أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-7-2016
2644
التاريخ: 2024-01-07
708
التاريخ: 2023-02-04
1386
التاريخ: 2024-05-11
625
|
وصف قرطبة
قال ابن سعيد، رحمه الله: مملكة قرطبة في الإقليم الرابع، وإيالته للشمس، وفي هذه المملكة معدن الفضة الخالصة في قرية كرتش، ومعدن الزئبق والزنجفر في بلد بسطاسة (1) ، ولجزائها خواص مذكورة في متفرقاتها، وأرضها أرض كريمة النبات (2) ، انتهى.
وقدم، رحمه الله في المغرب الكلام عليها على سائر أقطار الأندلس وقال: إنما قدمنا هذه المملكة من بين سائر الممالك الأندلسية لكون سلاطين الأندلس الأول اتخذوها سريرا لسلطنة الأندلس، ولم يعدلوا عن حضرتها قرطبة، ثم سلاطين بني أمية وخلفاؤهم لم يعدلوا عن هذه المملكة، وتقلبوا منها في ثلاثة أقطاب (3) أداروا فيها خلافتهم: قرطبة، والزهراء، والزاهرة، وإنما
(455)
اتخذوها لهذا الشأن لما رأوها لذلك أهلا، وقرطبة أعظم علما وأكثر فضلا بالنظر إلى غيرها من الممالك، لاتصال الحضارة العظيمة والدولة المتوارثة فيها.
ثم قسم ابن سعيد كتاب الحلة المذهبة، في حلى ممالك قرطبة بالنظر إلى الكور إلى أحد عشر كتابا:
الكتاب الأول كتاب الحلة الذهبية، في حلى الكورة القرطبية.
الكتاب الثاني كتاب الدرر المصونة، في حلى كورة بلكونة.
الكتاب الثالث كتاب " محادثة السمير (4) ، في حلى كورة القصير " .
الكتاب الرابع كتاب الوشي المصور، في حلى كورة المدور.
الكتاب الخامس كتاب نيل المراد، في حلى كورة مراد.
الكتاب السادس كتاب المزنة، في حلى كورة كزنة.
الكتاب السابع كتاب الدر النافق، في حلى كورة غافق.
الكتاب الثامن كتاب النفحة الأرجة، في حلى كورة إستجة.
الكتاب التاسع كتاب الكواكب الدرية، في حلى الكورة القبرية.
الكتاب العاشر كتاب رقة المحبة، في حلى كورة إستبة.
الكتاب الحادي عشر كتاب السوسانة، في حلى كورة اليسانة انتهى.
ثم قال، رحمه الله تعالى: إن العمارة اتصلت في مباني قرطبة والزهراء والزاهرة، بحيث إنه كان يمشى فيها لضوء السرج المتصلة (5) عشرة أميال حسبما ذكره الشقندي في رسالته، ثم قال: ولكل مدينة من مدن قرطبة وأعمالها ذكر مختص به، ثم ذكر المسافات التي بين ممالك قرطبة المذكورة فقال: بين المدور وقرطبة ستة عشر ميلا، وبين قرطبة ومراد خمسة وعشرون ميلا، وبين قرطبة والقصير ثمانية عشر ميلا، وبين قرطبة وغافق مرحلتان، وبين قرطبة وإستبة ستة وثلاثون ميلا، وبين قرطبة وبلكونة
(456)
مرحلتان، وبين قرطبة واليسانة أربعون ميلا، وبين قرطبة وقبرة ثلاثون ميلا، وبين قرطبة وبيانة مرحلتان، وبين قرطبة وإستجة ثلاثون ميلا، وكورة رندة كانت في القديم من عمل قرطبة، ثم صارت من مملكة إشبيلية، وهي أقرب وأدخل في المملكة الإشبيلية، انتهى.
ثم قسم رحمه الله تعالى كتاب الحلة الذهبية، في حلى الكورة القرطبية إلى خمسة كتب:
الكتاب الأول كتاب النغم المطربة، في حلى حضرة قرطبة.
الكتاب الثاني كتاب الصبيحة الغراء، في حلى حضرة الزهراء.
الكتاب الثالث كتاب البدائع الباهرة، في حلى حضرة الزاهرة.
الكتاب الرابع كتاب الوردة، في حلى مدينة شقندة.
الكتاب الخامس كتاب " الجرعة السيغة (6) ، في حلى كورة (7) وزغة " .
وقال، رحمه الله تعالى، في كتاب النغم المطربة، في حلى حضرة قرطبة: إن حضرة قرطبة إحدى عرائس مملكتها، وفي اصطلاح الكتاب أن للعروس الكاملة الزينة منصة، وهي مختصة بما يتعلق بذكر المدينة في نفسها، وتاجا، وهو مختص الإيالة السلطانية، وسلكا، وهو مختص بأصحاب درر الكلام من النثر والنظام، وحلة، وهي مختصة بأعلام العلماء المصنفين الذين ليس لهم نظم ولا نثر، ولا يجب إهمال تراجمهم، وأهدابا، وهي مختصة بأصحاب فنون الهزل وما ينحو منحاه، انتهى.
ثم فصل، رحمه الله تعالى،ذلك كله بما تعددت منه الأجزاء، وقد لخصت منه هنا بعض ما ذكر، ثم أردفته بكلام غيره، فأقول (8) : قال في كتاب أجار (9) :
(457)
إن قرظبة - بالظاء المعجمة - ومعناه أجر ساكنها (10) ، يعني عربت بالطاء، ثم قال: ودور مدينة قرطبة ثلاثون ألف ذراع، انتهى.
وقال غيره: إن تكسيرها ومساحتها التي دار السور عليها دون الأرباض طولا من القبلة إلى الجوف ألف وستمائة ذراع، واتصلت (11) العمارة بها أيام بني أمية ثمانية فراسخ طولا وفرسخين عرضا، وذلك من الأميال أربعة وعشرون في الطول، وفي العرض ستة، وكل ذلك ديار وقصور ومساجد وبساتين بطول ضفة الوادي المسمى بالوادي الكبير، وليس في الأندلس واد يسمى باسم عربي غيره. ولم تزل قرطبة في الزيادة منذ الفتح الإسلامي إلى سنة أربعمائة، فانحطت، واستولى عليها الخراب بكثرة الفتن إلى أن كانت الطامة الكبرى عليها بأخذ العدو الكافر لها ثالث عشري شوال سنة ستمائة وثلاث وثلاثين (12) .
ثم قال القائل: ودور قرطبة أعني المسر منها دون الأرباض ثلاثة وثلاثون ألف ذراع، ودور قصر إمارتها ألف ذراع ومائة ذراع، انتهى.
وعدد أرباضها واحد وعشرون، في كل ربض منها من المساجد و الأسواق والحمامات ما يقوم بأهله ولا يحتاجون إلى غيره، وبخارج قرطبة ثلاثة آلاف قرية، في كل واحدة منبر وفقيه مقلص (13) تكون الفتيا في الأحكام والشرائع له، وكان لا يجعل القالص عندهم على رأسه إلا من حفظ الموطأ، وقيل: من حفظ عشرة آلاف حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ المدونة، وكان هؤلاء المقلصون المجاورون لقرطبة يأتون يوم الجمعة للصلاة مع الخليفة بقرطبة، ويسلمون عليه، ويطالعونه بأحوال بلدهم. انتهى.
(458)
قال: وانتهت جباية (14) قرطبة أيام ابن أبي عامر إلى ثلاثة آلاف ألف دينار، بالإنصاف، وقد ذكرنا في موضع آخر ما فيه مخالفة لهذا، فالله أعلم.
وما أحسن قول بعضهم (15) :
دع عنك حضرة بغداد وبهجتها ... ولا تعظم بلاد الفرس والصين
فما على الأرض قطر مثل قرطبة ... وما مشى فوقها مثل ابن حمدين وقال بعضهم (16) : قرطبة قاعدة الأندلس ودار الملك التي يجبى لها ثمرات كل جهة وخيرات كل ناحية، واسطة بين الكور، موفية على النهر، زاهرة مشرقة، أحدقت بها المنى فحسن مرآها، وطاب جناها.
وفي كتاب فرحة الأندلس لابن غالب: أما قرطبة فإنه اسم ينحو إلى لفظ اليونانيين، وتأويله القلوب المشككة.
وقال أبو عبيد البكري (17) : إنها في لفظ القوط بالظاء المعجمة.
وقال الحجاري: الضبط فيها بإهمال الطاء وضمها، وقد يكسرها المشرقيون (18) في الضبط، كما يعجمها آخرون. انتهى.
وقال بعض العلماء (19) : أما قرطبة فهي قاعدة الأندلس، وقطبها وقطرها الأعظم، وأم مدائنها ومساكنها، ومستقر الخلفاء،ودار المملكة في النصرانية والإسلام، ومدينة العلم، ومقر (20) السنة والجماعة، نزلها جملة من التابعين
(459)
وتابعي (21) التابعين، ويقال: نزلها بعض من الصحابة (22) ، وفيه كلام.
وهي مدينة عظيمة أزلية من بنيان الأوائل، طيبة الماء والهواء، أحدقت بها البساتين والزيتون والقرى والحصون والمياه والعيون من كل جانب، وبها المحرث العظيم الذي ليس في بلاد الأندلس مثله (23) ولا أعظم منه بركة.
وقال الرازي: قرطبة أم المدائن، وسرة الأندلس، وقرارة الملك في القديم والحديث والجاهلية والإسلام، ونهرها أعظم أنهار الأندلس، وبها القنطرة التي هي إحدى غرائب الأرض في الصنعة والإحكام، والجامع الذي ليس في بلاد الأندلس والإسلام أكبر منه.
وقال ابن حوقل (24) : هي أعظم مدينة بالأندلس، وليس بجميع المغرب لها عندي شبيه في كثرة أهل، وسعة محل، وفسحة أسواق، ونظافة محال، وعمارة مساجد، وكثرة حمامات وفنادق، ويزعم قوم من أهلها أنها كأحد جانبي بغداد، وإن لم تكن كأحد جانبي بغداد في قريبة من ذلك ولاحقة به، وهي مدينة حصينة ذات سور من حجارة ومحال حسنة، وفيها كان سلاطينهم قديما، ودورهم داخل سورها المحيط بها، وأكثر أبواب القصر السلطاني من البلد وجنوب قرطبة على النهر.
قال: وقرطبة هذه بائنة عن مساكن أرباضها ظاهرة ودرت بها في غير يوم في قدر ساعة وقد قطعت الشمس خمس عشرة درجة ماشيا.
وقال الحجاري (25) : وكانت قرطبة في الدولة المروانية قبة الإسلام،
(460)
ومجتمع علماء الأنام (26) ، بها استقر سرير الخلافة المروانية، وفيها تمحضت خلاصة القبائل المعدية واليمانية، وإليها كانت الرحلة في رواية الشعر والشعراء، إذ كانت مركز الكرماء، ومعدن العلماء، ولم تزل تملأ الصدور منها والحقائب، ويباري فيها أصحاب الكتب أصحاب الكتائب، ولم تبرح ساحاتها مجر عوال ومجرى سوابق، ومحط معال وحمى حقائق، وهي من بلاد الأندلس بمنزلة الرأس من الجسد، والزور من الأسد، ولها الداخل الفسيح، والخارج الذي يمتع البصر بامتداده فلا يزال مستريحا وهو من تردد النظر طليح.
وقال الحجاري (27) : حضرة قرطبة منذ استفتحت (28) الجزيرة هي كانت منتهى الغاية، ومركز الراية، وأم القرى، وقرارة أولي الفضل والتقى، ووطن أولي العلم والنهى، وقلب الإقليم، وينبوع متفجر العلوم، وقبة الإسلام، وحضرة الإمام، ودار صوب العقول، وبستان ثمر الخواطر، وبحر درر القرائح، ومن أفقها طلعت نجوم الأرض وأعلام العصر وفرسان النظم والنثر، وبها أنشئت التأليفات الرائقة، والسبب في تبريز القوم حديثا وقديما على من سواهم أن أفقهم القرطبي لم يشتمل قط إلا على البحث والطلب، لأنواع العلم والأدب. انتهى.
قال الإمام علي بن سعيد (29) : أخبرني والدي أن السلطان الأعظم أبا يعقوب ابن عبد المؤمن قال لوالده محمد بن عبد الملك بن سعيد: ما عندك في قرطبة؟ قال: فقلت له: ما كان لي أن أتكلم حتى أسمع مذهب أمير المؤمنين فيها، فقال السلطان: إن ملوك بني أمية حين اتخذوها حضرة ملكهم لعلى بصيرة:
(461)
الديار الكثيرة المنفسحة، والشوارع المتسعة، والمباني الضخمة، والنهر الجاري، والهواء المعتدل، والخارج النضر، والمحرث العظيم، والشعراء الكافية، والتوسط بين شرق الأندلس وغربها، قال: فقلت: ما أبقى لي أمير المؤمنين ما أقول.
ثم قال ابن سعيد: ومن كلام والدي في شأنها: هي من أحسن بلاد الأندلس مباني، وأوسعها مالك، وأبرعها ظاهرا وباطنا، وتفضل إشبيلية بسلامتها في فصل الشتاء من كثرة الطين، ولأهلها رياسة ووقار، لا تزال سمة (30) العلم متوارثة فيهم، إلا أن عامتها أكثر الناس فضولا، وأشدهم تشنيعا وتشغيبا، ويضرب بهم المثل ما بين أهل الأندلس في القيام على الملوك والتشنيع على الولاة وقلة الرضى بأمورهم، حتى إن السيد أبا يحيى بن أبي يعقوب بن عبد المؤمن لما انفصل عن ولايتها قيل له: كيف وجدت أهل قرطبة؟ قال: مثل الجمل إن خففت عنه الحمل صاح، وإن أثقلته به صاحن ما ندري أين رضاهم فنقصده، ولا أين سخطهم فنتجنبه (31) ، وما سلط الله عليهم حجاج الفتنة حتى كان عامتها شرا من عامة العراق، وإن العزل عنها لما قاسيت من أهلها عندي ولاية، وإني إن كلفت العود إليها لقائل: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
قال والدي: ومن محاسنها ظرف اللباس، والتظاهر بالدين، والمواظبة على الصلاة، وتعظيم أهلها لجامعها الأعظم، وكسر أواني الخمر حيثما وقع عين أحد من أهلها عليها، والتستر بأنواع المنكرات، والتفاخر بأصالة البيت وبالجندية وبالعلم، وهي أكثر بلاد الأندلس كتبا، وأشد الناس اعتناء بخزائن الكتب، صار ذلك عندهم من آلات التعين والرياسة، حتى إن الرئيس منهم الذي لا تكون عنده معرفة يحتفل في أن تكون في بيته خزانة كتب، وينتخب فيها ليس إلا لأن يقال: فلان عنده خزانة كتب، والكتاب الفلاني
(462)
ليس هو عند أحد غيره، والكتاب الذي هو بخط فلان قد حصله وظفر به.
قال الحضرمي: أقمت مرة بقرطبة، ولازمت سوق كتبها مدة أترقب فيها وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع وهو بخط جيد وتسفير مليح (32) ، ففرحت به أشد الفرح، فجعلت أزيد في ثمنه، فيرجع إلي المنادي بالزيادة علي، إلى أن بلغ فوق حده، فقلت له: يا هذا أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى بلغه إلى ما لا يساوي، قال: فأراني شخصا عليه لباس رياسة، فدنوت منه، وقلت له: أعز الله سيدنا الفقيه، إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركته لك فقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حده؛ قال: فقال لي: لست بفقيه، ولا أدري ما فيه، ولكني أقمت خزانة كتب، واحتفلت فيها لأتجمل بها بين أعيان البلد، وبقي فها موضع يسع هذاالكتاب، فلما رأيته حسن الخط جيد التجليد استحسنته، ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد لله على ما أنعم به من الرزق فهو كثير؛ قال الحضرمي: فأحرجني، وحملني على أن قلت له: نعم لا يكون الرزق كثيرا إلا عند مثلك، يعطى الجوز من لا عنده (33) أسنان، وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب، وأطلب الانتفاع به، يكون الرزق عندي قليلا، وتحول قلة ما بيدي بيني وبينه.
قال ابن سعيد: وجرت مناظرة بين يدي منصور بني عبد المؤمن بين الفقيه العالم أبي الوليد بن رشد والرئيس أبي بكر بن زهر، فقال ابن رشد لابن زهر في كلامه: ما أدري ما تقول، غير أنه إذا مات عالم بإشبيلية فأريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها، وإذا مات مطرب بقرطبة فأريد بيع تركته حملت إلى إشبيلية.
ولما ذكر ابن بشكوال قصر قرطبة، قال (34) : هو قصر أولي تداولته ملوك
(463)
الأمم من لدن عهد موسى النبي، صلى الله على نبينا وعليه وسلم، وفيه من المباني الأولية والآثار العجيبة لليونانيين ثم للروم والقوط والأمم السالفة ما يعجز الوصف، ثم ابتدع الخلفاء من بني مروان - منذ فتح الله عليهم الأندلس بما فيها - في قصرها البدائع الحسان، وأثروا فيه الآثار العجيبة، والرياض المونقة (35) ، وأجروا فيه المياه العذبة المجلوبة من جبال قرطبة على المسافات البعيدة، وتمونوا المؤن الجسيمة حتى أوصلوها إلى القصر المكرم (36) ، وأجروها في كل ساحة من ساحاته وناحية من نواحيه في قنوات الرصاص تؤديها منها إلى المصانع صور مختلفة الأشكال من الذهب الإبريز والفضة الخالصة والنحاس المموه إلى البحيرات الهائلة والبرك البديعة والصهاريج الغريبة في أحواض الرخام الرومية المنقوشة العجيبة.
قال: وفي هذا القصر القصاب العالية السمو، المنيفة العلو، التي لم ير الراؤون مثلها في مشارق الأرض ومغاربها.
قال: ومن قصوره المشهورة، وبساتينه المعروفة: الكامل، والمجدد، وقصر الحائر، والروضة، والزاهر، والمعشوق، والمبارك، والرشيق، وقصر السرور، والتاج، والبديع.
قال: ومن أبوابه التي فتحها الله لنصر المظلومين، وغياث الملهوفين، والحكم بالحق، الباب الذي عليه السطح المشرف الذي لا نظير له في الدنيا، وعلى هذا الباب باب حديد، وفيه حلق لاطون (37) قد أثبتت في قواعدها، وقد صورت صورة إنسان فتح فمه، وهي حلق باب مدينة أربونة من بلد الإفرنج، وكان الأمير محمد قد افتتحها، فجلب حلقها إلى هذا الباب، وله باب قبلي أيضا، وهو المعروف بباب الجنان، وقدام هذين البابين المذكورين على الرصيف
(464)
المشرف على النهر الأعظم مسجدان بالفضل كان الأمير هشام الرضى يستعمل الحكم في المظالم فيهما ابتغاء ثواب الله الجزيل، وله باب ثالث يعرف بباب الوادي، وله باب بشماليه يعرف بباب قورية، وله باب رابع يدعى بباب الجامع، وهو باب قديم كان يدخل منه الخلفاء يوم الجمعة إلى المسجد الجامع على الساباط، وعدد أبوابا بعد هذا طمست أيام فتنة المهدي ابن عبد الجبار (38) .
وذكر ابن بشكوال رحمه الله أن أبواب قرطبة سبعة أبواب (39) : باب القنطرة إلى جهة القبلة ويعرف بباب الوادي وبباب الجزيرة الخضراء وهو على النهر، وباب الحديد ويعرف بباب سرقسطة، وباب ابن عبد الجبار وهو باب طليطلة، وباب رومية وفيه تجتمع الثلاثة الرصف التي تشق دائرة الأرض من جزيرة قادس إلى قرمونة إلى قرطبة إلى سرقسطة إلى طركونة إلى أربونة مارة في الأرض الكبيرة، ثم باب طلبيرة وهو أيضا باب ليون، ثم باب عامر القرشي وقدامه المقبرة المنسوبة إليه، ثم باب الجوز (40) ويعرف بباب بطليوس، ثم باب العطارين، وهو باب إشبيلية، انتهى.
وذكر أيضا (41) أن عدد أرباض قرطبة عند انتهائها في التوسيع (42) والعمارة واحد وعشرون ربضا، منها القبلية بعدوة النهر: ربض شقندة، وربض منية عجب، وأما الغربية فتسعة: ربض حوانيت الريحان (43) ، وربض الرقاقين، وربض مسجد الكهف، وربض بلاط مغيث، وربض مسجد الشفاء، وربض
(465)
حمم الإلبيري (44) ، وربض مسجد المسرور، وربض مسجد الروضة (45) ، وربض السجن القديم، وأما الشمالية فثلاثة: ربض باب اليهود، وربض مسجد أم سلمة، وربض الرصافة، وأما الشرقية فسبعة: ربض شبلار، وربض فرن بريل (46) ، وربض البرج (47) ، وربض منية عبد الله، وربض منية المغيرة، وربض الزاهرة، وربض المدينة العتيقة (48) .
قال: ووسط هذه الأرباض قصبة قرطبة التي تختص بالسور دونها، وكانت هذه الأرباض دون سور، فلما كانت أيام الفتنة صنع لها خندق يدور بجميعها وحائط مانع. وذكر ابن غالب أنه كان دور هذا الحائط أربعة عشر ميلا (49) ، وشقندة معدودة في المدينة لأنها مدينة قديمة كانت مسورة.
__________
(1) ج: والزنجفور... بسطابسة.
(2) ك: كريمة النبات.
(3) ك: أقطار.
(4) ك: السير.
(5) ق ط: السراج؛ ك: الممتدة.
(6) ج: المسوغة.
(7) ق ط: قرية.
(8) ق: فقلت ذكر ابن خلدون في كتاب أجار؛ وهو وهم كما ترى.
(9) كتاب أجار هو نزهة المشتاق المعروف بجغرافية الإدريسي، وأجار هو رجار (Rujjiero) (روجر Roger) الذي ألف له الإدريسي الكتاب، وهو أحد ملوك صقلية النورمنديين، حسبما مر.
(10) الروض المعطار: 156 وقيل معناه " القلوب المختلفة " .
(11) من هنا حتى آخر الفقرة في مخطوط الرباط: 24، ويبدو أن النقل عن ابن حيان.
(12) ك: في ثاني وعشرين شوال سنة 623.
(13) مقلص - بالصاد والسين - الذي يلبس قلنسوة، وانظر النص في مخطوط الرباط: 27.
(14) مخطوط الرباط: 27.
(15) المصدر السابق: 35.
(16) هو أحمد الرازي كما في المنتقى من فرحة الأنفس: 295؛ وفي ق: وقال غيره، وسقطت اللفظتان من ط؛ وفي ج: وفي كتاب الرازي.
(17) انظر مخطوطة المسالك: 218 (رقم: 488 بالخزانة اعامة الرباط).
(18) ط ج: المشرقون.
(19) مخطوط الرباط: 22.
(20) ك: ومستقر.
(21) ق ج ط: وتابع.
(22) مخطوط الرباط: نزلها - فيما نقل - رجل من الصحابة.
(23) ك: الذي ليس له في بلاد الأندلس نظير.
(24) في ك: وقال بعضهم؛ وفي ق: وقال ابن سعيد رحمه الله في المغرب؛ وفي ط: وقال الرازي؛ وفي ج: وفي كتاب ابن حوقل والنص منقول عن ان حوقل، انظر صورة الأرض: 107 - 108 مع اختلاف في بعض النص.
(25) في ج: وفي المسهب؛ وفي ق: وقال الفتح في المطمح؛ وفي ط: قال ابن سعيد.
(26) ك: ومجتمع أعلام الأنام الأعلام.
(27) في ق: وقال أيضا؛ وفي ط بياض؛ وفي ج: وقال في الذخيرة.
(28) ك: افتتحت.
(29) انظر ما تقدم في هذا الكتاب ص: 154.
(30) ط: سعة.
(31) ك ط: فنجتنبه.
(32) ك: بخط فصيح وتفسير مليح؛ والتسفير: التجليد.
(33) ك: من لا له.
(34) ك: وسئل ابن بشكوال عن قصر قرطبة فقال.
(35) ك: الأنيقة.
(36) ك: الكريم، ق: الكرم.
(37) لاطون (وبالإسبانية Laton): الأصفر من الصفر (النحاس).
(38) عدها في مخطوطة الرباط على النحو التالي: باب السدة وباب الجنان وباب العدل وباب الصناعة وباب الملك وباب الساباط (انظر الورقة: 25).
(39) انظر مخطوطة الرباط في عد أبواب قرطبة: 24.
(40) مخطوطة الرباط: باب الجوزة.
(41) ذكر أرباض قرطبة في مخطوطة الرباط: 25.
(42) ك: التوسع.
(43) مخطوط الرباط: ربض الريحاني؛ وفي ق ط: الريحاني.
(44) ج ومخطوط الرابط: ربض الأبوري.
(45) ق: وربض الرمضة.
(46) مخطوطة الرباط: فرن بلي.
(47) مخطوط الرباط: ربض الفرج.
(48) في مخطوط الرباط: " ربط العدوة " وسقط من العدد هنالك ربض مسجد أم سلمة.
(49) في ك: أربعة وعشرين ميلا.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|