أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-3-2022
1385
التاريخ: 7-6-2017
2895
التاريخ: 23-12-2015
3903
التاريخ: 5-7-2017
3093
|
هاجر رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في السنة الثالثة عشرة للبعثة من مكة إلى يثرب « المدينة » حفاظا على نفسه وإبقاء على دعوته ، وأوصى عليّ بن أبي طالب ( عليه السّلام ) أن يبيت على فراشه ليلة الهجرة ليوهم المشركين ويشغلهم ، وأوصاه ( صلّى اللّه عليه واله ) بعدة وصايا ، منها : أنّه إذا وصل مأمنه يرسل اليه من يدعوه بالتوجّه اليه مع عائلته من الفواطم وغيرهن ، ويردّ جميع الأمانات التي كانت مودعة عنده إلى أهلها ويسدّد الديون التي كانت عليه .
ولمّا وصل ( صلّى اللّه عليه واله ) منطقة « قباء » - وهي على أميال من يثرب - واستقر فيها ؛ بعث مع أبي واقد الليثي كتابا إلى عليّ ( عليه السّلام ) يأمره بالقدوم عليه مع الفواطم وردّ الإمانات إلى أهلها ، فقام أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) من ساعته واشترى الرواحل اللازمة وأعدّ متطلبات السفر والهجرة من مكة ، وأمر من كان معه من ضعفاء المؤمنين أن يتسللوا ويتخفّوا إذا ملأ الليل بطن كلّ واد إلى ذي طوى .
فلمّا أدى الأمانات قام على الكعبة فنادى بصوت رفيع : يا أيّها الناس ! هل من صاحب أمانة ؟ هل من صاحب وصيّة ؟ هل من عدّة له قبل رسول اللّه ؟ فلمّا لم يأت أحد لحق بالنبيّ ( صلّى اللّه عليه واله )[1].
خرج عليّ ( عليه السّلام ) بالفواطم في وضح النهار - وهنّ : فاطمة الزهراء ( عليها السّلام ) وفاطمة بنت أسد الهاشمية امّه وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب وفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب - وتبعتهم حاضنة النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) وخادمته بركة امّ أيمن ، وابنها أيمن مولى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، وعاد مع الركب مبعوثه ( صلّى اللّه عليه واله ) أبو واقد الليثي ، فجعل يسوق الرواحل ، فأعنف بهم فقال له الإمام عليّ ( عليه السّلام ) :
« إرفق بالنسوة يا أبا واقد ، إنّهن ضعاف » قال : إنّي أخاف أن يدركنا الطلب ، فقال عليّ ( عليه السّلام ) : « أربع عليك ، فإنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قال لي : يا عليّ لن يصلوا من الآن إليك بأمر تكرهه » ، ثم جعل عليّ ( عليه السّلام ) يسوق بهنّ سوقا رقيقا وهو يرتجز ويقول :
وليس إلّا اللّه فارفع ضنّكا * يكفيك ربّ الناس ما أهمّكا
وسار ، فلمّا شارف « ضجنان » أدركه الطلب سبعة فوارس من شجعان قريش متلثّمين وثامنهم مولى الحارث بن أمية يدعى جناحا ، وكان شجاعا مقداما ، فأقبل الإمام عليّ ( عليه السّلام ) على أيمن وأبي واقد وقد تراءى القوم فقال لهما : « أنيخا الإبل وأعقلاها » ، وتقدّم حتى أنزل النّسوة ، ودنا القوم فاستقبلهم عليّ ( عليه السّلام ) منتضيا سيفه ، فأقبلوا عليه وقالوا : ظننت أنّك ناج بالنّسوة ، إرجع لا أبا لك قال : « فإن لم أفعل ؟ » قالوا : لترجعنّ راغما ، أو لنرجعنّ بأكثرك شعرا - أي رأسك - ودنا الفوارس من النّسوة والمطايا ليثوّروها ، فحال عليّ ( عليه السّلام ) بينهم وبينها ، فأهوى له جناح بسيفه فراغ عليّ ( عليه السّلام ) عن ضربته ، وتختله عليّ ( عليه السّلام ) فضربه على عاتقه ، فأسرع السيف مضيا فيه حتى مسّ كاثبة فرسه ، فشدّ عليهم بسيفه فتصدّع القوم عنه ، وقالوا له : إغن عنّا نفسك يا بن أبي طالب قال : « فإنّي منطلق إلى ابن عمّي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فمن سرّه أن أفري لحمه وأهريق دمه فليتبعني » فرجعوا مخذولين منكسرين .
ثم أقبل على صاحبيه أيمن وأبي واقد فقال لهما : « أطلقا مطاياكما » ، ثم سار بالركب ظافرا قاهرا حتى نزل « ضجنان » ، فتلوّم بها - أي لبث فيها - قدر يومه وليلته ولحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين ، وكانوا يصلّون ليلتهم ويذكرون اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبهم ، فلم يزالوا كذلك حتى طلع الفجر فصلّى الإمام عليّ ( عليه السّلام ) بهم صلاة الفجر ، ثم سار لوجهه حتى قدموا « قبا » القريبة من المدينة ، والتحقوا برسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) حيث كان ينتظرهم بها[2].
ونزل الوحي على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) بما كان في شأنهم قبل وصولهم ، بآيات من القرآن المجيد هي : {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ...} [آل عمران: 191] .
ومكث النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) خمسة عشر يوما ب « قبا » في انتظار قدوم الوفد ، وفي تلك الفترة أسّس مسجد « قبا » ، ونزلت فيه آيات بيّنات قال تعالى :
لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ كما أنّ النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) حثّ على الصلاة فيه وإحيائه وذكر الأجر الكبير لمن صلّى فيه .
وبعد استراحة الركب سار ( صلّى اللّه عليه واله ) بمن معه من أصحابه وأهله متوجها إلى يثرب واستقبلته الجماهير المسلمة بالأشعار والأهازيج وشعارات الترحيب ، واستقبله سادات يثرب وزعماء الأوس والخزرج مرحّبين بقدومه باذلين كلّ ما وسعهم من امكانات مالية وعسكرية ، وكان عندما يمرّ على حيّ من أحيائهم يتقدّم الأشراف ليأخذوا بخطام الناقة رجاء أن ينزل في حيّهم حيث الضيافة والمنعة ، فكان ( صلّى اللّه عليه واله ) يدعو لهم بالخير ويقول : « دعوا الناقة تسير فإنّها مأمورة » .
ثم بركت في رحبة من الأرض بجوار دار أبي أيوب الأنصاري ، فنزل ( صلّى اللّه عليه واله ) ونزلت السيّدة الطاهرة فاطمة الزهراء ( عليها السّلام ) مع الفواطم ودخلن على امّ خالد[3] ، وبقيت السيّدة فاطمة ( عليها السّلام ) مع أبيها ( صلّى اللّه عليه واله ) زهاء سبعة أشهر حتى تمّ بناء المسجد ودار رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وبيته المتواضع المؤلف من عدّة حجرات بعضها بالأحجار ، والبعض الآخر من جريد النخل ، أمّا ارتفاع الحجرات فقد وصفه الإمام الحسن ( عليه السّلام ) سبط رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فيما جاء عنه أنّه قال : « كنت أدخل بيوت النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) وأنا غلام مراهق فأنال السقف بيدي » .
أمّا الأثاث الذي هيّأه النبيّ لبيته الجديد فهو في منتهى البساطة والخشونة والتواضع ، وأعدّ لنفسه فيه سريرا مؤلّفا من أخشاب مشدودة بالليف ، واستقرّت الزهراء في دار هجرتها وفي بيت أبيها ، ذلك البيت البسيط المتواضع في دار الإسلام ، لتنعم بعنايته وحبّه ورعايته ، تلك العناية والرعاية والحبّ الذي لم يحظ بمثله امرأة ولا أحد من الناس سواها .
إلى هذا البيت المتواضع جاءت فاطمة بنت محمّد ( صلّى اللّه عليه واله ) مهاجرة من مكة لترى أباها بين أنصاره في يثرب يفدونه بالأنفس ومعه المهاجرون ، وقد اطمأن بهم المقام مع إخوانهم ممن أسلم من الأوس والخزرج ، وانصرفوا مع النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) إلى الدعوة للإسلام والتخطيط لغد أفضل ، وقد آخى النبيّ بينهم وبين مسلمي المدينة ليذهب عنهم وحشة الاغتراب ويشدّ بعضهم إلى بعض بتلك الاخوة التي تجمعهم على صعيد واحد ، وهو الإيمان بإله واحد لا شريك له ، وترك عليّا لنفسه فأخذ بيده ومعه حشد من المهاجرين والأنصار ، وقال :
« هذا أخي ووصيّي ووارثي من بعدي »[4] ولم يمض وقت طويل على تلك المؤاخاة التي فاز بها عليّ ( عليه السّلام ) حتى أصبح صهرا للنبيّ وزوجا لأحبّ بناته إليه وأعزّهنّ على قلبه وروحه .
وبعد ما استقر رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في المدينة تزوّج « سودة » وهي أول من تزوّجها بعد السيّدة خديجة ( ر ض ) ثم تزوّج « امّ سلمة بنت أبي أمية » وفوّض أمر ابنته الزهراء إليها .
قالت امّ سلمة : تزوّجني رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وفوّض أمر ابنته فاطمة ( عليها السّلام ) إليّ ، فكنت أؤدّبها وأدلّها ، وكانت واللّه أأدب منّي وأعرف بالأشياء كلّها[5].
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|