المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24

حول فرصة الشباب
2023-05-15
التوزيع الجغرافي للزلازل - منطقة الضعف القشري في المحيط الأطلنطي
10-3-2022
الامام و الفضل بن سهل
7-8-2016
Ammonium Ion : Tetrahedral Molecular Geometry
27-4-2019
Osborne Reynolds
5-2-2017
Deep and surface structure
16-2-2022


الزاهرة  
  
1533   10:11 صباحاً   التاريخ: 7/11/2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج1،ص578-584
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-06 595
التاريخ: 22-1-2023 1283
التاريخ: 2024-08-01 492
التاريخ: 12/11/2022 1763

الزاهرة

وأما الزاهرة فهي من مباني المنصور محمد بن أبي عامر.

قال ابن خلدون أثناء كلامه على المنصور ما صورته (1) : وابتنى لنفسه مدينة لنزله سماها الزاهرة، ونقل إليها جزءا من الأموال والأسلحة، انتهى.

وقال غيره، وأظنه صاحب المطمح (2) : وفي سنة ثمان وستين وثلاثمائة أمر المنصور بن أبي عامر ببناء الزاهرة، وذلك عندما استفحل (3) أمره، واتقد جمره، وظهر استبداده، وكثر حساده وأنداده (4) ، وخاف على نفسه في الدخول إلى قصر السلطان، وخشي أن يقع في أشطان، فتوثق لنفسه، وكشف

(578)

له ما ستر عنه في أمسه، من الاعتزاز عليه، ورفع الاستناد إليه، وسما إلى ما سمت إليه الملوك من اختراع قصر ينزل فيه، ويحله بأهله وذويه، ويضم إليه رياسته، ويتم به تدبيره وسياسته، ويجمع فيه فتيانه وغلمانه، فارتاد موضع مدينته المعروفة بالزاهرة، الموصوفة بالقصور الباهرة، وأقامها بطرف البلد على نهر قرطبة الأعظم، نسق فيها كل اقتدار معجز ونظم، وشرع في بنائها في هذه السنة المؤرخة، وحشد الصناع والفعلة، وجلب إليها الآلات الجليلة، وسربلها بهاء يرد الأعين كليلة، وتوسع في اختطاطها، وتولع بانتشارها في البسيطة وانبساطها، وبالغ في رفع أسوارها، وثابر على تسوية أنجادها وأغوارها، فاتسعت هذه المدينة في المدة القريبة، وصار بناؤها من الأنباء (5) الغريبة، وبني معظمها في عامين.

وفي سنة سبعين وثلاثمائة انتقل المنصور إليها ونزلها بخاصته وعامته، فتبوأها وشحنها بجميع أسلحته وأمواله وأمتعته، واتخذ فيها الدواوين والأعمال وعمل في داخلها الأهراء، وأطلق بساحتها الأرحاء، ثم قطع ما حولها لوزرائه وكتابه، وقواده وحجابه، فابتنوا بها كبار الدور، وجليلات القصور، واتخذوا خلالها المستغلات المفيدة، والمنازه المشيدة، وقامت بها الأسواق وكثرت فيها الأرفاق، وتنافس الناس بالنزول بأكنافها، والحلول بأطرافها، للدنو من صاحب الدولة، وتناهى الغلو في البناء حوله، حتى اتصلت أرباضها بأرباض قرطبة وكثرت بحوزتها العمارة، واستقرت في بحبوحتها الإمارة، وأفرد الخليفة من كل شيء إلا من الاسم الخلافي، وصير ذلك هو الرسم العافي، وربت فها جلوس وزرائه، ورؤوس أمرائه، وندب إليها كل ذي خطة بخطته، ونصب ببابها كرسي شرطته، وأجلس عليها واليا على رسم كرسي الخليفة، وفي صفة تلك المرتبة المنيفة، وكتب إلى الأقطار بالأندلس والعدوة

 (579)

بأن تحمل إلى مدينته تلك أموال الجبايات، ويقصدها أصحاب الولايات، وينتابها طلاب الحوائج، وحذر أن يعوج عنها إلى باب (6) الخليفة عائج، فاقتضيت إليها اللبانات والأوطار، وانحشد الناس إليها من جميع الأقطار، وتم لمحمد بن أبي عامر ما أراد، وانتظم بلبة أمانيه المراد، وعطل قصر الخليفة من جميعه، وصيره بمعزل من سامعه ومطيعه، وسد باب قصره عليه، وجد في خبر ألا يصل إليه، وجعل فيه ثقة من صنائعه يضبط القصر، ويبسط في النهي والأمر، وشرف منه على كل داخل، ويمنع ما يحذره من الدواخل، ورتب عليه الحراس والبوابين، والسمار والمنتابين، يلازمون حراسة من فيه ليلا ونهارا، ويراقبون حركاتهم سرا وجهارا، وقد حجر على الخليفة كل تدبير، ومنعه من تملك قبيل أو دبير، وأقام الخليفة هشام مهجور الفناء، معجوز الغناء، خفي الذكر، عليل الفكر، مسدود الباب، محجوب الشخص عن الأحباب، لا يراه خاص ولا عام، ولا يخاف منه بأس ولا يرجى منه إنعام، ولا يعهد في إلا الاسم السلطاني في السكة والدعوة، وقد نسخه ولبس أبهته وطمس بهجته، وأغنى الناس عنه، وأزال أطماعهم منه، وصيرهم لا يعرفونه، وأمرهم أنهم (7) لا يذكرونه، اشتد ملك محمد بن أبي عامر منذ نزل قصر الزاهرة وتوسع مع الأيام في تشييد (8) بنيتها حتى كملت أحسن كمال، وجاءته في نهاية الجمال، نقاوة بناء، وسعة فناء، واعتدال هواء رق أديمه، وصقالة جو اعتل (9) نسيمه، ونضرة بستان، وبهجة للنفوس فيها افتنان، وفيها يقول صاعد اللغوي:

يا أيها الملك المنصور من يمن ... والمبتنى نسبا غير الذي انتسبا

 (580)

بغزوة (10) في قلوب الشرك رائعة ... بين المنايا تناغي السمر والقضبا

أما ترى العين تجري فوق مرمرها ... هوى فتجري على أحفافها الطربا (11)

أجريتها فطما الزاهي بجريتها ... كما طموت فسدت العجم والعربا

تخال فيه جنود الماء رافلة ... مستلئمات تريك الدرع واليلبا

تحفها من فنون الأيك زاهرة ... قد أورقت فضة إذ أورقت (12) ذهبا

بديعة الملك ما ينفك ناظرها ... يتلو على السمع منها آية عجبا

لا يحسن الدهر أن ينشي لها مثلا ... ولو تعنت فيها نفسه طلبا ودخل عليه ابن أبي الحباب (13) في بعض قصوره من النية المعروفة بالعامرية، والروض قد تفتحت أنواره، وتوشحت أنجاده وأغواره، وتصرف فيها الدهر متواضعا،ووقف بهاالسعد خاضعا، فقال:

لا يوم كاليوم في أيامك الأول ... بالعامرية ذات الماء والظلل

هواؤها في جميع الدهر معتدل ... طيبا وإن حل فصل غير معتدل

ما إن يبالي الذي يحتل ساحتها ... بالسعد أن لا تحل الشمس بالحمل وما زالت هذه المدينة (14) رائقة، والسعود بلبتها متناسقة، تراوحها الفتوح وتغاديها، وتجلب إليها منكسرة أعاديها، لا تزحف عنها راية إلا

 (581)

إلى فتح، ولا يصدر عنها تدبير إلا إلى نجح، إلى أن حان يومها العصيب، وقيض لها من المكروه أوفر (15) نصيب، فتولت فقيدة، وخلت من بهجتها كل عقيدة، انتهى.

وقد حكى الحميدي في " جذوة المقتبس " (16) هذه الحكاية الواقعة لابن أبي الحباب بزيادة، فقال - بعد أن ذكر هذه المنية العامرية التي إلى جانب الزهراء - : إن أبا المطرف بن أبي الحباب الشاعر دخل إلى المنصور في هذه المنية، فوقف على روضة فيها ثلاث سوسنات ثنتان منها قد تفتحتا وواحدة لم تفتح، فقال:

لا يوم كاليوم في أيامنا الأول ... بالعامرية ذات الماء والظلل (17)

هواؤها في جميع الدهر معتدل ... طيبا، وإن حل فصل غير معتدل

ما إن يبالي الذي يحتل ساحتها ... بالسعد ألا تحل الشمس في الحمل

كأنما غرست في ساعة وبدا ال ... سوسان من حينه فيها على عجل

أبدت ثلاثا من السوسان مائلة ... أعناقهن من الإعياء والكسل

فبعض نوارها للبعض منفتح ... والبعض منغلق عنهن في شغل

كأنها راحة ضمت أناملها ... من بعد ما ملئت من جودك الخضل

وأختها بسطت منها أناملها ... ترجو نداك كما عودتها فصل وقد ذكر ابن سعيد (18) أن ابن العريف النحوي دخل على المنصور بن أبي عامر وعنده صاعد اللغوي البغدادي، فأنشده وهو بالموضع المعروف بالعامرية من أبيات:

فالعامرية تزهى ... على جميع المباني

 (582)

وأنت فيها كسيف ... قد حل في غمدان (19) فقام صاعد، وكان مناقضا له، فقال: أسعد الله تعالى الحاجب الأجل، ومكن سلطانه؛ هذا الشعر الذي قاله (20) قد أعده وروى (21) فيه أقدر أن أقول أحسن منه ارتجالا، فقال له المنصور: قل ليظهر صدق دعواك، فجعل يقول من غير فكرة طويلة (22) :

يا أيها الحاجب المع ... تلي على كيوان

ومن به قد تناهى ... فخار كل يمان (23)

العامرية أضحت ... كجنة الرضوان

فريدة لفريد ... ما بين أهل الزمان ثم مر في الشعر إلى أن قال في وصفها:

انظر إلى النهر فيها ... ينساب كالثعبان

والطير يخطب شكرا ... على ذرا الأغصان

والقضب تلتف سكرا ... بميس القضبان

والروض يفتر زهوا ... عن مبسم الأقحوان

والنرجس الغض يرنو ... بوجنة النعمان

وراحة الريح تمتا ... ر نفحة الريحان

فدم مدى الدهر فيها ... في غبطة وأمان فاستحسن المنصور ارتجاله، وقال لابن العريف: ما لك فائدة في مناقضة

 (583)

من هذا ارتجاله، فكيف تكون رويته؟ فقال ابن العريف: إنما أنطقه وقرب عليه المأخذ إحسانك، فقال له صاعد: فيخرج من هذا أن قلة إحسانه لك أسكتتك وبعدت عليك المأخذ، فضحك المنصور وقال: غير هذه المنازعة أليق بأدبكما.

قلت: وقد ذكر مؤرخو الأندلس منى كثيرة بها: منها منية الناعورة السابقة، ومنية العامرية هذه، ومنية السرور، ومنية الزبير منسوبة إلى الزبير بن عمر الملثم ملك قرطبة.

قال أبو الحسن بن سعيد (24) : أخبرني أبي عن أبيه قال: خرج معي إلى هذه المنية في زمان فتح نوار اللوز أبو بكر بن بقي الشاعر المشهور، فجلسنا تحت سطر لوز قد نور، فقال ابن بقي:

سطر من اللوز في البستان قابلني ... ما زاد شيء على شيء ولا نقصا

كأنما كل غصن كم جارية ... إذا النسيم ثنى أعطافه رقصا ثم قال:

عجبت لمن أبقى على خمر دنه ... غداة رأى لوز الحدية نورا وذكر بعض مؤرخي الأندلس أن المنصور بن أبي عامر كان يزرع كل سنة ألف مدي من الشعير قصيلا لدوابه الخاصة به، وأنه كان إذا قدم من غزوة من غزواته لا يحل عن نفسه حتى يدعو صاحب الخيل فيعلم ما مات منها وما عاش، وصاحب الأبنية لما وهى من أسواره ومبانيه وقصوره ودوره، قال: وكان له دخالة (25) كل يوم اثني عشر ألف رطل من اللحم، حاشا الصيد والطير

 (584)

والحيتان، وكان يصنع في كل عام اثني عشر ألف ترس عامرية لقصر الزاهرة والزهراء، قال: وابتنى على طريق المباهاة والفخامة مدينة الزاهرة (26) ذات القصور والمنتزهات المخترعة كمنية السرور وغيرها من مناشئه البديعة، انتهى.

 

__________

(1) ابن خلدون 4: 148.

(2) لم يرد هذا النص في المطمح، وإنما هو في البيان المغرب لابن عذاري 2: 410 - 415 (277 ط. ليدن).

(3) ك: تكامل واستفحل.

(4) ك: وأضداده وأنداده.

(5) ك: من الأبنية.

(6) ك: دار.

(7) أنهم: زيادة من ق ط.

(8) ق: تجديد.

(9) ق: اعتدل.

(11) ط: بغرة.

(12) البيان: على احسائها الطربا؛ وفي ق: الرطبا؛ ج: اخفائها.

(12) البيان: أثمرت.

(13) البيان: عمرو بن أبي الحباب؛ وهو خطأ؛ وأظن إن ابن أبي الحباب هو أحمد بن عبد العزيز بن أبي الحباب النحوي ( - 400) أحد تلامذة القالي (الصلة: 25) وقد ترجم له الحميدي في موضعين مرة باسمه ومرة بكنيته " أبو المطرف " (111، 377) وكناه في الأولى بأبي عمر ولعل هذا موضع اللبس والاضطراب بتسميته " عمرو " في البيان؛ وفي الترجمة الثانية أورد الحميدي شعره في المنية العامرية.

(14) ك: المنية.

(15) ق ج ط: وفار.

(16) انظر الجذوة: 377 (وبغية الملتمس رقم: 1545).

(17) ق: والقلل.

(18) لم يرد هذا الص في مطبوعة المغرب؛ وانظر المقتطفات: 34 - 35.

(19) يعني سيف بن ذي يزن وقصره " غمدان " باليمن.

(20) قاله: سقطت من ك.

(21) ك: وتروى.

(22) ك: كثيرة.

(23) ق: في الحسن كل يمان.

(24) انظر هذا فيما تقدم ص: 471.

(25) في المعاجم: الدخل فقط بمعنى الحاصل، ويبدو أن الأندلسيين استعملوا لفظة " دخالة " ليعنوا القسط أو النصيب أو الحصة.

(26) ك: العامرية.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.