أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-1-2016
3062
التاريخ: 2024-02-08
1065
التاريخ: 25-7-2016
6600
التاريخ: 15-1-2016
2207
|
الانسان بجميع أشكاله لابد له من امتلاك حياة اجتماعية والعيش وسط مجتمع والانسجام مع ضوابطه، المجتمع البشري (المذهبي وغيره) لابد له أن يقصد أهدافاً معينة وله خط سير معين وهذا ما وافق عليه الجميع، ولكن الشيء المهم هو هداية الأفراد وبنائهم في طريق الخير والصلاح (للفرد والمجتمع)، ومن الشروط المهمة لذلك هو تعريف حدود الحرية للفرد وتوعيته إلى أسلوب استعمالها بين الجمع، ويجب عليه اتباع تلك الحرية متى ما كانت خطاً للمجتمع، وأحياناً يكون استعمالها بخلاف ذلك الخط أي في النضال ضد الجمع وهذا يعتمد على ظرف ذلك.
الشرط المهم للتطوير الاجتماعي هو الانسجام، ولكن هذا لا يعني الاستسلام، وقد يكون توافقياً أحياناً كالمداراة مرة ومرة المخالفة، وهذا الأمر صريح في الإسلام: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[التوبة: 71]، ويجب على كل إنسان القيام بتعهده في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اي الرقابة الاجتماعية: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[آل عمران: 110].
التربية الاجتماعية للفرد
من وظائف الآباء والمربين القيام بالتربية الاجتماعية، وغرضها تربية أعضاء يعيشون الحياة الاجتماعية مع الآخرين وينسجمون معهم، ولكن في نفس الوقت يجب أن يكونوا متمسكين بالضوابط الأخلاقية ولديهم صراحة وجرأة وشهامة في الحديث، والأخذ بنظر الاعتبار العهود الاجتماعية والإنسانية ومتابعة ذلك بدقة وبصيرة: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}[الإسراء: 34].
ومن الوظائف الأخرى مصاحبة الطفل الأخذ بيده من خلال إظهار النماذج العملية للسلوك الصحيح وتعريفه عن طريق الالقاء والتذكير بالوظائف الاجتماعية، وطرق مسامعه بشروط الحياة الاجتماعية، وتعليمه أسلوب رسم طريق ذلك يجب على اولئك تفهيم الأطفال الوقت المناسب للتسليم والاتباع، والوقت الذي تجب فيه المقاومة، والوقوف، لأن هذه الأمور من أسس التطور الاجتماعي وأثناء ذلك تُقيم حرية الطفل ويشخص المكان الذي يجب عليه الذهاب اليه والمحل المناسب للضحك والتحدث وإظهار الحزن أو السرور؟
النمو الاجتماعي الناشئ من الحرية ضروري جداً للتربية الإنسانية وبدونه سيكون عالمنا ناقص ومضطرب.
ومن شرط الرشد أيضاً الحيلولة دون الفوضى والشغب والظلم، ولا شك أن الاعتراف بحق الآخرين للحرية ينبع من استقلال الرأي وشخصية الفرد ومن الأمور الأخرى حرية الفكر، لأن تحقق ذلك يؤثر على رشد المجتمع.
الأخلاق والحرية
الإنسان من وجهة نظر الدين إما أن يكون في خط الفضائل والأخلاق وأما أن يكون في الرذيلة والانحطاط. والفضائل الأخلاقية عبارة عن الرجولة والعفة والتقوى والشرف والكرم والسخاء والعفو عند المقدرة ... وهي من عوامل الرشد الاجتماعي والأخلاقي والديني. وتعد هذه من عوامل الفضائل متى ما تحققت في ظرف يكون الإنسان فيه حر ولم يتعرض إلى الضغط والجبر، والأمر كذلك بالنسبة للعوامل التالية: كالقدرة والمقاومة أمام الأخطاء وصراع النفس وتقويم الروح والنفس ووضع الأساس الصحيح للعيش والهدفية والسعي باتجاه المقاصد الإنسانية العامة.
تتمتع الحرية بدور مهم جداً في مجال الرشد الأخلاقي والرفعة الانسانية وفي ظلها يتحقق مفهوم الثواب للفضائل والعقاب للرذائل وتُعطي المبرر المنطقي والمعقول لهذه المفاهيم، لأنه من الممكن أن يجبروا الإنسان على السير في خط الطهارة والعفة او يغضوا بصره لحفظ الناموس والعفة او يقيدوا يديه لمنع وقوع التجاوز ولكن ما هي قيمة كل ذلك بالنسبة إلى العفة نفسها وإلى مبدأ عدم التجاوز؟
الأساس في الثواب والعقاب هو أن الانسان نفسه وحسب إرادته ورغبته يقوم بتهيئة موجبات ذلك سواء كان حسنا أو قبيحا؛ فان كان هناك أمر فيه مخالفة ويجب اجتنابه، فالأساس يتحقق إذا فعل ذلك بإرادته وليس تحت ضغط وكذا الحال بالنسبة للسير في طريق الصواب تحت جبر يخالف ميله.
الحرية والمدنية
هناك علاقة بين الحرية والمدنية، ولكن قبل هذا يجب المرور على موضوع الثقافة، لأن الحضارة في الواقع تشتمل على ثقافة أكثر تعقيداً(1)، ومن الخطأ أن يؤمن الفرد بأحد الثقافات الأجنبية أو المحلية بدون أي تحليل أو تقييم لها.
أسلوب تعامل الإسلام مع الثقافات يتضمن لمعرفة تلك الثقافة أولاً ومن ثم تعديلها ويجرى حذف أو إضافة شيء عليها، ومن بعد يعطي رأيه بالرفض أو القبول(2)، وهذا الموضوع يحتاج إلى الحرية في جميع مراحله وخصوصاً الحرية الفكرية وأننا لا نستطيع بدونها معرفة وتقييم الثقافة، وهي ضرورية جداً أيضاً في إيجاد قدرة الانتخاب والاختيار عند الفرد والتي هي اساس قبول أو رفض أي الثقافات.
الحرية لها دور أساسي في التحرر من قيود الشهوات والقيم الكاذبة والتعصب الأعمى وفي جعل الفرد مطيعاً للقانون وتحريره من عبودية الآخرين، سوى عبودية الله تعالى.
انعدامها يقف ضد التحضر ولا يتحقق بذلك الإصلاح الثقافي، والإيمان بالثقافات الفاقدة للحرية لا يعدو عن كونه سراباً وتمثل في الحقيقة تلك الجاهلية والوحشية التي كانت تشغل الإنسان وتجعله يدعي جهلاً بأنه مثقف وواع.
الحرية والعمل
الحرية ضرورية للسعي والعمل، وإن التطور الاجتماعي لا يتحقق إلا بالعمل، وأن محيط البطالة سبباً للمفاسد وتعطيل الطاقات ونتيجة هذا هو الانحطاط والسقوط، وهذا السقوط سيمتد إلى البعدين الفردي والاجتماعي.
الفرد ولأجل حفظ وصيانة نفسه ووجوده من الخطر عليه السعي والتلاشي، والعمل والفعالية. ومن الأمور المهمة هي حرية الفرد في اختيار عمله الذي يرغب فيه واستثمار استعداده ورغبته في هذا المجال.
الحقيقة أن قوى العمل ملكاً له ويستطيع التصرف بها واستثمارها وفق ضوابط معتقده ويجب عليه أن يكون بالمستوى المطلوب من الوعي الاجتماعي لكي يستطيع ملئ الفراغ الموجود في اقتصاد المجتمع، لذا عليه اختيار حرفة يستطيع بواسطتها سد حاجة من حاجات المجتمع وجميع ذلك يحتاج إلى الحرية.
الحرية والسياسة
هناك علاقة بين بعض جوانب التطور الاجتماعي كالحرية السياسية وحرية التصميم وبين الأمور المتعلقة بالعلاقة مع الناس والمسؤولين.
يجب أن تكون أرضية التربية بالشكل الذي تُصيّر الفرد بالقريب العاجل لأن يكون عضواً سياسياً في المجتمع ليتمكن من ايفاء دوره في المشاركة، وعليه التصويت وإعطاء الرأي لأفاضل الناس لأجل الحكم، وانتخاب الأجهزة الصالحة لإدارة الدولة، والسعي الصائب في مجال تصويب القرار اللازم وتنفيذه، وأن يكون تابعاً جيداً في المجال السياسي أو متبوع حسن وهنا يتجلى دور الآباء والمربين في مجال امتلاكه حرية مشروطة، وفي مجال التصدي للظلم والتبعيض والخناق، وبذل جهده لذلك ولإيجاد أرضية مناسبة للوعي السياسي للأمة وكذلك يبذل الجهود في مراقبة ذلك.
ومن الأمور المهمة في الإسلام هي أن يرتكز صلح وحرب الإنسان على الفكر والوعي، وأن يعي سر حياته ومماته: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}[الأنفال: 42]، وأن يهب حياته في طريق له ثمن اللقاء مع الرب الجليل أي يختار الموت شهادة لأنها نوع آخر من الحياة الجديدة: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران: 169].
الحرية والاهتمام بالقيم
هناك أمر مهم في مجال الرقي الإنساني والإسلامي، وهو أن يُسخر الإنسان حريته في خط تطوره وسعادته ويصبها في مجتمعه، وأن يتصف بالعفو عند المقدرة وعدم تتبع عيوب الآخرين والتستر على ذنوبهم وأخطائهم، واستثمار الحرية بصورة حسنة تكون لصالح المظلومين وضد الظلمة(3)، ولأجل التعاون على البر والتقوى والمصلحة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[المائدة: 2]، والتوصية بالخير والصبر: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر: 3]، وأن يحب لغيره ما يحب لنفسه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ آريان بور: ارضية علم الاجتماع، فصل الثقافة.
2ـ الكاتب في الإسلام والتجديد.
3ـ نهج البلاغة: 47.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|