خطة المربعات

ولا شك أن هذه الخطة هي الأكثر شيوعا ليس فقط في البلدان التي خضعت للاستعمار الأوربي ولكن أيضا في الولايات المتحدة وفي كندا وفي استراليا ، كما تطبق هذه الخطة في الامتداد العمراني للمدن الكبرى في كل دول العالم ، وبدأ تطبيق هذه الخطة لدى الرومان حيث شيدت المعسكرات الحربية حول طريقين رئيسيين متعامدين ونمت حولهما في شوارع متقاطعة المباني ويمثل ذلك مدينتا تورينو وفلورنسا اللتين تطورتا في ظل الرومان الذين أسسوا عددا ضخمة من هذه المدن وفي شكل معسكرات وتتميز هذه الخطة بإمكانية التقسيم العقاري لقطع الأراضي وسهولة تحديد القطاع الإداري وبناء الأماكن في شكل هندسي يستغل كل المساحة استغلالا منظمة، ونمطا يتكرر في كل القطع، وقد تخططت مدينة نيويورك وشوارع مانهاتن (ما عدا برودوای) في شوارع متوازية تمتد بطول المدينة وعرضها ، وتتكرر هذه الخطة في مدن سان فرانسسكو حيث شبكة شوارع تبدأ من قمة الهضبة حتى الجزيرة وخط الساحل. وقد ألزمت المدن الجديدة بنفس الخطة مثال ذلك مدينة كيوبو في فنلندا.

وليست هذه الخطة إيجابية في كل نواحيها بل تحتوى على مثالب أهمها أن الشوارع نتقابل بزوايا قائمة ومن هنا يقل مجال الرؤية خاصة في نقط التقاء الشوارع. ورغم ذلك فإن كثيرا من المدن الكبرى خططت منذ أجيال قديمة وفق خطة الشطرنج أهمها نقراطيس والإسكندرية ، وتبنت أوربا الغربية هذه الخطة اعتبارا من القرن الثاني عشر وظهر ذلك في مدن منها ريوم ، وسارلويس فتظهر في شكل مستطيل أو بيضاوي ولكن الطرق الداخلية تظل مخططة في خطوط متقابلة.

ورغم ذلك فقد تطورت خطة المربعات إلى خطوط منحنية وتنظيمها في شكل قطاعات من الدوائر ، وتفرض الإرادة الإنسانية أو الصدفة على شكل الخطة وعلى الضوابط الطبيعية المحلية أمثلة في التضاريس ، والمناخ، والطرق، المائية، أو الضوابط البيئية ممثلة في محاور النقل ومؤسسات وسائل المواصلات الحديثة كما تتدخل ضوابط مالية أهمها سعر الأرض والمستوى المالي للسكان المتوقع معيشتهم في هذه الأرض ، وضوابط اجتماعية أهمها التميز الاجتماعي ، والبحث عن مستوى معيشي راق. وتنعكس كل هذه الضوابط في الخطوط الرئيسية لتفاصيل المدينة مثل عرض الشوارع وحجم القطع السكنية وكثافة المباني وأهمية المساحات الخضراء والبنية الأساسية للمدينة ، وهكذا فإن خطة المدينة تعبر تعبيرا جيدا عن مجموعة من الارتباطات بین ضوابط عدة وبين مكونات المنظومة الحضرية.