أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-7-2021
5692
التاريخ: 23-6-2016
2316
التاريخ: 30-4-2022
4475
التاريخ: 23-6-2016
5387
|
يبرز الدور الوقائي في مواجهة الدعوى الكيدية أو عند استعمال حق الطعن أو أي حق اجرائي في مرحلة من مراحل نظر الطعن بصورة تعسفية، وهذا ما يميز المسؤولية الناشئة عن الطعون الكيدية عند التعسف في استعمال الحق عن المسؤولية الناشئة عن الطعون الكيدية عند الإخلال بالتزام قانوني اجرائي ، في الأولى يكون المجال الواسع لإعمال الدور الوقائي والحيلولة دون وقوع الضرر بعكس الحال في الاخرى فغالبا لا يمكن توقي ضرر الكيد في الطعون عند الإخلال بالتزام مصدره واجب إجرائي (1).
ويقصد في الدور الوقائي في مجال قانون المرافعات هو ما يعطيه القانون للقاضي من سلطة المنع وقوع التصرف او العمل الذي يتخذ بقصد الكيد الذي يحتمل أن يسبب ضررا بالغير ، فلا يعد الدور او الوسيلة وقائية اذا كان وارد بنص قانوني ، لان الدور الوقائي المقصود في قانون المرافعات ليس معناه منع ممارسة حرية او حق او رخصة رخص بها المشرع ، لأن الأفراد لهم الحرية في استعمال حقهم باللجوء إلى القضاء ، لكن اذا ما انحرفوا في استعمال حقهم او اخلوا باي التزام قانوني اجرائي فأنهم يسالون عما يصيب الغير من ضرر نتيجة ذلك الإخلال ، بل أن الدور الوقائي يتحقق بالأشراف والرقابة على استعمال الحق الاجرائي ومن ثم الحيلولة دون استعمال هذا الحق بصورة تعسفية ، لان منع التعسف خير من وقوعه ومن ثم المساءلة عنه (2).
وقد تنبه القضاء في مصر منذ زمن ليس بالقريب إلى السلوك الكيدي في الطلبات القضائية وقد اتخذ موقف المواجهة لهذه الطلبات الكيدية ، مثلا قيام بعض الخصوم بطلب توجيه اليمين الحاسمة من سيدات بعض الأسر العريقة والمحافظة التي لا تسمح مطلقا بحضور نسائها إلى جلسات المحاكم ، إذ أن حضورهن امام القضاء يعد منهن عار و فضيحة لأسرهن ، فيدعي الخصم أن دليله الوحيد هو توجيه اليمين الحاسمة لهن لعلمه المسبق بعلم حضورهن، وبهذه الطريقة الكيدية يتمكن من الحصول على حكم لصالحه ، ولمواجهة هذا التصرف الكيدي فقد توجه القضاء في مصر إلى توقي وقوع هذا العمل الكيدي برفض طلب توجيه اليمين الحاسمة في مثل هذه الحالة (3)، وعلى هذا الأساس فقد قنن المشرع المصري ما سار عليه القضاء و اجاز للمحكمة التصدي لطلب توجيه اليمين الكيدي، إذ نصت المادة (114) من قانون الإثبات المصري رقم 20 لسنة 1968 "...على أن يجوز للقاضي أن يمنع توجيهه لليمين إذا كان الخصم متعسفة في توجيهها..." ، فاليمين الحاسمة هي ملك للخصم لا للقاضي وعلى القاضي أن يوافق على طلب توجيهها متى ما توفر شروطها إلا اذا تبين للقاضي بان طالب اليمين متعسف في هذا الطلب ، فطلب اليمين ليس موكولا إلى هوى الخصوم ولا من شأنهم وحدهم وان تقدير كيدية توجيه اليمين بعد من مسائل الموضوع التي يستقل بها قاضي الموضوع الذي ينظر بدعوى المسؤولية عن الطعون الكيدية ولا رقابة عليه من محكمة التمييز متى ما اقام رأيه على أسباب سائغة (4). وهذا ما أخذ به ايضا المشرع العراقي ايضا في الفقرة (ثانية) من المادة (115) من قانون الاثبات العراقي التي تنص على أن " للمحكمة أن ترفض توجيه اليمين الحاسمة اذا كان الخصم متعسفا في توجيهها تجدر الاشارة إلى تميز الدور الوقائي للقاضي في مواجهة الطعون الكيدية في قانون المرافعات عن ( السلطة التلقائية للقاضي ) التي تعني بإيقاع الجزاء الاجرائي من القاضي من دون طلب من الخصم استنادا إلى فكرة النظام العام ، أما الدور الوقائي الممنوح للقاضي في مواجهة الإجراءات الكيدية فأنه يمكن القاضي من التدخل التلقائي لمنع وقوع العمل الذي يحتمل منه الكيد (5).
آن للدور الوقائي الذي يمارس من القاضي علاقة وثيقة بالسلطة التقديرية للقاضي في مواجهة الدعوى الكيدية ، وهذه السلطة التقديرية يقصد بها اعمال ذهن القاضي لتقدير واقع النزاع المعروض امام المحكمة في ضوء المعطيات القانونية ، أي قدرة القاضي في التصرف في النزاع المعروض امامه بطريقة أكثر ملائمة لهدف وظيفته (6). و أن السلطة التقديرية للقاضي في مواجهة الطعون الكيدية في قانون المرافعات لها عدة اسس فقد يكون أساسها مستمد من فكرة النظام العام فالقاضي ومن منطلق الحفاظ على النظام العام يتدخل من تلقاء نفسه في تطبيق القواعد الأمرة من دون طلب من الخصم ، و أنها قد يكون أساسها نظرية التعسف في استعمال الحق التي تعطي القاضي سلطة توقي حصول العمل المتضمن للتعسف في استعمال الحق (7).
ولتحقيق العدالة بين المتقاضين ولمنع الكيد في الطعون فان المشرع في مجال قانون المرافعات منح القاضي سلطة تقديرية في حالات كثيرة تتعلق بموضوع النزاع ، إذ يمكن من خلال السلطة التقديرية للقاضي قبول الطلب او الدفع والوقوف على توفر المصلحة في الاجراء ومدى جديتها من عدمها واستظهار سوء النية وقصد الاضرار ومن ثمة مواجهة الكيد في الطعون . ومن الأمثلة على دور السلطة التقديرية في اعمال الدور الوقائي في مواجهة الطعون الكيدية سلطة المحكمة في قبول الطلب الفرعي أو طلبات التدخل او الادعاء بالتزوير ، فمن خلال سلطة قبول الطلبات و المنصوص عليها في المادة (6) من قانون المرافعات المدنية العراقي و المواد (3 و 115) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري يمكن رفض قبول الطلب الكيدي.
وبما أن الدور الوقائي من وقوع الكيد الاجرائي غير مختص بالقضاء ويمكن أن يمارس من المشرع أيضا ، فقد تباين موقف الفقه في الاخذ بفكرة الدور الوقائي للقاضي في مواجهة الكيد في استعمال الحق الاجرائي ، إذ رفض الفقه التقليدي الدور الوقائي للسلطة القضائية بعد هذا الدور ليس من اعمال السلطة القضائية بل من اعمال السلطة التنفيذية ، وعلى العكس من ذلك يرى الفقه الحديث أن للسلطة القضائية وظيفة وقائية استنادا إلى الحاجه للوقائية من الضرر المتوقع (8) وبالنظر للأهمية العملية التي تترتب نتيجة الاخذ بالدور الوقائي للقاضي في التصدي للطعون الكيدية وتقليل حالات الهدر الإجرائي والاقتصاد بالخصومة ومن ثمة تقليل المنازعات المطروحة أمام القضاء واتاحة الفرصة للنظر في المنازعات المهمة لكل ذلك فقد استقر الفقه الحديث على الاخذ بفكرة الدور الوقائي في التصدي للطعون الكيدية.
وفي القانون الإجرائي نجد الكثير من التطبيقات التشريعية للدور الوقائي الممنوح للقاضي المواجهة الطعون الكيدية لاسيما بعد أن شهد هذا الجانب من القانون تطور نحو تأصيل النظريات والمبادي الاجرائية بعد أن كان اهتمامه ينصب على التعليق على نصوص المواد(9)، ولعل من أهم تطبيقات الدور الوقائي في مواجهة الطعون الكيدية هو ما نصت عليه المادة (6) من قانون المرافعات العراقي ، وبموجب هذه المادة تعد المصلحة شرط لقبول طلب الطعن أو أي طلب اجرائي إلى جانب شرطي الصفة والاهلية ، وفي مصر وبموجب المادة (3) من قانون المرافعات المدنية والتجارية التي نصت على شرط المصلحة لقبول أي الدعوي او طلب او دفع بل ثعد وجودها من عدمه من النظام العام واكثر من ذلك اعطى المشرع للقاضي سلطة تقديرية في فرض الغرامة اذا تبين أن المدعي اساء استعمال حقه في التقاضي.
في حين المشرع الفرنسي وبالرجوع إلى الفقرة (2) من المادة (120) و الفقرة (1) من المادة (32) و المادة (559) و المادة (581) و المادة (128) من قانون المرافعات نجده أجاز للمحكمة أن تحكم على من يستعمل حق التقاضي استعمالأكيدية بالمماطلة او التعسف و بكل مراحل الدعوي سواء في اقامتها أو في مرحلة المرافعة او عند الطعن بالغرامة ، وهذا الموقف وإن عبر عن توجه المشرع الفرنسي في توقيع الغرام بصفة عامة إلا أنه يعبر أكثر عن موقفه المتردد من تطبيق نظرية التعسف في استعمال الحق وتجسيد دورها الوقائي على نحو واسع إذ أنه لم ينص صراحة على سلطة المحكمة التقديرية برد طلب الطعن اذا كان الطاعن متعسفة بقصد الكيد بخصمه ولا مصلحة جدية له في تقديمه . وتأسيسا على ما سبق يمكن عد المصلحة هي ضابط لاستخلاص قصد الكيد في الطعون ويتعلق قبول الطعن أو رفضه على استخلاص هذا القصد الكيدي لذلك يكون للمحكمة سلطة تقديرية في رفض قبول الطعن متى ما وجدت افتقاره لشرط المصلحة وبهذه الحالة تكون المحكمة مارست دورها الوقائي من خلال اعمال شرط المصلحة في توقي الضرر المترتب من تقديم طعون كيدية ، وبهذا الصدد نجد أن محكمة النقض المصرية درجت على النطق بضرورة توفر شرط المصلحة في الطعن المقدم وبخلافه يتعين على المحكمة التي قدم لها الطعن عدم قبوله من منطلق الدور الوقائي والسلطة التقديرية للمحكمة (10).
كما أن للقاضي سلطة كبيرة في توجيه إجراءات الدعوى المدنية لكي يتسنى له الفصل في موضوع الدعوى في اقصر وقت ممكن ، وقد توجه المشرع إلى تقوية دور القاضي في توجيه الدعوي و قبول أو رفض الطلبات المقدمة للمحكمة وبالأخص
طلبات التأجيل ، فقد نصت المادة (1) من قانون الاثبات العراقي على " توسیع سلطة القاضي في توجيه الدعوى وما يتعلق بها من اللة بما يكفل التطبيق السليم لأحكام القانون وصولا إلى الحكم العادل في القضية المنظورة "، وكذلك على القاضي أن يتحرى الوقائع لاستكمال قناعته ، أذ نصت المادة (2) من قانون الإثبات العراقي على " الزام القاضي بتحري الوقائع لاستكمال قناعته" ، فضلا عن ذلك أن يتبع القاضي للتفسير المتطور للقانون مع مراعاة الحكمة من التشريع ، فنصت المادة (3) من القانون نفسه على" الزام القاضي باتباع التفسير المتطور للقانون ومراعاة الحكمة من التشريع عند تطبيقه"، كل ذلك من اجل الحد من حالات التعسف في استعمال الحق الأجرائي .
_____________
1- ينظر: حسن كيره ، اصول القانون، مطبعة دار المعارف ط 2 ، مصر ، 1960 ، ص 1104. عبد الباسط جميعي ، الإساءة في المجال الإجرائي - إساءة استعمال الحق في التقاضي والتنفيذ ، مجلة القانون والاقتصاد - 1983 ، ص 243. نواف حازم خالد و علي عبيد عواد الحديدي ، التعسف في استعمال الحق الاجرائي في الدعوى المدنية – دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير ، جامعة الموصل / كلية القانون 2007 ، ص 217.
2- ينظر : احمد السيد صاوي ، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2010 ، ص 207. د. ضمير حسين ناصر المعموري و حيدر فهمي حاتم ، الجزاء الاجرائي لإساءة استعمال الاجراء الفضائي ، بحث منشور في مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية ، العدد الثاني ، السنة الثامنة 2016 ، ص 457.
3- ينظر : احمد ابراهيم عبد التواب، الإساءة في اجراءات التقاضي والتنفيذ في قانون المرافعات المصري والفرنسي (دراسة مقارنة) ، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية ، 2009 ، ص 939 .
4- د. مصطفى مجدي هرجة ، الموسوعة القضائية الحديثة ، الاثبات الجنائي والمدني في ضوء الفقه والقضاء ، ج 3 ، مصر ، 1999، ص 1137. و م. م حيدر فاضل حمد ، اساءة استعمال الحق في التقاضي بحث منشور في مجلة دراسات البصرة، السنة الثانية عشر، العدد23، 2017، ص210.
5- ينظر: د. أحمد إبراهيم عبد التواب، النظرية العامة للحق الإجرائي دراسة تأصيلية مقارنة في قانون المرافعات المصري والفرنسي ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،2013 ، ص 710.
6- ينظر: د. نبيل اسماعيل عمر، سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية والتجارية ، طا، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 1939 ، ص 91 د. احمد محمود سعد و مفهوم السلطة التقديرية للقاضي المدني ، دار النهضة العربية ، 1988 ، ص 13.
7-ينظر: د. احمد ابراهيم عبد التواب ، المصدر السابق ، ص 813.
8- ينظر في هذه الآراء : احمد السيد صاوي ، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2010، ص 210، د. وجدي راغب فهمي ، مبادي القضاء المدني - قانون المرافعات ، ط1 ، دار الفكر العربي، مصر ، 1984 ، ص 105 .
9- أن الفقه اللاتيني شهد في مجال البحث الاجرائي تطورا كبيرا خلال النصف الثاني من القرن الماضي مثل الأبحاث التي تتعلق بالعمل القضائي ، ونظرية البطلان ، وحجية الأمر المقتضى هذا إلى جانب الأبحاث المتعلقة في الدعوى والحق والخصومة وفكرة عدم القبول وغيرها من الأبحاث التي ساهمت إلى حد كبير في تطور الفقه الإجرائي في كل من مصر وفرنسا ينظر في عرض ذلك د. علي عبيد عواد الحديدي ، المصدر السابق ، ص 221
10- ينظر : د. احمد ابو الوفا ، نظرية الأحكام في قانون المرافعات ، القسم الأول ، ط4، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، بلا سنة طبع ، ص 149. و قرار محكمة النقض المصرية رقم (2522) لسنة 59 ق في 3 مارس 1999. إذ جاء فيه (انه يتعين على المحكمة ومن تلقاء نفسها أن تتحقق من توفر شروط الطعن وتقضي بعدم قبوله ، كلما تخلف شرط الصفة والمصلحة) .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|