الإمام الحسين ( عليه السّلام ) في عهد الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) |
2363
04:36 مساءً
التاريخ: 5-7-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-4-2019
2583
التاريخ: 2-7-2022
1652
التاريخ: 16-3-2016
3699
التاريخ: 13-4-2019
1841
|
في حياة النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) والرسالة الإسلامية مساحة واسعة لبيت عليّ وفاطمة وأبنائهما ( عليهم السّلام ) ومعاني ودلالات عميقة حيث إنّه البيت الذي سيحتضن الرسالة ويتحمّل عبء الخلافة ومسؤولية صيانة الدين والامّة .
وكان لا بدّ لهذا البيت أن ينال القسط الأوفى والحظّ الأوفر من فيض حبّ النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) ورعايته وابوّته ، فلم يدّخر النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) وسعا أن يروّي شجرته المباركة في بيت عليّ ( عليه السّلام ) ويتعهّدها صباح مساء مبيّنا أنّ مصير الامّة مرهون بسلامة هذا البيت وطاعة أهله كما يتجلّى ذلك في قوله ( صلّى اللّه عليه واله ) : « إنّ عليا راية الهدى بعدى وإمام أوليائي ونور من أطاعني »[1].
وحين أشرقت الدنيا بولادة الحسين ( عليه السّلام ) ؛ أخذ مكانته السامية في قلب النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) وموضعه الرفيع في حياة الرسالة .
وبعين الخبير البصير والمعصوم المسدّد من السماء وجد النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) في الوليد الجديد وريثا للرسالة بعد حين ، ثائرا في الامّة بعد زيغ وسكون ، مصلحا في الدين بعد انحراف واندثار ، محييا للسنّة بعد تضييع وإنكار ، فراح النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) يهيّئه ويعدّه لحمل الرسالة الكبرى مستعينا في ذلك بعواطفه وساعات يومه ، وبهديه وعلمه ؛ إذ عمّا قليل سيضطلع بمهام الإمامة في الرسالة الخاتمة بأمر اللّه تعالى .
فها هو ( صلّى اللّه عليه واله ) يقول : « الحسن والحسين ابناي من أحبّهما أحبّني ، ومن أحبّني أحبّه اللّه ، ومن أحبّه اللّه أدخله الجنّة ، ومن أبغضهما أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه اللّه ، ومن أبغضه اللّه أدخله النار »[2].
وهل الحب إلّا مقدمة الطاعة وقبول الولاية ؟ بل هما بعينهما في المآل .
لقد كان النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) يتألّم لبكائه ويتفقّده في يقظته ونومه ، يوصي امّه الطاهرة فاطمة صلوات اللّه عليها أن تغمر ولده المبارك بكلّ مشاعر الحنان والرفق[3].
حتّى إذا درج الحسين ( عليه السّلام ) صبيّا يتحرّك شرع النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) يلفت نظر الناس إليه ويهيّئ الأجواء لأن تقبل الامّة وصاية ابن النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) عليها ، فكم تأنّى النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) في سجوده والحسين يعلو ظهره ( صلّى اللّه عليه واله ) ليظهر للامّة حبّه له وكذا مكانته ، وكم سارع النبيّ يقطع خطبته ليلقف ابنه القادم نحوه متعثّرا فيرفعه معه على منبره[4] ؟ كلّ ذلك ليدلّ على منزلته ودوره الخطير في مستقبل الامّة .
وحين قدم وفد نصارى نجران يحاجج النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) في دعوته إلى الإسلام وعقيدة التوحيد الخالص وامتنع عن قبولها رغم وضوح الحق أمر اللّه تعالى بالمباهلة ، فخرج النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) إليهم ومعه خير أهل الأرض تقوى وصلاحا وأعزّهم على اللّه مكانة ومنزلة : عليّ وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السّلام ) ، ليباهل بهم أهل الكفر والشرك وانحراف المعتقد ، ومدلّلا بذلك - في نفس الوقت - على أنّهم أهل بيت النبوة وبهم تقوم الرسالة الإسلامية ، فعطاؤهم من أجل العقيدة لا ينضب[5].
وما كان من النصارى إذ رأوا وجوها مشرقة وطافحة بنور التوحيد والعصمة ؛ إلّا أن تراجعوا عن المباهلة وقبلوا بأن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
لقد كانت هذه الفترة القصيرة التي عاشها الحسين ( عليه السّلام ) مع جدّه ( صلّى اللّه عليه واله ) من أهمّ الفترات وأروعها في تأريخ الإسلام كلّه ، فقد وطّد الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) فيها أركان دولته المباركة ، وأقامها على أساس العلم والإيمان ، وهزم جيوش الشرك ، وهدم قواعد الإلحاد ، وأخذت الانتصارات الرائعة تترى على الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) وأصحابه الأوفياء حيث أخذ الناس يدخلون في دين اللّه أفواجا .
وفي غمرة هذه الانتصارات فوجئت الامّة بالمصاب الجلل حين توفّي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، فخيّم الأسى العميق على المسلمين وبخاصة على أهل بيته ( عليهم السّلام ) الذين أضنتهم المأساة ، ولسعتهم حرارة المصيبة بغياب شخص النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) .
ميراث النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) لسبطيه ( عليهما السّلام ) :
ولمّا علمت سيّدة نساء العالمين أنّ لقاء أبيها بربّه عزّ وجلّ قريب أتت بابنيها الحسن والحسين ( عليهما السّلام ) فقالت : يا رسول اللّه ، هذان إبناك فورّثهما شيئا ، فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : أمّا الحسن فإنّ له هيبتي وسؤددي ، وأمّا الحسين فإنّ له شجاعتي وجودي[6].
وصيّة النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) بالسبطين ( عليهما السّلام ) :
ووصّى النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) الإمام عليّا برعاية سبطيه ، وكان ذلك قبل موته بثلاثة أيام ، فقد قال له : سلام اللّه عليك أبا الريحانتين ، أوصيك بريحانتيّ من الدنيا ، فعن قليل ينهدّ ركناك ، واللّه خليفتي عليك ، فلمّا قبض رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قال عليّ :
هذا أحد ركني الذي قال لي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، فلمّا ماتت فاطمة ( عليها السّلام ) قال عليّ :
هذا الركن الثاني الذي قال لي رسول اللّه[7].
لوعة النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) على الحسين ( عليه السّلام ) :
حضر الإمام الحسين ( عليه السّلام ) عند جدّه الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) حينما كان يعاني آلام المرض ويقترب من لحظات الاحتضار ، فلمّا رآه ضمّه إلى صدره وجعل يقول : « ما لي وليزيد ؟ ! لا بارك اللّه فيه . » ثمّ غشي عليه طويلا ، فلمّا أفاق أخذ يوسع الحسين تقبيلا وعيناه تفيضان بالدموع ، وهو يقول : « أما إنّ لي ولقاتلك موقفا بين يدي اللّه عزّ وجلّ »[8].
وفي اللحظات الأخيرة من عمره الشريف ( صلّى اللّه عليه واله ) ألقى السبطان ( عليهما السّلام ) بأنفسهما عليه وهما يذرفان الدموع والنبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) يوسعهما تقبيلا ، فأراد أبوهما أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) أن ينحّيهما عنه فأبى ( صلّى اللّه عليه واله ) وقال له : « دعهما يتزوّدا منّي وأتزوّد منهما فستصيبهما بعدي إثرة »[9].
ثمّ التفت ( صلّى اللّه عليه واله ) إلى عوّاده فقال لهم : قد خلّفت فيكم كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فالمضيّع لكتاب اللّه كالمضيّع لسنّتي ، والمضيّع لسنّتي كالمضيّع لعترتي ، إنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض[10].
[1] حلية الأولياء : 1 / 67 ، ونظم درر السمطين : 114 ، وتاريخ ابن عساكر : 2 / 189 ح 680 ، ومقتل الخوارزمي : 1 / 43 ، وجامع الجوامع ( للسيوطي ) : 6 / 396 ، ومنتخب الكنز : 6 / 953 ح 2539 ، والفصول المهمة لابن الصباغ : 107 ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي : 173 ، ومجمع الزوائد : 9 / 135 ، وكنز العمّال : 5 / 153 ، وصحيح الترمذي : 5 / 328 ح 3874 ، وأسد الغابة : 2 / 12 .
[2] مستدرك الحاكم : 3 / 166 ، وتأريخ ابن عساكر : ترجمة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) ، وإعلام الورى : 1 / 432 .
[3] مجمع الزوائد : 9 / 201 ، وسير أعلام النبلاء : 3 / 191 ، وذخائر العقبى : 143 .
[4] مسند أحمد : 5 / 354 ، وإعلام الورى : 1 / 433 ، وكنز العمال : 7 / 168 ، وصحيح الترمذي : 5 / 616 / ح 3774 .
[5] مسند أحمد : 1 / 185 ، وصحيح مسلم : كتاب الفضائل باب فضائل علي : 2 / 360 ، وصحيح الترمذي : 4 / 293 ح 2085 ، والمستدرك على الصحيحين : 3 / 150 .
[6] بحار الأنوار : 43 / 263 ، ومناقب آل أبي طالب : 2 / 465 ونظم درر السمطين : 212 .
[7] بحار الأنوار : 43 / 262 .
[8] حياة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) ، باقر شريف القرشي : 1 / 218 ، نقلا عن مثير الأحزان .
[9] مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 114 .
[10] المصدر السابق .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|