أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-3-2018
698
التاريخ: 22-3-2018
1511
التاريخ: 23-10-2014
1037
التاريخ: 21-3-2018
3001
|
لو وقفنا قليلا عند ما يسمى بـ «تطور المادة» و فكرنا في امكان هذا التطور من طريق المصادفة لوجدنا ان المصادفة كسبب لخلق و ايجاد الكائنات الحية و سائر الموجودات لا يمكن للعقل ان يقبلها او يبني واقعا عليها.
ويقول عالم الطبيعة الدكتور نوبلوتشي:
«لا استطيع ان اتصور ان المصادفة وحدها تستطيع ان تفسر لنا ظهور الالكترونات و البروتونات الاولى او الذرّات الاولى او الاحماض الأمينية الاولى او البروتوبلازم الاول او البذرة الاولى او العقل الاول. انني اعتقد في وجود اللّه لان وجوده القدسي هو التفسير المنطقي الوحيد لكل ما يحيط بنا من ظواهر هذا الكون».
ولقد تقدمت دراسة نظرية المصادفة و الاحتمال من الوجهة الرياضية تقدما كبيرا حتى اصبحنا قادرين على التنبؤ بحدوث بعض الظواهر التي نقول انها تحدث بالمصادفة، و التي لا نستطيع ان نفسر ظهورها بطريقة اخرى، و قد صرنا بفضل تقدم هذه الدراسات قادرين على التمييز بين ما يمكن ان يحدث بطريق المصادفة و ما يستحيل حدوثه بهذه الطريقة، و لننظر الآن الى الدور الذي تستطيع ان تلعبه المصادفة في نشأة الحياة:
ان البروتينات من المركبات الاساسية في جميع الخلايا الحية، و هي تتكون من خمسة عناصر هي: الكاربون، و الهيدروجين، و النيتروجين، و الاوكسجين، و الكبريت و يبلغ عدد الذرات في الجزيء البروتيني الواحد 40 الف ذرة، و لما كان عدد العناصر الكيمياوية في الطبيعة قد تجاوز المائة و هي موزعة توزيعا عشوائيا فان احتمال اجتماع هذه العناصر الخمسة لكي تكوّن جزئيا واحدا من جزئيات البروتين يمكن حسابه لمعرفة كمية المادة التي ينبغي ان تخلط خلطا مستمرا لكي تؤلف هذا الجزيء، ثم لمعرفة طول الفترة الزمنية اللازمة لكي يحدث هذا الاجتماع بين ذرات الجزيء الواحد ..
وقد قام العالم الرياضي السويسري «تشالزيوجين» بحساب هذه العوامل جميعا فوجد ان الفرصة لا تتهيأ عن طريق المصادفة لتكوين جزئي بروتيني واحد الا بنسبة «1» الى رقم «10» مضروبا في نفسه «160» مرة، و هو رقم لا يمكن النطق به او التعبير عنه بكلمات. و ينبغي ان تكون كمية المادة التي تلزم لحدوث هذا التفاعل بالمصادفة بحيث ينتج جزئي واحد اكثر مما يتسع له كل هذا الكون بملايين المرات، و يتطلب تكوين هذا الجزيء على سطح الارض وحدها عن طريق المصادفة بلايين لا تحصى من السنوات قدرها العالم السويسري المار الذكر بأنها «10» مضروبة في نفسها «243» مرة من السنين.
و لو تنزلنا عن ذلك كله الى جزئي «الهيموغلوبين» الذي يلون الدم باللون الاحمر- و هو ما اعتبره العلماء من ابسط انواع البروتينات تركيبا- لوجدناه يحتوي على ما يزيد عن «600» ذرة كاربون متحدة بما لا يقل عن مائة ذرة هيدروجين و ما يزيد عن مائتي ذرة نيتروجين و مثلها من الاوكسجين و يحتوي جسم الانسان على «25» تريليون كرة دموية؛ اي الرقم «25» و الى يمينه «18» صفرا.
ويقول عالم الكيمياء الدكتور بوهلر: عند ما يطبق الانسان قوانين المصادفة لمعرفة مدى احتمال حدوث ظاهرة من الظواهر في الطبيعة مثل تكون جزئي واحد من جزئيات البروتين من العناصر التي تدخل في تركيبه، فإننا نجد ان عمر الارض الذي يقدر بما يقرب من ثلاثة بلايين من السنين او اكثر لا يعتبر زمنا كافيا لحدوث هذه الظاهرة و تكوين هذا الجزيء عن طريق المصادفة.
ومع ذلك كله فان البروتينات ليست في واقعها سوى مواد كيماوية عديمة الحياة، و لا تدب فيها الحياة الا عند ما يحل فيها ذلك السر العجيب الذي لا نعلم كنهه ابدا.
ان المواد الاساسية التي تدخل في بناء المواد العضوية هي الهيدروجين و الاوكسجين و الكربون مع كميات قليلة من النيتروجين و العناصر الاخرى. و لا بد ان تجتمع ملايين من هذه الذرات حتى تتكون ابسط الكائنات الحية. فاذا نظرنا الى الانواع الاخرى التي هي اكبر حجما و اشد تعقيدا فان احتمال تآلف ذراتها على اساس المصادفة المحض يقل الى درجة لا يتصورها العقل بل يرفض الاقرار بها و بتفسير وجود كل شيء بموجبها.
وتوضيحا لذلك يقول الاستاذ. كريسي موريسون رئيس اكاديمية العلوم بنيويورك: «لنفرض ان معك كيسا يحوي مائة قطعة رخام تسع و تسعون منها سوداء و واحدة بيضاء، و الآن هز الكيس و خذ منه واحدة ان فرصة سحب القطعة البيضاء هي بنسبة واحد الى مائة، و الآن أعد قطع الرخام الى الكيس و ابدأ من جديد: ان فرصة سحب القطعة البيضاء لا تزال بنسبة واحد الى مائة، غير ان فرصة سحب القطعة البيضاء مرتين متواليتين هي بنسبة واحد الى عشرة آلاف
والآن جرب مرة ثالثة: ان فرصة سحب تلك القطعة البيضاء ثلاث مرات متوالية هي بنسبة مائة مرة إلى عشرة آلاف اي بنسبة واحد في المليون.
ثم جرب مرة اخرى او مرتين تصبح الارقام فلكية.
ان قصدي من هذه المعالجة للصدفة هو ان أبين للقاريء بطريقة علمية واضحة تلك الحدود الضيقة التي يمكن للحياة بينها ان توجد على الارض، و ان اثبت بالبرهان الواقعي ان جميع مقومات الحياة الحقيقية ما كان يمكن ان توجد على كوكب واحد في وقت واحد بمجرد الصدفة».
اننا اذا نظرنا- بإمعان- الى العالم المادي، من الذرات المتناهية في الصغر الى المجرات المتناهية في العظم، وجدنا كل شيء يجري بقوانين و بحساب و انضباط.
حتى الالكترون لا ينتقل من مدار الى مدار في فلك النواة الا اذا اعطى او اخذ حزما من الطاقة تساوي مقادير انتقاله و كأنه مسافر لا يستطيع ان يستقل واسطة لسفره الا اذا دفع ثمن التذكرة.
وميلاد النجوم و موتها له قوانين و اسباب.
وحركة الكواكب في دولاب الجاذبية لها معادلة.
وتحول المادة الى طاقة و تحول جسم الشمس الى نور له معادلة.
وانتقال النور له سرعة معينة.
وكل موجة لها طول و لها ذبذبة و لها سرعة.
كما ان كل معدن له طيف و له خطوط امتصاص مميزة يعرف بها في جهاز المطياف.
وكل معدن يتمدد بمقدار و يتقلص بمقدار، بالحرارة و البرودة.
وكل معدن له كتلة و كثافة و وزن ذري و وزن جزئي و ثوابت و خواص.
واينشتين اثبت لنا ان هناك علاقة بين كتلة الجسم و سرعته، و بين الزمن و نظام الحركة داخل مجموعة متحركة، و بين الزمان و المكان.
كما ان الكهرباء تتولد بقوانين.
والزلازل التي تبدو انواعا من الفوضى لها هي الاخرى نظام و احزمة و خطوط تحدث فيها.
وبذلك يصبح الكون كله و كأنه جدول من القوانين المنضبطة الصريحة التي لا غش فيها و لا خداع.
ان حجم الكرة الارضية و بعدها عن الشمس، و درجة حرارة الشمس و اشعتها الباعثة للحياة، و سمك قشرة الارض، و كمية الماء، و مقدار ثاني اوكسيد الكاربون، و حجم النتروجين، و ظهور الانسان و بقاءه على قيد الحياة، كل أولاء تدل على خروج النظام من الفوضى، و على التصميم و القصد. كما تدل على انه طبقا للقوانين الحسابية الصارمة ما كان يمكن حدوث كل ذلك مصادفة في وقت واحد على كوكب واحد مرة في بليون مرة.
وضرب الماديون القائلون بالصدفة مثلا لادعائهم فقالوا:
«لو ان صندوقا من الحروف الابجدية اعيد تنضيده مئات المرات و ألوف المرات و ملايين المرات على امتداد الزمان الذي لا تحصره السنون و لا القرون، فلا مانع- حينئذ- ان تسفر هذه التنضيدات في مرة من المرات عن قصيدة من الشعر المنظوم، و لا عمل في اتفاق حروفها على هذه الصورة لغير المصادفة الواحدة التي تعرض بين ملايين الملايين من المصادفات، و هكذا الكون المادي في اضطرابه المتشتت الذي تعرض له جميع المصادفات الممكنة في العقول، فلا مانع في العقل- حسب زعمهم- ان تسفر مصادفة منها عن نظام كهذا النظام و تكوين كهذا التكوين في عالم الجماد او في عالم الحياة».
ولمناقشة قولهم هذا نرجع الى المثل الذي ضربوه لنجد فيه الفروض التالية:
1- وجود الحروف المتناسبة التي يمكن ان يتكون منها الشعر، بحيث لا ينقص منها حرف واحد و لا يزيد.
2- وجود قوة تتولى التنسيق و التنضيد.
3- استمرار تلك القوة على التنضيد من دون توقف في الاثناء.
4- وجود فهم كامل لدى تلك القوة يوقف حركة تنضيد الحروف عند الانتهاء الى قصيدة الشعر.
و في كل واحد من هذه الفروض الاربعة مناقشة بل دليل على فساد هذا الادعاء.
اما في (الاول) فنتساءل: كيف وجدت الحروف المشار إليها لنقوم بتنضيدها؟ و كيف تقسمت المادة الى اجزاء متنوعة ينتج من اجتماعها مثل هذه النتيجة؟ ثم كيف كان لهذا التنويع قابلية الاتحاد على وجه مفهوم؟!.
واما في (الثاني) فنتساءل كذلك: و على فرض وجود قوة تتولى التنسيق و تقوم بمهام التنضيد؟ هل يصح عقلا ان تكون الحروف نفسها مصدر هذه القوة بحيث تحرك نفسها بنفسها؟
واما في (الثالث) فنتساءل كذلك: و على فرض وجود قوة بين الحروف كيف تستمر هذه القوة في التنضيد على كل الاحتمالات و لا تقف في الاثناء؟ و هل لديها الادراك المطلوب الذي يدفعها الى الاستمرار احساسا بضرورته؟!.
واما في (الرابع) فلا بد لنا من التساؤل أيضا: كيف نفرض ان الوصول في التنضيد الى حين حصول القصيدة يستلزم الوقوف عندها؟ و لما ذا لا تستمر القوة في التنضيد بعد الوصول الى قصيدة الشعر ليسرع إليها الخلل و تعم فيها الفوضى قبل ان تنتظم ثانية و ثالثة و رابعة؟ و ما هي القوة التي امسكت بلجام هذه الحركة عند هذا الحد من تنضيدها المستمر؟!.
{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ } [فاطر: 41].
ان هذه المناقشة تدلنا بوضوح على ان ما فرض اساسا لهذه الشبهة لا يسنده منطق و لا يعترف بصحته عقل، و ان جميع هذه الفروض التي فرضوها ترجع بالنتيجة الى الدلالة على ضرورة وجود قوة ازلية خالدة عاقلة هي التي اوجدت الكون و اوجدت القوى المنساقة لشئونه بلا اي فوضى او اضطراب او صدفة.
ولتوضيح فساد الصدفة نقول:
ان ظهور الحياة في المادة الصماء يلزم العقل بالأخذ بأحد شيئين لا ثالث لهما:
1- فإما ان تكون الحياة خاصة من خواص المادة ملازمة لها فلا تحتاج الى خالق مريد.
2- او انها من صنع خالق مدبر مريد.
فاذا قلنا بكونها خاصة من خواص المادة لزمنا القول بأن المادة أزلية أبدية لا تحد بأول و لا آخر، و انها موجودة منذ الازل بكل خصائصها، و ان خصائصها ملازمة لها سواء كانت في هذا المكان من الكون او ذلك المكان.
واذن، فلا معنى لظهور الحياة في كوكب دون كوكب و في زمان دون زمان، و لا معنى لبقاء خصائص الحياة كلها بلا عمل ولا اثر ملايين الملايين من السنين، ثم تظهر بعد ذلك في زمان يحسب تاريخه بآلاف او مئات من الالوف و لما ذا تأجل ظهور الحياة كل هذا الزمان الذي لا يمكن حده و حصره مع وجود كل الخصائص منذ الازل؟!
واذا كانت الحياة أزلية لأنها من خواص المادة الازلية- حسب الفرض- فلما ذا جاءت صدفة ثم دامت؟ و اين كانت في تلك الآماد البعيدة حتى تظهر صدفة و بلا اي قصد إليها و إرادة لها؟.
وعلى هذا فلا بد لنا من الانتهاء الى الاخذ بالأمر الثاني، و هو ان ظهور الحياة في المادة الصماء كان من صنع خالق ازلي مريد يعلم ما اراد، و اختار له الزمان الذي يريده و المكان الذي يريد، فأوجد هذا الكون و ما فيه في الوقت الذي اختاره و الموضع الذي شاءت حكمته تعيينه وانتقاءه.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جامعة كربلاء: مشاريع العتبة العباسية الزراعية أصبحت مشاريع يحتذى بها
|
|
|