أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-12-2021
1158
التاريخ: 9-5-2022
1364
التاريخ: 10-1-2021
2075
التاريخ: 1-1-2022
1499
|
بعض تعريفات الجغرافيا السياسية
وقد اقتربت بعض التعريفات من وصف الجغرافيا السياسية بانها العلم الذي يعرف المقومات الجغرافية للدولة. ومن هذا المنطلق وجدنا أن دراسة الجغرافية السياسية على هذا النحو ربما تجعلها قريبة الشبه جدا بالجغرافيا الإقليمية ولكن في إطار الحدود السياسية للدولة، مع تفسير القيمة السياسية من منظور المعطيات الجغرافية.
ولجات تعريفات اخرى إلى النظر إلى الجغرافيا السياسية من واقع مفهوم اقتصادي، حيت يترك النشاط الاقتصادي للسكان أثرا واضحا في القيمة الفعلية للدولة، وهذا المفهوم يميل الى تحليل قيمة الدولة من واقع ما لديها من موارد طبيعية واقتصادية. وما لدى السكان من موارد في الانتاج وحتى موارد بشرية، قادرة على بناء صرح اقتصادي رصين، يرفع من القيمة الفعلية للدولة, على غرار الدول التي اكتسبت مكانتها السياسية من خلال النشاط الاقتصادي كاليابان، والمانيا.
ويرى البعض الآخر الجغرافيا السياسية من منظور عسكري استراتيجي، فيدرسون الأماكن ذات القيمة الاستراتيجية في العالم. ويدرسون مناطق القوة ومناطق الضعف فيها، من خلال نصيب هذه الدولة من موقع متميز أو ممرات برية أو بحرية، أو من خلال علاقة الجوار المتميزة للدولة مع جيرانها عن طريق استخدام المعابر الرئيسة وطرق الاتصالات والإمدادات والتموين، وكذلك نصيب الدولة من الموانئ الهامة على البحار المفتوحة، وقدرة هذه الدولة على الحركة والتأثير السياسي من خلال العوامل العسكرية والاستراتيجية التي ربما تكون متميزة بها بشكل كبير.
كما عالج البعض الجغرافيا السياسية من خلال مفردات أو معطيات الجغرافيا الإقليمية أو الاقتصادية، ولكن من خلال التيارات الفكرية والعقائدية التي يمكن للدولة أن تغذي بها السكان، وتستطيع بموجبها التأثير على المجتمع الدولي ومن خلال استغلال هذه التيارات الفكرية أو المذهبية (الأيديولوجية) فى
كسب اهتمام العالم وجلب نظر الجماعة الدولية لما لهذا الفكر من تأثير أو قدرة على التغيير من بنية العالم الاجتماعية أو الاقتصادية.
وبناء على التعريف السابق يكون تفسير الجغرافيا السياسية هو من واقع ما لدي هذه الدولة من دور سياسي يمكن أن تقوم به في المنطقة التي تحيط بها - ويكون هنا دورا محليا - أو بمقدار ما لدى الدولة من قدرة على التأثير في المحيط العالمي - دور دولي - وهكذا وبقدر إمكانيات كل دولة واسهاماتها تكون قدرة هذه الدولة على التأثير، ويكون الدور الذي تقوم به صغيرا كان أم كبيرا.
وبذلك تكون الجغرافية السياسية مختلفة عن الجغرافيا الإقليمية في المفهوم الشائع، وهو دراسة الموقع والسطح ومعطيات الجغرافيا الأخرى في اقليم ما، ويكون تعريفها مخالفا للجغرافيا الاجتماعية وأحيانا يقولون الجغرافيا البشرية العامة، أي جغرافية الإنسان ونشاطه على سطح الأرض.
وإذا التزمنا بالتقسيم المبدئي العام للجغرافيا الى فرعين رئيسيين الأول هو الجغرافيا الطبيعية، ويشمل اهتمامات دراسية مثل المناخ والسطح والبيئة والتضاريس والنبات والتربة وغير ذلك. والثاني وهو الجغرافيا البشرية ويضم اهتمامات ودراسات تشمل الجغرافيا الاقتصادية والسياسية وجغرافية العمران والاستقرار والمدن وغير ذلك. وفروعا ثانوية كثيرة مثل جغرافية النقل والمواصلات والطاقة والصناعة والمعادن, وإذا اتبعنا هذا التقسيم سوف نلاحظ أن الجغرافيا السياسية تقع ضمن مجموعة الجغرافيا البشرية.
والجغرافيا السياسية لا تختلف عن بقية فروع الجغرافيا في اهتمامها من حيث المبدأ بالعلاقة بين الانسان وبيئته الطبيعية بمقدار ما يتأثر الانسان بالبيئة الطبيعية، ومقدار قدرته على التأثير فيها وتغييرها أو التلائم معها. ولو طبقنا هذا القول على الجغرافيا السياسية فإن مفهومه عندئذ سوف يكون العلاقة بين الأمان والبيئة فيما يكون لهذه البيئة الطبيعية من تأثير على قيمة الدولة السياسية وعلى النشاط الاقتصادي الاجتماعي الذي يؤثر ايضا في المكانة الاقتصادية والسياسية للدولة، ومقدار ما يستفيده الانسان من مزايا المعطيات
الجغرافية كالموقع الاستراتيجي والثروة المعدنية والطاقة، والقدرة على التأثير السياسي محليا وعالما.
كذلك إذا كان المفهوم العام للجغرافيا هو دراسة العلاقة بين الانسان والبيئة في اقليم معين. فان الجغرافيا السياسية هي دراسة هذه العلاقة في حدود اقليم سياسي معين، أو وحدة سياسية معينة.
ويكون معناها الدارسة الجغرافية للوحدات السياسية والاقاليم السياسية وهذا المفهوم مخالف بالطبع لمفهوم الجغرافيا الاقليمية. وكان ذلك سببا في الانتقادات التي وجهت للجغرافيا السياسية. مثل التعريف الشهير لكارل ساور والذي عرف فيه الجغرافيا السياسية والذي أشار فيه إلى العبارة الشهيرة التي ارتبطت باسمه وهى أن: "الجغرافية السياسية هي الطفل غير الشرعي لمجموعة العلوم الجغرافية".
ومهما كان لهذه العبارة من إقلال لمكانه هذا الفرع من فروع الدراسات الجغرافية، فإن الجغرافيا السياسية قد قدمت للجغرافيا بلا شك الكثير من الأفكار والمفكرين، وساهمت في بروع دراسات جديدة ومفيدة في الفكر الجغرافي خلال القرن الماضي، ومازال الكثيرون يتحدثون عن الجغرافيا السياسية وعن أسسها و مشكلاتها ومقتضياتها، وكثيرا ما يشير المحللون إلى ما يسمي بمقتضيات الجغرافيا السياسية الإقليم ما أو لدولة ما، كلما اثيرت مشكلة سياسية هنا أو هناك، أو عندما تريد دولة أن تبرر إجراء اتخذته، أو تعطي شرعية أو تضيف وزنا و تاثيرا لحدث من الأحداث، عندئذ فقط يشار الى مقتضيات الجغرافيا السياسية، ويتحدث عنها السياسيون والحكام، والحكومات والمحللون والمعلقون. ولعله لهذه الأسباب وجب علينا أن نعطى لهذا الفرع من فروع الدراسات الجغرافية حقه من الدراسة والتحليل.
وكان من الطبيعي أن يجذب هذا النوع من الدراسات الجغرافية اهتمام الكثيرين، وبصفة خاصة عند مناقشة مشكلة سياسية معينة. نجد أن فهم الاطار الجغرافي لهذه المشكلة هو من أكثر الأمور أهمية إذ ينبغي فهمها بطريقة
صحيحة وأصبح من الامور الضرورية في التحليل السياسي للمشكلات هو عرض الخلفية العامة للمشكلة، ليس ذلك فحسب ولكن أيضا بدأ الحديث عن أثر الظروف الجغرافية في توجيه الأحداث السياسية في جهات العالم.
ومن هذا المنطلق بدأ كثير من العلماء يبحثون عن الأسس التي يمكن أن تعتمد عليها دراسة الجغرافيا السياسية. وبدا الجغرافيون يبحثون عن نظرية لفكر الجغرافيا السياسية، وبفضل جهود واضافات لجغرافيين مخلصين ظهرت نظريات جديدة للفكر الجغرافي، وأصبح للعلم ضوابطه وفلسفته العامة، سواء على المستوى الإقليمي أو المستوى العالمي.
غير أنه ظهرت في نفس الوقت اتجاهات سلبية، أضرت بعلم الجغرافيا السياسية، وجعلت عملية تقييم هذه الدراسة تحكمها متغيرات كثيرة. بعضها من العوامل المتغيرة التي لا تحكمها قاعدة معينة، والبعض الآخر لأسباب لا هى موضوعية ولا مقنعة لأن تفسيراتها ذاتيه، وليست موضوعية.
1- ومن العوامل التي أضرت بفكر الجغرافيا السياسية ونظريته, فكرة الجيوبوليتيكا وهي اتجاهات تصبغ التحليل السياسي صبغة متميزة واحيانا تتأثر الجيوبوليتيكا بمؤثرات غير موضوعية بالمرة، لأن تحليلاتها تفسر دائما لصالح اتجاهات سياسية معينة، ولا يمكن تفسيرها بطريقة موضوعية، ولذلك يمكن القول بان الجيوبوليتيكا أضرت كثيرا بالجغرافيا السياسية لان تفسيراتها ذاتية، وليست موضوعية.
٢- ومن العوامل الأخرى التي أضرت بالجغرافيا السياسية تطبيق المنهج البيئي في قراءة الأوضاع السياسية والتركيز على المؤثرات البيئية لان حدود الاقاليم الطبيعية حسب أوضاع البيئات المختلفة في العالم تختلف كثيرا عن الحدود السياسية الفعلية، وان حدود الوحدات والكيانات السياسية لا تعترف أساسا باختلاف البيئة أو الحدود البيئية، لأن الدولة الواحدة تضم عددا كبيرا من البيئات، واننا لو تتبعنا حدود البيئات المختلفة وحاولنا توفيق الحدود السياسية تبعا لها فأنها سوف تمزق الدول وتجزئ الأقاليم والكيانات السياسية.
٣- ومن العيوب الأخرى للجغرافيا السياسية اعتماد دراساتها على الأسلوب الوصفي، وهي ليست الوحيدة في ذلك فهناك عدد آخر من فروع الجغرافيا التي تميل الى الوصف، وأفضل منه اعتماد دراسات الجغرافيا السياسية الحديثة على الأسلوب التحليلي.
4- ومن العيوب الأخرى للجغرافيا السياسية أن الجغرافيا السياسية تعتمد على نظم وأحكام وسلوكيات سياسية عامة، إلى جانب اعتماد السياسة على معطيات الجغرافيا الطبيعية والبشرية ولكن تحكمها ايضا متغيرات غير ثابتة مما يفقد نظريات الجغرافيا السياسية مصداقيتها، ومما يؤدي إلى تصور البعض أن الجغرافيا السياسية لا مبرر لها ولا هدف من دراستها او لا طائل من ورائها.
وكان من الطبيعي إذا كان هذا هو المفهوم العام للجغرافيا السياسية، تتبع أثر المعطيات الجغرافية في دولة ما، وما يمكن أن تتركه هذه المعطيات من آثار على كيان الدولة وسلوك أهلها. وقد سمى البعض هذا الوضع بمقتضيات الجغرافيا السياسية لإقليم ما أو لدولة ما, ما تطرحه هذه المقتضيات من تأثر الكيان السياسي للدولة بعدد كبير من المتغيرات بعضها ليست له صفة الثبات.
وقد ادى ذلك إلى عدم مصداقية كثير من أفكار الجغرافيا السياسية. الان نظرياتها تتأثر كثيرا بالأحداث. ونظرا لأن طبيعة الاحداث قد تكون غير عادية فإن كل مشكلة من المشكلات السياسية في العالم لها ظروفها الخاصة، وبالتالي فإن القواعد الجغرافية العامة التي يمكن أن تستند عليها في تفسير مشكلة سياسية معينة لا تكون بالضرورة هي نفس القواعد التي تطبق في معالجة مشكلة أخرى لأن كل مشكلة هي في الواقع فريدة في تفاصيل أحداثها وظروفها.
ومن الأمور التي أخذت على الجغرافيا السياسية أنها تفتقر الى المقارنة في دراساتها. والمعروف أن عنصر المقارنة أساس في الدراسات الجغرافية. وقد بدأ هذا العيب يتلاشى تدريجيا في السنين الأخيرة.
وهناك العديد من الثغرات ودواعي اللبس وعدم الوضوح في تكوين ومفهوم ومجال وهدف الجغرافيا السياسية. وعلى ذلك فقد بات من الضروري إعادة النظر في نظام ومنهج هذا العلم بقصد وضع علامات واضحة تحدد طريقه وتنظم مساره وحركته.
ولعل أول ما يجب أن نبدأ به في إعادة تقييمنا للجغرافيا السياسية وفكرها هو أن ننظر إلى التعريفات المتغيرة للجغرافيا السياسية. فان نحن رجعنا إلى ما ذكره هارتس هورن 1315,0116 في سنة ١٩٣5 من أن الجغرافيا السياسية هي دراسة الدولة كمساحة متغيرة بالنسبة لغيرها من المساحات المتميزة الأخرى , نجده بعد أكثر من عشرين عاما من هذا التعريف يعود(هارتس هورن) نفسه ليعرف الجغرافيا السياسية مرة اخرى في عام ١٩54 بانها العلم الذي يهتم بدراسة التماثل أو التباينات في الشخصية السياسية للمساحات المختلفة، ويجب أن ينظر إليها على أنها أجزاء مترابطة في كل مركب، أقرب ما يكون إلى تماثلات وتباينات عامة. ونجد كذلك أن العشرين سنة التي فصلت بين التعريفين الأول والثاني لم تغير كثيرا في مفهوم او مضمون الجغرافيا في نظر هارتس هورن.
وقد ظل هذا المفهوم للجغرافيا السياسية سائدا حتى وقت قريب، عندما بدأت الدراسات الأصولية والنظرية تلح على ضرورة وجود تفسيرات جديدة للجغرافيا العامة وبالتالي للجغرافيا السياسية.
وظهرت بعض الأفكار المعاصرة التي اجتهدت في تفسير مفهوم الجغرافيا السياسية بعد ذلك، منها ما جاء به دوجلاس جاكسون الذي غير في تعريف الجغرافيا السياسية عندما قال في سنة ١٩64(مرجع) "إن الجغرافيا السياسية هي العلم الذي يهتم بدراسة الظاهرات السياسية فى ابعادها المساحية وجاءت بعد ذلك تعريفات جديدة، منها ما قدمته الأكاديمية القومية للعلوم (مرجع) في واشنطن في سنة 1965 ، من أن الجغرافيا السياسية هي" العلم الذي يهتم بدراسة التفاعل الذي يوجد بين المساحات الجغرافية والعمليات السياسية".
ومن التعريفات أيضا أن الجغرافيا السياسية تحتص بدراسة الارتباط بين المساحات الأرضية والدولة (الأرض- والدولة) ثم بين الدولة وغيرها من الدول، ومن التعريفات أيضا ما يحدد أن الجغرافيا السياسية" هي جغرافية الدول أو جغرافية الوحدات السياسية" مثلما أن الجغرافيا الإقليمية هي جغرافية الأقاليم أو الوحدات الإقليمية. وهناك تعريف آخر شديد القرب من التعريف السابق وهو أن الجغرافيا السياسية هي" العلم الذي يختص بدراسة المناطق المنتظمة سياسيا". أو بمعنى آخر - الدول - ومهمتها في ذلك هي التركيز على كل من هذه الوحدات المنتظمة سياسيا كوحدة قائمة بذاتها - لها كيانها الخاص وصفاتها المميزة لها.
وهناك تعريف آخر قدمه كل من روجر كاسبيرسون وجوليان منجى في سنة ١٩٧٠ في كتابهما(مرجع سته عشر) في الجغرافيا السياسية وهو تعريف يركز على البناءات المساحية أو الأرضية، وعلى التفاعل بين المساحات وبين النظم والعمليات السياسية المختلفة، أو بمعنى أدق وأبسط: التحليل المساحي للظاهرات السياسية.
ويمتاز هذا التعريف بأنه شامل بالدرجة التي سمحت له بان يتسع للكثير من الموضوعات التي كانت لا تشملها الجغرافيا السياسية من قبل - الأسلوب التحليلي - وربط الجغرافيا للسياسية بمسار التيار الرئيسي للعلوم الانسانية بحثا ونظرية.
ولا شك أن التعريف الأخير في تضمينه للتحليلات المساحية للظاهرات السياسية يركز الاهتمام على أهمية الجغرافيا في العلاقات الدولية، بل ويمكن أن نقول أن هذا التعريف للجغرافيا السياسية قد وضع ارضية جغرافية لكل ما يطرأ على العلاقات الدولية من تغيير، وبالتالي وجب فهم هذا العلم جيدا لتفهم الخلفية
الحقيقية للصراعات الدولية أو تضارب مصالح الدول او الصراع أو حتى تنظيم العلاقات الدولية العادية.
وقد يفهم البعض - خطأ - أن هذا التعريف الأخير في تركيزه على التحليل المساحي للظاهرات الجغرافية قد قصر اهتمام الجغرافيا السياسية على دراسة الدول وأمورها الخارجية وعلاقاتها بغيرها دون اهتمام بكيان الدولة الداخلي. والواقع أن التحليل المساحي للظاهرات السياسية يتضمن أيضا المشكلات السياسية الداخلية من توزيع الموارد الثروة والقوى ومراكز الثقل السكاني والاقتصادي، وتوزيع النشاط البشري وكل ما يترتب على ذلك من نتائج سياسية واستراتيجية. وكل ما يترتب على ذلك من توجيه لعلاقات الدولة الخارجية.
فإذا كانت الجغرافيا السياسية تهتم بدراسة الارتباط بين الأرض والدولة والظاهرات السياسية التي يكون أي من الاثنين طرفا فيها نجد أنها تهتم في ذات الوقت بالعلاقة بين الدولة وغيرها من الدول، وتتوقف صورة الأرض على مجموعات من المقومات والعوامل والخصائص التي تميزها. وتتوقف صورة الدولة على البشر الذين يعيشون في هذه الدولة وما يمكن أن يقدموه من طاقات فكرية وإنتاجية وقدرة على إدارة أمور هذه الدولة - من حيث آرائهم وقدرتهم على العمل ودوافعهم الجماعية.
ونظرا للتباين الهائل في الإمكانيات البيئية - المعطيات الطبيعية - والتباين في الخبرات والقدرات البشرية بين الشعوب جاءت الوحدات السياسية أو المساحات المنتظمة سياسيا شديدة التباين، من حيث القدرة على المساهمة في رخاء الإنسانية بما تمد به غيرها من إنتاجها الذي يقف عن حاجتها، ومن حيث قدرتها على المحافظة على السلام العالمي، وقدرتها على المساهمة في تقدم الجنس البشري بما يستحدثه سكانها من مخترعات علمية وتكنولوجية - وما يمكن أن تمد به غيرها من خبرة وثقافة، ومقومات مادية وحضارية الى غير ذلك من أساليب العطاء، وتتباين الدول كذلك في سلوكها السياسي، ومراعاة حقوق الآخرين والالتزام بالاتفاقات الدولية والقوانين والمواثيق، وقدرتها على الحفاظ على السلام.
والجغرافيا السياسية الى جانب كونها فرعا من فروع الجغرافيا البشرية التي تبحث في العلاقات بين الانسان والبيئة التي يعيش فيها وتركز على دوره فيها، مثلها في ذلك مثل الجغرافيا الاقتصادية والجغرافيا الإقليمية. وربما كالجغرافيا الاقليمية أقرب الدراسات الجغرافية الي الجغرافيا السياسية، كلاهما يفيد من المعلومات الجغرافية جميعا, إلا أن الجغرافيا السياسية، تهتم بدراسة الوحدات السياسية، بينما تهتم الجغرافيا الإقليمية بدراسة الوحدات على أنها تنتمي إلى أقاليم جغرافية معينة لها مقوماتها الطبيعية والبشرية.
ودراسة الجغرافية السياسية لدولة من الدول لاشك تعطينا فكرة كاملة عن كفاءة دولة ما أو أمة من الأمم بما قدر لها أن تمتلك من مقومات القوة، وأثر ذلك في علاقاتها بغيرها من الأمم، ولذلك نجد أن ميدان ومجال اهتمام الجغرافيا السياسية لا يقف عند دولة من الدول أو مجموعة من الدول، ولكن يجب أن تمتد هذه الدراسة لتشمل العالم كله - كل الدول - وكل النظريات والأفكار السياسية والمذاهب والعقائد بروح علمية بعيدة عن التحيز.
والدولة هي أكثر المناطق السياسية أهمية ودلالة والدولة هي الظاهرة السياسية السائدة في عالمنا الحديث، وهي الهيكل او الإطار الذي تنتظم في داخله الأشكال السياسية المختلفة. وقد سلم الجغرافيين بان الدولة هي الموضوع الأساسي ومحور الدراسة في الجغرافيا السياسية.
والجغرافيا السياسية حينما تركز على دراسة الدولة فإنها تهتم أساسا بالطبيعة الجغرافية الدولية وسياسته واستراتيجيتها القومية ثم قوتها، فالدولة تقوم لتحقيق وظيفة هي غالبا ما تترجم على أنها رغبة أمة لا ثبات هويتها أو شخصيتها السياسية في مساحة من سطح الأرض تعيش فوقها.
ولأي دولة سياسة تكون بالضرورة مزدوجة الهدف :
أولا : المحافظة على الذات والرفاهية - وذلك يعلي المحافظة على سلامة أراضيها.
ثانيا : العمل الدائم على تنمية الموارد الاقتصادية للدولة للفع سكانها ورفع مستوى معيشتهم وتحقيق الخير والرفاهية لهم.
وتسلك الدولة في سبيل تحقيق هذه السياسة المزدوجة كل السبل المتاحة لديها من إمكانيات القوى السياسية والعسكرية والقدرة على التأثير الداخلي والخارجي.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|