مراحل تشكل النظام الإتصالي الدولي

مر النظام الإتصالي الدولي بمراحل تاريخية متعددة قبل ان يتخذ من وضعه الحالي وهو في المراحل تلك جميعها كان يتأثر بشكل او باخر بالمناخ السياسي والاقتصادي للمرحلة التاريخية ومثل ذلك حالة من التفاعلية جعلت من ذلك النظام يكتسب بعض الصفات او يفقد اخرى بحكم عوامل التفاعل والصراع التي تنتج في كل مرحلة متغيرات جديدة قد تكتسب الثبات او تتبدل بين مرحلة واخرى ، ومن بين المراحل التاريخية تلك يمكن الاشارة الى الابرز منها ، وهي

كالاتي:

1. الثورات المتتالية لتكنولوجيا الاتصال التي اسهمت فيها الثورات التقنية المتعاقبة التي شهدتها الحضارة العالمية في تطوير وسائل ومؤسسات ومضامين الاعلام الدولي ، والتطورات التقنية ترتبط بالطباعة والاتصالات والموجات الراديوية وتقنيات الصورة والسينما وصولا الى الاقمار الصناعية والانترنت والوسائط متعددة الاستخدام ، واسهمت التطورات تلك وعبر نحو خمسمائة سنة في الوصول الى ما نشهده اليوم من انتشار وحيوية وقدرة تأثيرية على المستوى الدولي للإعلام ووسائله .

.2 ظهور وكالات الانباء الدولية بعد العام ١٨٣٥ والتي رافق ظهورها وعملها عهدا جديدا من العمل الدولي اتسم بولادة اساليب ووسائل اعلامية مستحدثة فضلا عن الانتشار الذي بدأت الوكالات تشهده عبر فتح الميادين وساحات العمل الجديدة واستحداث انشطة ومستويات عمل اعلامية جديدة ارتبط عملها بالوكالات تلك والحديث عن الوكالات تلك ودورها الدولي سياتي لاحقا.

3. اطلاق حرية الصحافة والغاء القيود المفروضة عليها كان من خطوط الانطلاق الاساسية التي جعلت من العمل الاعلامي يستفيد من المناخات القانونية والسياسية في العديد من الدول ولاسيما الديمقراطية ويتطور بخطى متسارعة قبل ان ينطلق نحو العالمية التي استفادت منه ومن المواثيق والمبادئ القانونية الدولية التي تكفل الحريات بشكل عام ومنها حريات الصحافة والاعلام وعلى وجه الخصوص المادة ) ١٩ ) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان .

4. الانقسام الذي شهده العالم بعد العام ١٩٤٥ الى معسكرين رأسمالي واشتراكي اسهم في اذكاء الصراع السياسي والحرب الباردة التي استمرت لعقود عدة ، وكان الاعلام احد ادواتها التي كانت تستخدم لمساندة الجهود العسكرية والدبلوماسية وغيرها من الجهود التي استغلت الاعلام لتحقيق اهدافها التي امتدت الى مجالات وميادين عدة . 

وقد انبثق الإعلام الدولي في سياق تاريخي واجتماعي وسياسي رافق الثورة الصناعية ومخرجاتها من تشكل رأسمالي فكانت الاختراعات والتكنولوجيا بمثابة قفزات نحو عالمية الإعلام بدءا من وكالة الأنباء المرافقة لاختراع التلغراف إلى الإذاعة المرافقة لاختراع اللاسلكي وصناعته وصولاً إلى البث الفضائي المرافق للأقمار الصناعية والكومبيوتر، وبالرغم مساهمة وكالات الأنباء (في النصف الثاني من القرن التاسع عشر) في اختراق الإعلام الجماهيري لحدود الدولة الا انه لم يصبح عالميا إلا بعد ثورة الاتصالات اللاسلكية التي كانت بداياتها الأولى اكتشاف الاتصالات اللاسلكية في العام ١٨٩٦ ثم ظهور الإذاعات في العام ١٩٢٠ والتلفزيون في العام ١٩٤٠.