أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-4-2021
5145
التاريخ: 12-1-2022
1577
التاريخ: 30-11-2021
2996
التاريخ: 2024-07-20
460
|
قد يلجا أطراف العلاقة القانونية إلى التحايل على القانون وعقد الاختصاص بحكم هذه العلاقة لقانون وطني معين هربا من الخضوع لأحكام قانون وطني آخر ظنا منهم أن القانون الأول سيرعى مصالحهم ويخدمها بصورة أفضل من الثاني، وهذا يدفعهم إلى تعمد التغيير في عناصر العلاقة القانونية التي يتحدد بناء عليها ضابط الإسناد كان يرحل المتعاقدان إلى دولة أجنبية لإبرام عقدهم فيها، وبالتالي الخضوع القانون بلد الإبرام (قانون الدولة الأجنبية ( في وقت تكون عناصر العلاقة كلها وطنية وكان القانون الواجب التطبيق هو القانون الوطني.
وبخصوص تحديد المقصود بالدفع بالغش نحو القانون فقد تعددت التعريفات الفقهية له، فعرفه البعض بأنه دفع ثان يتم التمسك به في مواجهة الأشخاص لاستبعاد القانون الأجنبي الذي عمدوا إلى إخضاع تصرفاتهم إليه بخلقهم ظروف خاصة تسمح بإسنادها إليه بدلا من القانون الوطني الواجب التطبيق أصلا والعمل بأحكام هذا القانون في النهاية"(1).
ولكن رأى البعض أن الدفع بالغش نحو القانون يمكن تعريفه بأنه "الاستخدام الإرادي القاعدة التنازع بغرض التهرب من الأحكام والقواعد الآمرة للقانون الوطني الواجب التطبيق (2) .
ولنا على التعريفين الواردين عدة ملاحظات استخلصناها ونلخصها في النقاط الآتية: أولا: أن الدفع بالغش نحو القانون وسيلة لمواجهة غش الأطراف وتحايلهم عندما
يكشفه القاضي، ويتضح له بجلاء في العلاقة الدولية الخاصة المعروضة أمامه أن أطراف هذه العلاقة قد استطاعوا الوصول إلى القانون الذي أرادوه ليحكم عقدهم بطريق التحايل، وأنهم قاموا بالتغيير في عناصر العلاقة والذي يترتب عليه تغيير في ضابط الإسناد الذي يحدد القانون الواجب التطبيق اعتقادا منهم بأن هذا القانون هو الأكثر رعاية والأجدر بحماية مصالحهم الخاصة وخدمة العلاقتهم القانونية.
ثانيا: لم يشترط أي من التعريفين أن تكون وسيلة الأطراف في تغير ضابط الإسناد غير مشروعة، ومن ثم فإنه سواء أكانت وسيلتهم مشروعة أم غير مشروعة فذلك غير ذي بال عند الدفع بالغش نحو القانون لاستبعاد القانون الأجنبي.
ثالثا : أن الدفع بالغش نحو القانون هدفه تصحيح مسار خاطئ بمعنى أنه وسيلة القانون أجنبي غير مختص أصلا بحكم النزاع.
رابعا: أن الدفع بالغش نحو القانون يزيل الستار عن صراع بين المصلحة العامة التي تسعى إليها قاعدة الإسناد بإسناد الاختصاص للقانون الأولى بالتطبيق والأكثر صلة بالعقد والأكثر عدالة وحسمة للنزاع، وبين المصلحة الخاصة التي يبغيها أطراف العلاقة من السعي لتطبيق قانون يرونه أكثر رعاية المصالحهم الخاصة وتحقيقا لأهدافهم الشخصية.
خامسا: أنه لم يتم التعرض في أي من التعريفين لصاحب السلطة في الكشف والاستخلاص الغش الأطراف وتحايلهم وهو القاضي الوطني، وكذلك صاحب السلطة في الاستبعاد للقانون الأجنبي بعد اكتشاف هذا التحايل والغش.
أوجه الاتفاق بين الدفع بالنظام العام والدفع بالغش نحو القانون:
يتلاقي الدفع بالنظام العام والدفع بالغش نحو القانون في عدة نقاط أبرزها:
1- يتفق الدفعان في أن كل منهما وسيلتان فنيتان لإقصاء القانون الواجب التطبيق.
2- أن كل منهما ليس وسيلة فنية عادية بل وسيلة استثنائية لاستبعاد القانون الواجب التطبيق الذي أشارت إليه قاعد الإسناد، وأن القاضي لا يمكنه اللجوء إليهما ابتداء بل كعلاج احتياطي أخير يواجه به القانون الأجنبي.
3- يهدف كلا الدفعين إلى تحقيق هدف مشترك يتبلور في درء المساس بالأسس التي يقوم عليها مجتمع دولة القاضي، ويتمتع القاضي في كل منهما بسلطة تقديرية واسعة في وزن وتحر وتقدير مدى توافر شروط تطبيق كلا منهما(3) .
الفروق الجوهرية بين الدفع بالنظام العام والدفع بالغش نحو القانون وهناك مجموعة من الفروق الجوهرية التي تفصل الدفعين عن بعضهما وتضفي على كل منهما طابعا مميزا عن الآخر نسردها في الآتي (4):
أ- من ناحية أساس كل منهما:
نجد أن الدفع بالغش نحو القانون يقوم على أساس الوسيلة التي اتبعها الأطراف للوصول إلى القانون الواجب التطبيق وهي التلاعب بقاعدة التنازع الوطنية والانحراف بها عن هدفها المنشود، أما الدفع بالنظام العام فأساسه مضمون القانون الواجب التطبيق والذي يتعارض مع مبادئ وأسس المجتمع العليا لدولة القاضي
ب- من ناحية ظروف التمسك به:
للحظ أن الدفع بالغش نحو القانون يتم التمسك به سواء أتم التحايل نحو قانون القاضي أم نحو قانون دولة أجنبية مختص طبقا لقاعدة التنازع، أما الدفع بالنظام العام فلا يتم التمسك به إلا في مواجهة القانون الأجنبي المتعارض مع النظام العام في دولة القاضي.
ج - من ناحية وقت الدفع به
يتبدى لنا أن الدفع بالغش نحو القانون عادة ما يتم التمسك والدفع به في مرحلة نفاذ الحق أو المركز القانوني والاحتجاج به، مما يترتب عليه عدم جواز الادعاء باحترام حق مكتسب حيث يقضي ببطلان كل ما تم بناء على الغش، أما الدفع بالنظام العام فيكون الدفع به في الغالب في مرحلة إنشاء الحق أو المركز القانوني في دولة القاضي، فإذا كان الحق قد نشأ في الخارج فإنه يفلت من الدفع بالنظام العام دون الدفع بالغش أو التحايل.
د - من ناحية الأثر المترتب عليه:
يترتب على الدفع بالغش استبعاد القانون الذي تم التحايل لصالحه وحماية القانون الواجب التطبيق في الأصل، أما الدفع بالنظام العام فالعكس يترتب عليه استبعاد القانون الواجب التطبيق أصلا والمخالف للنظام العام في دولة القاضي وتطبيق قانون دولة القاضي.
_______________
1- د. جابر جاد عبد الرحمن: القانون الدولي الخاص العربى، طبعة معهد الدراسات العربية، الجزء الثالث، دون سنة نشر القاهرة ، ص 574
2- . عصام الدين القصبی: القانون الدولي الخاص المصرى، دار النسر الذهبي للطباعة القاهرة 2001/2002 ، ص 785 وما بعدها .
3- د. أحمد عبد الكريم سلامة: القانون الدولي الخاص، الجنسية والموطن ومعاملة الأجانب والتنازع الدولي للقوانين والمرافعات المدنية الدولية)، 2000/2001م، دار النهضة العربية القاهرة، ص 765.
4- د. أحمد عبد الكريم سلامة: القانون الدولي الخاص، الجنسية والموطن ومعاملة الأجانب والتنازع الدولي للقوانين والمرافعات المدنية الدولية)، 2000/2001م ، ص 757.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|