المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

صراع الامين والمأمون
11-6-2019
الإله يستحق العبادة
2-12-2015
تحديد الجنس
7-2-2016
المقصود بالتحليل الكمي في بحوث الإعلام
4-4-2022
موانع امتداد الخصومة في الدعوى المدنية
2024-06-20
Bilabials
11-1-2022


استيلاء المعتمد على قرطبة  
  
1306   09:54 صباحاً   التاريخ: 7/11/2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج1، ص:623-626
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-22 758
التاريخ: 21-6-2022 2521
التاريخ: 25-1-2023 1200
التاريخ: 8/11/2022 1337

استيلاء المعتمد على قرطبة

رجع: ومما ينخرط في سلك أخبار الزهراء ما حكاه الفتح في ترجمة المعتمد ابن عباد إذ قال (1) : وأخبرني الوزير الفقيه أبو الحسين (2) بن سراج أنه حضر مع

(623)

الوزراء والكتاب بالزهراء في يوم قد غفل عنه الدهر فلم يرمقه بطرف، ولم يطرقه بصرف، أرخت به المسرات عهدها، وأبرزت له الأماني خدها (3) ، وأرشفت فيه لماها، وأباحت للزائرين حماها، وما زالوا ينقلون من قصر إلى قصر، ويبتذلون الغصون بجنى وهصر، ويتوقلون (4) في تلك الغرفات، يتعاطون الكؤوس بين تلك الشرفات، حتى استقروا بالروض من بعد ما قضوا من تلك الآثار أوطارا، وأوقروا (5) بالاعتبار قطارا، فحلوا منها في درانك ربيع مفوفة بالأزهار، مطرزة بالجداول والأنهار، والغصون تختال في أدواحها، وتتثنى في أكف أرواحها، وآثار الديار قد أشرفت عليهم كثكالى ينحن على خرابها، وانقراض أطرابها (6) ، والوهي بمشيدها لاعب، وعلى كل جدار غراب ناعب، وقد محت الحوادث ضياءها، وقلصت ظلالها وأفياءها، وطالما أشرقت بالخلائف وابتهجت، وفاحت من شذاهم وأرجت (7) ، أيام نزلوا خلالها وتفيأوا ظلالها، وعمروا حدائقها وجناتها، ونبهوا الآمال من سناتها، وراعوا الليوث في آجامها، وأخجلوا الغيوث عند انسجامها (8) ، فأضحت ولها بالتداعي تلفع واعتجار، ولم يبق من آثارها إلا نؤي وأحجار، قد وهت قبابها، وهرم شبابها، وقد يلين الحديد، ويبلى على طيه الجديد، فبينما هم يتعاطونها صغارا وكبارا، ويديرونها أنسا واعتبارا، إذا برسول المعتمد قد وافاهم برقعة مكتوب (9) فيها:

حسد القصر فيكم الزهراء ... ولعمري وعمركم ما أساء

 (624)

قد طلعتم بها شموسا صباحا ... فاطلعوا عندنا بدورا مساء فساروا إلى قصر البستان بباب العطارين فألفوا مجلسا قد حار فيه الوصف، واحتشد فيه اللهو والقصف، وتوقدت نجوم مدامه، وتأودت قدود خدامه، وأربى على الخورنق والسدير، وأبدى صفحة البدر من أزرار المدير، فأقاموا ليلتهم ما عراهم (10) نوم، ولا عداهم عن طيب اللذات سوم، وكانت قرطبة منتهى أمله، وكان روم أمرها أشهى عمله، ومازال يخطبها بمداخلة أهليها، ومواصلة واليها، إذ لم يكن في منازلتها قائد، ولم يكن لها إلا حيل ومكائد، لاستمساكهم بدعوة خلفائها، وأنفتهم من طموس رسوم الخلافة وعفائها، وحين اتفق له تملكها، وأطلعه فلكها، وحصل في قطب دائرتها (11) ، ووصل إلى تدبير رياستها وإدارتها، قال (12) :

من للملوك بشأو الأصيد البطل؟ ... هيهات جاءتكم مهدية الدول

خطبت قرطبة الحسناء إذ منعت ... من جاء يخطبها بالبيض والأسل

وكم غدت عاطلا حتى عرضت لها ... فأصبحت في سري الحلي والحلل

عرس الملوك لنا في قصرها عرس ... كل الملوك بها في مأتم الوجل

فراقبوا عن قريب لا أبا لكم ... هجوم ليث بدرع البأس مشتمل ولما انتظمت في سلكه، واتسمت بملكه، أعطى ابنه الظافر زمامها، وولاه نقضها وإبرامها، فأفاض فيها نداه، وزاد على أمده ومداه، وجملها بكثرة حبائه، واستقل بأعبائها على فتائه (13) ، ولم يزل فيها آمرا وناهيا، غافلا عن المكر ساهيا، حسن ظن بأهلها اعتقده، واغترارا بهم ما رواه ولا انتقده،

 (625)

وهيهات كم من ملك كفنوه في دمائه، ودفنوه بذمائه، كم من عرش ثلوه (14) ، وكم من عزيز ملك أذلوه، إلى أن ثار فيها ابن عكاشة ليلا، وجر إليها حربا وويلا، فبرز الظافر منفردا عن كماته، عاريا من حماته، وسيفه في يمينه، وهاديه في الظلماء نور جبينه، فإنه كان غلاما كما بلله (15) الشباب بأندائه، وألحفه الحسن بردائه، فدافعهم أكثر ليله، وقد منع منه تلاحق رجله وخيله، حتى أمكنتهم منه عثرة لم يقل لها لعا، ولا استقل منها (16) ولا سعى، فترك ملتحفا بالظلما (17) ، تحت نجوم السما (18) ، معفرا في وسط الحمى (19) ، تحرسه الكواكب، بعد المواكب، ويستره الحندس، بعد السندس، فمر بمصرعه سحرا أحد أئمة الجامع المغلسين، فرآه وقد ذهب ما كان عليه ومضى، وهو أعرى من الحسام المنتضى، فخلع رداءه عن منكبيه ونضاه، وستره به سترا أقنع المجد به وأرضاه، وأصبح لا يعلم رب تلك الصنيعة، ولا يعرف فتشكر له يده الرفيعة، فكان المعتمد إذا تذكر صرعته، وسعر الحزن لوعته، رفع بالعويل نداءه، وأنشد:

ولم أدر من ألقى عليه رداءه (20) ... ولما كان من الغد حز رأسه ورفع على سن رمح وهو يشرق كنار على علم، ويرشق نفس كل ناظر بألم، فلما رمقته الأبصار، وتحققته الحماة والأنصار، رموا أسلحتهم، وسووا للفرار أجنحتهم، فمنهم من اختار فراره وجلاه، ومنهم من أتت به إلى حينه رجلاه، وشغل المعتمد عن رثائه بطلب

(626)

ثاره، ونصب الحبائل لوقوع ابن عكاشة وعثاره، وعدل عن تأبينه، إلى البحث عن مفرقه وجبينه، فلم تحفظ له فيه قافية، ولا كلمة للوعته شافية، إلا إشارته إليه في تأبين أخويه، المأمون والراضي المقتولين في أول النائرة، والفتنة الثائرة.

 

__________

 (1) قلائد العقيان: 10.

(2) القلائد و ق ط ج: ابو الحسن؛ وفي ك: أحمد بن سراج.

(3) ك: خدها ونهدها.

(4) ك: وينتقلون.

(5) دوزي: ووفروا. وفي ك ق ط ج: ووقروا.

(6) ك: أترابها وأطرابها.

(7) ك: وتأرجت.

(8) ك: في انسجامها.

(9) مكتوب: سقطت من ك؛ ط: فيها مكتوب.

(10) القلائد: ما طرقهم.

(11) ط ق ج: دارتها.

(12) ديوان المعتمد: 65.

(13) القلائد: واشتغل بأعبائها عن فنائه.

(14) ط: فلوه.

(15) ك: قد بلله.

(16) ك: استقال منها؛ ق: انتقل منها.

(17) ق ك ط: في الظلما؛ ج: ملتفعا في الظلما.

(18) تحت نجوم السما: ساقطة من القلائد.

(19) ك: وسط اكما؛ ط: الجما.

(20) صدر بيت لأبي خراش الهذلي، وعجزه: " على أنه قد سل عن ماجد محض " .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.