أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-08-2015
531
التاريخ: 9-08-2015
397
التاريخ: 20-11-2014
534
التاريخ: 29-3-2017
588
|
ذكر القاضي عن بعض أصحاب أبي عليّ أنّ العوض في ذلك يجب على اللّه تعالى و أنّه نسب قوله و مذهبه هذا إلى أبي عليّ و ذهب قاضي القضاة إلى أنّ العوض في ذلك يكون على المؤلم دونه تعالى اذ لم يلجئه اللّه تعالى إلى ذلك الألم قال: فأمّا إذا ألجأه إليه بالجوع و ما يجري مجراه من الوجوه الملجئة فالعوض عليه تعالى.
واختار صاحب الفائق المذهب الأوّل المنسوب
إلى أبي عليّ، و دلّ على صحّته بأن قال: «إنّه تعالى أقدر غير العقلاء من البهائم
و السباع و الهوامّ و الصبيان و المجانين على إيلام الغير و إيصال المضارّ إليه، و
خلق الشهوة في بعضها إلى أسباب تلك الآلام و المضارّ، كما علمناه من شهوة السباع
إلى الافتراس و أكل اللحوم، و عرّفها ما لها في ذلك من المنفعة و لم يمنعها منه
بضروب من ضروب المنع، لا بخلق العلم، بقبح ذلك عنها فيها و لا بالنهي و لا بالجبر.
و ذلك إغراء لها على إيصال تلك الآلام. فلو لم يضمن تبارك و تعالى أعواض تلك
الآلام لكان إغراؤه تعالى لها على إيصال تلك الآلام و المضارّ بما لا يستحقّها و
لا له فيها منفعة عاجلة قبيحا، خصوصا على مذهب القاضي أنّ تلك الآلام قبيحة منها و
ان لم يستحقّ بها الذمّ، لأنّه يكون إغراء على القبيح.
و أجاب عمّا قاله القاضي من أنّه تعالى و إن
مكنها من هذا الإضرار و خلق الشهوة المتعلّقة بها فيها، فانّه مكّنها من قضاء
شهوتها بالميتات و كلّفنا منعها من إيصال هذه المضارّ إلى الحيوان وأنّه بذلك مخرج
من أن يكون مغريا لها على فعل هذه الآلام بأن قال في السباع و الجوارح ما لا
يتناول الميتات، كالأسد و البازي.
و غير مسلّم أنّا كلّفنا منعها على الإطلاق،
بل إنّما يلزمنا منعها من مواشينا، لأنّ فيه دفع الضرر عنّا، و كذا لو رقّ قلبنا
لبعض الحيوان بافتراس الذئب أو الأسد إيّاه و وصل إلينا غمّ شديد بسبب ذلك. فأمّا
ما عدا ذلك، فلا شيء يدلّ على وجوبه لا عقليّ و لا سمعيّ. و ما سمعنا و ما نقل
إلينا عن أحد من العلماء قديما و حديثا، أنّهم أوجبوا على العقلاء الخروج إلى
البراري و الصحاري ليمنعوا الأسود و الذئاب من اصطياد الوحش و افتراسها.
فإن قيل: أليس في المرويّ عن الرسول عليه
السلام: «أنّه تعالى ينتصف للجماء من القرناء». و هذا الحديث يقتضي ظاهره أنّه
تعالى يأخذ حقّ الجمّاء و عوضها من القرناء، فكيف تقول: «إنّ عوضها على اللّه
تعالى؟ و هل هذا إلّا مخالفه لهذا الظاهر؟
قلنا: ليس في الخبر كيفيّة انتصافه لها
منها، فيحتمل أن يكون انتصافه تعالى لها منها، بأن يعوض الجماء بأعواض موفية من
قبله جلّ و عزّ بما نالها من القرناء، فانّه إذا فعل تبارك و تعالى ذلك يكون قد
انتصف لها منها. و يحتمل أن تكون فائدة الحديث و المقصود منه المبالغة في أنّه ينتصف
للمظلوم الضعيف من الظالم القويّ، لأنّه أراد الجمّاء و القرناء الحقيقيّين، إذ
وصف الضعيف بالجمّاء و القويّ بالقرناء من أحسن التشبيه.
و أجاب أيضا عن احتجاج القاضي بأنّه تعالى
ما بعث السباع على هذه المضارّ و لا ألجأها إليها و لا أطلقها لها، و إنّما مكّن
منها. فلو انتقل العوض إليه تعالى بالتمكين للزم إذا مكنّا غيرنا بدفع سيف إليه من
قتل إنسان فقتله أن يجب العوض هنا علينا، بل كان يلزم وجوب العوض على السيّاف،
لأنّه الأصل في التمكين من القتل بأن قال: ألست تقول إنه تعالى إذا ألجأها إلى ذلك
فانّه يفضل العوض إليه على أنّه لم يبعثها على المضارّ و لا أطلق لها و إنّما
مكّنها منها.
قال: فإن قال: الإلجاء أشدّ من البعث عليها.
قيل: و خلق الشهوة فيها، إلى غير ذلك. و إلهامها لها فيه من المنفعة مع أنّه لم
يمنعها منه بوجه من الوجوه أشدّ من البعث عليها، فيجب أن ينتقل إليه العوض.
قال: وليس كذلك دفع السيف إلى الغير، لأنّه
ممنوع من القتل عقلا بتقرير قبحه في عقله. وسمعا بالنهي، فلم يجب أن ينتقل العوض
عنه إلى تمكّنه باعطاء السيف أو حمله.
وأجاب أيضا عمّا احتجّ و استدلّ به القاضي
ثالثا من أنّ عوض مضارّها لو انتقل إليه تعالى، لكان موفيا كالعوض فيما يفعل بأمره
تعالى او إباحته و إطلاقه و إلجائه من الآلام. و لو كان كذلك لكانت تلك المضارّ و
الآلام حسنة، ولو كانت حسنة لقبح منّا أن نمنعها منها، بل كان يلزم أن يقبح
منافعها من مواشينا، بأن عارضه بالإلجاء الذي يذهب القاضي إلى أنّ العوض فيه ينتقل
إليه تعالى، على ما حكيناه عنه و قال إذا ألجأها إلى تلك المضارّ، فلا بدّ من أن
تكون حسنة، فلو كانت قبيحة لكان تعالى قد ألجأها إلى القبيح، و ذلك قبيح، و إذا
كانت حسنة بأن تكفّل اللّه تعالى في مقابلتها بالأعواض الموفية وجب أنّ لا يحسن
منّا بل يقبح منعها و لو عن مواشينا، فما يجيب به فهو جوابنا بعينه.
ونحن نقول: إنّما يحسن منّا منعها إذا دفعنا
بمنعها المضرّة عن أنفسنا بأن يقصد افتراس مواشينا و ما يتعلّق بنا أو نغتم
بافتراسها حيوانا آخر لا يتعلّق بنا وتتأدّى الرقّة التي تلحق قلوبنا إمّا لذلك
الحيوان أو لصاحبه إن كان له صاحب. فأمّا إذا لم ندفع بمنعها المضرّة عن أنفسنا
بأحد الوجهين، فانّه لا يحسن منّا منعها. و لو ورد السمع بحسن ذلك أو وجوبه،
لقلنا: إنّ ذلك لمصلحة لنا فيه، كما ورد السمع بمنع الصبيّ من شرب الخمر و إن لم
يقبح ذلك منه لنا فيه من الصلاح و للصبيّ أيضا بأن لا يتعوّد شربها فيصعب عليه
الامتناع فيها إذا بلغ حدّ التكليف.
و قد أورد ما ذكره قاضي القضاة من «أنّا إذا
أغرينا الجارح على الصيد فاصطاده و أضرّ به، فالعوض على اللّه تعالى، لأنّه
باغرائنا له يصير ملجأ إلى ذلك، و اللّه تعالى أباح لنا إغراءه» وردّ عليه بأنه
قال: إنّه تعالى إنما أباح لنا إغراء الجارح على الصيد وما أباح للجارح الإضرار
بالصيد، إذ الإباحة في حقّه غير متصوّرة و قوله «لأنّه يصير ملجأ إلى الإضرار
باغرائنا» غير مسلّم، بل هو جار على عادته كما خلق عليه، فكان ينبغي أن يوجب على
الجارح أعواض الإضرار الزائد بالصيد على الاصطياد، لأنّ ذلك الضرر الزائد من فعله
و لم يؤمر به و لا ابيح له، إذ الأمر و الاباحة في حقّه غير متصوّرين، و هو غير
ملجأ إليه ... فعلى قاعدته يلزمه أن يوجب عوض ذلك على الجارح دونه تعالى، بخلاف ما
قاله.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|