أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-28
851
التاريخ: 2024-07-18
509
التاريخ: 2023-02-22
1289
التاريخ: 2023-09-28
1099
|
إن الغيبة وإن كانت من الذنوب العملية ولكنها ترتبط بروح الانسان ارتباطاً مباشراً، فهي علامة على اضطراب نفسي خطير، يجب أن نفتش عن منشئه في زوايا الرّوح والنفس.
وقد ذكر علماء الأخلاق للغيبة أسباباً أهمها الحسد، والغضب، والعجب، والكبر، وسوء الظن. ولا شك أن جميع الأعمال التي تصدر من الإنسان كأثر من آثار وجوده هي مسببة عن حالات مختلفة متحققة في باطن الإنسان ودخيلة نفسه، وعلى أثر تحقق إحدى هذه الأوصاف المذكورة التي تكمن في النفس الإنسانية كالجمر تحت الرماد، ينطلق اللسان بالغيبة، فإن اللسان ترجمان الإنسان.
وإذا ترسخت صفة في النفس الإنسانية أعمت عينيه وحكمت على أفكاره وان شيوع مرض الغيبة بين الناس إنما هو على أثر تكرر هذا الفعل من دون التفات إلى ما يترتب عليه من العقوبة، فإنا نرى كثيرا من الناس يحترزون عن سائر المعاصي ولا يبالون أن يرتكبوا هذا الذنب العظيم، وإن تكرار العمل بلا تعقل لعواقبه يصل بالإنسان إلى حالة لا يستطيع معها ان يغض بصره عما يشتهي حتى ولو كان ملتفتاً إلى حقيقة العمل عالماً بآثاره، وحتى لو كان بفطرته في طلب الكمال ولكنه مع ذلك يبتعد عن العمل في سبيل الكمال، إذ لا يرضى أن يتحمل في سبيل نيل السعادة أدنى تعب أو الم، ومن هنا فهو يقع فريسة تحت حكم الشهوة الدنيئة.
إن الذين لا يلتزمون بشرفهم وبحفظ شرف الآخرين لا يتقيدون بشريعة الأخلاق، ومن جعل الحياة ساحة شهواته متجاوزاً على حقوق الآخرين لخليق بالشقاء.
وإن ضعف الأخلاق من ضعف الإيمان، فإن ظهور الخلق وبقاءه من آثار العقائد، فإنه ما لم يستند الإنسان إلى الإيمان لا يجد باعثاً على الفضيلة ولا ملزماً بالتقيد بالأخلاق.
ولكل إنسان رأيه - حسب سليقته واستعداده - في طريقة إنقاذ الناس من الضلال والمفاسد الأخلاقية، وبنظري أن أكثر الطرق تأثيراً هو إيجاد موجبات الصلاح في الناس أنفسهم بإيقاظ الإحساسات الخيرة وتنبيههم إلى استجابة نداء فطرتهم، وأن يصرفوا ذخائرهم الفكرية في سبيل سعادتهم. فإننا بالالتفات إلى العواقب السيئة للصفات الذميمة وبتقوية الإرادة نستطيع أن ننتصر على الرذائل الأخلاقية، وأن نرفع عن أنفسنا أغشية الظلمات ونستبدل عنها الصفات العالية.
يقول الدكتور زاكَو في كتابه (قدرة الإرادة): (إننا حينما نريد أن نحارب عادة سيئة يجب أن نجسد في أنفسنا عواقبها الوخيمة، ثم نتصور المنافع والمصالح التي تعود إلينا على إثر ترك تلك العادة، ثم نجسد في أذهاننا مسارح الحياة والمواقع المختلفة التي أصبحنا نحن فيها ضحية لتلك العادة. فإذا شاهدنا في أنفسنا هذه المسارح انتصرنا على الوسوسة لتلك العادة الضارة بإحساسنا للذة في تركها وطردها).
وبوجود بذور التكامل في النفس الإنسانية وتجهيزها بوسائل الدفاع، نستطيع أن ندرك منشأ الضلال والضياع، ثم ندفعها عن ألواح أرواحنا ونفوسنا، ونوجد سداً منيعاً امام ميولنا وأهوائنا غير المتناهية.
إن أعمال الناس مظاهر شرفهم وواقعّيتهم، فإنها هي التي تبدي لنا الشخصية الواقعية لكل إنسان، فإذا كان الإنسان مريداً لسعادته كان عليه أن يزكي أعماله كي تصبح منشأ لآثار ثمينة ونفيسة، كان عليه أن يرى الله مراقباً لأعماله وكان عليه أن يكون خائفاً من جزائه الاخروي، مطمئناً إلى أن كتابه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا احصاها.
كان أحد الفلاسفة يقول: (لا تقولوا أن العالم غير عاقل ولا شاعر، فإنكم بقولكم هذا تسندون إلى أنفسكم اللاشعور واللامعقول، ولو لم يكن في العالم شعور ولا عقل لما كنتم عقلاء ولا شاعرين).
كما أن المجتمع بحاجة إلى أدوات العيش لإدامة الحياة، كذلك وبنفس المقدار بحاجة إلى الصفاء لدوام الروابط الروحية بين المجتمع، ولو كان المجتمع يعمل بوظائفه الاجتماعية الثقيلة لاستفاد من المعنويات في سبيل التكامل فائدة كبرى، إننا يجب علينا أمام الأفكار الضارة أن ننمي في أنفسنا الأفكار السامية كي نخرج أرواحنا من الظلمات إلى النور، وبصيانة ألسنتنا عن الغيبة نخطو أولى الخطوات في سبيل السعادة. ويجب علينا أمام انتشار المفاسد في المجتمع أن نوجد في الناس نهضة نفسية، نحيي بها روح رعاية حقوق الآخرين وبذلك نبسط فيهم أصول الإنسانية والمعنوية، وأن نخطو في سبيل تحكيم الأسس الأخلاقية التي هي رمز بقاء المجتمع خطوات أساسية حسب المستطاع. وإذا نحن أوجدنا في الأفراد نهضة نفسية تأكدت لديهم روح المطاوعة، وبهذه الروح التزموا بجميع المقررات الإجتماعية والأخلاقية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|