المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

تأثير تماثل وتناسق توزيع المجموعات المشتقة على سلسلة البوليمر
30-11-2017
آخر أيام الإمام علي عليه السلام واستشهاده
1-12-2016
عصر الصحافة الجديدة
2-6-2021
Piecewise Function
26-9-2019
الحجيّة المجعولة
11-9-2016
الأمبير الفعال effective ampere
20-10-2018


تنوّع دروس عاشوراء وخلودها  
  
342   12:22 صباحاً   التاريخ: 2024-08-07
المؤلف : معهد سيد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسيني
الكتاب أو المصدر : دروس عاشوراء
الجزء والصفحة : ص9-20
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

المحاور التي تتوزّع إليها الدراسات العاشورائيّة

تتوزّع الأبحاث المرتبطة بواقعة عاشوراء إلى ثلاثة محاور أساسيّة:

المحور الأوّل: دراسة أسباب ودوافع أساس ثورة الإمام الحسين عليه السلام والعوامل التي حدت به إلى الثورة, أي تحليل الجوانب الدّينيّة والعلميّة والسياسيّة لهذه الثورة. وقد سبق لنا أن تحدّثنا عن هذا الموضوع بالتفصيل، إضافة إلى ما للفضلاء والأكابر من دراسات قيّمة فيه. ونحن لن نتطرّق لهذا البحث الآن.

المحور الثاني: البحث عن الدروس المستفادة من عاشوراء. وهو من الأبحاث الحيّة والخالدة والأبديّة التي لا تختصّ بزمان بعينه. فدروس عاشوراء هي دروس التضحية والشجاعة والمواساة، ودروس القيام لله، والإيثار والمحبّة والعشق، بل إنّ من دروس عاشوراء تلك الثورة العظيمة والكبيرة التي فجّرتموها أنتم أبناء الشعب الإيرانيّ امتثالاً لنداء حسين العصر وحفيد أبي عبد الله الحسين عليه السلام. هذا في نفسه واحد من الدروس التي استفدناها من عاشوراء.

المحور الثالث: العبر المستقاة من عاشوراء.

سبق وتحدّثنا عن هذا الموضوع قبل سنوات وأشرنا إلى أنّ لعاشوراء - فضلاً عن الدروس المستقاة منها - عبراً أيضاً.

والبحث عن العبر المستفادة من عاشوراء خاصّ بالزمن الذي تكون فيه الحاكميّة للإسلام. لا أقلّ من أن نقول: إنّ أهمّ جوانب هذا البحث مختصّة بهذا الزمان، أعني: زماننا هذا، وفي بلدنا هذا، كي نأخذ العبرة منها.

وقائع عصر الإمام الحسين عليه السلام: دروس ورسائل متنوّعة

يمكن الحديث عن واقعة كربلاء من زاويتين, الأولى: وصف الوقائع التي حدثت وتبيانها, ذلك أنّ تبيان الوقائع في حدّ نفسه يحمل في طيّاته الكثير من الرسائل. كيف عاش الإمام الحسين عليه السلام تلك الحقبة الطويلة من الزمن بعد أخيه الإمام الحسن عليه السلام، والتي دامت لعشر سنوات[1]، كانت مليئة بالمصاعب والمحن؟ كيف تصرّف؟ ما هي الرسائل التي كُتبت له؟ ماذا كان ردّه على هذه الرسائل؟ ما هي ردّة الفعل التي أبداها بعد مجيء يزيد إلى الحكم؟ وقد كانت بداية حركة الإمام عليه السلام من المدينة, فما هي الحوادث التي جرت له في المدينة؟ وقد قدم إلى مكّة, فماذا حدث في مكّة؟ وهو قد تحرّك من مكّة, فما هي الحوادث التي حصلت معه في كلّ منزل من المنازل التي حلَّ فيها؟ هذا نوع من البيان المثاليّ (الذي يتكفّل بشرح الأهداف والمقاصد), يُبحث عادة بهذا الشكل. وهو بذاته يحمل رسائل وبيانات كثيرة.

وهناك نوع آخر من البيان, يتمثّل في جمع واقعة عاشوراء وتلخيصها, تلخيص كلّ هذه الحوادث وهذه الخطابات والكلمات, ليتسنّى لنا أن نفهم من مجموعها أسباب قيام الإمام الحسين عليه السلام وثورته.

عاشوراء, مشهد مكتمل عن الحياة

تُقدِّم عاشوراء مشهداً مكتملاً عن الحياة الإسلاميّة التي يعيشها إنسان ما. فـفي عاشوراء تتجلّى كافّة الأركان الإسلاميّة الّلازمة لحياة الإنسان, كما تتجلّى فيها الأبعاد المعنويّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة. في عاشوراء: الدفاع والهجوم والغضب والعشق والمحبّة, في عاشوراء: الموعظة والتبليغ والنصيحة, الترهيب والتهديد, التعاضد والإيثار والجهاد والشهادة والرسالة والتوحيد. في عاشوراء كلُّ شيء, الدعاء والمناجاة مع الله أيضاً.

كثرة دروس عاشوراء

فيما يتعلّق بواقعة عاشوراء ينبغي القول إنّها تحمل دروساً كثيرة جدّاً. فمهما بحث الإنسان وفكّر سيجد أنّ دروسَ عاشوراء هي أكثر بكثير ممّا يفكّر به.

عاشوراء, الأنموذج والقدوة في مختلف الساحات

اعرفوا قدر هذه الأيّام, في هذه الليالي ومع اقتراب قلوبكم من الحسين بن عليّ عليهما السلام, عليكم أن تتعلّموا من هذا العظيم ومن عاشوراء أيضاً. أيّها الشباب أنتم الأمل لمستقبل بلادنا وثورتنا, ثبّتوا أنفسكم قوّوا عزائمكم لحمل ثقل الأمانة الملقاة على عواتقكم. تلك الأمانة نفسها التي حملتموها في جبهات الحرب وحتّى اليوم, وهي غداً من الممكن أن تظهر بشكل آخر وفي جبهة أخرى. كلّ ذلك من دروس عاشوراء ودروس الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام.

دروس متنوّعة من عاشوراء

أنتم أيّها الشباب وكلّ أجيال ثورتنا الشعبيّة ينبغي أن تنظروا إلى الحوادث التي جرت للإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام على أنّه درس. أَخرِجوا هذه الحوادث عن الخواطر العاطفيّة الصرفة, فإنّها دروس ترينا الطريق أمامنا. هي حوادث يمكن أن تشكّل بالنسبة إلى شعبنا قدوة ومثالاً من مختلف الأبعاد, وكلّما فكّر الإنسان وبحث في مسألة عاشوراء, ومن أيّ زاوية نظر إلى هذه القضيّة, سيرى فيها دروساً! حقّاً نحن أصغر من أن نتمكّن من الإلمام بتلك الحادثة بنظرة واحدة أو أن نستطيع تبيانها. قد نفهم من زواياها بعض الأشياء, أي أنّها تشعّ فنفهم ونتعلّم, نرى شرارات تلك الحادثة ونقتطف منها.

بيان وظيفة المسلمين في مختلف الظروف

توجد نقاط كثيرة جدّاً في قضيّة ثورة عاشوراء بحيث لو بُحثت في العالم الإسلاميّ وتناولها المفكّرون الإسلاميّون من أبعادها المختلفة, ودقّقوا النظر في مقدّماتها ولواحقها وما أحاط بها من أحداث, فسيصبح بالإمكان تحديد سبل الحياة الإسلاميّة وبيان وظائف الأجيال المسلمة في مختلف الظروف.

خطاب الإمام الحسين عليه السلام إلى التاريخ كلّه

إنّ دماء الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام والحركة التي قام بها, على مرّ التاريخ بالنسبة إلينا نحن - البعيدين عن وطننا الإسلاميّ الحقيقيّ, وعن النصوص الدّينيّة التي كانت في عصر النبيّ وآل بيت الرسالة -, تحمل رسالة وبلاغاً. يبيّن لنا الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام بعمله: أنّكم إذا أردتم أن تحفظوا الإسلام في أيّ عصر من العصور وفي أيّ زمان من الأزمنة فهذا هو الطريق. ونحن قد قمنا بهذا العمل، وشعبنا قد قام به، وقد رأينا نتيجته أيضاً.

إذاً، اعرفوا قدر عاشوراء, ولا تنسوا دروس عاشوراء أبداً.

درس عاشوراء, درس خالد

درس عاشوراء الحسين بن عليّ عليهما السلام درس خالد, لا ينبغي نسيانه, ينبغي فهمه بشكل جيّد, كما ينبغي للمحاضرات ومجالس العزاء التي تُذكر فيها مصائب كربلاء، تسليط الضوء على مسألة الفداء، وتضحية الإنسان من أجل دين الله وفي سبيل الله, حتّى لا يخرج هذا الدرس من أذهاننا أبداً.

كربلاء, النموذج الدائم والمجرّب

عليكم أن تعرفوا أنّ كربلاء هي النموذج الدائم لنا, كربلاء مثال وقدوة لنا في أنّه لا ينبغي للإنسان أن يشكّ أو يتردّد في الوقوف مهما كان العدوّ شديداً أو كبيراً. هي نموذج قد تمّ اختباره وتجربته. صحيح أنّ الإمام الحسين عليه السلام قد مضى واستشهد مع 72 من أصحابه في صدر الإسلام، لكنّ هذا لا يعني أنّ كلّ من يسير على درب أبي عبد الله عليه السلام وكلّ الذين يسيرون على درب المواجهة ينبغي أن يستشهدوا, لا, ليس كذلك, فالشعب الإيرانيّ اليوم قد اختبر بحمد الله، طريق الإمام الحسين عليه السلام وهو يحضر بشموخ وعظمة بين الشعوب المسلمة وبين أمم العالم.

 

ما قمتم به قبل الثورة (الإسلاميّة) ومضيتم عليه, هو طريق الإمام الحسين عليه السلام, أي عدم الخوف من العدوّ والخصم, والتقدّم لمواجهته. وهكذا كان الأمر في مرحلة الحرب.

 لقد أيقن شعبنا أنّ الشرق والغرب وكلّ المستكبرين وقفوا في مواجهته, لكنّه لم يخف. بالطبع قدّمنا شهداء كباراً. فقدنا أحبّة أعزّاء. وقدّم أعزّاء منّا سلامتهم وصحّتهم وأصبحوا في عداد الجرحى. وأمضى أعزّاء آخرون نيّفاً من أعمارهم في السجون.. لكن أمّةً مع هذه التضحيات وصلت إلى أوج عزّتها وعظمتها, لقد غدا الإسلام عزيزاً, وارتفعت راية الإسلام. كلّ ذلك ببركة ذلك الصمود والمقاومة

الإمام الحسين عليه السلام النموذج الحيّ والساطع

تحتضن هذه الأمّة - من بين عشرات، بل مئات الخصائص التي تنفرد بها الأمّة الإسلاميّة بفضل القرآن والإسلام وأهل البيت عليهم السلام- نماذج كبيرة ومشرقة. ولهذه النماذج القدوة أهمّيّتها في حياة الشعوب, فإنّ الشعوب على اختلافها ما إن تجد شيئاً من نفحات العظمة في واحدة من شخصيّاتها، فإنّها لا تنفكّ عن تمجيد تلك الشخصيّة والتغنّي بها وتخليد اسمها، بغية توجيه المسار العامّ لأجيالها في الاتجاه الذي يريدونه لها. وأحياناً قد لا تكون هذه الشخصيّة واقعيّة أصلاً، لكنّهم يتحدّثون عنها (هذه الشخصيّة الخياليّة) في القصص والأشعار والأساطير الشعبيّة, وهذا كلّه نابع من حاجة الشعوب لأن تجد فيما بينها نماذج عظيمة من أبنائها. لكنّ هذا الأمر موجود واقعاً في الإسلام على نحو واسع ومنقطع النظير، ومن بين هذه الشخصيّات العظيمة التي يُحتذى بها: شخصيّة أبي عبد الله عليه السلام إمام المسلمين وسبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ذلك الشهيد الكبير[2] في تاريخ الإنسانيّة.

عالميّة دروس الإمام الحسين عليه السلام

ليس الإمام الحسين عليه السلام حكراً على الشيعة أو المسلمين, بل رسالته عامّة لكلّ أحرار العالم. وهذا زعيم نهضة الحرّيّة في الهند قبل 60 أو 70 عاماً يذكُر اسم الحسين بن عليّ عليهما السلام, ويقول إنّه قد تعلّم منه, مع أنّه كان من الهندوس ولم يكن مسلماً. وكذلك الأمر بين المسلمين, فالأحداث التي جرت للإمام الحسين عليه السلام هي هذه. أنتم تكنزون مثل هذه الجوهرة النفيسة التي يمكن للبشريّة جمعاء أن تنهل وتستفيد منها.

الدرس الأساس المستفاد من عاشوراء

لو نظرنا بدقّة إلى واقعة عاشوراء, ابتداءً من خروج أبي عبد الله عليه السلام من المدينة ثمّ توجّهه نحو مكّة إلى أن ارتوى بكأس الشهادة في كربلاء، لأمكننا القول إنّ باستطاعة الإنسان عدّ أكثر من مائة درس مهمّ في هذا التحرّك الّذي لم يدم أكثر من أشهر معدودة فقط. لم أقل: آلاف الدروس وإن كان بالإمكان قول ذلك, فمن الممكن أن تكون

كلّ إشارة من ذلك الإمام العظيم درساً, لكن عندما نقول 100 درس, أي أنّه لو أردنا التدقيق والتمحيص في هذه الأعمال لأمكننا استقصاء مائة عنوان وفصل، وكلّ فصل يعتبر درساً للأمّة وللتاريخ وللبلد ولتربية النفس ولإدارة المجتمع وللتقرّب إلى الله, هكذا هو الحسين بن عليّ (أرواحنا فداه وفداء اسمه وذكره) في هذه الدنيا كالشمس الساطعة بين المقدّسين في العالم. انظروا إلى الأنبياء والأئمّة عليهم السلام والشهداء والصالحين, فإذا كانوا كالأقمار والأنجم، فالحسين عليه السلام يشعّ كالشمس الطالعة.

وإلى جانب هذه الدروس المائة، هناك درس أساس في هذا التحرّك وهذه النهضة، وهو الأصل والأساس. وهو أنّه لماذا ثار الحسين عليه السلام؟ هذا درس.

كان يقال للإمام الحسين عليه السلام: لماذا خرجت يا حسين رغم كونك شخصيّة لها احترامها في المدينة ومكّة، ولك شيعتك في اليمن؟ اذهب إلى مكان لا يكون لك فيه شأن بيزيد[3] ولا شأن له بك، اذهبوا - أنت وشيعتك - إلى هناك جميعاً, لتعيش هناك وتعبد الله وتبلّغ. لماذا قمتَ وخرجت؟ ما الخبر؟ وما هي قضيّتك؟ هذا هو السؤال الأساس. وهذا هو الدرس الأساس.

إنّ ما اجتمع في كربلاء من حوادث، ومن خطب وكلمات وأقوال, يمكن من خلاله معرفة وفهم لماذا نهض الإمام الحسين عليه السلام وقام بثورته.

الدافع، الهدف والغاية من نهضة عاشوراء

لو أردنا أن نبيّن هدف الإمام الحسين عليه السلام، فينبغي أن نقول: إنّ هدف ذلك العظيم كان واجب عظيم من واجبات الدّين لم يؤدِّه أحدٌ قبله، لا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ولا أمير المؤمنين عليه السلام ولا الإمام الحسن المجتبى عليه السلام, واجب يحتلّ مكاناً مهمّاً في البناء العامّ للنظام الفكريّ والقيميّ والعمليّ في الإسلام. ومع أنّ هذا الواجب مهمّ وأساسيّ، فلماذا لم يتمّ العمل به إلى زمن الإمام الحسين عليه السلام؟ كان يجب على الإمام الحسين عليه السلام أن يبادر هو للقيام بهذا الواجب ليكون درساً على مرّ التاريخ، كما صار تشكيل الحكومة الإسلاميّة على يدي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم درساً على مرّ تاريخ الإسلام، ومثلما أصبح جهاد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في سبيل الله درساً على مرّ تاريخ المسلمين وتاريخ البشريّة إلى الأبد, كذلك كان ينبغي أن يُودّى هذا الواجب على يد الإمام الحسين عليه السلام ليصبح درساً عمليّاً للمسلمين على مرّ التاريخ.

نعم، لقد نهض الإمام الحسين عليه السلام لتأدية واجب عظيم هو إعادة بناء النظام والمجتمع الإسلاميّ, أو القيام في وجه الانحرافات الكبرى في المجتمع الإسلاميّ.

 


[1] روضة الواعظين, ص195, كشف الغمّة, ج2, ص250, بحار الأنوار, ج44, ص200.

[2] كامل الزيارات, ص142, بحار الأنوار, ج45, ص238.

[3] أنساب الأشراف, ج3, ص161-162, اللهوف, ص39-40, بحار الأنوار, ج44, ص329.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.