أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-2-2021
2281
التاريخ: 21-3-2016
5400
التاريخ: 24-4-2017
4889
التاريخ: 25-4-2017
2859
|
يعد الابتزاز الإلكتروني أحد أهم صور الجرائم الإلكترونية وتنقسم إلى عدة أنواع، وذلك بالنظر من حيث الضحية المستهدفة منها أو بالنظر إلى الهدف الذي يسعى الجاني لتحقيقه من وراء السلوك الجرمي، ونتناول تلك الصور على نحو ما يأتي:
أولا: بالنظر إلى المجني عليه
بالنظر إلى المجني عليه في الابتزاز الإلكتروني نجد أن هذه الظاهرة الاجرامية تأخذ عدة أنواع تتمثل في الآتي:
1- المجني عليه حدث:
غالبا ما يرتكب الابتزاز الإلكتروني ضد الأحداث، بحيث يقوم الجاني - المبتز - بالضغط على الحدث بتهديده بنشر صور أو فيديوهات أو محادثات للحدث من شأنها تحقيره والمساس بشرفه وشرف أسرته، وذلك من اجل الحصول على الأموال أو أجبار الحدث أو أهله على القيام بعلاقات غير مشروعة(1).
وتختلف التشريعات والقوانين في تحديد السن القانوني للرشد بسبب العوامل الطبيعية والاجتماعية والثقافية الخاصة بكل مجتمع وتفرده، والحدث وفق القانوني العراقي "هو من أتم التاسعة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة" (2).
هذا وقد انتشرت ظاهرة الابتزاز بالنسبة للأحداث في مختلف دول العالم ومنها العراق، ومنها على سبيل المثال حادثة اغتصاب طفلة وابتزاز والدة الطفلة وفق البيان الذي صدر عن وزارة الداخلية العراقية بتاريخ 2020/11/1 م، حيث أعلنت الوزارة إلقاء القبض على رجلين اغتصبا طفلة يتيمة في التاسعة من عمرها"، وصورا عملية الاغتصاب الابتزاز والدة الطفلة، بحسب بيان الوكالة شؤون الشرطة في الوزارة، وقال البيان أن الرجلين " ساوما" والدة الفتاة مقابل عدم نشر مقطع ابنتها، وأضاف أن مكتب مكافحة إجرام منطقة أبو غريب (غرب بغداد)، أعد كمين محكم تم على إثره إلقاء القبض على الرجلين(3) .
ولعل انتشار جرائم ابتزاز الأحداث يرجع إلى ضعف الأحداث وخوفهم وسهولة استدراجهم من خلال الوسائل الإلكترونية مما يجعلهم مطمعا للجناة، لهذا فإننا ندعو المشرع العراقي إلى إصدار نصوص قانونية تغلظ العقوبة وتشددها في الابتزاز إذا كان المجني عليه حدثا، وبما يحقق الردع للجناة والحماية لهؤلاء الأحداث.
٢-المجني عليه أنثى:
ابتزاز النساء هو من أكثر أنواع الابتزاز الإلكتروني شهرة وانتشارا من حيث شخص المجني، حيث أن الابتزاز الإلكتروني للنساء يعد الأنموذج الأمثل للجريمة، خاصة ما إذا كان الجاني رجلا، ففي الغالب تبدأ العلاقة بين الطرفين بالثقة الوهمية والتحايل عليها بفكرة الحب والحنان والعاطفة والأساليب الملتوية المخادعة، بحيث يقوم الجاني بالتعرف على الفتاة والتواصل معها عن طريق الاتصال العشوائي أو المواقع والمنتديات الإلكترونية أو القنوات الفضائية أو غير ذلك من الوسائل الأخرى، ثم يستدرجها للحصول على صور أو مقاطع شخصية فاضحة لها أو بيانات أو غير ذلك مما قد يسيء للفتاة عند نشره ويهددها بالنشر مالم تقم بدفع أموال أو يطلب منها أعمال جنسية غير مشروعة(4).
وازدادت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني للنساء في العراق في الآونة الأخيرة بشكل جلي، فبموجب تقرير صادر عن مديرية مكافحة إجرام بغداد تبين إحصائية بعدد حالات الابتزاز الإلكتروني للنساء المسجلة لديهم تم تسجيل عدد (16) ست عشرة حالة خلال عام 2018م وكان عدد المتهمين (19) تسعة عشر متهما، بل شهد عام 2019م تصاعدا واضحة في الابتزاز الإلكتروني للنساء حيث بلغ مجموع الحالات المسجلة (213) مئتين وثلاث عشرة حالة وبلغ عدد المتهمين أكثر من (200) مئتين متهمة، وشهد عام 2020م تناميا كبيرا لهذه الظاهرة الجرمية حيث تم تسجيل (30) ثلاثون حالة خلال شهري (كانون الثاني وشباط) وبلغ عدد المتهمين (11) احد عشر متهمة وهذه الأعداد قابلة للزيادة بشكل كبير مما يمثل خطرا على المجتمع (5).
ففي ظل الفساد الخلقي والديني وغياب دور الأسرة يدخل الشباب والفتيات في المحادثات الصوتية والمرئية عبر الإنترنت ووسائل التواصل الإلكترونية، والتي تشتمل في كثير من الأحيان على الحديث حول الأمور الجنسية و الخادشة للحياء أو يتم إرسال الصور والفيديوهات العارية للفتيات والنساء والتي يتم استخدامها من قبل الجناة فيما بعد للابتزاز الإلكتروني، والذي قد يسبب إما الوقوع في شرك المبتز والرضوخ لطلباته او اللجوء في بعض الأحيان للانتحار تلافيا للفضيحة التي ستطالهن إن نفذ المبتز تهديده بنشر ما لديه من صور وفيديوهات.
3- المجني عليه رجل:
يكون الرجل أيضا عرضة للسقوط في جريمة الابتزاز الإلكتروني إذا كان غنيا مثلا أو ذو منصب سياسي كبير بحيث يكون عرضة للابتزاز من قبل بعض النساء محترفات بيع الهوى على المواقع الإلكترونية، بحيث تستدرجه الفتاة لإرسال صور أو مقاطع فيديو له وهو بدون ملابس أو في وضع مخل أو غير ذلك ثم تقوم بتهديده بنشر هذه الصور والمقاطع إذا لم يدفع لها الأموال، كما قد يكون عرضة للابتزاز بشكل عام بسبب أسرار في مجال عمله أو عائلته بحيث يتم ابتزازه من أجل تلك المعلومات والأسرار (6).
وكل ذلك يستدعي المشرع إلى سرعة التدخل التشريعي وتشريع النصوص التي تجرم الابتزاز الإلكتروني بنصوص صريحة تتفق مع الطبيعة الإلكترونية لها على أن يتم تغليظ وتشديد العقوبات حال كون المجني عليه أنثى أو حدث وبما يحقق الردع ويكفل حماية الضعفاء من الابتزاز الإلكتروني
4- المجني عليه شخص معنوي (اعتباري):
يمكن أن يكون المجني عليه في الابتزاز الإلكتروني شخص اعتباري، بحيث يقوم الجاني بالحصول على معلومات أو بيانات سرية بالشركة الشخص الاعتباري - ويهدد بنشرها للأخرين(7). ويعرف الشخص المعنوي أو الاعتباري على أنه: "عبارة عن تجمع عدد من الأشخاص أو الأموال التحقيق غرض معين بشرط أن يعترف له القانون بالشخصية القانونية (8)، وبذلك يشمل الشخص المعنوي أو الاعتباري الهيئات العامة والخاصة، الجمعيات والشركات والمؤسسات المالية والتجارية وغيرها من المؤسسات التي يعترف لها القانون بالشخصية الاعتبارية. وهو يتمتع بالجنسية والموطن والاسم وذمة مالية مستقلة عن ذمم الأشخاص المكونين له، ويكون وكيل( شخص طبيعي) سواء كان شخصا واحدة أو أكثر من شخص يعبر عن إرادته ويقوم بمباشرة أوجه النشاط القانوني المختلفة الخاصة به ولحسابه (9).
ثانيا: بالنظر إلى أهداف الجاني ودوافعه:
بالنظر إلى الابتزاز الإلكتروني من حيث الهدف الذي يسعى الجاني من ورائه؛ فإن هذه الظاهرة الجرمية تأخذ عدة صور تتمثل فيما يأتي:
1-الابتزاز الإلكتروني لهدف مادي :
قد يكون السعي إلى الغنى، والثرى الفاحش بطرق غير مشروعة، والجشع المجرم هو أهم الأسباب التي تدفع بالجناة الإلكترونيين أن يهجموا على الأنظمة والشبكات التابعة للبنوك، والمؤسسات المالية، من أجل اختراق الحسابات العائدة لأصحاب الأموال، والتلاعب بالأوراق الرسمية ذات القيمة المالية، والسطو على أرقام البطاقات الائتمانية وابتزازهم لأجل المال(10). حيث يسعى الجاني في هذه الحالة إلى تحقيق كسب مادي (مالي غالبا)، فيحاول المبتز الجاني - الحصول على مكاسب مادية عن طريق الإكراه والتهديد على المجني عليه، بحيث يجبره على دفع مبالغ مالية أو دفع أشياء ذات قيمة مالية مقابل عدم نشر الصور أو الفيديوهات أو البيانات أو المعلومات التي لديه والذي يخشى المجني عليه من نشرها(11)، ويرى الباحث إن هذا النوع هو من أكثر أنواع الابتزاز الإلكتروني انتشارا في الوقت الحالي من حيث اهداف ودوافع الجاني، وذلك من خلال عديد الحالات التي نراها ونطلع عليها في حياتنا اليومية، ومن الأمثلة عليها قيام محكمة جنايات ميسان-الهيئة الأولى بإصدار حكما بالحبس الشديد لمدة سنتين بحق أحد المجرمين المدانين عن جريمة ابتزاز فتاة، حينما قام بتهديدها عن طريق نشر صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو إعطاءه مبلغ مالي مقداره (2) مليون دينار، إلا أن الفتاة لجأت للأجهزة الأمنية التي تمكنت بدورها من إلقاء القبض عليه، وقد أتى الحكم استنادا لأحكام المادة (430/1) من قانون العقوبات (12)
2-الابتزاز الإلكتروني لهدف جنسي:
كثيرا ما يأخذ الابتزاز الإلكتروني صورة الابتزاز الجنسي عندما يكون الهدف الذي يسعى إليه الجاني جنسيا، ويعتبر الهدف الجنسي هو الهدف الغالب في جرائم الابتزاز الإلكتروني للنساء والأحداث، لأن هاتين الفئتين هما الأكثر تعرضا للابتزاز الإلكتروني لهدف جنسي. ويأخذ الابتزاز الجنسي صورتين ابتزاز جنسي إلكتروني بحيث يرغم الجاني المجني عليه بإرسال صور أو مقاطع جنسية له عبر وسائل الاتصالات الإلكترونية والإنترنت، أو قد يكون الابتزاز الجنسي واقعي بحيث يجبر الجاني المجني عليه على إقامة علاقة جنسية معه غير مشروعة من خلال تهديد بنشر صور أو فيديوهات للمجني عليه إذا لم يقم معه علاقة جنسية (13).
3- الابتزاز الإلكتروني لأهداف نفسية داخلية:
يرتكب جناة جرائم الحاسوب جرائمهم عادة نتيجة إحساسهم بالقوة والذات، وبالغرور الذي يتملكهم ويجعلهم يؤمنون بقدرتهم على اقتحام الأنظمة والشبكات الإلكترونية، وبإثبات جدارتهم أمام الآخرين بحيث يفتخر هذا الشخص بأن باستطاعته اختراق أي حاسوب أو أي نظام ولا يستطيع أحد الوقوف بوجهه، ويمكن تلخيص الدوافع الشخصية وتعيينها في عامل واحد وهو الرغبة الإجرامية التي تمتلئ بها عقول هؤلاء المجرمين (14).
4- الابتزاز الإلكتروني لهدف معلوماتي
يقوم الشخص في هذه الحالة بسرقة معلومات أو بيانات هامة عبر ما يسمى (الاختراق) الذي هو عبارة عن دخول شخص إلى قاعدة البيانات والمعلومات لمؤسسة أو شركة أو منظمة، وقيامه بسرقة هذه المعلومات أو تغيير في البيانات أو حتى تعطيل شبكتها لكي تصبح برمجيات الحاسوب غير مؤهلة لنقل البيانات التي تطلبها الشركة المبتزة أو الجهة المبتزة (15).
5- الابتزاز الإلكتروني بهدف الانتقام:
يعتبر دافع الثأر والانتقام أحد أخطر الدوافع التي تدفع بالمجرم الإلكتروني لارتكاب جريمته، وذلك مثل الانتقام من المؤسسة أو المكان الذي يعمل فيه، أو الثأر من صاحب العمل الذي يعمل لديه، نتيجة للضغط الذي يمارسه على العاملين والمنتسبين في تلك المؤسسة والتي تنعكس سلبا فيما بعد ويؤدي إلى توتر العلاقات، وارتكاب هذه الجرائم (16).
6- الأهداف السياسية والأيدولوجية:
إن ما يسمى بالابتزاز الإلكتروني الإرهابي، والحروب الإلكترونية بين الدول المتنافسة سياسية فيما بينها فلا يوجد وراءها إلا دوافع سياسية وفكرية وأيديولوجية معينة، حيث يحاول كل طرف الوصول إلى قاعدة بيانات الطرف الأخر من أجل الاختراق المعلوماتي سواء كان من أجل منافسة سياسية أم اقتصادية أم عسكرية (17).
وعلاوة على ما سبق يكون للابتزاز الإلكتروني أهداف أخرى كالحصول على المناصب، أو من أجل التحريض على البغاء والفجور، أو نشر الصور والأفلام والمطبوعات المخلة بالآداب العامة وغيرها من الأهداف الأخرى التي قد يسعى إليها الجاني.
____________
1-خليفة بن علي بن محمد الزريق، ابتزاز الأحداث وعقوبته في النظام السعودي، رسالة ماجستير -جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2015م، ص 72 وما بعدها.
2- المادة (3/ثانيا) من قانون رعاية الأحداث العراقي رقم (76) لسنة 1983م.
3- مقال بعنوان "جريمة بالعراق.. الشرطة تقبض على مشبوهين ب اغتصاب طفلة يتيمة الابتزاز أمها"، منشور على موقع الحرة الإلكتروني:
https://www.alhurra.com/iraq/2020/11/01/%D8%AC%D8 وقت الزيارة: 2021/1/27
4- عبد العزيز بن حمين، الابتزاز ودور الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكافحته، مركز باحثات لدراسات المرأة، بحوث ندوة الابتزاز المفهوم الأسباب العلاج، فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 1432هـ ، ص 58.
5- د. هديل سعد أحمد العبادي، جريمة الابتزاز الإلكتروني للنساء "دراسة مقارنة"، مجلة جامعة الأنبار للعلوم القانونية والسياسية، مجلد(10)، عدد (2)، العراق، 2020م، ص540.
6- د. داليا قدري أحمد عبدالعزيز، المسؤولية الجنائية عن جريمة الابتزاز الالكتروني في النظام السعودي (دراسة مقارنة)، مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة، عدد (25)، 2018م، ص36.
7- سامي مرزوق نجاء المطيري، المسؤولية الجنائية عن الابتزاز الإلكتروني في النظام السعودي، رسالة ماجستير، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2015م ، ص 48.
8- د. محمد علي عثمان الفقي، دروس في نظرية الحق، ط1، دار الكتاب الجامعي، القاهرة، 2007م، ص 132.
9- د. نبيل إبراهيم سعد، المدخل إلى القانون نظرية الحق"، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010م، ص205 .
10- د. سعد الحاج بكري، شبكات الاتصال وتوظيف المعلومات في مكافحة الجريمة، المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب، المجلد(6)، العدد(11)، الرياض، 1990م، ص92.
11- زهراء عادل سلبي، جريمة الابتزاز الإلكتروني (دراسة مقارنة)، ط1، دار الأكاديميون للنشر والتوزيع، عمان - الأردن، 2020م، ص 49.
12- قضية منشورة على موقع السلطة القضائية الالكتروني :
https://www.hjc.iq/view وقت الزيارة .2021/11/25
13- د. ممدوح رشيد مشرف الرشيد، الحماية الجنائية للمجني عليه من الابتزاز ، المجلة العربية للدراسات الأمنية، مجلد (33)، عقد (70)، الرياض، 2017م ، ص 201.
14- د. محمد سامي الشوا، ثورة المعلومات وانعكاساتها على قانون العقوبات ط2 دار النهضة العربية ، القاهرة 1998 ص56.
15- د. سليمان بن عبدالرزاق، صور جرائم الابتزاز الإلكتروني ودوافعها والأثار النفسية المترتبة عليها من وجهة نظر المعلمين ورجال الهيئة والمستشارين النفسيين، مجلة البحوث الأمنية، مجلد 27، عند 69، 2018م، ص 175.
16- د. أحمد خليفة الملطة الجرائم المعلوماتية، ط1، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2005م، ص98 وما بعدها.
17- د. محمد سامي الشوا، ثورة المعلومات وانعكاساتها على قانون العقوبات ط2 دار النهضة العربية ، القاهرة 1998 ، ص62.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|