المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

العناصر الجرافيكية- 6- استدعاء واستحضار المعاني
19-1-2022
شروط مرض الموت في القانون الوضعي
25-5-2017
الإمامة في الأحاديث الإسلامية
28-09-2015
نور فاطمة يدخل بيوت المدينة
16-12-2014
مسؤولية الشباب
2023-06-12
اليمامة والصياد
22-11-2017


الغفلة عن النفس  
  
1558   05:25 مساءً   التاريخ: 6/9/2022
المؤلف : مجتبى اللّاري
الكتاب أو المصدر : المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة : ص75 ـ 77
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2016 9940
التاريخ: 3-6-2020 3044
التاريخ: 27/10/2022 1304
التاريخ: 14-8-2021 2721

أن من النقائص الأخلاقية الكبيرة للإنسان غفلته عن عيوب نفسه. وأن الضلال والضياع في الأكثر نابع من الجهل والغفلة. فكم سكنت في النفس عند غفلتها عن نفسها صفات ذميمة أصبحت أساس الشقاء. وحين يصبح الإنسان عبدا لنفسه الجاهلة يميت في نفسه روح الفضيلة، فإنه يصبح ضحية لميوله وشهواته المختلفة فيبعد عن حريم السعادة ويحرم من نعيمها، ولا ينفع - والحال هكذا - أي نوع من الإرشاد والهداية الأخلاقية.

إن اول شرائط إصلاح النفس درك عيوبها، فإنه إنما يستطيع الإنسان أن يقطع حبائل الرذائل وأن ينجو من أخطار عيوب النفس التي تنتهي إلى الشقاء فيما إذا اطلع عليها. وأن النظر في خصائص النفس الإنسانية في سبيل تربيتها اهم ما يكون، فإنه لا يبلغ الإنسان إلى كماله المعنوي والأخلاقي إلا من هذا السبيل فحسب، فإن النظر في النفس يمكنه من درك نقائصها وكمالاتها، ومن أن يخرج الصفات الشيطانية من خبايا نفسه من بين الصفات المختلفة الكثيرة، وأن ينزه مرآة نفسه من لوث الآثام بتصفيتها تصفية أساسية.

إننا إذا لم نلاحظ صورتنا الواقعية في مرآة أعمالنا بالتسامح والتساهل، فقد ارتكبنا بعدم الاعتناء بذلك خطأ كبيراً غير مغفور، فإننا مكلفون قبل كل شيء أن نرى خصائصنا الذاتية ونوعية صفاتنا النفسية، حتى نعرف بذلك تلك المعايب التي عرقت ونمت وترعرعت فينا في غفلة عنا، وأننا نقدر على أن نقلع هذه العروق من أنفسنا بالسعي المتواصل، وأن نمنعها من الظهور في حياتنا، أو أن نفسح لها المجال بل نوسعها استطاعة واستطالة وقدرة. ولا شك في أن اصلاح النفس وتهذيبها ليس امراً سهلاً ولا يتحقق ذلك بسهولة أبداً، بل أنه يستلزم تحمل مشاق طويلة واستقامة على الخط الطويل أنه من أجل قلع عروق العادات الخطيرة الضارة وبناء الصفات المطلوبة يجب أن يقترن مع معرفة العيوب إرادة قوية لا تتزلزل تهدي الإنسان إلى الهدف المطلوب. ونحن كلما نظمنا أعمالنا تنظمت أفكارنا بها ايضاً واعتدلت واستقامت، وأن لكل خطوة في هذا السبيل أثرها النافع القطعي الذي يتجلى لنا ويظهر بعد انتهاء العمل.

كتب العالم الشهير الدكتور كارل يقول: (إن أكثر الطرق أثراً في أن يصبح عملنا في الحياة مقبولاً لدى عقولنا أن نسبر غور برنامج العمل اليومي كل صباح وأن ندقق النظر في نتائج الأعمال الحاصلة كل مساء، فكما نتوقع أن نعمل العمل المعين في الساعة المعينة وأن نختمها كذلك وأن نأكل كذا وأن نحصل على كذا ونسمع كذا ونرى فلاناً، كذلك يجب أن نتفاءل كيف ننفع الآخرين، وكيف يجب أن نكون فى أعمالنا على اعتدال وتوازن. إن الدناءة الخلقية مكروهة كالأوساخ الجسدية تماماً، فكما يجب علينا أن ننظف أبداننا من أوساخها كذلك يجب علينا أن ننظف أخلاقنا من أرجاسها. وقد اعتاد بعض الناس على ان يتحركوا قبل النوم وبعدة حركات تنشط العضلات، فلا يقل عن هذه الحركات في الأهمية أن نصرف دقائق من أعمارنا في تربية أخلاقنا وأفكارنا وأرواحنا، إننا بالتفكر في الكيفية التي يجب أن نتخذها لأعمالنا وبالسعي في الدقة في عدم التخطي عن تطبيق الخط المرسوم نستطيع أن ننمي عقولنا وإراداتنا وبهذا الترتيب ينبسط في عمق شعورنا مرآة مختفية يستطيع كل واحد منا أن يرى نفسه وحدها فيها بلا حجاب. إن توفيقنا في إجراء مقررات الحياة يرتبط بحياتنا الداخلية. أنه يجب على كل إنسان سواء كان فقيراً أو غنياً، شيخاً او شاباً، عالماً او جاهلاً ان يثبت في فكره ما عمله من خير او شر كل يوم، كما ينظم التاجر دفاتر وارداته وصادراته ومصروفاته، وكما ينظم العالم أوراق تجاربه بدقة متناهية. وبإجراء هذه الطرق التربوية بصبر وتؤدة تتغير أرواحنا بل وأجسامنا أيضاً).

إن الشخص الإيجابي البناء لا يهمل طاقاته ومساعيه دون أن يهديها إلى سبيل يليق بها، وكلما كان ذا شخصية كريمة أثبت للآخرين أيضاً كرامة وحقوقاً، واحترز مجداً عما ينتهي إلى جرح عواطفهم فإنه يدرك أن أحسن شيء يعرفه إلى الآخرين هو سلوكه الذي يبدو منه في معاشرته معهم. سئل أحد الكبار ما أصعب الأمور وما هو أيسرها، فقال أصعبها أن يعرف الشخص نفسه، وأيسرها أن ينتقد الآخرين ويعيرهم. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.