أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-5-2017
![]()
التاريخ: 25/12/2022
![]()
التاريخ: 28/9/2022
![]()
التاريخ: 2024-08-22
![]() |
لقد اختلفت نظرة الباحثين إلى بدايات هذا اللون من الأدب، فعدّه كثير من الباحثين أدباً جديداً، لم يعرف إلا منذ قرنين من الزمان(1)، ولكن آخرين يرون أن أدب الأطفال قديم مع قدم الأمومة والطفولة، (فحيثما توجد أمومة وطفولة آدمية يوجد بالضرورة أدب الأطفال بقصصه وحكاياته وترانيمه وأساطيره وفكاهاته، لا يخرج على هذا القانون الطبعي لغة، ولا يشذ عنه جنس)(2).
والواقع أن أدب الأطفال كغيره من الأجناس الأدبية والفنون الأخرى كانت له صور معروفة منذ القديم تتلاءم مع طبيعة العصر وثقافته، وطبيعة المجتمعات ومعتقداتها وأفكارها، وعاداتها وتقاليدها. فكما أن النقد الأدبي، والقصة، والشعر، والمقالة، والأدب عامة، كان قديماً، ولكن صوره في القرون البعيدة لم تكن كصورته اليوم، ووضوحه وقواعده لم تكن كما عرفها العصر الحديث الذي بدأ يقنن، بل افتن في التقسيم والتبويب والتخصيص، فكذلك كان أدب الأطفال.. فهو قديم، ولعله أقدم من جميع الأجناس الأدبية الأخرى، لأنه يواكب ظهور اللغة ذاتها، وارتباطها بصور التعبير عن الحياة الإنسانية، والتعبير البسيط هو الذي يمثل الحياة الفطرية، ويصور العاطفة الإنسانية، عاطفة الأمومة والأبوة نحو الطفل بتعبير واضح، وصور مأخوذة من البيئة ذات دلالات وإشارات إلى القيم والعادات والمعتقدات، وهذا أمر طبيعي جداً، لأن أدب الأطفال يختلف عن أدب الكبار، بلغته وصوره وأساليبه، أدب يخص عالم الصغار، عالم البراءة.
ولهذا يرى بعضهم أن أدب الأطفال يرتبط (بالفلكلور)، و (الفلكلور)، موجود لدى كل الشعوب منذ القديم(3)، ولقد دلت الكتابات القديمة على أن الإسبرطيين كانوا - على سبيل المثال - يربون أبناءهم تربية عسكرية خشنة، وكذلك سجلت الحضارة الفرعونية بعض الآثار التي ترمز إلى أدب الطفل، ومثال ذلك ما كانت تقصه الجدة العجوز على الصغار في الليل وكانت الأم تملأ وقت طفلها باللعب والحكايات، ولذلك سجل الفراعنة ما كان يحكى للصغار من قصص، ولعلها أقدم القصص التي سجلت في التاريخ وهي في معظمها تقوم على الخرافة، ومنها (قصة جزيرة الثعبان)، وقصة (التاج والفيروز)، وقصة (النسر المسحور)، وهي تدل على أسلوب حسن ملائم للأطفال فيه تكرار وحسن انتقال بين الأحداث، وأسلوب مؤثر للأطفال، إضافة إلى بعض القصص المصورة على الجدران(4).
وإذا عدنا إلى تراثنا العربي والإسلامي فإننا نجد ألوانا كثيرة تدل على هذا الأدب، وهذه الألوان تمتزج بأساليب التربية التي كانت تستخدم مع الأطفال.. وتمتزج بمحبة الولد عند العرب. ومن مظاهر هذا الحب أنهم كرهوا أن ينام الطفل وهو يبكي؛ ولذلك كانوا يرقصونه وينشدون له.. ويؤثر عن ليلى الأخيلية الشاعرة أنها أجابت الحجاج عندما سألها عن ولدها وقد أعجبه ما رأى من شبابه فقالت: (إنني والله ما حملته سهواً، ولا أنمته مئقاً)(5).
وذكرت المصادر التاريخية والأدبية، والثقافية عدداً كبيراً من الأشعار في الجاهلية وفي الإسلام كلها تعد من الأناشيد أو الأشعار الخاصة بالأطفال، وكانت هذه الاناشيد تحتوي على كثير من المعاني الخاصة بعاطفة الأبوين نحو الأطفال، أو المعاني المتعلقة بالصورة التي يتمناها الآباء لأطفالهم، أو بالمثل التي يريدون تنشئة الأولاد عليها، ولقد عدّد مؤلف كتاب (ترقيص الأطفال)، هذه المعاني مع الأمثلة التي تشير إليها وتدل عليها، وهي (بث الطفل الحب وإظهار التعلق به، والتعبير عن العواطف المكنونة تجاهه من حنوٍ وشفقة وفداء وتضحية بالروح والمال من أجله من مثل:
(يا حبذا ريح الولد ريح الخزامى في البلد
أهكذا كل ولد أم لم يلد مثلي أحد)(6).
وورد أن امرأة كانت تنشد لولدها وتشير إلى الصفات الجميلة التي تريدها له فتقول:
إن بنيّ سيد العشيرة عفٌ صليب حسن السريرة
جزلُ النوال كفّه مطيرة يعطي على الميسور والعسيرة(7).
ومن هذه المعاني استحسان مشابهة الولد أهله، أو مشابهته لأحد من ذوي المكانة من أبناء قومه.
ومن هذه المعاني تضمين الأناشيد ما يحب الأهل أن يتصف به طفلهم في مستقبله، ويؤثر في ذلك أن أم الفضل بنت الحارث، كانت تغني لابنها عبد الله، وتقول:
ثكلتُ نفسي وثكلتُ بكري إن لم يسد فهراً وغيرَ فهر
بالحسبِ العدّ وبذلِ الوفر حتى يوارى في ضريحِ القبر(8).
وفي الكتب التي تتحدث عن الأبناء في تراثنا العربي الإسلامي كثير من الحكايات والقصص - إضافة للشعر - التي يمكن إدراجها ضمن أدب الطفل، شريطة أن نخضعها لظروف عصرها وطبيعته وقيمه وعاداته، وأذكر في هذا المجال بعض هذه الكتب: (البيان والتبيين) للجاحظ، و (جمهرة نسب قريش) للزبير بن بكار، و (بلاغات النساء) لأحمد ابن أبي طاهر و (الكامل) للمبرد، و (مجالس ثعلب) لثعلب - أحمد بن يحيى - و (المحاسن والمساوئ) للبيهقي، و (العقد الفريد) لابن عبد ربه، و (الأمالي) لإسماعيل بن القاسم التالي، و(مجمع الأمثال) للميداني، و (أنباء نجباء الأبناء) لمحمد بن ظفر الصقلي، و (المستطرف في كل فن مستظرف) للأبشيهي و (عيون الأخبار) لابن قتيبة، و (كليلة ودمنة) لابن المقفع، وغير ذلك من الكتب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحث مخطوط: أدب الأطفال الإسلامي - واقعه وهمومه: للدكتور عبد الباسط بدر، وأدب الأطفال: بقلم فرجينا هافيلاند، عرض: محمود علي، مجلة الفيصل العدد / 64 شوال 1402هـ، الموافق (أغسطس)، 1982م، ص83، وما بعدها.. حيث ترى الباحثة أن تاريخ هذا اللون لا يزيد عن قرن من الزمان، وكتاب: أدب الأطفال، فلسفته، فنونه، وسائطه: بقلم هادي نعمان الهيتي / 72، 73 حيث يقول الكاتب: (وأدب الأطفال لم يكن طارئاً على الأدب العربي فحسب، بل هو طارئ على الآداب العالمية كلها، لأن الإنسان لم يقف على سلوك الطفل وقفة علمية إلا في السنين الأخيرة)، ص / 72 وواضح من هذه النظرة أن المؤلف لم يطلع على شيء مما كتبه العلماء المسلمون عن الأطفال وسلوكهم وتربيتهم. ولذلك بنى رأيه على ما لديه من ثقافة غربية. وكتاب (ثقافة المجتمع وعلاقتها بمضمون كتب الأطفال)، تأليف د / عواطف إبراهيم محمد، دار المطبوعات الجديدة ط 1984م.
2ـ في أدب الأطفال: د / علي الحديدي / ص 79، ط / 31، 1982. وانظر: الاتجاهات الجديدة في ثقافة الأطفال: صبيحة فارس / 11، النادي الثقافي العربي / 11، الناشر مؤسسة الشرق للعلاقات العامة والنشر والترجمة.
3ـ أدب الأطفال ومكتباتهم: تأليف سعيد أحمد حسن/ 21، ط 1، 1984م، منشورات مركز هيا الثقافي.
4ـ المصدر السابق / 22، 23، وانظر أيضاً كتاب: في أدب الأطفال: للدكتور علي الحديدي / 39 - 45، ويبدو أن المصدر السابق اخذ عن هذا الكتاب أكثر معلومات هذا الفصل، ويرى الأستاذ عبد التواب يوسف (أن أصالة أدب الأطفال عندنا ربما تمتد إلى نصائح ـ امحتب ـ وإلى كتاب: ألف ليلة وليلة، والسير الشعبية، وكليلة ودمنة)، انظر كتاب: كتب الأطفال في عالمنا المعاصر / 10، دار الكتاب المصري، ودار الكتاب اللبناني.
5ـ لسان العرب مادة (مأق)، وكتاب: المرأة في الشعر الجاهلي / 122: أحمد الحوفي، وكتاب: ترقيص الأطفال عند العرب / 48، دار العلم للملايين، ط2، 1982م. وكتاب (الطفولة في الشعر العربي الحديث)، ولا سيما الفصل الثاني منه، وتقصد (وما أنمته باكياً)، وينسب هذا القول لأميمة، ولأم الشاعر تأبط شراً.
6ـ المصدر السابق / 59، وكذلك: تذكرة الآباء: لابن العديم الحلبي، تحقيق علاء عبد الوهاب محمد ص23، واسم الكتاب الأصلي: الدراري في ذكر الذراري، وانظر كتاب: الغناء للأطفال عند العرب: للدكتور أحمد عيسى / 61، مطبوعات ج م ت العالمية.
7ـ مجالس ثعلب / ص493، 494، وكتاب: أغاني ترقيص الأطفال / 63.
8ـ الأمالي: 2 / 147، والمصدر السابق / 75.
|
|
4 أسباب تجعلك تضيف الزنجبيل إلى طعامك.. تعرف عليها
|
|
|
|
|
أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في بريطانيا تستعد للانطلاق
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تبحث مع العتبة الحسينية المقدسة التنسيق المشترك لإقامة حفل تخرج طلبة الجامعات
|
|
|