المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النقل البحري
2024-11-06
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06



محمد بن عبد الملك بن زُهر  
  
3232   01:42 صباحاً   التاريخ: 13-08-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج5، ص353-359
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

 ابن عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر الأندلسي الإشبيلي أبو بكر. ولد بإشبيلية ونشأ بها، وحفظ القرآن وسمع الحديث، وأقبل على الأدب واللغة والعربية فبرع في ذلك كله، وعانى الشعر فبلغ الإجادة فيه وكان يحفظ شعر ذي الرمة وانفرد بالإجادة في نظم الموشحات التي فاق بها أهل المغرب على أهل  المشرق ولازم عبد الملك الباجي سبع سنين وقرأ عليه المدونة في مذهب مالك وأخذ صناعة الطب عن أبيه أبي مروان عبد الملك وباشر أعمالها ففاق أهل زمانه وخدم بها دولة الملثمين في آخر عهدهم ثم خدم بها دولة الموحدين بني عبد المؤمن ومات في أول دولة الناصر محمد وكان حسن المعالجة جيد التدبير لا يماثله أحد في ذلك وكان صحيح البنية قوي الأعضاء وبلغ الشيخوخة ولم يفقد قوة عضو من أعضائه إلا ثقلا في السمع اعتراه في أواخر عمره.

 حكى أبو مروان محمد بن أحمد الباجي أن أبا بكر بن زهر كان شديد البأس يجذب قوسا مائة وخمسين رطلا بالإشبيلي وهو ست عشرة أوقية وكان يحسن اللعب بالشطرنج بارعا فيه ولد سنة سبع وخمسمائة وتوفي بمراكش سنة خمس وتسعين وخمسمائة وقيل في أول سنة ست وتسعين ودفن بمقابر الشيخ وقد ناهز التسعين.

 ومن شعر الوزير أبي بكر بن زهر قوله: [البسيط]

 (إني نظرت إلى المرآة إذ جليت ... فأنكرت مقلتاي كل ما رأتا)

 (رأيت فيها شيخا لست أعرفه ... وكنت أعهده من قبل ذاك فتى)

 (فقلت أين الذي بالأمس كان هنا ... متى ترحل عن هذا المكان متى )

 (فاستجهلتني وقالت لي وما نطقت ... قد كان ذاك وهذا بعد ذاك أتى)

 (كان الغواني يقلن يا أخي ولقد ... صار الغواني يقلن اليوم يا أبتا)

وقال في كتاب حيلة البرء لجالينوس وأجاد: [الخفيف]

 (حيلة البرء صنفت لعليل ... يترجى الحياة أو لعليله)

 (فإذا جاءت المنية قالت ... حيلة البرء ليس في البرء حيله)

 ومن موشحاته قوله: [الرمل]

 (أيها الشاكي إليك المشتكى ... قد دعوناك وإن لم تسمع)

 (ونديم همت في غرته)

 (وشربت الراح من راحته)

 (كلما استيقظت من سكرته)

 (جذب الزق إليه واتكا ... وسقاني أربعا في أربع)

 (غصن بان مال من حيث استوى)

(بات من يهواه من فرط الجوى)

 (خفق الأحشاء موهون القوى)

 (كلما فكر في البين بكى ... ماله يبكي بما لم يقع)

 (ليس لي صبر ولا لي جلد)

(يا لقوم هجروا واجتهدوا)

 (أنكروا شكواي مما أجد)

 (إن مثلي حقه أن يشتكي ... كمد اليأس وذل الطمع)

 (ما لعيني عشيت بالنظر)

 (أنكرت بعدك ضوء القمر)

 (وإذا ما شئت فاسمع خبري)

 (قرهت عيني من طول البكا ... وبكا بعضي على بعضي معي)

 (كبد حرى ودمع يكف)

 (يقرف الذنب ولا يعترف)

 (أيها المعرض عما أصف)

 (قد نما حبك عندي وزكا ... لا يظن الحب أني مدعي)

 ومن موشحاته أيضا:

 (شاب مسك الليل كافور الصباح ... ووشت بالروض أعراف الرياح)

 (فاسقنيها قبل نور الفلق)

 

 (وغناء الورق بين الورق)

 (كاحمرار الشمس عند الشفق)

 (نسج المزج عليها حين لاح ... فلك اللهو وشمس الإصطباح)

 (وغزال سامني بالملق)

 (وبرى جسمي وأذكى حرقي)

 (أهيف مذ سل سيف الحدق)

 (قصرت عنه مشاهير الصفاح ... وانثنت بالذعر أغصان الرماح)

 (صار بالذل فؤادي كلفا)

 (وجفوني ساهرات وطفا)

 (كلما قلت جوى الحب انطفا)

 (أمرض القلب بأجفان صحاح ... وسبى العقل بجد ومزاح)

 (يوسفي الحسن عذب المبتسم)

 (قمري الوجه ليلي اللمم)

(عنتري البأس عبسي الهمم)

 (غصني القد مهضوم الوشاح ... مادري الوصل طائي السماح)

 (قد بالقد فؤادي هيفا)

 (وسبا عقلي لما انعطفا)

 (ليته بالوصل أحيا دنفا)

 (مستطار العقل مقصوص الجناح ... ما عليه في هواه من جناح )

 (يا علي أنت نور المقل)

 (جد بوصل منك لي يا أملي)

 (كم أغنيك إذا ما لحت لي)

 (طرقت والليل ممدود الجناح ... مرحبا بالشمس من غير صباح)

 وقال أيضا: [الكامل]

 (لله ما صنع الغرام بقلبه ... أودى به لما ألم بلبه)

 

 (لباه لما أن دعاه وهكذا ... من يدعه داعي الغرم يلبه )

 (بأبي الذي لا يستطيع لعجبه ... رد السلام وإن شككت فعج به)

 (ظبي من الأعراب ما ترك الضنا ... في لحظه من سلوة لمحبه)

 (إن كنت تنكر ما جنى بلحاظه ... في سلبه يوم الغوير فسل به)

 (أو شئت أن تلقى غزالا أغيدا ... في سربه أسد العرين فسر به)

 (يا ما أميلحه وأعذب ريقه ... وأعزه وأذلني في حبه)

 (بل ما أليطف وردة في خده ... وأرقها وأشد قسوة قلبه)

 (كم من خمار دون خمرة ريقه ... وعذاب قلب دون رائق عذبه)

 (نادى بنفسج عارضيه وقد بدا ... يا عاشقين تمتعوا من قربه)

 وقال أيضا: [الكامل]

 (ما زلت أسقيهم وأشرب فضلهم ... حتى سكرت ونالهم ما نالني)

 (والخمر تعلم حين تأخذ ثارها ... أني أملت إناءها فأمالني)

 وقال أيضا وأوصى أن يكتب على قبره: [المتقارب]

 (تأمل بحقك يا واقفا ... ولاحظ مكانا دفعت إليه)

 (فإني حذرت منه الأنام ... وها أنا قد صرت رهنا لديه) 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.