المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻷﺣﻜﺎﻡ  
  
1522   10:50 صباحاً   التاريخ: 11-08-2015
المؤلف : الشيخ الطوسي
الكتاب أو المصدر : الاقتصاد
الجزء والصفحة : ص 140
القسم : العقائد الاسلامية / مقالات عقائدية /

ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ، ﻭﻻ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺑﻤﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ، ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﺭﻓﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺑﻨﺒﻴﻪ ﻭﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻣﻘﺮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺼﺪﻗﺎ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﺆﻣﻦ. ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ ﻧﻘﻴﺾ ﺫﻟﻚ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺠﺤﻮﺩ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻣﻤﺎ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﻪ، ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺷﺮﻋﻲ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺠﺤﻮﺩ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻔﺴﻖ ﻫﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺧﺮﺝ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺼﻴﺘﻪ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺻﻐﻴﺮﺍ ﺃﻭ ﻛﺒﻴﺮﺍ. ﻭﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻣﻌﺎ، ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺠﺤﻮﺩ ﺑﻬﻤﺎ. ﻭﻓﻲ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺠﻮﺍﺭﺡ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺩﻟﺖ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺮﻭﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ. ﻭﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ: ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﺳﻢ ﻟﻠﻄﺎﻋﺎﺕ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ. ﻭﺍﻻﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺷﺊ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﺍﻟﻔﺴﻖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻭﺍﻟﺼﻐﺎﺋﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻜﻔﺮﺓ ﻻ ﺗﺴﻤﻰ ﻓﺴﻘﺎ. ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﻋﻘﺎﺏ ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﺃﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ، ﻓﻤﺮﺗﻜﺐ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺆﻣﻦ ﻭﻻ ﻛﺎﻓﺮ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻓﺎﺳﻖ. ﻭﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﻔﺮﺍ (1)، ﻭﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ ﺷﺮﻛﺎ.

ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﻠﻴﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺴﻤﻲ ﻛﻞ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻛﻔﺮﺍ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭ ﻛﺒﻴﺮﺓ. ﻭﺍﻟﺰﻳﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻛﻔﺮ ﻧﻌﻤﺔ، ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻮﻥ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﺃﻭﻻ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ، ﻭﻻ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ، ﻭﻻ ﺧﻼﻑ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﻴﻪ. ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﻗﻮﻟﻬﻢ " ﻓﻼﻥ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻜﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻭﻓﻼﻥ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻜﺬﺍ " ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51] ﻗﺎﻝ {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17] ﺃﻱ ﺑﻤﺼﺪﻕ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻭﺟﺐ ﺇﻃﻼﻕ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﺎﻧﻊ، ﻭﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195] ﻭﻗﺎﻝ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4] ﻭﻗﺎﻝ { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺣﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ. ﻭﻟﻴﺲ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﻬﻨﺎ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﻣﻨﺘﻘﻠﺔ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻋﻤﺎ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻳﻮﺟﺐ ﺫﻟﻚ. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻟﻴﺲ ﻫﻬﻨﺎ ﻟﻔﻆ ﻣﻨﺘﻘﻞ ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ. ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻣﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺴﻤﻲ ﻛﻞ ﻣﺼﺪﻕ ﻣﺆﻣﻨﺎ، ﻷﻧﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺻﺪﻕ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺃﻭﺟﺒﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﺍﻻﺟﻤﺎﻉ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺻﺪﻕ ﺑﺎﻟﺠﺒﺖ ﻭﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﻣﺆﻣﻨﺎ، ﻓﻤﻨﻌﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻭﺧﺼﺼﻨﺎ ﻣﻮﺟﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ، ﻭﺟﺮﻯ ﺫﻟﻚ ﻣﺠﺮﻯ ﺗﺨﺼﻴﺺ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻟﻔﻆ " ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ " ﺑﺒﻬﻴﻤﺔ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺟﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺩﺏ ﺩﺍﺑﺔ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺗﺨﺼﻴﺼﺎ ﻻ ﻧﻘﻼ. ﻓﻌﻠﻰ ﻣﻮﺟﺐ ﻫﺬﺍ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﺃﻥ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ، ﻓﻜﻴﻒ ﺣﻤﻠﺘﻤﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺍﻟﻘﻠﺐ؟ ﻗﻠﻨﺎ: ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺼﻔﻮﻥ ﺍﻷﺧﺮﺱ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺆﻣﻦ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺴﺎﻛﺖ، ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ " ﻓﻼﻥ ﻳﺼﺪﻕ ﺑﻜﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻭﻓﻼﻥ ﻻ ﻳﺼﺪﻕ " ﻭﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻓﻠﻢ ﻳﺨﺮﺝ ﺑﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻋﻦ ﻣﻮﺟﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻣﻨﻌﻨﺎ ﺇﻃﻼﻗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﺪﻕ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﺟﺎﺯ ﺫﻟﻚ ﻟﻮﺟﺐ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺇﻥ ﻋﻠﻢ ﺟﺤﻮﺩﻩ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ، ﻭﺍﻻﺟﻤﺎﻉ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ.

ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﻓﻌﻨﺪﻧﺎ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﻔﺮﺍ ﻓﻬﻮ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺇﻥ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺼﺪﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻟﺤﺼﻮﻝ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﻛﺎﻓﺮ ﻭﻟﻢ ﻳﺠﻤﻌﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ﻛﻔﺮ ﻷﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺨﻼﻑ. ﻭﻛﻠﻤﺎ ﻳﺴﺄﻝ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﺋﺮ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ. ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﺖ ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ، ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺎﻋﺔ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻛﻔﺮﺍ ﺃﻭ ﺑﻌﺾ ﻛﻔﺮ، ﻭﻟﻮ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺗﺮﻛﻪ ﻛﻔﺮﺍ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺗﺮﻛﻪ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﻃﺎﻋﺔ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﺣﺪ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻻ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﻻ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺘﺮﻛﻮﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﺑﻼ ﺧﻼﻑ، ﻭﻋﻨﺪﻫﻢ ﻳﺘﺮﻛﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﻐﻴﺮﺍ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] ﻭﻗﺎﻝ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] ﻭﻗﺎﻝ {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ} [طه: 75] [ﻭﺫﻟﻚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﻭﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ] ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ.

ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎﻩ، ﻭﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻻ ﻧﻄﻮﻝ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﻫﻬﻨﺎ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻓﻘﺪ ﻗﻠﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻭﻫﻮ ﺟﺤﺪ ﻣﺎ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻣﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﻗﺎﻃﻊ ﻛﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺴﺘﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺤﻮﺩ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻭﻳﻠﺤﻖ ﺑﻔﺎﻋﻠﻪ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻛﻤﻨﻊ ﺍﻟﺘﻮﺍﺭﺙ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻛﺢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻛﻔﺮﺍ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻻ ﻣﺠﺎﻝ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻓﻴﻪ، ﻷﻥ ﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﻋﻘﻼ، ﻭﻗﺪ ﺃﺟﻤﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭ ﺗﻮﺣﻴﺪﻩ ﻭﻋﺪﻟﻪ ﻭﺟﺤﺪ ﻧﺒﻮﺓ ﺭﺳﻠﻪ ﻛﻔﺮ، ﻻ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﻴﻨﺎ ﻓﺴﺎﺩ ﻗﻮﻟﻬﻢ. ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺎﻛﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍ ﻟﻤﺎ ﻳﻘﺪﺡ ﻓﻲ ﺣﺼﻮﻟﻬﺎ، ﻷﻥ ﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻳﻌﻢ ﺍﻟﻜﻞ. ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺒﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺸﺒﻬﺔ ﻛﻔﺎﺭ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻷﻥ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻢ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻋﺪﻟﻪ ﻭﺣﻜﻤﺘﻪ.

ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﺴﻖ ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﺸﺊ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ " ﻓﺴﻘﺖ ﺍﻟﺮﻃﺒﺔ " ﺇﺫﺍ ﺧﺮﺟﺖ ﻋﻦ ﻗﺸﺮﻫﺎ، ﻭﺳﻤﻴﺖ ﺍﻟﻔﺎﺭﺓ ﻓﻮﻳﺴﻘﺔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻟﺨﺮﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻘﺒﻬﺎ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ ﺻﺎﺭ ﻣﺘﺨﺼﺼﺎ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﺢ. ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻓﻬﻮ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺃﻭ ﻛﺒﻴﺮﺓ، ﻭﻷﻥ ﻣﻌﺎﺻﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﺒﺎﺋﺮ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﺴﻤﻴﻬﺎ ﺻﻐﺎﺋﺮ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻫﻲ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺻﻐﺮ ﻣﻨﻬﺎ. ﻭﺷﺒﻬﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺼﺪﻕ ﻭﺇﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻌﺪ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﺑﺰﻣﺎﻥ ﺃﻧﻪ ﻣﺆﻣﻦ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﺿﺎﺭﺏ ﻟﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻷﻥ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺸﺘﻘﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻭﻗﻮﻉ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺍﺷﺘﻘﺖ ﻣﻨﻪ. ﺑﺎﻃﻠﺔ، ﻷﻧﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻳﺘﺠﺪﺩ ﺣﺎﻻ ﻓﺤﺎﻻ، ﻟﺌﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻕ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ: ﺇﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻬﻠﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺆﻣﻦ، ﻷﻧﻪ ﻣﺎ ﺻﺪﻕ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﺑﺼﻔﺎﺗﻪ. ﻓﺎﺳﺪ، ﻷﻥ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻬﻠﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻗﺪ ﺻﺪﻕ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺗﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﺆﻣﻨﺎ.

ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺻﺪﻕ ﻣﺎ ﻗﻠﺘﻤﻮﻩ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺘﺮﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﺇﻻ ﺍﺭﺗﻜﺒﻪ ﻭﻻ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺇﻻ ﺗﺮﻛﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﺷﻨﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ. ﻗﻠﻨﺎ: ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺨﺘﺎﺭﻩ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺫﻟﻚ ﻟﺌﻼ ﻳﻮﻫﻢ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﻣﺆﻣﻦ ﺑﺘﺼﺪﻳﻘﻪ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﺳﻖ ﺑﺘﺮﻛﻪ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﻓﻴﻌﺘﺪ ﻟﻪ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻟﺌﻼ ﻳﻮﻫﻢ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﻃﻠﻘﻨﺎ ﺍﻵﺧﺮ. ﻭﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻘﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻻ ﻧﻄﻮﻝ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﻫﻬﻨﺎ. ﻭﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻳﺪﻳﺔ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻓﺮ ﻧﻌﻤﺔ. ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻧﻪ ﻣﻌﺘﺮﻑ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻌﺘﻘﺪ ﻟﻬﺎ، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﺎﺣﺪﺍ.

ﻭﺃﻣﺎ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺃﻧﻪ ﻣﻨﺎﻓﻖ. ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻖ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻇﻬﺮ ﺧﻼﻑ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﺎﻃﻨﻪ، ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻈﻬﺮﺍ ﻟﻠﻤﻌﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﺎﻓﻘﺎ. ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﻭﺍﺣﺘﺠﺎﺟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻳﺮﺗﻜﺐ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻛﺎﻓﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻨﺎ ﻓﺴﺎﺩﻩ. [ﻭﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺨﺺ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﻤﻮﺛﻘﺔ]. ﻭﻗﻮﻟﻪ {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى* لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: 14، 16]  ﻳﻔﻴﺪ ﻧﺎﺭﺍ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺧﺺ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺬﺏ ﻭﺗﻮﻟﻰ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻤﺮﺗﺪﻭﻥ، ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻓﺮﺍ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀﺍ ﻓﻼ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﻗﻮﻟﻪ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } [عبس: 38 - 40] ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﺴﻢ ﺛﺎﻟﺚ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻨﻄﻮﻗﺎ ﺑﻪ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ.

ﻭﻗﻮﻟﻪ {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺟﻮﻩ ﺃﺧﺮ ﻻ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻭﻻ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﺧﺎﻟﺼﺔ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ ﺑﺎﻟﻤﺮﺗﺪﻳﻦ، ﻟﻘﻮﻟﻪ {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران: 106]. ﻭﻗﻮﻟﻪ {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: 49]ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻣﻦ ﺇﺣﺎﻃﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﺴﺎﻕ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻣﻦ ﺇﺣﺎﻃﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺰﺑﺎﻧﻴﺔ ﻭﺧﺰﻧﺔ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ. ﻭﻗﻮﻟﻪ {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ } [سبأ: 17] ﻟﻮ ﺣﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮﻣﻪ ﻟﻮﺟﺐ ﺍﻻﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﺨﺼﻮﺹ ﺑﻌﻘﺎﺏ ﺍﻻﺳﺘﻴﺼﺎﻝ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎﺭ ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺃﻭﻝ ﺍﻵﻳﺔ ﻭﺳﻴﺎﻗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻫﺎ. ﻭﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﺣﻴﺚ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ (2) ﻭﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻮﻋﻴﺪ ﻟﻠﻤﺮﺗﻀﻰ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ.

________________

(1) " ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﻔﺮﺍ ".

(2) ﻣﻦ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ ﻧﻔﺴﻪ.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.