المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأنفال لأهل البيت عليهم ‌السلام
29-09-2015
سوء الأدب ينشأ عن الجهل
7-12-2015
تحديد الجنس
7-2-2016
تقسيم الكربوهيدرات
2023-09-09
أهمية الصلاة
12-1-2017
Functional Genomics Shows the Allocations of Genes to Specific Cellular Processes
26-7-2016


النفاق، أو أقبح الرذائل  
  
1697   03:29 مساءً   التاريخ: 13-7-2022
المؤلف : مجتبى اللّاري
الكتاب أو المصدر : المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة : ص61 ـ 62
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

إن النفاق من أقبح الرذائل الأخلاقية الذميمة من كل جهة. إن الطبيعة الإنسانية المستعدة للسعادة والحرية والرقي إلى أعلى مراقي الحياة حينما تتلوث بالكذب ونكث العهد وخلف الوعد، يجد النفاق لنفسه مجالاً واسعاً للتوغل في هذه الطبيعة الملوثة، فيتوغل فيها حتى يصبح كالمرض المزمن في النفس، إن النفاق يمنع من الوصول إلى الحقيقة والسعي في سبيلها، ويصبح سداً منيعاً دون حصول الإنسان على الصفات الخيرة، ومن الطبيعي أن يكون كل ما يسدّ سبيل الرشد والكمال النفساني مما يناقض الحياة السعيدة التي لا تحصل إلا بكمال الروح.

إن النفاق آفة خطيرة تهدد شرف الإنسان وكرامته، وتجره إلى اللامبالاة والانحطاط الخلقي، وتعوض صاحبها عن ثقته بنفسه - وهي ضرورية للموفقّية في الحياة - سوء الظنّ والتشاؤم والقلق والاضطراب في أعماق قلبه.

إن من بلغ في انحرافه الخلقي إلى نهاية الحضيض يري نفسه للناس - بمهارة فنية - أنه يريد الخير لهم، وإذا كان بين شخصين شحناء عاشر كليهما وهو يريهما وجه المحب المخلص ولسان الودود، وانتقد الآخر ولامه ليظهر لهذا حبه ووده وإخلاصه بينما ليس له مع أي منهما أية رابطة معنوية او روحية، بل هو يكذب لهما وعليهما ويريهما ويتظاهر لهما بما يريدان وإن المماشات بالتصنع والرياء مع عقائد الآخرين والامتناع عن إظهار الحق والحقيقة في موارد اللزوم لهو من خصائص المنافقين ايضاً.

إن المنافق أخطر بكثير من العدو اللدود، ويقول أحد المفكرين الكبار: (إن من خصائص الأعداء أنهم أعداء في الظاهر والباطن، فإن العداوة ذات لون واحد وليست ذات لونين مختلفين، وليت الأصدقاء أيضاً كانوا كالأعداء بلا رياء، ولا شك أن الأصدقاء المنافقين أسوأ من المنافقين).

إن حياة المنافق خليطة بالذلة والصغار، إن من اعتاد النفاق لا يستطيع أن يشغل بوده أي شيء من قلوب من يعاشرهم. وأن سعيه في إخفاء الحقائق لا يدعه آمناً من القلق والاضطراب، وأنه ستظهر ماهيّته في أفعاله يوماً ما لا محالة.

وأن إحدى علل شقاء المجتمع هو شيوع الرياء فيهم وعدم الصدق والصفاء بين مختلف طبقاته، وإذا تسرى النفاق في بناء المجتمع وخيم على سماء القلوب، فبالإضافة إلى ما يبدو في طبيعة أفراده من الاختلاف والانحطاط ان هذا المجتمع لا يكون إلا في طريق السقوط والفناء، يقول العالم الانجليزي الشهير صموئيل اسمايلز: (إن أخلاق الرجال السياسيين فى عصرنا هذا ليس إلا في طريق الفساد والانحطاط. إن الآراء التي يبديها الرجال في غرف الاستقبال تختلف مع ما يقولونه في خطاباتهم العامة، فإنهم في المحافل العامة يشجعون الناس على ما فيهم من التعصب العنصري والقومي والوطني بينما هم يضحكون على هذه الأمور ويسخرون منها في مجالسهم الخاصة، إن تلون الفكر يوجد في هذا العصر أكثر بكثير من أي وقت مضى، وأن المبادئ تتغير وتتبدل باختلاف المنافع في كل آن، وأرى أن الرياء والتصنع سيخرج شيئاً فشيئاً عن صف الملكات الذميمة إلى عكسها وإذا اعتادت الطبقة الأولى من المجتمع على الرياء والتلون فإن سائر طبقات المجتمع سوف لا يتأخرون عن اللحاق بهم في هذا، فإن الطبقات العامة يقتبسون أخلاقهم وسلوكهم من الطبقات العليا، فسيعتادون مثلهم على التصنع والنفاق. إن الشهرة التي تكتسب هذه الأيام بدل أن تعرف الشخص إلى الملأ بحسناته ومزاياه بين صفاته الدنيئة والقبيحة. وفي المثل الروسي: (إن من يكون عموده الفقري قوياً فلا يترقى المناصب العالية)، ونقول: (ولكن الذي يحب الشهرة يصبح عموده الفقري ضعيفاً رخياً منعطفاً، يستطيع أن يحني ظهره حيثما كانت الشهرة. إن الشهرة التي تحصل بإغراء الناس وكتم الحقائق عن العموم، والتكلم والنشر كما يشاء ذوق الطبقات السافلة وأسوأ من ذلك الاستفادة من النفاق والشقاق بين طبقات المجتمع، إن هذه الشهرة لا تكون في نظر الأناس الصالحين إلا دنيئة ومنفورة، ولا يكون لصاحبها في نظرهم أي وزن أو مقدار).

إن الصفاء والصدق من علائم الإنسانية والضمير الطاهر، وهو من أنبل الصفات في الحياة. إن هذه الصفة التي تنشأ من الروح الطاهرة توجب تماسكاً في الشخصية، وصلحاً واتحاداً وقوة في الأمة، فطبيعي ان يحب الإنسان أصدقاءه المخلصين أكثر بكثير ممن يشك في إخلاصهم، وتبلغ هذه المحبة للمخلص عكسياً بمقدار ما تبلغ إليه الكراهية من معاشرته للمنافقين. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.