المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05



من ترجمة بني القبطورنة  
  
1467   10:55 صباحاً   التاريخ: 10/11/2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج1، 634-639
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8/11/2022 1452
التاريخ: 4-7-2016 3522
التاريخ: 17-2-2022 2909
التاريخ: 2024-01-15 988

من ترجمة بني القبطورنة

رجع إلى ما يتعلق بقرطبة: قال الوزير أبو بكر بن القبطرنة، يخاطب الوزير أبا الحسين ين سراج، ويذكر لمة من إخوانه بقرطبة (1) :

يا سيدي وأبي هوى وجلالة ... ورسول ودي إن طلبت رسولا

عرج بقرطبة ولذ إن جئتها (2) ... بأبي الحسين وناده تمويلا (3)

فإذا سعدت بنظرة من وجهه ... فاهد السلام لكفه تقبيلا

واذكر له شكري وشوقي مجملا ... ولو استطعت شرحته (4) تفصيلا

بتحية تهدى إليه كأنما ... جرت على زهر الرياض ذيولا

وأشم منها المصحفي على النوى ... نفسا ينسي السوسن المبلولا

وإلى أبي مروان منه نفحة ... تهدي له نور الربى مطلولا

وإذا لقيت الأخطبي فسقه ... من صفو ودي قرقفا وشمولا

وأبو علي سق (5) منها ربعه ... مسكا بماء غمامة محلولا

واذكر لهم زمنا يهب نسيمه ... أصلا كنفث الراقيات عليلا

مولى ومولي نعمة وكرامة ... وأخا إخاء مخلصا وخليلا

(634)

بالحير ما عبست هناك غمامة ... إلا تضاحك إذخرا وجليلا

يوما وليلا كان ذلك كله ... سحرا وهذا بكرة وأصيلا

لا أدركت تلك الأهلة دهرها ... نقصا ولا تلك النجوم أفولا قال أبو نصر: الحير الذي ذكره هنا حير الزجالي خارج باب اليهود بقرطبة الذي يقول فيه أبو عامر بن شهيد (6) :

لقد أطلعوا عند باب اليهود ... شمسا أبى الحسن أن تكسفا

تراه اليهود على بابها ... أميرا فتحسبه يوسفا وهذا الحير من أبدع المواضع وأجملها، وأتمها حسنا وأكملها، صحنه مرمر صافي البياض، يخترقه جدول كالحية النضناض، به جابية، كل لجة بها كابية، قد قربصت بالذهب واللازورد سماؤه، وتأزرت بهما جوانبه وأرجاؤه، والروض قد اعتدلت أسطاره، وابتسمت من كمائمها أزهاره، ومنع الشمس أن ترمق ثراه، وتطر النسيم بهبوبه عليه ومسراه، شهدت له ليالي وأياما كأنما تصورت من لمحات الأحباب، أو قدت من صفحات أيام الشباب، وكانت لأبي عامر بن شهيد به فرج وراحات، أعطاه فيها الدهر ما شاء، ووالى عليه الصحو والانتشاء، وكان هو وصاحب الروض المدفون بإزائه أليفي صبوة، وحليفي نشوة، عكفا فيه على جريالهما، وتصرفا بين زهوهما واختيالهما، حتى رداهما الردى، وعداهما الحمام عن ذلك المدى، فتجاورا في الممات، تجاورهما في الحياة،وتقلصت عنهما وارفات تلك الفيئات، وإلىذلك العهد أشار ابن شهيد وبه عرض، وبشوقه صحح وما مرض، حيث يقول عند موته يخاطب أبا مروان صاحبه وأمر أن يدفن بإزائه

 (635)

ويكتب على قبره (7) :

يا صاحبي قم فقد أطلنا ... أنحن طول المدى هجود؟

فقال لي: لن نقوم منها ... ما دام من فوقنا الصعيد

تذكر كم ليلة نعمنا ... في ظلها والزمان عيد

وكم سرور همى علينا ... سحابة ثرة تجود؟

كل كأن لم يكن تقضى (8) ... وشؤمه حاضر عتيد

حصله كاتب حفيظ ... وضمه صادق شهيد

يا ويلنا إن تنكبتنا ... رحمة من بطشه شديد

يا رب عفوا فأنت مولى ... قصر في أمرك العبيد انتهى.

ثم قال بعد كلام (9) : وركب أبو الحسن ابن القبطرنة إلى سوق الدواب بقرطبة ومعه أبو الحسين ابن سراج، فنظر إلى أبي الحكم ابن حزم غلاما كما عق تمائمه، وهو يروق كأنه زهر فارق كمائمه، فسأل أبا الحسين ابن سراج أن يقول فيه، فأرتج عليه، فثنى عنان القول إليه، فقال:

رأى صاحبي عمرا فكلف وصفه ... وحملني من ذاك ما ليس في الطوق

فقلت له: عمرو كعمرو، فقال لي: ... صدقت ولكن ذاك شب على الطوق (10) وكان بنو القبطرنة بالأندلس أشهر من نار على علم، وقد تصرفوا في البراعة والقلم، ولهم الوزارة المذكورة، والفضائل المشكورة، ولذا قال أبو

 (636)

نصر في حقهم ما صورته (11) :

هم للمجد كالأثافي، وما منهم إلا موفور القوادم والخوافي، إن ظهروا زهروا، وإن تجمعوا، تضوعوا، وإن نطقوا، صدقوا، ماؤهم صفو، وكل واحد منهم لصاحبه كفو، أنارت بهم نجوم المعالي وشموسها، ودانت لهم أرواحها ونفوسها، ولهم النظام الصافي الزجاجة، المضمحل العجاجة، انتهى.

ثم قال (12) : وبات منهم أبو محمد مع أخويه في أيام صباه، واستطابة (13) جنوب الشباب وصباه، بالمنية المسماة بالبديع، وهو روض كان المتوكل يكلف بموافاته، ويبتهج بحسن صفاته، ويقطف رياحينه وزهره، ويوقف عليه إغفاءه وسهره، ويستفزه الطرب متى ذكره، وينتهز فرص الأنس فيه روحاته وبكره، ويدي حمياه على ضفة نهره، ويخلع سره فيه لطاعة جهره، ومعه أخواه فطاردوا اللذات حتى أنضوها، ولبسوا برود السرور وما نضوها، حتى صرعتهم العقار، وطلحتهم تلك الأوقار، فلما هم رداء الفجر أن يندى، وجبين الصبح أن يتبدى، قام الوزير أبو محمد فقال:

يا شقيقي وافى الصباح بوجه ... ستر الليل نوره وبهاؤه

فاصطبح واغتنم مسرة يوم ... ليست تدري بما يجيء مساؤه ثم استيقظ أخوه أبو بكر فقال (14) :

يا أخي قم تر النسيم عليلا ... باكر الروض والمدام شمولا

لا تنم واغتنم مسرة يوم ... إن تحت التراب نوما طويلا

 (637)

في رياض تعانق الزهر فيها ... مثل ما عانق الخليل الخليلا (15) ثم استيقظ أخوهما أبوالحسن، وقد هب من غفلة الوسن (16) ، فقال:

يا صاحبي ذرا لومي ومعتبتي ... قم نصطبح خمرة من خير ما ذخروا

وبادرا غفلة الأيام واغتنما ... فاليوم خمر ويبدو في غد خبر (17) وساق صاحب البدائع هذه القصة فقال (18) : وذكر الفتح ما هذا معناه أنه خرج الوزراء بنو القبطرنة إلى المنية المسماة بالبديع، وهو روض قد اخضرت مسارح نباته، واخضلت مساري هباته، ودمعت بالطل عيون أزهاره، وذاب على ربرجده بلور أنهاره، وتجمعت فيه المحاسن المتفرقة، وأضحت مقل الحوادث عنه مطرقة، فخيول النسيم تركض في ميادينه فلا تكبو، ونصول السواقي تحسم (19) أدواء الشجر فلا تنبو، والزروع قد نقبت وجه الثرى، وحجبت الأرض عن العيون فما تبصر ولا ترى، وكان المتوكل بن الأفطس يعده غاية الأرب، ويعده مشهدا (20) للطرب، ومدفعا للكرب، فباتوا فيه ليلتهم يديرون لمع لهب يتمنون فيه الخلود، ويتحسون ذوب ذهب لا يصهر به ما في بطونهم والجلود، حتى تركتهم ابنة الخابية، كأنهم أعجاز نخل خاوية، فلما هزم رومي الصباح زنجي الظلام، ونادى الديك حي على المدام، انتبه

 (638)

كبيرهم أبو محمد مستعجلا، وأنشد مرتجلا يا شقيقي ... إلخ فانتبه أخوه أبو بكر لصوته، وتخوف لذهاب ذلك الوقت وفوته، وأنبه أخاهما أبا الحسن وهو يرتجل يا أخي قم تر النسيم ... إلخ فانتبه أخوه لكلامه، دافعا لذة منامه للذة قيامه، وارتجل يا صاحبي ذرا ... إلخ انتهى.

قال الفتح (21) : ولما أمر المعتمد بن عباد أبا بكر بن القبطرنة السابق الذكر مع الوزير أبي الحسين ابن سراج بلقاء ذي الوزارتين أبي الحسن ابن اليسع القائد (22) والمشي إليه، والنزول عليه، تنويها لمقدمه (23) ، وتنبيها على حظوته لديه وتقدمه، قصارا إلى بابه، فوجداه مقفرا من حجابه، فاستغربا خلوه من خول، وظن كل واحد منهما وتأول، ثم أجمعا على قرع الباب، ورفع ذلك الارتياب، فخرج وهو دهش، وأشار إليهما بالتحية ويده ترتعش، وأنزلهما خجلا، ومشى بين أيديهما عجلا، وأشار إلى شخص فتوارى بالحجاب، وبارى الريح سرعة في الاحتجاب، فقعدا ومقلة الخشف، ترمق من خلال السجف، فانصرفا عنه، وعزما أن يكتبا إليه بما فهما منه، فكتبا إليه:

سمعنا خشفة الخشف ... وشمنا طرفة الطرف

وصدقنا ولم نقطع ... وكذبنا ولم ننف

وأغضينا لإجلال ... ك عن أكرومة الظرف

ولم تنصف وقد جئنا ... ك ما ننهض من ضعف

وكان الحكم (24) أن تحم ... ل أو تردف في الردف

 (639)

فراجعهما في الحين (25) بقطعة منها:

أيا أسفي على حال ... سلبت (26) بها من الظرف

ويا لهفي على جهلي ... بصنف كان من صنف (27) انتهى. ولأهل الأندلس في مغاني الأنس الحسان، ما لا يفي به لسان.

__________

(1) مر بعض هذه الأبيات فيما تقدم ص: 156 وانظر القلائد: 152.

(2) ق ط ج: إن أنت بلغتها.

(3) ك: تعويلا؛ والتمويل: أن تقول " يا مولاي " .

(4) ك: سردته.

(5) القلائد: وأبا علي بل.

(6) القلائد: 153 وديوان ابن شهيد: 100؛ وقد مرا في الكتاب ص: 156.

(7) القلائد: 153 والديوان: 46 والذخيرة 1: 287.

(8) ك: فخيره مسرعا تقضى.

(9) القلائد: 155.

(10) ق ط ج: ذا أشب على الطوق.

(11) القلائد: 148.

(12) القلائد: 151.

(13) القلائد: واستطابته.

(14) القلائد: 151 والمغرب 1: 367.

(15) ك: الخليل خليلا.

(16) القلائد: وقد ذهب عن عقله الوسن.

(17) هو من قول بشار:

اليوم هم ويبدو في غد خير ... والدهر ما بين إنعام وإبآس وأصله من قول امرئ القيس: اليوم خمر وغدا أمر.

(18) البدائع 2: 140.

(19) البدائع: تصول لحسم.

(20) البدائع: منبهة.

(21) انظر القلائد: 168.

(22) أهله بنو اليسع كانوا أعيان حصن قولية من عمل بسطة، وكان الأمير أبو الحسن يتوى مرسية للمعتمد بن عباد فثار عليه أهلها وخلعوه، ووصفه الفتح بأنه كان صاحب بطالة وراحة (انظر ترجمته في القلائد: 167 والمغرب 2: 87 والحلة السيراء 2: 172).

(23) ك: بمقدمه.

(24) دوزي: الحق.

(25) في نسخة: فراجعهما أبو الحسن.

(26) دوزي: سللت.

(27) في ق ط: بنصف كان من نصف؛ ج: لضيف كان من ضيف.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.