أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-11-2015
4003
التاريخ: 11-5-2017
3416
التاريخ: 28-6-2017
3351
التاريخ: 2-4-2022
1774
|
لما أيقن النبيّ (صلى الله عليه واله) بقرب انتقاله إلى دار القدس رأى لزاما عليه أن يحجّ البيت الحرام ويضع الخطوط السليمة لنجاة امّته من الفتن وتطوير حياتها وسيادتها على بقيّة الامم وإنّ أضمن مكان لذلك هو البيت الحرام فحجّ لهذا الغرض حجّته الأخيرة الشهيرة بحجّة الوداع وذلك في السنة العاشرة من الهجرة. وأعلن بين الوافدين للحجّ أنّ التقاءه بهم في عامهم هذا هو آخر عهدهم به قائلا : إنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا .
وفزع الحجّاج وذهلوا فقد طاقت بهم موجات من الهموم وراحوا يقولون : النبيّ ينعي نفسه ومضى النبيّ يضع المناهج السليمة التي تضمن سعادتهم في الدارين قائلا : أيّها النّاس! إنّي تركت فيكم الثّقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي , التمسّك بكتاب الله والعمل بما فيه والولاء للعترة الطاهرة والأخذ بما أثر عنهم هما الضمان لنجاة هذه الامّة وسلامتها من الزيغ والانحراف.
ولمّا أنهى النبيّ (صلى الله عليه واله) مراسيم الحجّ وقف عند بئر زمزم وأمر ربيعة بن خلف فوقف تحت راحلته وأمره أن يبلّغ الحجّاج ما يقوله فقال : يا ربيعة قل : أيّها النّاس إنّ رسول الله يقول لكم : لعلّكم لا تلقوني على مثل حالي هذه أتدرون أيّ بلد هذا؟
أتدرون أيّ شهر هذا؟
أتدرون أيّ يوم هذا؟ فهتفوا جميعا : نعم هذا البلد الحرام والشهر الحرام واليوم الحرام .
وأخذ النبيّ (صلى الله عليه واله) يتلو عليهم المبادئ الكريمة والمثل القيّمة قائلا : إنّ الله حرّم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة بلدكم هذا وكحرمة شهركم هذا وكحرمة يومكم هذا , ألا هل بلّغت؟ فأجابوا جميعا : نعم ؛ ثمّ أخذ النبيّ (صلى الله عليه واله) يعرض على الحجّاج الأحكام التي يلزمون برعايتها وتنفيذها قائلا : اللهمّ اشهد واتّقوا الله ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين فمن كان عنده أمانة فليؤدّها , النّاس في الإسلام سواء طفّ الصّاع لآدم وحوّاء لا فضل لعربيّ على أعجميّ ولا لأعجميّ على عربيّ إلاّ بتقوى الله ؛ ألا هل بلّغت؟ .
وانبروا جميعا قائلين : نعم .
وأخذ النبيّ (صلى الله عليه واله) يتلو عليهم معالم دينه القويم قائلا : اللهمّ اشهد لا تأتوني بأنسابكم واتوني بأعمالكم فأقول للنّاس : هكذا ولكم هكذا ألا هل بلّغت؟ .
قال : نعم ؛ ثمّ واصل الرسول (صلى الله عليه واله) بيان الأحكام التي يجب الأخذ بها قائلا : اللهمّ اشهد كلّ دم كان في الجاهليّة موضوع تحت قدمي وأوّل دم أضعه دم آدم بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب ألا هل بلّغت؟.
قال : نعم ؛ فقال (صلى الله عليه واله) : اللهمّ اشهد وكلّ ربا كان في الجاهليّة موضوع تحت قدمي وأوّل ربا أضعه ربا العبّاس بن عبد المطّلب ألا هل بلّغت؟ .
قالوا : نعم .
فقال :اللهمّ اشهد , أيّها النّاس إنّما النسئ زيادة في الكفر يضلّ به الّذين كفروا يحلّونه عاما ويحرّمونه عاما ليواطئوا عدّة ما حرّم الله.
أوصيكم بالنّساء خيرا فإنّما هنّ عوار عندكم لا يملكن لأنفسهنّ شيئا وإنّما أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكتاب الله ولكم عليهنّ حقّ ولهنّ عليكم حقّ : كسوتهنّ ورزقهنّ بالمعروف ولكم عليهنّ أن لا يوطئن فراشكم أحدا ولا يأذنّ في بيوتكم إلاّ بعلمكم وإذنكم ألا هل بلّغت؟ .
قالوا : نعم ...
قال : اللهمّ اشهد فأوصيكم بمن ملكت أيمانكم فأطعموهم ممّا تأكلون ألا هل بلّغت؟.
قالوا : نعم .
قال : اللهمّ اشهد , إنّ المسلم أخو المسلم لا يغشّه ولا يخونه ولا يغتابه ولا يحلّ له دمه ولا شيء من ماله إلاّ بطيب منه ألا هل بلّغت؟.
قالوا : نعم , ويستمرّ النبيّ (صلى الله عليه واله) في تأسيس المناهج التربوية والأخلاقية والاجتماعية وما يسعد به الإنسان في دنياه وآخرته ثمّ يختتم خطابه الرائع بقوله : لا ترجعوا بعدي كفّارا مضلّلين يملك بعضكم رقاب بعض إنّي خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ألا هل بلّغت؟ .
قالوا : نعم .
قال : اللهمّ اشهد , إنّكم مسئولون فليبلّغ الشّاهد منكم الغائب .
وانتهى هذا الخطاب الحافل بجميع القيم الاجتماعية والسياسية التي تسمو بها امّته وتتحقّق لها السيادة على شعوب العالم وامم الأرض , وقد ختم الرسول (صلى الله عليه واله) بأهمّ وصيّة له وهي لزوم التمسّك بكتاب الله العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والتمسّك بالعترة الطاهرة لتكون لها القيادة العامّة لامّته على مسرح حياتها السياسية والاجتماعية .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|