وتختتم بتجاوز الحجب الظلمانية والنورانية والوصول إلى مرتبة تجلّي الذات.

شرائط المعرفة:

إنّ المعارف العقلية نوعان: المعارف البديهية (البديهيات العقلية) والمعارف النظرية. معرفة الله عن طريق العقل هي بحسب المعنى الأول أي المعرفة العقلية البديهية لا شرط لها إلّا رفع موانعها الخاصة. والموانع الخاصة لهذه المعرفة هي عبارة عن التعصّب، الحزبية، البغض والحقد وكل ما من شأنه أن يبعد العقل عن فطرته وطبيعته. ولو لم تكن هذه الموانع موجودة لتوجّه العقل مع الالتفات إلى نظام الوجود إلى منظمه وخالقه دون أن يجد حاجة للبرهان في هذا المجال، ولا ضرورة لوجود شرط آخر غير عدم وجود الموانع. أما معرفة الله بالمعنى الثاني أي المعرفة العقلية النظرية فلها شرائط أخرى إضافةً إلى رفع الموانع وعلى رأسها التعلّم وطلب المعرفة بالدليل والبرهان العقلي.

أما معرفة الله عن طريق القلب فلها مراتب أيضاً، وأدنى تلك المراتب هو الإحساس الفطري بالحاجة للكمال المطلق. وهذه المعرفة القلبية كالمعرفة العقلية الفطرية لا شرط لها إلا رفع الموانع الخاصة بها. وهذه الموانع هي نفس موانع المعرفة العقلية البديهية التي لولا وجودها لأدرك العقل خالقه وربه بنفسه ولأحس القلب به أيضاً. كما يقول الإمام علي عليه السلام في وصفه لسالك الطريق إلى الله: "قد أحيا عقله وأمات نفسه حتّى دَقَّ جليله ولطف غَليظه وبَرَقَ له لامع كثير البرق فأبان له الطّريق وسلك به السّبيل وتدافعته الأبواب إلى باب السّلامة ودار الإقامة وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والرّاحة بما استعمل قلبه وأرضى ربّه" (1).

الإيمان ومراتبه:

الإيمان بالله يحصل في النفس من خلال التصديق المنطقي والاستدلالي إلى جانب الإدراك والإحساس الفطري القلبي الذي يحصل بإرشاد الأنبياء الإلهيين، وشرط تحقّقه هو عدم وجود الموانع ولو بنحو نسبيّ.

وإذا عمل الإنسان بلوازم الإيمان التي هي تنفيذ القوانين الإلهية، وبذل تمام قدرته بإخلاص في تنفيذ هذه القوانين في حياته الفردية والاجتماعية فسيحصل على مرتبة أعلى إلى أن يصل إلى اليقين. كما يقول الإمام علي عليه السلام:

 "إنّ الإيمان يبدو لُمظةً في القلب، كلّما ازداد الإيمان ازدادت اللُمظةُ" (2).

ومع بقاء التقوى يزداد نور الإيمان تدريجياً حتى تصل مرآة القلب إلى درجة من الإشراق والنور بحيث تتجلّى فيه ذات الحق المقدّسة، ويرى الإنسان ربه وإلهه ببصر القلب ويصل إلى مرتبة اليقين.

وعلى هذا فيكون حينئذٍ للإيمان ثلاث مراتب محدودة، المرتبة الأولى هي عبارة عن التصديق المنطقي، الثانية مرتبة التقوى، الثالثة مرتبة اليقين.

وقد ذكرت هذه المراتب في رواية عن الإمام الرضا عليه السلام حيث يقول: "الإيمان فوق الإسلام بدرجة والتَقوى فوق الإيمان بدرجة واليقين فوق التّقوى بدرجة وما قُسِمَ في النّاس شي‏ء أقلّ من اليقين (3).

في مجال بيان مراتب الإيمان من التصديق المنطقي حتى الرؤية القلبية أو من علم اليقين إلى عين اليقين هناك عدة مسائل يجب بحثها ودراستها وهي:

1 ـ إمكان الرؤية القلبية.

2 ـ معنى الرؤية القلبية.

3 ـ بيان السير التكاملي من الإيمان إلى اليقين.

إمكان الرؤية القلبية:

ليست رؤية الله عن طريق القلب في الإسلام ممكنة فقط بل إنّ الإمام يصرّح في روايات متعددة بأنه لا يعبد رباً لم يره.

جاء في رواية معروفة أنّ شخصاً اسمه ذعلب ذا لسان بليغ في الخطب شجاع القلب سأل أمير المؤمنين عليه السلام فقال:

"يا أمير المؤمنين هل رأيت ربّك؟ قال: ويلك يا ذِعْلِبُ ما كنت أعبد ربّاً لم أره، فقال: يا أمير المؤمنين كيف رأيته؟ قال: ويلك يا ذِعْلِبُ لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان" (4).

وفي رواية أخرى عن عبد الله بن سنان عن أبيه قال: حضرت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام وقد دخل عليه رجل من الخوارج فقال له:

يا أبا جعفر أيّ شي‏ء تعبد؟ قال: اللَّهَ تعالى، قال رأيته؟ قال:

"بل لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان لا يُعرف بالقياس ولا يدرك بالحواسّ ولا يُشَبّه بالناس موصوف بالآيات معروف بالعلامات لا يجور في حكمه ذلك الله لا إله إلا هو قال فخرج الرّجل وهو يقول الله أعلم حيث يجعل رسالته" (5).

ويقول أبو بصير: سألت الإمام الصادق عليه السلام: "قلت له: أخبرني عن الله عزَ وجلّ هل يراه المؤمنون يوم القيامة؟ قال: نعم وقد رأوه قبل يوم القيامة، فقلت: متى؟ قال: حين قال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]. ثمّ سكت ساعة ثم قال: وإنّ المؤمنين ليرونه في الدّنيا قبل يوم القيامة، ألست تراه في وقت هذا؟ قال أبو بصير: فقلت له جعلت فداك فأُحَدِّث بهذا عنك؟ فقال: لا فإنّك إذا حدّثت به فأَنْكَرهُ مُنْكِرٌ، جَاهِلٌ بِمَعْنَى ما تقوله، ثمّ قَدَّرَ أنّ ذلك تشبيهٌ وكفر، وليست الرّؤية بالقلب كالرؤية بالعين تعالى الله عمّا يصفه المُشَبِّهُون والملحدون" (6).

وعن أبي الحسن الرّضا عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا أُسْرِيَ بي إلى السّماء بلغ بي جبرئيل مكانا لم يطأه قطّ جبرئيل فكشف له فأراه الله من نور عظمته ما أحبّ"(7).

ويقول أمير المؤمنين عليه السلام في الدعاء:

"فأسألك باسمك الّذي ظَهرْتَ به لخاصّة أوليائك فوحَدوك وعرفوك فعبدوك بحقيقتك أن تُعرِّفني نفسك لأُقِرَ لك بربوبيّتك على حقيقة الإيمان بك ولا تجعلني يا إلهي ممّن يعبد الاسم دون المعنى والحظني بلحظة من لحظاتك تنوَّر بها قلبي بمعرفتك خاصّة ومعرفة أوليائك إنّك على‏ كلّ شي‏ء قدير" (8).

ويقول الإمام الحسين عليه السلام في دعاء عرفة: "أنت الذي أشرقتَ الأنوار في قلوب أوليائك حتى عرفوك ووحدوك" (9).

السير التكاملي من الإيمان إلى اليقين:

لبيان هذا السير المعنوي يجب أن نسأل من طووا هذا المسير وهم في أوج قمة اليقين، أولئك الذين وصلوا في معرفة حقائق الوجود إلى مرتبة "لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً" (10). أي أن نستمع إلى كلام أهل بيت العصمة والطهارة، وأهل بيت الرسالة صلوات الله عليهم أجمعين، والذي يستفاد من مجموع كلامهم صلوات الله عليهم أجمعين في بيان هذا السير وبحسب ما ألمح إليه بعض الصالحين، أنّ هذا السير التكاملي يبدأ بالذكر ويختتم بالانقطاع. ولتوضيح الأمر نشير إلى النقاط التالية:

الأولى: ارتباط الإيمان والذكر.

الذكر هو عبارة عن العمل بلوازم الإيمان، لأنّ لازم الإيمان والاعتقاد بخالق الكون هو العمل بالقوانين والبرامج التي أوحيت للأنبياء الإلهيين من أجل تكامل الإنسان. فحقيقة ذكر الله ليست إلاّ العمل بالقوانين الإلهية، وذكر الله باللسان هو جزء صغير من الذكر بالمفهوم العام. وبسبب هذا التلازم فسّر الإيمان بالعمل من باب المبالغة في حديث للإمام الصادق عليه السلام يقول فيه: "الإيمان عمل كله، والقول بعضُ ذلك العمل بفرض من الله" (11).

وعلى هذا الأساس لا يكون الإيمان قابلاً للبقاء بدون الذكر، وإذا انفصل الذكر عن الإيمان انطفأ هذا المصباح، وانهدم هذا البناء لذلك يقول الإمام علي عليه السلام: "ذكر الله دعامة الإيمان" (12)، أي أنّ الذكر أمر ضروريّ لبقاء بناء الإيمان، وبدون هذا العماد لا يمكن أن يكون للإيمان وجود خارجي.

وعليه فبعد تكوين جوهرة الإيمان في الروح، يبدأ الإنسان حركته نحو الكمال برأس مال الذكر والعمل بالقوانين الإلهية، كما يقول الإمام علي عليه السلام: "ذكر الله رأس مال كل مؤمن وربحه السلامة من الشيطان" (13)

الثانية: ارتباط الذكر والحبّ.

الذكر بالمعنى المذكور هو أساس حياة القلب والروح، لذا يقول أمير

المؤمنين عليه السلام: "من ذكر الله سبحانه أحيا الله قلبه ونوّر عقله ولب" (14). ودوام غذاء الذكر ضروريّ لاستمرار حياة الروح: "مداومة الذكر قوت الأرواح" (15).

وعندما يحيا القلب يستأنس بالله تدريجياً:

"الذكر مفتاح الأنس" (16).

"من أكثر ذكر الله أحبه" (17).

إنّ لحبّ الله إذاً أثرين أحدهما أنّه يصون روح الإنسان ويعطيه العصمة من الحجب والأدران، والآخر أنه يجعل القلب منقطعاً لله.

الثالثة: ارتباط الحبّ والعصمة.

إنّ أحد آثار وثمار الحبّ هو العصمة، بمعنى أنه عندما تصل علاقة ومحبة الإنسان لله إلى أوجها لا تسمح المحبة له بأن يفعل ما هو خلاف مراد المحبوب وتطهّر القلب من جميع الرين. والعصمة هي الشيء الذي يمنع الإنسان من معصية الله، ويصونه من التلوّث بها، وما لم يستقرّ الإنسان في أوج قمة المحبة لله فلا يمكن أن يمتلك الصيانة من المعصية، ولذا جاء في المناجاة الشعبانية: "إلهي لم يكن لي حوْل فأنتقل به عن معصيتك إلا في وقتٍ أيقظتني لمحبتك".

الحب لا يطهر الأدران من القلب ويصون الإنسان من التلوّث بالمعاصي فقط، بل يصون من الشبهة أيضاً. يقول رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم في حديث له: "قال الله سبحانه إذا علمت أنَ الغالب على عبدي الاشتغال بي، نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي، فإذا كان عبدي كذلك فأراد أن يسهو حُلْتُ بينه وبين أن يسهو، أولئك أوليائي حقاً، أولئك الأبطال حقاً، أولئك الذين إذا أَرَدْتُ أن أُهلِكَ أهل الأرض عقوبَةً زَوَيتُهَا عنهم من أجل أولئك الأبطال (18).

الرابعة: ارتباط الحبّ والانقطاع.

أثر الحبّ الثاني هو أنه يجذب العاشق للمعشوق بحيث يقطع أيّ نوع من الارتباط مع أيّ شخص وأيّ شيء آخر، وهذا هو معنى الانقطاع. وفي مناجاة المحبّين المروية عن الإمام زين العابدين في الصحيفة السجادية: "إلهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلاً، ومن ذا الذي أنس بقربك فابتغى عنك حولاً".

إذا حققنا في الأمور التي ذكرت في باب العبادة في برنامج الأنبياء، نرى أن هذه الأمور قد نظمت بحيث إذا أنجزت بشكل صحيح وتام، فإنّ الإنسان سيصل بعد مدة وبشكل طبيعي إلى حالة الانقطاع وقطع الارتباط بكل ما سوى الله فتموت جميع الأهواء في القلب وتتحقق في الإنسان هذه الخصوصية التي ذكرها الإمام الصادق عليه السلام في صفات المؤمن وهي "ميّتة شهوته" (19).

حينئذ يكون نظر العين لله لا للهوى، وسمع الأذن لله لا للهوى، واليد والرجل تتحرّكان له عز وجل لا للهوى، وتصير إرادة الإنسان في نهاية الأمر مسلّمة لإرادة الحق، وبتعبير أدق وأعمق تصير إرادة الإنسان إرادة الله ويصل الإنسان إلى مقام الفناء في الله، وهو معنى الحديث القدسي: "ما تقرَب إليّ عبد بشي‏ء أحبّ إليّ ممّا افترضت عليه، وإنّه ليتقرَب إليّ بالنّافلة حتّى أحبّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته " (20).

الخامسة: علاقة الانقطاع واللقاء.

إنّ الإنسان طبقاً للروايات التي وردت عن المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، لا يصل إلى الكمال ولا ينال رؤيته القلبية واللقاء مع الله عزّ وجلّ ما لم يحصل الانقطاع. يقول سيد العارفين وإمام الموحّدين أمير المؤمنين عليه السلام: "لن تتصل بالخالق حتى تنقطع عن الخلق" (21). ويقول عليه السلام أيضاً: "الوصلة بالله في الانقطاع عن الناس" (22).

وفي المناجاة الشعبانية التي تحتوي على مضامين عرفانية عالية وعميقة جداً، والتي كان المعصومون عليهم السلام بحسب المنقول يداومون على قراءتها: "إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأَنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتّى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة".

بناء على هذا إنّ أول درجة للعروج والوصول للكمال هي الذكر وآخر درجة هي الانقطاع ويصل الإنسان في مرحلة أوج الانقطاع إلى لقاء الله ورؤية الحق القلبية. ويمكن استنباط السير التكاملي من الإيمان إلى اليقين، أو من الذكر حتى اللقاء

من هذه الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي يقول فيه: "قال الله سبحانه إذا علمت أنّ الغالب على عبدي الاشتغال بي نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي فإذا كان عبدي كذلك فأراد أن يسهو حُلْتُ بينه وبين أن يسهو. أولئك أوليائي حقاً أولئك الأبطال حقاً أولئك الذين إذا أردت أن أهلك أهل الأرض عقوبة زويتها عنهم من أجل أولئك الأبطال" (23).

ويقول الإمام الصادق عليه السلام في خصائص "أولي الألباب" والعقلاء بعد أن يبيّن أنّ العقلاء هم الذين وصلوا إلى الله عن طريق الفكر والحب: "إنّ أولي الألباب الّذين عملوا بالفكرة حتّى وَرِثُوا منه حُبَّ الله فإنّ حُبَّ الله إذا وَرِثَهُ القلب واستضاء به أَسْرَعَ إليه اللُّطف فإذا نزل (مَنْزِلَةَ) اللّطف صار من‏ أهل الفوائد فإذا صار من أهل الفوائد تَكَلَّمَ بالحكمة فصار صاحب فِطنَة فإذا نزل منزلة الفطنة عمل في القدرة فإذا عمل في القدرة عرف الأطباق السّبعة فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلّب في فكره بلطف وحكمة وبيان فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبّته في خالقه فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى فعاين ربّه في قلبه وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء وورث العلم بغير ما ورثه العلماء وورث الصّدق بغير ما ورثه الصّدِّيقون" (24).

وعلى هذا الأساس يختصر الإمام الرابع عليه السلام مطالبه الكثيرة من الله في مجال تزيين الروح بالصفات الحسنة بعدة كلمات وهي: "ونبّهني لذكرك في أوقات الغفلة، واستعملني بطاعتك في أيام المهلة، وانهج لي إلى محبتك سبيلاً سهلة أكمل لي بها خير الدنيا والآخرة ..." (25).

المفاهيم الرئيسة:

1 ـ إنّ لمعرفة الله العقلية والقلبية مراتب عديدة، ولكلّ مرتبة شرائط خاصة.

2 ـ أول مرتبة للمعرفة العقلية تبدأ من المعرفة البديهية وتنتهي بالإحاطة بكل براهين وأدلة معرفة الله وبالإجابة عن كل إيرادات المنكرين.

3 ـ أول مرتبة للمعرفة القلبية تبدأ من المعرفة الفطرية القلبية، وتختتم بتجاوز الحجب الظلمانية والنورانية والوصول إلى مرتبة تجلّي الذات.

4 ـ معرفة الله عن طريق القلب لها مراتب أيضاً وأدنى تلك المراتب هو الإحساس الفطري بالحاجة للكمال المطلق.

5 ـ إذا عمل الإنسان بلوازم الإيمان التي هي تنفيذ القوانين الإلهية، وبذل تمام قدرته بإخلاص في تنفيذ هذه القوانين في حياته الفردية والاجتماعية فسيحصل على مرتبة أعلى إلى أن يصل إلى اليقين.

6 ـ الذي يستفاد من مجموع كلام المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين في بيان هذا السير المعنوي وبحسب ما ألمح إليه بعض الصالحين، أن هذا السير التكاملي يبدأ بالذكر ويختتم بالانقطاع.

7 ـ إنّ أحد آثار وثمار الحبّ هو العصمة، بمعنى أنه عندما تصل علاقة ومحبة الإنسان لله إلى أوجها لا تسمح المحبة له بأن يفعل ما هو خلاف مراد المحبوب وتطهر القلب من جميع الرين.

8 ـ أثر الحب الثاني هو أنه يجذب العاشق للمعشوق بحيث يقطع أيّ نوع من الارتباط مع أيّ شخص وأيّ شيء آخر، وهذا هو معنى الانقطاع.

9 ـ الإنسان طبقاً للروايات التي وردت عن المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، لا يصل إلى الكمال ولا ينال رؤيته القلبية واللقاء مع الله عز وجل ما لم يحصل الانقطاع.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نهج البلاغة، خطبة 220.

(2) العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج66، ص196.

(3) الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص51.

(4) المصدر نفسه، ج1، ص138.

(5) المصدر نفسه، ص97.

(6) العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج4، ص44.

(7) المصدر نفسه، ج1، ص98.

(8) المصدر نفسه، ج91، ص96.

(9) المصدر نفسه، ج95، ص226.

(10) المصدر نفسه، ج40، ص153.

(11) الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص33.

(12) الآمدي، غرر الحكم، ص188.

(13) المصدر نفسه.

(14) المصدر نفسه، ص 189.

(15) المصدر نفسه.

(16) المصدر نفسه.

(17)  الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 7، ص 154، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم، مطبعة مهر - قم، 1414هـ، الطبعة 2، باب استحباب كثرة ذكر الله...، ح 1.

(18)  العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 9، ص162.

(19) الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 230.

(20) المصدر نفسه، ص352.

(21) الآمدي، غرر الحكم، ص200.

(22)  المصدر نفسه، ص199.

(23) العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 90، ص162

(24)  المصدر نفسه، ج36، ص404.

(25) الإمام زين العابدين (عليه السلام)، الصحيفة السجادية، دعاء مكارم الأخلاق.

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.