ثالثاً: النماذج السلوكية وتطبيقاتها  

استطاعت الإدارة منذ سنوات مضت أن تصل إلى تفهم المستهلك وتصرفاته عن طريق التجربة والخبرة اليومية الناشئة من الاتصال به. الا ان اتساع حجم المشاريع وحجم الأسواق قد حال دون الاتصال بين متخذي القرارات التسويقية وبين المستهلكين. لم يعد أمام متخذي القرارات الا الالتجاء إلى الاحصاءات والارقام او إلى النظريات السلوكية. وتنفق الإدارة هذه الأيام اموالاً ضخمة اكثر من أي وقت مضى لكي تصل إلى تفهم دقيق إلى طريقة تصرف المستهلكين. من الذي يشتري؟ كيف يشتري؟ ولماذا؟ وتنتمي هذه الاسئلة إلى اعتبارات سلوك المستهلك ويمكن الاجابة عنها عن طريق الملاحظة الشخصية أو المقابلة ولكن معرفة ماذا يستهلك الأفراد فهذا سؤال صعب وتتفاوت الاجابة عليه حسب الاطار السلوكي الذي يتخذه المستقصى كمرجع له يسترشد به في الوصول إلى اجابة .   

من المعروف أن المستهلك معرض للكثير من المؤثرات التي تحدث اما التجاوب المطلوب الذي ينتج عنه الشراء واما الامتناع عن التصرف والاقلاع عن الشراء. وهذه المؤثرات هي: السعر، الجودة، الوفرة، الخدمة، النموذج والشكل، تشكيلة كبيرة، تصور المستهلك لصفات السلعة وتسلك هذه المؤثرات منافذ معينة منها: وسائل الإعلان، جهود رجال البيع، المعرفة والاتصال الشخصي، علاقات الأسرة، الملاحظة الشخصية. يستطيع العلماء السلوكيين شرح الدوافع، أثر الوراثة، السلوك الفردي، كما يستطيعون استخدام نماذج معين للاسترشاد بها. ومع ذلك فعلى رجل التسويق أن يلم بالإضافات الممكنة من استخدام هذه النماذج التي تشرح سلوك الانسان طالما أن التسويق يتصل بالمستهلك اتصالاً وثيقاً. هناك خمسة نماذج تشرح المؤثرات في طريقة تفكير المستهلك ثم سنحاول إيجاد تطبيقات هامة لها في ميدان التسويق وهي : 

1- النموذج الأول : النموذج الاقتصادي لمارشال  

The Marchallian Economic Model

الاقتصاديون هم الجماعة الأولى التي قدمت نظرية عن سلوك المستهلك. وتقول هذه النظرية أن قرارات الشراء تخضع لحسابات اقتصادية رشيدة .اي ان المستهلك ينفق دخله في شراء السلع التي تحقق له منافع واشباعات تبعاً لذوقه ووفقاً للأسعار النسبية ، ويمكن أن يرجع هذا إلى الكتابات التي قدمها ادم سميث وبنهام اذ قال ادم سميث ان الانسان يندفع في جميع تصرفاته وفقاً لاهتماماته الذاتية. کما طور الاستاذ بنهام الاقتصادي المعروف من هذه النظرة اذ يقول ان الانسان يحسب الاشباعات المتوقعة والالام الناشئة من اي تصرف من التصرفات. ولم تطبق وجهة النظر الاخيرة عن سلوك المستهلك.

بعد ذلك تشكلت نظرية المنفعة الحدية بواسطة Jevons والفريد مارشال و Menger. ويعتبر مارشال من اكبر الاقتصاديين اذ جمع بين الاتجاهات الكلاسيكية والنيو كلاسيكية وتشكل جهوده وكتاباته تحليل العرض والطلب المصدر الأساسي للفكر المعاصر عن الاقتصاد الجزئي. 

وكان مارشال يهدف من عمله النظري أن يصل إلى الحقيقة المثالية، وبدأ في تبسيط بعض الفرضيات وفي اختبار أثر التغير في مؤثر واحد اي متغير واحد مثل السعر عندما تبقى العوامل الأخرى على حالها دون أن تتغير. لقد استخدم مقياس قيمة النقود كمؤشر عن قوة الرغبات الفردية. وبعد سنوات تبلورت وتحسنت افكاره لما يطلق عليه الان من نظرية المنفعة الحديثة والتي تقول بان الانسان يحاول الوصول بالمنفعة إلى أقصى حد ممكن ويصل إلى هذا الحد بعد احتساب قراره في الاستهلاك، وتعتمد كفاءة هذا الشخص في تحقيق اقصى۔ منفعة ممكنة على توافر المعلومات وعلى حريته في الاختيار. فإذا لم يتمكن من التعرف على النفقات وإذا لم يتوصل إلى الربط السليم بين البدائل من القرارات او لم تكن له حرية في اتخاذ القرار، فلن يتمكن من تحقيق اقصى منفعة ممكنة. وفي هذه الحالة يكون قراره رشيداً ولكن النتائج لن تصل إلى الكفاءة.